السينما المصرية تستعيد البطولة الجماعية وتصالح «الرومانسيين»

تفشي «كورونا» وبرودة الطقس يضعفان إيرادات الموسم الشتوي

السينما المصرية تستعيد البطولة الجماعية وتصالح «الرومانسيين»
TT

السينما المصرية تستعيد البطولة الجماعية وتصالح «الرومانسيين»

السينما المصرية تستعيد البطولة الجماعية وتصالح «الرومانسيين»

فاجأ الموسم السينمائي الشتوي في مصر الذي أوشك على نهايته، المراقبين والنقاد، بعدما حفل بالعديد من الظواهر الجديدة، من بينها الزيادة اللافتة في عدد الأفلام المتنافسة على الإيرادات، بجانب فيلمين أميركيين، هما «Spider man»، و«The kings man».
وتعد البطولات الجماعية واحدة من أبرز سمات هذا الموسم بعد سنوات عديدة تصدر فيها المشهد السينمائي المصري ما يعرف بـ«النجم الأوحد»، على غرار محمد هنيدي ومحمد سعد وأحمد السقا وأحمد حلمي وكريم عبد العزيز وغيرهم من النجوم الذين تدور القصة في معظمها حول البطل، فيما يتقاسم بقية الممثلين ما تبقى من أدوار ثانية.
وتتضح تلك الجماعية في عدد من الأفلام الجديدة مثل «قمر 14»، الذي يتقاسم بطولته حشد هائل من النجوم من مختلف الأجيال على غرار خالد النبوي، وشيرين رضا، وبيومي فؤاد، وغادة عادل، وأحمد مالك، وياسمين رئيس، وأسماء أبو اليزيد، ومي الغيطي، وخالد أنور.
الظاهرة ذاتها تكررت في فيلم «ريتسا»، الذي يضم محمود حميدة، وأحمد الفيشاوي، وعائشة بن أحمد، ومريم الخشت، وأمير المصري، ويوسف عثمان، ومي الغيطي.
ويجمع الفيلمان قاسم مشترك آخر، بخلاف زحام النجوم، وهو طبيعة الحبكة التي تعتمد على عدد من القصص، التي تبدو للوهلة الأولى منفصلة لكن سرعان ما تكشف الأحداث عن خيط قوي يجمع بينها.
ووفق نقاد فإن العملين يعدان بمثابة مصالحة تجريها السينما المصرية مع جمهور الأفلام الرومانسية الذين افتقدوا هذا الجانب منذ مواسم عدة، ركز فيها صناع السينما على أفلام الأكشن والتشويق.
من جانبه، يرى الناقد الفني محمود عبد الشكور، أن الموسم الشتوي رد الاعتبار إلى شهر ديسمبر (كانون الأول) الذي كان يتم تهميشه غالباً من قبل المنتجين ثم توالت الأعمال في «رأس السنة» وما بعدها على نحو جيد للغاية.
ويضيف عبد الشكور، لـ«الشرق الأوسط»: «بصرف النظر عن أي ملاحظات نقدية يمكن أن نوجهها لتلك الأفلام، فإن المؤكد أنها أثبتت أن الشتاء يمكن أن يكون نداً قوياً للموسم الأساسي للسينما المصرية وهو موسم الصيف».
إلى ذلك، تميل بقية أفلام الموسم الشتوي للدراما الاجتماعية التي تتماس مع بعض العقد النفسية في التاريخ السيكولوجي للشخصية كما في «أبو صدام» بطولة محمد ممدوح وأحمد داش، حيث يعمل الاثنان على متن حافلة نقل ثقيل و«بره المنهج» لماجد الكدواني وروبي وأحمد أمين، حيث مأساة تلميذ يفتقد الحب والحنان.
وتتجلى الإثارة النفسية أو التشويق على طريقة «السايكو دراما» في فيلم «الجريمة» لأحمد عز وماجد الكدواني ومنة شلبي وسيد رجب ورياض الخولي ومحمد الشرنوبي.
وشهد الموسم الشتوي كذلك، مفارقة كبرى تتمثل في غياب الكوميديا، التي لا يكاد يخلو منها موسم سينمائي في مصر خلال العشرين عاماً الأخيرة، حيث ارتبطت بظاهرة ما يسمى بـ«المضحكين الجدد» بزعامة محمد هنيدي.
ويكاد يكون فيلم «تماسيح النيل» الوحيد المصنف تحت بند الكوميديا، إلا أنه تعرض لانتقادات شديدة على صفحات متخصصة في مراجعة الأفلام على «السوشيال ميديا» بسبب ما وصف بأنه «افتعال وتصنع»، رغم أنه يضم عدداً وفيراً من نجوم الضحك مثل بيومي فؤاد وسليمان عيد، فضلاً عن عدد من نجوم «مسرح مصر» مثل حمدي الميرغني ومصطفى خاطر.
وحتى فيلم «من أجل زيكو» الذي يرصد رحلة بحث عائلة فقيرة عن الثراء السريع وشهد خيطاً كوميدياً إلى حد ما، لا يمكن تصنيفه على أنه كوميدي بشكل صريح.
في السياق ذاته، فقد عانت معظم أفلام هذا الموسم من ضعف الإيرادات، حيث استطاع فيلم «الجريمة» أن يكسر بالكاد حاجز المليوني جنيه بعد أسبوع من عرضه وهو رقم متواضع للغاية فيما تراوحت بقية الإيرادات التي حققتها بقية الأفلام عن المدة نفسها ما بين نصف مليون إلى مليون جنيه فقط، ووفق نقاد، فإن موجات الصقيع التي شهدتها مصر بالآونة الأخيرة، والتي وُصفت بأنها «غير مسبوقة» بجانب تفشي الموجة الخامسة من «كورونا» بالبلاد كانت من بين أسباب تراجع الإيرادات.


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».