ألقى الغزو الروسي لأوكرانيا بظلاله على ارتفاع أسعار المواد الغذائية والغاز في الأسواق الأميركية، كما أدت المخاوف من تأثيرات إطالة أمد الحرب على الاقتصاد الأميركي بشكل عام.
وأظهر استطلاع للرأي أجرته وكالة «رويترز» ومعهد «إبسوس» أن غالبية الأميركيين (74 في المائة) يؤيدون إنشاء منطقة حظر طيران فوق أوكرانيا، وحظر واردات الولايات المتحدة من النفط الروسي (80 في المائة) وفرض مزيد من العقوبات على الاقتصاد الروسي (81 في المائة).
وكان الرئيس جو بايدن قال في خطاب حال الاتحاد، إن «الدفاع عن الحرية سيكون له ثمن علينا أيضاً هنا في الوطن». ويتخوف خبراء من ارتفاع وتيرة التضخم المرتفع بالأساس إلى أكثر من 7 في المائة، ويقولون إن مدى سوء التضخم سيعتمد على المدى الذي يذهب إليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في حربه وشدة العقوبات المفروضة على روسيا ومدى استمرارية الأزمة وما إذا كان بوتين سيقطع النفط والغاز عن أوروبا، أم لا. وهناك مخاوف من قدرة أوكرانيا على تصدير المواد الغذائية إلى بقية العالم، علماً بأن هذا البلد يلقب «بسلة خبز أوروبا».
وتنتج روسيا ما يقرب من 12 في المائة من نفط العالم و17 في المائة من الغاز الطبيعي، ما يجعلها ثالث أكبر منتح للنفط وثاني أكبر منتج للغاز. وتنتج أوكرانيا 16 في المائة من الذرة في العالم و12 في المائة من القمح، كما أنها مصدر مهم للشعير، ومن المؤكد تأثر الدول الأوروبية بشكل مباشر في نقص المنتجات الزراعية، وبالتالي ارتفاع الأسعار.
- أسعار الطاقة
قبل غزو روسيا لأوكرانيا، كان المحللون يحذرون من تداعيات أي هجوم عسكري على أسعار الطاقة العالمية، ولذا فإن أي عقوبات ضد هذا القطاع أو انتقام روسي بوقف شحنات الغاز والنفط سيترك الأسواق في حالة من عدم اليقين. وحذر المحللون من أن سعر النفط قد يرتفع إلى حدود 150 دولاراً للبرميل إذا حدث انقطاع في الإمدادات.
وارتفعت بالفعل الأسعار في محطات البنزين إلى مستويات شبه قياسية في جميع أنحاء الولايات المتحدة. ويكلف البنزين نحو 3.60 دولار للغالون، وفي بعض الولايات ارتفع إلى أكثر من أربعة دولارات للغالون، وهو أعلى سعر منذ عام 2008، ويحذر بعض المحللين من أن الأميركيين يمكن أن يتوقعوا دفع ما يصل إلى 5 دولارات للغالون.
- المنتجات الغذائية
كما وصلت أسعار القمح في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي إلى أعلى مستوى لها منذ عشر سنوات، وهو ما يعني أن سعر الخبز وأي طعام مصنوع من الذرة سيرتفع أيضاً. وارتفعت بالفعل أسعار البقالة في الولايات المتحدة بنسبة 7.4 في المائة في يناير (كانون الثاني) مقارنة بالعام السابق. نظراً لأن الطلب على الطعام لا يكون عادةً شديد الحساسية للتغيرات في الأسعار، وعادةً ما تنتقل الزيادة في تكلفة إنتاج الغذاء إلى المستهلكين.
وهناك ضغوط على المزارعين الأميركيين، حيث تعد روسيا أحد أكبر موردي الأسمدة في العالم، ما يؤدي إلى زيادة أسعار الأسمدة والمنتجات الزراعية مع ارتفاع تكلفة الشحن والتوصيل، وبالتالي ارتفاع التكلفة النهائية على المستهلك الأميركي. لكن بعض المحللين يستبعدون تأثيرات درامية في سلال التوريد، ويقولون إنه من السهل إيجاد موردين وبدائل في أماكن أخرى.
وقد زادت الأزمة في أوكرانيا من الضغط التصاعدي على الأسعار في الولايات المتحدة، وقد يؤدي ذلك إلى زيادة معدلات التضخم وقد يجبر بنك الاحتياطي الفيدرالي على اتخاذ إجراءات أكثر صرامة لرفع أسعار الفائدة لمحاربة التضخم. ويعتقد بعض الاقتصاديين أن الولايات المتحدة قد تشهد قريباً تضخماً بنسبة 10 في المائة، ارتفاعاً من 7.5 في المائة الآن. ولم تشهد الولايات المتحدة تضخماً بهذا المستوى المرتفع منذ أكتوبر (تشرين الأول) 1981.
وإذا قرر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي التصرف بقوة أكبر لترويض التضخم، فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض للشركات والمستهلكين، وعلى الرهون العقارية وديون الدراسة، ويمكن أن يتعرض الاقتصاد الأميركي لخطر الركود.
قطاع الطيران والسفر
وبلغ سعر وقود الطائرات الأسبوع الماضي، أكثر من 111 دولاراً للبرميل، بنسبة 5 في المائة زيادة على الشهر الماضي، وما يقرب من 59 في المائة على العام الماضي.
ونصحت وزارة الخارجية الأميركية الأميركيين بعدم السفر إلى روسيا، وحذرت من احتمال تعرضهم للمضايقة من قبل مسؤولي الأمن الحكوميين الروس. كما نصحت الأميركيين بعدم السفر إلى بيلاروسيا ومولدوفا. ومع بدء الحرب، أغلقت أوكرانيا مجالها الجوي أمام الرحلات المدنية، بينما أغلقت روسيا بعض أجزاء مجالها الجوي، وألغت شركات الطيران الرحلات الجوية من وإلى روسيا، وأغلقت كثيراً من الدول مجالها الجوي أمام شركات الطيران الروسية. ويقول خبراء إن هذه التعقيدات المتعلقة بالسفر قد تستمر لمدة عام.
وقال سكوت كيز مؤسس «شركة سكوت» للتذاكر الرخيصة: «أسعار النفط المرتفعة، إذا استمرت، ستظهر تأثيرها في أسعار تذاكر المسافرين». ويعد وقود الطائرات ثاني أكبر نفقات تشغيل لشركة الطيران بعد العمالة، ولذا فإن أسعار النفط المرتفعة ستترجم إلى ارتفاع أسعار التذاكر، لكن من غير المعلوم متى ستصبح هذه الزيادات في الأسعار ملحوظة للمستهلكين.
ويعد ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء نقاط الضغط الأكثر وضوحاً بالنسبة للمستهلكين الأميركيين. لكن هناك أيضاً زيادات في سلع أخرى، مثل الألومنيوم والبلاديوم والنحاس واحتمال تعطل شحنات النيكل من روسيا. ويستخدم النيكل في بطاريات الليثيوم أيون التي تشغل الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية والسيارات الكهربائية. وقد ارتفع سعر النيكل إلى 29800 دولار للطن المتري، وهو أعلى مستوى في 14 عاماً، بزيادة نحو 19 في المائة منذ اندلاع القتال في أوكرانيا.