«الحرس الثوري» يطلق قمراً عسكرياً تزامناً مع مباحثات فيينا

وصل إلى مداره على ارتفاع 500 كيلومتر في مهمة «استخباراتية»

لقطات بثّها التلفزيون الإيراني من إطلاق «الحرس الثوري» صاروخاً يحمل قمراً عسكرياً أمس (أ.ب)
لقطات بثّها التلفزيون الإيراني من إطلاق «الحرس الثوري» صاروخاً يحمل قمراً عسكرياً أمس (أ.ب)
TT

«الحرس الثوري» يطلق قمراً عسكرياً تزامناً مع مباحثات فيينا

لقطات بثّها التلفزيون الإيراني من إطلاق «الحرس الثوري» صاروخاً يحمل قمراً عسكرياً أمس (أ.ب)
لقطات بثّها التلفزيون الإيراني من إطلاق «الحرس الثوري» صاروخاً يحمل قمراً عسكرياً أمس (أ.ب)

أعلن «الحرس الثوري» الإيراني عن وضع القمر الصناعي «نور 2» في مداره، وهو ثاني قمر صناعي عسكري، في خطوة تثير مخاوف غربية من ارتباطها بالبرنامج الصاروخي الباليستي، وتأتي في خضم مرحلة «حاسمة» من المحادثات التي تُعقد في فيينا لإحياء اتفاق يحدّ من البرنامج النووي الإيراني.
وأفادت وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» أن الوحدة الصاروخية، أو ما تعرف بـ«جو الفضاء»، وضعت القمر الصناعي العسكري الإيراني الثاني «نور 2» في مدار على ارتفاع 500 كيلومتر من سطح الأرض. وأضافت أنه جرى إطلاق القمر الجديد من شاهرود بواسطة الصاروخ «قاصد» الذي استخدم أيضاً في إطلاق القمر الصناعي الأول. وأفاد موقع «سباه نيوز»، الموقع الرسمي لـ«الحرس الثوري»، أن القمر الأول لا يزال فاعلاً، ويقوم بإرسال معلومات، ولم يحدد الموقع تاريخ عملية الإطلاق.
وكان «الحرس الثوري» قد كشف السبت الماضي عن قاعدتين جديدتين للصواريخ والطائرات المسيرة تحت الأرض في البلاد. وقال التلفزيون الرسمي إن القواعد كانت تحتوي على صواريخ أرض - أرض وطائرات مسيرة هجومية قادرة على «الاختباء من رادار العدو».
وذكرت وكالة رويترز أن وضع قمر صناعي ثانٍ في مداره بمثابة تقدم كبير لـ«الحرس الثوري» الإيراني، ما يثير مخاوف بشأن برامج إيران النووية والصاروخية. وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، نوّه قائد «الحرس» حسين سلامي بوضع القمر الجديد، معتبراً ذلك «تقدماً كبيراً»، وذلك في تصريحات على هامش الإطلاق، أوردها «سباه نيوز». واعتبر أن «الحضور في الفضاء هو أحد معايير الدول المتطورة في العالم». كما نوّه وزير الاتصالات عيسى زارع بور بـ«نجاح» إطلاق القمر، مؤكداً أنه تم «تم التقاط الإشارات الأولى من (نور 2) بنجاح من قبل المحطات الأرضية». وأوضح أن القمر «سيدور حول الأرض مرة كل 90 دقيقة، ومهمته تمتد إلى 3 أعوام على الأقل».
وقال مسؤول الشؤون الفضائية في الوحدة الصاروخية لـ«الحرس»، الجنرال علي جعفر آبادي، إن مهمة القمر ستكون «استخباراتية واستكشافية»، لافتاً إلى أن «المعلومات التي يجمعها يمكن أن تستخدم للأغراض الدفاعية والعامة»، مشيراً إلى أن قواته سترسل سلسلة من الأقمار الصناعية العسكرية إلى الفضاء في السنوات المقبلة، حسبما نقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري».
يأتي ذلك بعد أقل من أسبوع على نشر وكالة «أسوشييتد برس» صوراً التقطتها أقمار صناعية تتبع مؤسسة «ماكسر تكنولوجيز»، وتظهر آثار حريق في منصة إطلاق بمحطة «الخميني» الفضائية الواقعة في محافظة سمنان، شرق طهران.
