الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

خطة استجابة إنسانية لنصف المحتاجين في ظل تدهور الاقتصاد

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يهاجمون الأمم المتحدة لوقفها أنشطتها في صعدة

العالم العربي العشرات من موظفي الإغاثة يواجهون الخطر في معتقلات الحوثيين (إعلام محلي)

الحوثيون يهاجمون الأمم المتحدة لوقفها أنشطتها في صعدة

هاجمت الجماعة الحوثية الأمم المتحدة بسبب تعليق الأخيرة أنشطتها كافة في صعدة؛ المعقل الرئيس للجماعة، وزعم قادة الجماعة أن القرار الأممي يخدم واشنطن وتل أبيب.

محمد ناصر (تعز (اليمن))
العالم العربي مرضى يتجمعون في مكان ضيق داخل مستشفى بمدينة الحديدة (رويترز)

تفشي الأوبئة في مناطق سيطرة الحوثيين

أفادت مصادر عاملة في القطاع الصحي الخاضع لجماعة الحوثيين في اليمن، بتفشي موجة جديدة من الأوبئة؛ في مقدمها «البلهارسيا» و«العمى النهري».

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي رئيس مجلس الحكم اليمني رشاد العليمي متحدثاً خلال حلقة نقاشية في ميونيخ (سبأ)

العليمي يدعو إلى تطوير شراكة دولية مع بلاده لإنهاء التهديد الحوثي

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي إلى تطوير شراكة يمنية - دولية لهزيمة الحوثيين المدعومين من إيران هزيمة استراتيجية تكفل القضاء على قوتهم.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الموظفون النازحون في عدن يتهمون الحكومة بإهمال ملف النازحين (إعلام محلي)

آلاف اليمنيين النازحين داخلياً دون رواتب منذ 7 أشهر

تظاهر العشرات من الموظفين النازحين من مناطق سيطرة جماعة الحوثي أمام مبنى وزارة المالية في مدنية عدن للمطالبة بصرف رواتبهم المتوقفة منذ 7 أشهر.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي الحوثيون يستغلون وضع اللاجئين الأفارقة ويسعون إلى تجنيدهم (إعلام محلي)

اعترافات تكشف عن تشكيل الحوثيين خلايا في القرن الأفريقي

كشفت اعترافات مواطن إريتري اعتقلته القوات الحكومة اليمنية عن تمكُّن الحوثيين من إنشاء خلايا في القرن الأفريقي وتقديم وعود إيرانية بدعم استقلال إقليم العفر.

محمد ناصر (تعز)

«الأونروا»: مسؤولون إسرائيليون حاولوا دخول 3 مدارس تابعة للوكالة لإغلاقها

تتهم إسرائيل موظفين من «الأونروا» بالمشاركة في هجوم «حماس» على إسرائيل (أ.ف.ب)
تتهم إسرائيل موظفين من «الأونروا» بالمشاركة في هجوم «حماس» على إسرائيل (أ.ف.ب)
TT

«الأونروا»: مسؤولون إسرائيليون حاولوا دخول 3 مدارس تابعة للوكالة لإغلاقها

تتهم إسرائيل موظفين من «الأونروا» بالمشاركة في هجوم «حماس» على إسرائيل (أ.ف.ب)
تتهم إسرائيل موظفين من «الأونروا» بالمشاركة في هجوم «حماس» على إسرائيل (أ.ف.ب)

قال رولاند فريدريك مدير وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) إن مسؤولين إسرائيليين حاولوا دخول ثلاث مدارس تابعة للوكالة بالقدس الشرقية اليوم الثلاثاء في محاولة لإغلاقها وإخلائها لكنهم لم ينجحوا.

وأضاف فريدريك في حسابه على «إكس»: «تعد جميع مباني الأمم المتحدة محصنة من أي انتهاك بموجب القانون الدولي، الذي تلتزم إسرائيل باحترامه. وتأتي هذه الانتهاكات في سياق تشريعات الكنيست الإسرائيلي الهادفة إلى إنهاء وجود (الأونروا) في القدس الشرقية».

ويشير فريدريك إلى قانون أقره الكنيست في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي يحظر عمل «الأونروا» في إسرائيل والقدس الشرقية اعتبارا من أواخر يناير (كانون الثاني).

وعلى الرغم من أن القانون الإسرائيلي لا يحظر بصورة مباشرة عمل «الأونروا» في الضفة الغربية وقطاع غزة، فإنه سيؤثر بشدة على قدرتها على العمل.

وتتهم إسرائيل موظفين من «الأونروا» بالمشاركة في هجوم «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023، وفصلت الأمم المتحدة بالفعل تسعة موظفين قالت إنهم ربما شاركوا في الهجوم.

ومضى فريدريك قائلا: «اليوم تقف (الأونروا) بثبات في وجه الترهيب ضد خدماتها في القدس الشرقية المحتلة. تلتزم (الأونروا) بالبقاء وتقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين، بما في ذلك التعليم».