تمكين المصرية يكتسب زخماً جديداً من «منصة القضاء»

حققت أعلى نسبة تمثيل في تاريخ البرلمان

قاضية مصرية تجلس للمرة الأولى على منصة مجلس الدولة (رويترز)
قاضية مصرية تجلس للمرة الأولى على منصة مجلس الدولة (رويترز)
TT

تمكين المصرية يكتسب زخماً جديداً من «منصة القضاء»

قاضية مصرية تجلس للمرة الأولى على منصة مجلس الدولة (رويترز)
قاضية مصرية تجلس للمرة الأولى على منصة مجلس الدولة (رويترز)

يلفت التزامن بين موعد بدء جلوس قاضيات للمرة الأولى على منصة «مجلس الدولة» المصري، وحلول «يوم المرأة العالمي» الانتباه لكونها خطوة متسقة مع مسار طالما تعهدت مصر بالمضي فيه، عبر تعزيز حضور النساء بمناصب وقطاعات مختلفة.
صحيح أن مصر عينت المستشارة الراحلة تهاني الجبالي كأول سيدة تتولى القضاء عام 2003 لكن ذلك كان في المحكمة الدستورية العليا، ولم تتوسع حركة تعيينات النساء في القضاء كثيراً وظل مرتبطاً بالنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة.
غير أن اليومين الماضيين شهدا متغيراً كبيراً في تاريخ البلاد، إذ استقبلت منصة قضاء مجلس الدولة للمرة الأولى منذ تأسيسه في أربعينيات القرن الماضي، قاضيات من بين 98 من أقرانهن حلفن اليمين للعمل بالهيئة القضائية الرفيعة.
وتعكس التطورات المتعلقة بأوضاع المرأة في سلك القضاء، نمطاً يرصده مراقبون بشأن «نمو إجراءات التمكين السياسي للمرأة خلال السنوات الماضية، والتي من بينها كذلك زيادة نسبة الوزيرات في الحكومة، وتعيين محافظة مصرية، ونمو عدد عضوات البرلمان بغرفتيه».
وتقدّر البرلمانية هند رشاد، أمين سر «لجنة الثقافة والإعلام» بمجلس النواب (البرلمان) المصري، أن «المرأة المصرية تعيش أزهى عصورها في عهد الرئيس السيسي»، مستشهدة بـ«جلوس 98 سيدة على منصة القضاء في مجلس الدولة، وهو ما يعتبر عيداً قومياً للمرأة».
ووصفت مايا مرسي، الأمينة العامة للمجلس القومي للمرأة، في بيان صحافي، يوم جلوس القاضيات على منصة مجلس الدولة بأنه «يوم تاريخي في حياة المرأة المصرية»، كما قال المستشار محمد حسام الدين، رئيس مجلس الدولة إن «هذا حدث تاريخي يتمثل في جلوس القاضية رضوى حلمي، على منصة مجلس الدولة للمرة الأولى منذ 72 عاماً، واليوم تحقق التنفيذ الفعلي لتعيين القاضيات في مجلس الدولة، وأصبحت شريكة وزميلة تجلس مع زملائها من القضاء، في كل محاكم الدولة، ولا يصح تشكيل المحكمة إلا بقاضية».


مصر عيّنت 98 قاضية في مجلس الدولة (إ.ب.أ)