ويبدو أن منصة إطلاق صاروخية مثبتة على منصة محترقة ومتضررة، وتحيط بها سيارات. وأجزاء من جسر الرافعة يوجد بالجوار. وأشارت صور أخرى منفصلة من «بلانيت لابس بي بي سي»، إلى أن محاولة الإطلاق حدثت على الأرجح في وقت ما بعد الجمعة.
ولا تؤدي عمليات الإطلاق الناجحة عادة إلى إتلاف منصة الإطلاق، لأنه يجري إنزالها قبل الإقلاع. وكثيراً ما تسارع إيران إلى التباهي فور تنفيذها عمليات إطلاق تصل إلى الفضاء عبر قنواتها التلفزيونية التي تديرها الدولة، ولديها في الوقت ذاته تاريخ طويل في تجاهل ذكر المحاولات الفاشلة، بحسب «أسوشييتد برس».
وللمرة الثانية خلال 3 أشهر، تعلن إيران إطلاق صاروخ إلى الفضاء. وقد أخفقت عملية إطلاق إيرانية في وضع حمولة صاروخ في المدار في ديسمبر (كانون الأول) بعدما فشل الصاروخ في بلوغ السرعة المطلوبة، بحسب متحدث باسم وزارة الدفاع. وبعد ذلك، نشرت مواقع «الحرس الثوري» مقطع فيديو من محرك تتصاعد منه النيران، وقالت الوحدة الصاروخية في «الحرس» إنها جرّبت محرك صاروخ فضائي يعمل بالوقود الصلب، وقادر على حمل أقمار اصطناعية.
وكان «الحرس الثوري» قد أطلق أول قمر صناعي عسكري سماه «نور» في أبريل (نيسان) 2020، ووُضع في مدار على ارتفاع 425 كيلومتراً فوق سطح الأرض. وفي وقت لاحق، قلّل رئيس قيادة الفضاء الأميركية من قيمة القمر الصناعي، ووصفه بأنه «كاميرا ويب متداعية في الفضاء» لن يوفر معلومات استخباراتية حيوية لإيران، لكن «الحرس الثوري» كشف عن برنامجه الفضائي السري.
وأثارت المحاولة غضب الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا. وفرضت الولايات المتحدة عقوبات على وكالة الفضاء المدنية الإيرانية ومنظمتين بحثيتين في 2019، قائلة إنها تُستخدم في تطوير برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني.
وبعد محاولات سابقة، حذّر الجيش الأميركي من أن نفس التكنولوجيا الباليستية طويلة المدى، المستخدمة لوضع الأقمار الصناعية في مداراتها، ربما تسمح أيضاً لطهران بإطلاق أسلحة ذات مدى أطول، وربما تحمل رؤوساً حربية نووية. وتنفي طهران التأكيدات الأميركية بأن مثل هذا النشاط غطاء للحصول على تكنولوجيا صواريخ عابرة للقارات، وترفض الالتزام ببنود ينص عليها القرار 2231 ويدعوها للامتناع عن تطوير صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية.
وكشفت وزارة الدفاع الأميركية في يونيو (حزيران) الماضي، أن إيران فشلت في إطلاق قمر اصطناعي إلى الفضاء.
كما أعلنت طهران في فبراير (شباط) 2020 فشل محاولة وضع قمر اصطناعي للمراقبة العلمية في المدار، في ثالث إخفاق من نوعه خلال نحو عام، بعد فشل محاولة في يناير (كانون الثاني) 2019. ولاحقاً فشلت محاولة في أغسطس (آب) 2019 عندما انفجر صاروخ على ما يبدو في منصة الإطلاق في محطة «الخميني»، حتى إنه لفت انتباه الرئيس آنذاك دونالد ترمب، الذي غرد بعد ذلك ونشر صورة مراقبة سرية لما بدا أنه عملية إطلاق فاشلة. وأثارت الإخفاقات المتتالية الشكوك حول التدخل الخارجي في البرنامج الإيراني. الأمر الذي لمح إليه ترمب نفسه من خلال تغريدة في ذلك الوقت حول أن الولايات المتحدة «لم تكن متورطة في الحادث الكارثي».



