بعد مرور 15 عاماً على تأليفه، يرى الفيلم المصري «2 طلعت حرب»، النور أخيراً، بعد عرضه العالمي الأول، عبر مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية، ضمن المسابقة الرسمية للأفلام الروائية الطويلة، حيث تم عرض الفيلم بحضور صناعه وأبطاله ومخرجه مجدي أحمد علي، في قصر ثقافة محافظة الأقصر مساء أول من أمس.
وتدور أحداث الفيلم الذي يشارك في بطولته كل من محمود قابيل، وعبير صبري، وسمير صبري، وأحمد وفيق، وسهر الصايغ، وياسمين الخطيب، ومنة فضالي، وأحمد مجدي، وحلمي فودة، وشريف دسوقي، في إطار اجتماعي سياسي عبر شقة سكنية تقع في شارع طلعت حرب، وتطل على ميدان التحرير، أحد أشهر وأكبر ميادين العاصمة المصرية، ويستعرض الفيلم أربع حكايات مختلفة على مدار فترة زمنية طويلة.
وقال المخرج مجدي أحمد علي، إن «مشروع الفيلم تأخر لأكثر من 15 عاماً، وكان في البداية يحمل اسم (35 قصر النيل)، لكننا فضلنا وضع اسم طلعت حرب، بدلاً من قصر النيل، بجانب إضافة قصة جديدة إلى القصص الثلاث التي كانت قد كتبتها مؤلفة العمل».
وأوضح علي «أن تصوير الفيلم كان مرهقاً للغاية، حيث واجهنا صعوبات عدة من أجل خروج الفيلم للنور، ولولا تحمس أبطال العمل للقصة ما كان ليرى الجمهور الفيلم، وأشكر مهرجان الأقصر للسينما الأفريقية على دعم العمل وعرضه ضمن المسابقة الرسمية».
ووجه المخرج المصري شكراً خاصاً إلى الفنان سمير صبري، (الذي يعالج حالياً من أزمة صحية في أحد مستشفيات القاهرة) لدعمه الفيلم وموافقته على المشاركة فيه، من دون أجر، وقال علي: «سمير صبري فنان عظيم، يعلم جيداً قيمة السينما الهادفة، فقد وافق على المشاركة في الفيلم من دون تقاضي أي أجر، وأتمنى أن يكون في صحة جيدة خلال الفترة المقبلة، ويحتفل معنا بعرض الفيلم في القاهرة».
سمير صبري في أحد مشاهد العمل (الشرق الأوسط)
واعتبرت الناقدة رانيا الزاهد «فيلم (2 طلعت حرب) من أهم الأفلام المصرية، التي عرضت حتى الآن في عام 2022»، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إنه «أول فيلم مصري يتطرق لمناقشة ما حدث داخل بيوت ميدان التحرير أثناء أحداث ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011، فكافة الأفلام التي ناقشت وعالجت ثورة 25 يناير لم يكن لديها اتساع فكري في معالجة قضية سكان منطقة وسط القاهرة طيلة الأسابيع التي اندلعت فيها الثورة، رغم أن تلك البيوت كانت هي محط أنظار العالم».
وترى الزاهد أن الأفلام المصرية والعربية التي تشارك في المهرجانات، تعتمد في الغالب على فكرة وقصة أكثر من اعتمادها على التطور التكنولوجي، لكن الجمهور المصري والعربي أصبح لا يتقبل بسهولة نوعية الأفلام ذات الميزانية المنخفضة، فالجميع لديه شغف بمشاهدة الأفلام عالية التكلفة والمبهرة بصرياً.
وأشادت الزاهد بالخط الدرامي الذي وضعته الكاتبة هنزادة فكري في «2 طلعت حرب»، والذي دار حول مخططات جماعة الإخوان المسلمين في مصر من زمن الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وحتى أحداث ثورة 25 يناير.
وعن أداء ممثلي العمل، قالت الزاهد: «الأداء التمثيلي لكافة أبطال العمل جاء متوسطاً، فقد حاول المخرج مجدي أحمد علي، الحصول على أفضل ما لديهم، في ظل الميزانية التي كانت متاحة له، فهو أعلن أثناء تصوير الفيلم أنه لم يكن قادراً على التعاقد مع نجوم كثيرين بسبب ضعف الميزانية».
واعتبرت رانيا الزاهد أن مشاركة الفنان سمير صبري في العمل، تعد واحدة من أهم نقاط تميزه «سمير صبري أضاف بهجة بمشاركته في الفيلم، وأجاد صناع العمل توظيف دوره في سياق العمل، والإعداد لها لكي تكون متميزة مع ظهوره الخاص في النهاية، فمنذ بداية الفيلم والمؤلف يحاول أن يربط المشاهد بصوت سمير صبري من خلال إذاعة صوته وإعادة مشاهده في الأفلام المصرية القديمة».
وذكر مخرج الفيلم أن «جميع أبطال العمل ضحوا من أجل خروجه للنور، فالفيلم به أربع حكايات مختلفة، والأدوار والمشاهد كانت قليلة مقارنة بنجوميتهم، ورغم ذلك، فإنهم لم يترددوا ووافقوا على العمل وتحملوا كل الصعوبات التي مر بها». على حد تعبيره خلال الندوة التي أقيمت عقب انتهاء عرض الفيلم.
ووفق مخرج العمل، فإن أحد الدوافع التي جعلته متمسكاً بالفيلم رغم كل الصعوبات التي واجهها هي «حكاية الفيلم التي تظهر كيف يكون المجتمع والحياة السياسية طاردة لكل قصص الحب والحالات الإنسانية»، لافتاً إلى أن «الثلاث حكايات الأولى من الفيلم ربما تكون غامضة للبعض، لكن الحكاية الرابعة جعلت المشاهد يربط كل حكايات الفيلم ببعضها ويستوعبها، لذلك كنت حريصاً على التسلسل بين حكايات الفيلم الأربع وعدم الخلل بإيقاع العمل».
وعن صعوبة تحقيقه معادلة صعبة، بين نجاح فيلمه في المهرجانات السينمائية، وبين تحقيقه إيرادات عالية بدور العرض، قال علي إنه «يراهن على الأجيال الواعية، وتغير نظرة المشاهدين لأفلام المهرجانات، مستشهداً بفيلمه (مولانا)، الذي حقق إيرادات خيالية، بعد أن ظل في دور العرض لأكثر من 15 أسبوعاً.