باشاغا يتعهد بدخول طرابلس... والدبيبة يلتقي «البعثات الدبلوماسية»

عبد الحميد الدبيبة يتوسط رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى ليبيا
عبد الحميد الدبيبة يتوسط رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى ليبيا
TT

باشاغا يتعهد بدخول طرابلس... والدبيبة يلتقي «البعثات الدبلوماسية»

عبد الحميد الدبيبة يتوسط رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى ليبيا
عبد الحميد الدبيبة يتوسط رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى ليبيا

بدا من الانقسامات العسكرية، التي تشهدها مدينة مصراتة، (200 كيلومتر شرق طرابلس) أن الأيام المقبلة قد تحمل مفاجآت لسكان العاصمة، التي لم تندمل جروحهم بعد، إذ جدد فتحي باشاغا رئيس حكومة «الاستقرار»، تعهده بأن حكومته ستتوجه إلى العاصمة خلال اليومين المقبلين، وستتسلم السلطة «بقوة القانون وليس بقانون القوة».
بموازاة ذلك، التقى عبد الحميد الدبيبة اليوم، عدداً من رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى بلاده ليطلعهم عن «الأوضاع السياسية» في ليبيا.
وباشاغا، الذي ينتمي إلى نفس مدينة خصمه الدبيبة، وهي مصراتة، قال في كلمة مساء أمس، إن حكومته «لن تكون موازية، وإنما تمثل البلاد شرقاً وغرباً وجنوباً، وستستعين بخبرات ليبية من كل الأطراف سواء من النظام السابق، أو (ثوار فبراير)».
وحملت كلمة باشاغا، مقداراً من التحذير، موجها النصيحة إلى الجميع «ألا يتمنوا الحرب ولا يُشعلوا نار الفتنة (...) الحرب سهل إشعالها وليس من السهل إطفاؤها»، متابعاً: «لدي خلفية عسكرية، وأعلم ما هي الحرب، إنها بشعة ولا يسعى إليه أحد، لقد فقدت فيها أبناء عمومتي وأخوتي وأحبابي وجيراني».
ومضى يقول: «لو أردنا الانتقام للشهداء من الغرب، والشرق، والجنوب فلن يكون هناك وطن، ولا أمان، وستستمر الحروب، ويستمر الصراع».
وتحدث باشاغا عن فترة ترأسه لوزارة الداخلية، وقال إنه لم يقم بأي «إجراء ضد أي شخص في كتيبة أو ميليشيا إلا لو كان قام بفعل معين مثل التهديد؛ وتعاملت معه بالقانون».
وفيما انتهى باشاغا إلى أن ليبيا «لن يكون فيها إصلاح ولا توحيد إلا بحكومة واحدة تجمع الشرق والغرب والجنوب، غير ذلك مستحيل»، يترقب سكان طرابلس، ماذا ستفسر عنه الأيام المقبل، في ظل ما عانوه من الحرب التي شنها «الجيش الوطني» على المدينة عام 2019 وأوقعت آلاف القتلى والجرحى من الجانبين.
وسبق لباشاغا، القول عقب حلف اليمين القانونية لحكومته أمام مجلس النواب في طبرق (شرقاً) إنها ستتسلم مهماتها في طرابلس بشكل طبيعي، وهو مالم يحدث، حتى الآن، لكن مصراتة، التي تضم قوة عسكرية كبيرة، باتت منقسمة بين رئيسي الحكومتين المتنازعتين على السلطة.
في غضون ذلك، التقى غريمه الدبيبة اليوم، في ديوان رئاسة الوزراء بالعاصمة، سفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية لكل من الاتحاد الأوروبي، والمملكة المتحدة، وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، وأسبانيا، واليونان، وهولندا، وتركيا، والكونغو، وقطر، والجزائر، وتونس، ومصر المعتمدين لدى ليبيا.
وأدرج المكتب الإعلامي للدبيبة، الاجتماع المفاجئ «لمتابعة التطورات السياسية في البلاد»، بالإضافة للتعرف على موقف الحكومة «كسلطة تنفيذية منتخبة بشأن هذه التطورات».
وأكد الدبيبة «احترام رغبة الشعب الليبي في إجراء الانتخابات في أقرب الآجال»، كما استعرض خطة حكومته لـ«عودة الأمانة للشعب» والتي قال إنها «تناغمت مع خطة الأمم المتحدة»، و«تهدف لإنهاء كافة الأجسام الموجودة في المشهد السياسي راهناً وعلى رأسها حكومة الوحدة الوطنية».
ونقل مكتب الدبيبة عن رؤساء البعثات الدبلوماسية إعرابهم عن ضرورة «الحفاظ على مكتسبات المرحلة والهدوء والعمل لإجراء الانتخابات وإنجاحها»، مؤكدين «دعمهم اللا محدود» لمبادرة مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز، بشأن تشكيل لجنة لوضع قاعدة دستورية توافقية تصل بالليبيين للانتخابات.



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.