منسق الجيش الإيراني: لا يمكن التنبؤ بما سيحدث العام المقبل

سیاري إلى جانب المرشد الإيراني علي خامنئي خلال تدريبات بحرية في شمال البلاد (أرشيفية - موقع خامنئي)
سیاري إلى جانب المرشد الإيراني علي خامنئي خلال تدريبات بحرية في شمال البلاد (أرشيفية - موقع خامنئي)
TT

منسق الجيش الإيراني: لا يمكن التنبؤ بما سيحدث العام المقبل

سیاري إلى جانب المرشد الإيراني علي خامنئي خلال تدريبات بحرية في شمال البلاد (أرشيفية - موقع خامنئي)
سیاري إلى جانب المرشد الإيراني علي خامنئي خلال تدريبات بحرية في شمال البلاد (أرشيفية - موقع خامنئي)

قال منسق الجيش الإيراني، حبيب الله سياري، إنه «لا يمكن التنبؤ بما سيحدث العام المقبل» في ظل تغييرات إقليمية متسارعة، مشدداً على ضرورة «التأهب العسكري» وتطوير مجالات تمكن طهران من «تغيير موازين القوى»، وقلّل من قدرة المفاوضات والتسويات على تفادي الحرب.

وتأتي هذه التصريحات في وقت يشهد فيه الموقف الإيراني تشدداً مع اقتراب ولاية الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي تعهد بحرمان إيران من إنتاج أسلحة نووية.

نقلت وسائل إعلام إيرانية عن سياري قوله، خلال لقائه مع مجموعة من قادة الجيش: «اليوم لا يمكننا التنبؤ بما سيحدث بدقة في العام المقبل. ديناميكية محيطنا وسرعة التغييرات تخلقان حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل، وقد تكون هناك العديد من السيناريوهات المحتملة، لذا يجب أن نكون مستعدين لمواجهة مثل هذه الظروف».

وشدد سياري على أهمية المجالات التي قد تؤدي إلى «تغييرات جذرية في موازين القوى»، مثل التكنولوجيا النووية، والفضاء، والبيولوجيا، والذكاء الاصطناعي.

تواجه إيران سلسلة من الانتكاسات الاستراتيجية، بما في ذلك الهجوم الإسرائيلي على حليفيها، حركة «حماس» في غزة وجماعة «حزب الله» في لبنان، بالإضافة إلى الإطاحة ببشار الأسد في سوريا.

ويعُمّ الترقّب حيال السياسة التي ستتبعها الإدارة الأميركية الجديدة لوقف البرنامج النووي الإيراني، في وقت تمارس فيه القوى الغربية ضغوطاً على طهران لوقف إنتاج اليورانيوم بنسبة 60 في المائة، التي تقترب من النسبة المطلوبة (90 في المائة) لإنتاج الأسلحة النووية.

وفي مقابلة مع مجلة «تايم»، الجمعة، قال ترمب عندما سُئل عن احتمالات خوض حرب مع إيران خلال ولايته المقبلة: «أي شيء يمكن أن يحدث. إنه وضع متقلّب للغاية».

وأشار سياري إلى أهمية «التأهب العسكري المستمر» في الرؤية الإيرانية للأمن القومي، موضحاً أن «الحرب كانت وما زالت موجودة دائماً، ولن تحل عبر التفاوض والتسوية». وحذر من أن «تجاهل التهديدات والتقنيات الحديثة سيؤدي إلى مفاجآت استراتيجية».

