مي شدياق: معركة اللبنانية لا تزال طويلة

قالت لـ «الشرق الأوسط» إن محاولة الاغتيال التي استهدفتها لم تنجح في إسكاتها

مي شدياق
مي شدياق
TT

مي شدياق: معركة اللبنانية لا تزال طويلة

مي شدياق
مي شدياق

تعبّر الوزيرة اللبنانية السابقة مي شدياق عن فخرها بأنها «السيّدة الوحيدة التي تعرّضت للاغتيال في مرحلة الاستقلال الثاني للبنان»، لأنها تقول كلمة الحق، وتؤكد أن هذا الأمر لن يغّير أو يبدّل من مبادئها وقول الحقيقة التي يخاف منها من حاول اغتيالها. ترى مي شدياق، في الوقت عينه، أن المرأة بشكل عام، ولا سيما اللبنانية، قادرة على إثبات نفسها في أي موقع وجدت فيه، لكن معركتها لا تزال طويلة في ظل تجاهل القوانين التي تنصفها وعدم تطبيقها. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، تقول مي شدياق التي تعرضت لمحاولة اغتيال على خلفية مواقفها السياسية عام 2005. إن «المشكلة في لبنان هي في عدم تطبيق القوانين الدولية المتعلقة بحقوق المرأة، حتى تلك التي يوافق عليها». وتضيف: «المرأة اللبنانية حصلت على الكثير من الحقوق، ولا سيما في الحياة العادية، إنما المشكلة تكمن في نواحٍ كثيرة أخرى، أبرزها قانون الأحوال الشخصية الذي يحرمها من الكثير»، مشددة على ضرورة الوصول إلى قانون موحّد وإنهاء الواقع الحالي الذي يجعل النساء في لبنان خاضعات لـ18 قانوناً، كل منهن حسب طائفتها.
وفي السياسة حيث تتوقف مي شدياق عند الدور الذي تلعبه المرأة اللبنانية، ولا سيما في السنوات الأخيرة، تنتقد عدم إقرار «الكوتا النسائية» في البرلمان لجهة ترشيح المرأة للانتخابات النيابية. وتقول: «نحن نحتاج لإقرار الكوتا، لا سيما في المرحلة الانتقالية، لنصل إلى مرحلة يصبح فيها ترشيح المرأة ليس خياراً إنما هو أمر طبيعي، وبالتالي تغيير الذهنية التي تعتبر أن السياسة هي للرجال فقط». وتضيف: «المشكلة أن المرأة تخوض كل التحديات والمعارك، وعند الاتفاقيات يتم تغييبها عن طاولة القرار». ورغم ذلك، تتحدث مي شدياق عن نهضة نسوية في الحياة السياسية في لبنان، وتحديداً منذ الانتفاضة الشعبية عام 2019. وتختصرها بالقول «الثورة امرأة»، لكنها ترى في الوقت عينه أن «المشوار لا يزال طويلاً، وإن كان حضور ودور المرأة قد يختلف في لبنان بين منطقة وأخرى، حيث يبرز الاختلاف بشكل أساسي بين القرى والمدن».
وتنتقد مي شدياق من يعتبر أن في لبنان ليس هناك نساء كفؤات، لا سيما عند اختيار المرشحين للانتخابات النيابية أو للوزارات. وتعطي مثالاً على ذلك أنه في الانتخابات النيابية الماضية، ترشّح 111 امرأة، وتذكّر بأنه في لبنان تم تعيين أوّل وزيرة للداخلية في العالم العربي، وهي ريّا الحسن، كما توّلت الوزيرة زينة عكر ثلاثة مناصب وزارية في الوقت نفسه، وهي وزارة الدفاع ونائبة رئيسة الحكومة ومن ثم وزيرة الخارجية بالوكالة. وفي حين ترى «أن تعيين 6 وزيرات في حكومة حسان دياب السابقة من أصل 20 وزيراً هي سابقة، رغم أن بعضهن خرجن كما دخلن، تنتقد حكومة نجيب ميقاتي الحالية التي لم يعّين فيها إلا وزيرة واحدة».
وبعد 17 عاماً على محاولة اغتيالها، وهي التي باتت تعرف بـ«الشهيدة الحيّة»، لم تحدّ محاولة الاغتيال من عزيمة مي شدياق رغم الإصابة البليغة التي تعرضت لها، وجعلتها تخضع لعلاج طويل الأمد. فهي لا تزال مستمرة في نشاطاتها الإعلامية والسياسية، إضافة إلى تدريسها في الجامعة، كما في مواقفها ومبادئها التي لن تتخلى عنها وفق تأكيدها، وتقول: «يخافون مني لأنني أقول الحقيقة... لا أقول ما هو خارج حدود اللياقة، لكن الخوف يكون ممن يتكلم ويقنع الرأي العام... وهم حاولوا اغتيالي لأنني كنت أقول كلمة الحق». وتابعت: «لذا أقول: أنا فخورة أنني السيدة الوحيدة التي تعرضت للاغتيال في مرحلة استقلال لبنان الثاني، وسأبقى مستمرة في قضيتي التي أعتبرها قضية الوطن».
ومي شدياق التي غابت عن الشاشة الصغيرة، التي أطلت من خلالها على اللبنانيين لسنوات طويلة عبر برامج حوارية سياسية، اختارت أن تستكمل مسيرتها الإعلامية عبر إدارتها لمعهد إعلامي ومؤسسة تحمل اسمها، وتعمل وتشارك في برامج عدة تركز في معظمها على دور المرأة. وهي تعتبر أن بعض المجالات، ومنها الإعلامية، تملك المرأة اندفاعة أكبر لخوض غمارها وتتفوق أكثر فيها، لافتة إلى أن 80 في المائة من العاملين معها هن من العنصر النسائي.
وعند سؤالها عن المجال الذي تفضله أكثر بين السياسة والإعلام والتدريس في الجامعة، تقول: «أعطي في كل عمل ومجال من كل قلبي، الصحافة والكلمة الحرة كانت سبب استهدافي لكنها لم تنجح في إسكاتي. وفي السياسة، عندما عيّنت وزيرة لشؤون التنمية الإدارية عام 2019 في حكومة سعد الحريري، أنجزت في سنة واحدة ما لم ينجزه آخرون في سنوات».
وفي حين تلفت إلى أنها ليست مرشحة للانتخابات النيابية المقبلة، تؤكد أنها لم تترك السياسة. وتقول: «هناك قضية وطنية أحملها معي، ولن أتخلى عنها».


مقالات ذات صلة

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا صورة من معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس للتعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات (أ.ف.ب)

معرض صور في باريس يلقي نظرة على حال الأفغانيات

يتيح معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس التعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات، ومعاينة يأسهن وما ندر من أفراحهنّ.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا امرأة يابانية مرتدية الزي التقليدي «الكيمونو» تعبر طريقاً وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)

نساء الريف الياباني يرفضن تحميلهنّ وزر التراجع الديموغرافي

يعتزم رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا إعادة تنشيط الريف الياباني الذي انعكست هجرة السكان سلباً عليه.

«الشرق الأوسط» (هيتاشي (اليابان))
الولايات المتحدة​ صورة للصحافية الأميركية - الإيرانية مسيح علي نجاد مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (صفحتها على موقع «إكس»)

واشنطن تتهم مسؤولاً في الحرس الثوري الإيراني بالتخطيط لاغتيال صحافية في نيويورك

وجّهت الولايات المتحدة اتهامات جديدة إلى مسؤول في الحرس الثوري الإيراني وآخرين بمحاولة خطف صحافية أميركية من أصل إيراني في نيويورك واغتيالها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.