رحيل يسري الجندي... رائد مسرح السياسة والتراث الشعبي المصري

الكاتب المصري يسري الجندي
الكاتب المصري يسري الجندي
TT

رحيل يسري الجندي... رائد مسرح السياسة والتراث الشعبي المصري

الكاتب المصري يسري الجندي
الكاتب المصري يسري الجندي

غيب الموت مساء أمس، الكاتب المصري يسري الجندي، الذي يعد أحد رواد المسرح السياسي، والتراث الشعبي المصري، عن عمر ناهز 80 عاماً.
ونعت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، الكاتب الراحل، وقالت في بيان صحافي أمس «إن الراحل طرح الكثير من القضايا الاجتماعية المهمة في مؤلفاته، كما سلط الضوء على جوانب مهمة من التاريخ المصري بأسلوب متفرد». مشيرة إلى أن «أعماله ستبقى علامات بارزة في الإبداع المصري والعربي».
كما نعاه الكاتب والناقد المسرحي جرجس شكري، عبر حسابه الرسمي بموقع «فيسبوك» قائلاً: «يسري الجندي الكاتب المسرحي الكبير وداعاً... اليوم فقد المسرح المصري أحد رموزه المخلصين».
وفاز الجندي بجوائز عدة، أبرزها «جائزة الدولة التشجيعية في المسرح» عام 1981. ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، ثم جائزة الدولة للتفوق في عام 2005.
ومن بين أبرز أعماله المسرحية «بغل البلدية، حكاية جحا مع الواد قلة، ما حدث لليهودي التائه، مع المسيح المنتظر، القضية 88، عاشق المداحين، حدث في وادي الجن، دكتور زعتر، سلطان زمانه، الإسكافي ملكاً، القضية 2007».
وقدم الجندي للسينما عدداً من الأعمال المفعمة بالتراث الشعبي المصري على غرار «المغنواتي، سعد اليتيم، بحب عيشة الحرية». وغيرها.
واعتبر الجندي المسرح هو المحك الحقيقي لكتاب الدراما، فبحسب رأيه إذا «اجتاز الكاتب هذا الاختبار يصبح مهيأً لجميع الوسائط الأخرى سواء التلفزيون أو السينما».
ورغم تألق الكاتب الراحل في الكتابة للسينما والمسرح، والإذاعة فإنه توهج تلفزيونياً، وقدم مسلسلات بارزة من بينها «علي الزيبق»، والذي دارت أحداثه عن فترة حكم المماليك، وعرض في عام 1985. من إخراج إبراهيم الشقنقيري. و«شارع المواردي»، الذي قدمه على جزأين مع المخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ، في بداية تسعينيات القرن الماضي، و«علي بابا والأربعين حرامي»، و«السيرة الهلالية» الذي يعده البعض العمل الأهم في مشوار يسري الجندي. كما قدم مسلسل «التوأم»، للنجمة ليلى علوي، والمسلسل الملحمي «جمهورية زفتى» بالتعاون مع المخرج إسماعيل عبد الحافظ، و«جحا المصري»، و«عبد الله النديم»، و«نهاية العالم ليست غداً»، و«أهلاً جدي العزيز»، و«المدينة والحصار»، و«سامحوني ما كانش قصدي»، ولم تخل أعماله من التطرق للمشكلات السياسية والاجتماعية المتصلة بالواقع. بجانب مسلسلي «ناصر»، و«من أطلق الرصاص على هند علام»، ومسلسل «مصر الجديدة».
وبحسب تصريحات سابقة للكاتب الراحل، فإن قضيته الفنية الرئيسية التي كرس لها قلمه، كانت «قضية الفرد والجماعة»، إذ كان يرى أن مشكلة المجتمع المصري تكمن في «اعتماد الجماعة الدائم على الفرد أو المخلص أو الزعيم أو البطل».
الكاتب المصري الراحل، المولود بمحافظة دمياط (شمال مصر)، عام 1942. ساهم في تطوير جهاز الثقافة الجماهيرية أثناء توليه منصب المستشار الفني له عام 1982، بجانب اهتمامه بتناول التراث الشعبي المصري، والأعمال السياسية.

كما تولى العديد من إدارة المناصب، من بينها مدير مسرح السامر بالقاهرة عام 1974. ومدير الفرقة المركزية للثقافة الجماهيرية عام 1976 ثم مستشاراً لرئيس الهيئة للشؤون الفنية والثقافية، حتى أحيل للمعاش في 5 فبراير (شباط) 2002.
وأعرب الجندي في حوار سابق له عن سعادته بانتمائه إلى محافظة دمياط التي خرجت الدكتور عبد الرحمن بدوي، والدكتور زكي نجيب محمود، وسعد أردش، وعبد الرحمن أبو زهرة، وغيرهم. كما تحدث عن منع بعض أعماله، وخصوصاً مسرحية «اليهودي التائه» التي كتبها بعد نكسة يونيو (حزيران) 67 بعام واحد، لافتاً إلى أنها واجهت صدى كبيراً، حتى أن فاروق عبد القادر، كتب عنها وقال: إنها تقترب من مناطحة العمل التاريخي «حفل سمر من أجل خمسة حزيران»، لسعد الله ونوس.
وشدد على أنه كان حريصاً في جميع كتاباته على الحفاظ على الثوابت المصرية والعربية، فضلاً عن البحث عن الشخصية المصرية بجميع تناقضاتها.


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».