مصر: جورج بهجوري يتوّج مشواره بجائزة «الاستحقاق»

ضمن حفل تكريم الفائزين بمسابقة «فاروق حسني»

مصر: جورج بهجوري يتوّج مشواره بجائزة «الاستحقاق»
TT

مصر: جورج بهجوري يتوّج مشواره بجائزة «الاستحقاق»

مصر: جورج بهجوري يتوّج مشواره بجائزة «الاستحقاق»

في حفل مفتوح تم تنظيمه بحديقة مركز الجزيرة للفنون، بحي الزمالك، وسط القاهرة، تجمع العشرات من عشاق الفن، ليحتفوا بإنجازات شباب الفنانين من مختلف المجالات (رسم، تصوير، نحت، عمارة، نقد)، ويرسخوا مبدأ تواصل الأجيال عبر تكريم الفنان ورسام الكاريكاتير المصري جورج بهجوري، الذي منحته مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون جائزة الاستحقاق الكبرى.
جاء اختيار بهجوري للفوز بالجائزة «احتفاءً بعطائه الثري والمتنوع والمستمر، والذي لم تستطع التكريمات والجوائز التي حصل عليها أن تقاربها»، بحسب تعبير الكاتب محمد سلماوي، أمين عام جائزة الاستحقاق، الذي قال في تصريحات صحافية على هامش حفل توزيع الجوائز أول من أمس، إن «تاريخ بهجوري مع الفن يمتد لأكثر من ثلاثة أرباع قرن؛ لذلك جاء اختياره للفوز بالجائزة في دورتها الأولى».
في حين أوضح فاروق حسني، وزير الثقافة ورئيس مجلس أمناء مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون، سبب إطلاق جائزة الاستحقاق الكبرى، وقيمتها 100 ألف جنيه مصري، (الدولار الأميركي يعادل 15.7 جنيه مصري)، قائلاً «الجائزة منحت هذا العام تكريماً لمشوار بهجوري الفني، ونأمل أن تستمر في السنوات المقبلة، ويحصل عليها مبدعون من مختلف المجالات الفنية»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، «نقول لمبدعينا شكراً على جهودكم في إثراء الحياة الفنية».
ووسط تصفيق حاد، من الحضور الذي ضم عمرو موسى، وزير الخارجية المصري الأسبق، والدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، ورجل الأعمال نجيب ساويرس، صعد بهجوري، البالغ من العمر 90 عاماً على المسرح لتسلم الجائزة، التي «طال انتظارها»، على حد تعبيره، مؤكداً في تصريحات صحافية، أن «الجائزة أعادته للحياة».
وبهجوري من مواليد الأقصر عام 1932، وحصل على دبلوم الفنون الجميلة،، قسم التصوير عام 1955، كما درس بمدرسة الفنون الجميلة في باريس عام 1971، وحصل على دبلومة في الفن من لوس أنجلوس، بدأ حياته العملية رسام كاريكاتير في مجلتي «روزاليوسف»، و«صباح الخير».
واشتهر في بداياته بالكاريكاتير السياسي، وطوال مشواره الفني أقام عدداً من المعارض الفنية داخل مصر وخارجها، وحصل على العديد من الجوائز الدولية من إسبانيا وإيطاليا، ووصلت شهرته إلى دول عدة في العالم، حيث اقتنى لوحاته عشاق الفن في فرنسا وبريطانيا، إضافة إلى متاحف مثل متحف لومانسي في فرنسا، والفن الحديث في عمان، ومتحف الفن المصري الحديث بالقاهرة، ومثّل بهجوري مصر في جناح الكورسول باللوفر 1990، وحصلت لوحته «وجه من مصر»، على الميدالية الفضية، ووضع اسمه في قاعة كبار المشاهير مع جان كوكتو، وأذنا فوروادي.
«دعم شباب الفنانين هو الهدف الذي تسعى مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون لتحقيقه منذ إنشائها عام 2019»؛ لذلك توسعت هذا العام في الجوائز لتشمل خمسة مجالات، هي الرسم والنحت والتصوير الفوتوغرافي، والعمارة والنقد الفني، بدلاً من ثلاثة في الدورة الثانية، وواحدة وهي الرسم في الدورة الأولى، وفقاً لحسني، الذي أعرب عن سعادته بـ«زيادة عدد المشاركين في الجائزة عاماً بعد عام؛ مما يدل على نجاحها في الوصول لشباب الفنانين في مختلف أنحاء الجمهورية».
وتبلغ قيمة الجوائز 100 ألف جنيه في كل فرع من فروع المسابقة موزعة كالتالي، 50 ألف جنيه للمركز الأول، و30 ألف جنيه للمركز الثاني، و20 ألف جنيه للمركز الثالث، باستثناء جائزة النقد الفني التي تبلغ قيمتها 60 ألف جنيه، 30 ألفاً للمركز الأول، و20 ألفاً للمركز الثاني، و10 آلاف للثالث، والجوائز ليست مالية فقط، حيث تم تنظيم معرض جماعي لجميع المتأهلين للمرحلة النهائية من المسابقة، وعددهم 9 في النقد الفني، و11 في العمارة، و36 في التصوير الفوتوغرافي، و23 في النحت، و79 متسابقاً في الرسم.
وحصد جوائز هذا العام 18 فناناً، من أصل 749 فناناً شاركوا بـ1460 عملاً في مختلف فروع المسابقة، في مسابقة النقد الفني فازت نهال محمد السيد الشامي، بالمركز الأول وحصلت نهى محمد سيد حنفي على المركز الثاني، واقتسمت شيماء محمود أحمد عبد الرحيم، وشادي عبد الفتاح محمد أبو ريدة جائزة المركز الثالث، أما في العمارة ففاز بالمركز الأول محمد عثمان أبو زيد محمود، والمركز الثاني كان من نصيب محمد وحيد فريد عبد الفتاح، أما المركز الثالث فكان مشاركة جماعية لكل من مصطفي هارون إسماعيل عبد العزيز، وندى عبده أمين، وإسراء أحمد الخضر جاد، جوائز التصوير الفوتوغرافي حصل عليها كلٌ من محمد محمود أحمد الجنزوري، وجورج القمص يوسف ناشد ساويرس، وعبد الرحمن محمود فهمي رفعت محمد جاد، على الترتيب، أما جوائز النحت فكانت من نصيب منى عطية عبد الحميد أحمد هيكل، وبيتر لبان اساف اسخرون، وآلاء عماد عنتر السيد، بالترتيب، وحصل كلٌ من محمد أحمد عبد العال حسن زيادة، ومحمد أمين التهامي عبد الموجود، ومحمود شعبان أحمد إبراهيم.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».