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أصدر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قراراً بتعيين 98 قاضية في مجلس الدولة.
بدورها تنظر السفيرة مشيرة خطاب، رئيسة «المجلس القومي لحقوق الإنسان» إلى الأوضاع السياسية للمرأة المصرية في السنوات الأخيرة، باعتبارها «فترة غير مسبوقة من الإنجازات حصلت خلالها على جزء كبير من حقوقها الدستورية، وذلك من خلال حزمة من التشريعات التي تضمن حقوقها». وتقول مشيرة خطاب لـ«الشرق الأوسط»: «لدينا مثلاً (المجلس القومي للمرأة) والذي يتمتع بالصلاحيات التي تمكنه من تحقيق مهمته وعلاقته المباشرة برئاسة الجمهورية، وهو ما يشير إلى وجود التزام رئاسي على أعلى مستوى بدعم حقوق المرأة»، لافتة إلى أن «تمثيل المرأة المصرية في القضاء يبشر بمزيد من العدالة»، ومؤكدة «بمواءمة التشريع المصري بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان التي التزمت بها مصر، بكامل إرادتها دون ضغط من أحد». ومع ذلك، تشير مشيرة خطاب إلى أنه «ما زال أمام المرأة تحدٍ كبير في المجال الخاص، إذ تعاني نساء من التمييز تحت تسميات وعلل تنسب زوراً لما يسميه البعض بالخصوصية الثقافية التي يتم إقحامها عندما يتعلق الأمر بحقوق النساء، رغم أن مصر مثل سائر الدول تكون في أوج مجدها عندما تتمتع النساء بحقوقها». وبحسب البيانات الرسمية الصادرة عن «مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار» التابع لمجلس الوزراء المصري، فإن «مصر تحتل المرتبة الـ16 عالمياً، والأولى عربياً، في نسبة تمثيل المرأة في البرلمان، بعدد 162 عضوة، وبما يمثل 26.2 في المائة من إجمالي أعضاء البرلمان».
وتلفت نهاد أبو القمصان، رئيسة المركز المصري لحقوق المرأة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «هناك اتجاهاً وإرادة سياسية واضحة لتمكين المرأة، تظهر من خلال تعيينها قاضية، وزيادة تمثيلها في البرلمان المصري في أعلى نسبة تمثيل نسائي في البرلمان المصري، على مدار تاريخه».
وتقول نهاد أبو القمصان: «هذا تمثيل حقيقي ومهم ونجاح لنضال المرأة المصرية، والنساء في البرلمان يظهرن كقوة معبرة عن طموحات المرأة وقد أثبتن ذلك بإيقاف مشروع قانون الأحوال الشخصية الذي قدمته الحكومة في أعقاب اعتراض النساء عليه».
وأوضح محمد ممدوح، مقرر عام المجتمع في المجلس القومي لحقوق الإنسان، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «مصر تشهد طفرة غير مسبوقة في التمكين السياسي للمرأة، منبّهاً إلى أن السيدات يمثلن 10 في المائة من أعضاء مجلس الشيوخ».
ويبدو أن الإجراءات المصرية لتمكين النساء لاقت صدى دولياً، إذ إن البلاد في مؤشر «الفجوة العالمية بين الجنسين» الصادر عن «المنتدى الاقتصادي العالميWEF” لعام 2021. تقدمت 5 مراكز، لتحتل المركز 129 بين 156 دولة، ونتيجة لزيادة نسبة تمثيل المرأة في البرلمان، تقلصت الفجوة في التمكين السياسي بنسبة 6 في المائة مقارنة بعام 2020».
وبحسب الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء المصري، فإن الرئيس المصري «يقدم دعماً غير مسبوق للمرأة المصرية، والذي انعكس فيما اتخذته الدولة المصرية من إجراءات، بما في ذلك التعديلات الدستورية لزيادة تمثيل المرأة في البرلمان، وبلوغ نسبة تمثيل النساء في الحكومة 25 في المائة، وتعيينها في مناصب المحافظ، ونواب الوزراء والمحافظين، ومساعديهم، وتعيينها في النيابة العامة ومجلس الدولة». ومع ذلك، فإن هناك «تحديات على الجانب القانوني»، وفق ما ترى مشيرة خطاب التي تقول إنها «شاركت مع (اتحاد نساء مصر) في إعداد مشروع قانون جديد للأحوال الشخصية». وتعتبر مشيرة خطاب أن هذا المشروع «هو المحك الأساسي الذي يثبت أن ثقافة احترام حقوق الإنسان ترسخت في كل مؤسسات الدولة، بما في ذلك المؤسسة الرسمية، والدينية، والتعليمية، والإعلامية».
وترصد دراسة لـ«المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية»، نشرت أواخر العام الماضي، إلى «الفترة الماضية شهدت زيادة نسبة الوزيرات في مجلس الوزراء من 6 في المائة في عام 2015، إلى 20 في المائة في عام 2017، ثم 25 في المائة في عام 2018».
وعلى مستوى «نسبة النساء اللائي يشغلن منصب نائب الوزير، فإنها سجلت 17 في المائة في عام 2017، وزادت إلى 27 في المائة في عام 2018، وبلغت نسبة النساء في منصب نائب محافظ 31 في المائة في عام 2019. إضافة إلى تعيين مستشارة للأمن القومي لرئيس الجمهورية منذ عام 2014. وتعيين مساعدة لوزير العدل لشؤون المرأة والطفل منذ عام 2015. وتعيين أول سيدة محافظ في محافظة البحيرة في عام 2017. وفي دمياط عام 2018. وتعيين نائبة لرئيس البنك المركزي المصري».


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا صورة من معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس للتعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات (أ.ف.ب)

معرض صور في باريس يلقي نظرة على حال الأفغانيات

يتيح معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس التعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات، ومعاينة يأسهن وما ندر من أفراحهنّ.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا امرأة يابانية مرتدية الزي التقليدي «الكيمونو» تعبر طريقاً وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)

نساء الريف الياباني يرفضن تحميلهنّ وزر التراجع الديموغرافي

يعتزم رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا إعادة تنشيط الريف الياباني الذي انعكست هجرة السكان سلباً عليه.

«الشرق الأوسط» (هيتاشي (اليابان))

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)
جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)
TT

العراق: إحباط مخطط لـ«داعش» ضد شخصيات أمنية ومواقع حكومية في كركوك

جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)
جندي عراقي يقود دبابة (أرشيفية - رويترز)

أعلن جهاز الأمن الوطني العراقي، السبت، إحباط مخطط «إرهابي خطير» في محافظة كركوك كان يستهدف شخصيات أمنية ومواقع حكومية، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء العراقية».

وقال الأمن الوطني العراقي إنه قبض على «أمير قاطع كردستان» في تنظيم «داعش»، وأن حصيلة المقبوض عليهم في محافظة كركوك «بلغت 50 إرهابياً صدرت بحقهم أحكام قضائية مختلفة».

وفي وقت سابق اليوم، أعلنت خلية الإعلام الأمني مقتل خمسة من تنظيم «داعش» في كركوك بضربة للقوات الجوية أمس.

وأضافت في بيان: «طائرات إف - 16 استهدفت مضافة للإرهابيين في وادي زعيتون ضمن قاطع عمليات كركوك... واكتشفت عناصر من القوات الخاصة مقتل خمسة والعثور على أسلحة ومعدات اتصال».

وأكد البيان استمرار القوات العراقية في العمل المكثف للتخلص من «الإرهاب الداعشي».