كما دعا إلى التكيّف مع التقدم التكنولوجي، مؤكداً أنه لا يمكن مواجهة الحروب المستقبلية باستخدام تجارب الماضي؛ حيث تغيّرت الأسلحة وطرق الحرب بشكل كبير.

وأضاف سياري أنه لمواجهة تهديدات المستقبل، «يجب بذل جهد ذكي»، كما دعا إلى تبني استراتيجية لمواجهة «الحرب المعرفية»، التي «تعني السيطرة على العقول وفرض أجندة معينة على الشعب أو الخصم عبر وسائل الإعلام».

تأتي تصريحات سياري في وقت تشهد فيه إيران تداعيات سقوط حليفها في سوريا بشار الأسد. وأظهرت مواقف قادة في «الحرس الثوري» ومسؤولين قلقاً إيرانياً بشأن مستقبل نفوذها في المنطقة، خصوصاً في سوريا، وسط تصاعد التوتر مع إسرائيل.

قائد «الحرس الثوري» يدلي بإفادة حول سوريا أمام البرلمان الأسبوع الماضي (تسنيم)

وحذر قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي، الأحد، من تكرار السيناريو السوري في إيران، مشيراً إلى الضربات الإسرائيلية على مواقع عسكرية سورية. ولفت إلى أن سوريا «تمثل درساً مريراً لإيران»، مؤكداً: «إذا لم يصمد الجيش، قد تُحتل البلاد في لحظة». ونفى أن يكون قتال إيران في سوريا «من أجل ضم أراضٍ أو مصالح طموحة».

وقال: «عندما سقط النظام السوري، أصبح الصهاينة قادرين على رؤية ما يحدث داخل بيوت دمشق دون الحاجة إلى أسلحة».

وأكد سلامي، الأسبوع الماضي، سحب جميع قواته من سوريا، نافياً خسارة إيران أذرعها الإقليمية.

ودعمت إيران الأسد في الحرب الأهلية الطويلة في سوريا، وأنفقت مليارات الدولارات، ونشرت قوات «الحرس الثوري»، ويُنظر للإطاحة به على نطاق واسع باعتبارها ضربة كبيرة «لمحور المقاومة» بقيادة إيران، وهو تحالف سياسي وعسكري يعارض النفوذ الإسرائيلي والأميركي في الشرق الأوسط.

وعزا وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأسبوع الماضي، سقوط الأسد إلى عنصرين مفاجئين: «ضعف الجيش السوري وسرعة التطورات».

صورة نشرتها «الخارجية الإيرانية» من لقاء الأسد وعراقجي مطلع ديسمبر 2024

وقال المرشد الإيراني علي خامنئي، الأربعاء، إن الإطاحة بالأسد كانت نتيجة لخطة من الولايات المتحدة وإسرائيل. وأضاف أن إحدى دول جوار سوريا كان لها دور أيضاً. ولم يذكر بلداً بالاسم لكن بدا أنه يشير إلى تركيا.

وقال مسؤولان إيرانيان لـ«رويترز» إن عراقجي خلال اجتماع متوتر مع نظيره التركي هاكان فيدان نقل شكاوى من الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد بشأن دعم تركيا لقوات المعارضة التي أطاحت به، وكذلك، عبّر الوزير الإيراني عن استياء بلاده لانحياز تركيا «للأجندات الأميركية والإسرائيلية». وقال مسؤول تركي للوكالة إن عراقجي لم يحمل أو ينقل أي رسائل من الأسد إلى أنقرة.

ويحرم سقوط الأسد إيران وحليفتها جماعة «حزب الله» اللبنانية من حليف مهم. فقد سمحت علاقات طهران بدمشق بأن تبسط إيران نفوذها عبر ممر بري، يمتد من حدودها الغربية عبر العراق وصولاً إلى لبنان، لنقل إمدادات الأسلحة إلى «حزب الله».

وقال قائد «الحرس الثوري»، الخميس: «الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».