«خميرة متوهجة» تضيء الطريق إلى وقود حيوي أفضل

الباحثون ابتكروا طريقة جديدة لفرز سلالات الخميرة  لصنع الوقود الحيوي (الفريق البحثي)
الباحثون ابتكروا طريقة جديدة لفرز سلالات الخميرة لصنع الوقود الحيوي (الفريق البحثي)
TT

«خميرة متوهجة» تضيء الطريق إلى وقود حيوي أفضل

الباحثون ابتكروا طريقة جديدة لفرز سلالات الخميرة  لصنع الوقود الحيوي (الفريق البحثي)
الباحثون ابتكروا طريقة جديدة لفرز سلالات الخميرة لصنع الوقود الحيوي (الفريق البحثي)

يعدّ وقود «أيزوبوتانول» و«أيزوبنتانول» الحيوي المنتج من الخميرة ذا محتوى طاقة أعلى من الإيثانول، وهو الوقود الحيوي السائد المستخدم الآن في الولايات المتحدة. لكنّ مشكلة إنتاج الوقود الحيوي من الخميرة، هو أنه يجب التمييز بين سلالات الخميرة التي تنتج طاقة قيّمة وفصلها عن سلالات الخميرة الأقل إنتاجية، وهي المشكلة التي عالجها فريق بحثي من جامعة «برينستون» الأميركية، عبر تطوير مستشعر حيوي يكشف عن السلالات الأكثر إنتاجية، بإعطاء إضاءة متوهجة.
وقبل تطوير هذه التقنية الجديدة، كان تقييم أداء الخميرة عملية بطيئة وشاقة، وكان على الباحثين زراعة سلالات خميرة منفصلة وتقييم قدرة كل سلالة على إنتاج الوقود والمواد الكيميائية الأخرى بشكل مستقل، تستغرق هذه العملية أياماً لكل سلالة.
يقول كبير الباحثين جوزيه أفالوس، الأستاذ المساعد في الهندسة الكيميائية والبيولوجية: «نحن نقيس مئات الآلاف من السلالات في الدقيقة، وهذه طريقة أسرع لتحديد السلالات الأفضل».
وفي ورقة بحثية نُشرت في 12 يناير كانون الثاني) في دورية «نيتشر كومينيكيشن»، وصف فريق أفالوس كيف طوّروا جهاز الاستشعار الحيوي لإنتاج الوقود الحيوي أيزوبوتانول وأيزوبنتانول في الخميرة، وكلاهما عبارة عن كحوليات ذات محتوى طاقة أعلى من الإيثانول، وهو الوقود الحيوي السائد المستخدم الآن في الولايات المتحدة.
ويتم إنتاج الأيزوبوتانول والأيزوبنتانول بواسطة خميرة بروير (accharomyces cerevisiae) وهي فطر وحيد الخلية يُستخدم عادةً في صنع الخبز والبيرة والمشروبات الكحولية الأخرى، ومع ذلك فإن هذه الأنواع من الوقود الحيوي المتقدم لها توافق أعلى بكثير مع البنية التحتية الحالية للبنزين، مما يسمح لها باستبدال المزيد من الوقود الأحفوري، ويمكن ترقيتها بسهولة إلى وقود الطائرات.
يقول أفالوس: «لا يزال العلماء والمهندسون والمنظمون يفحصونها، لكن هذه الكحوليات يمكن أن تكون متوافقة تماماً مع البنية التحتية الحالية للبنزين، ومعظم السيارات لا يمكنها استخدام البنزين بتركيزات إيثانول أعلى من 10 أو 15%، ومع ذلك يمكنهم استخدام البنزين بتركيزات أعلى بكثير من الأيزوبوتانول، وهذا يعني أنه يمكنك استبدال المزيد من البنزين بهذه الأنواع المتقدمة من الوقود».
وبدأ البحث الحالي بالتحدي المتمثل في تسريع تطوير سلالات الخميرة لإنتاج الأيزوبوتانول والأيزوبنتانول.

والمعدل الذي يمكن للعلماء من خلاله إدخال التنوع الجيني في الخميرة يفوق إلى حد كبير المعدل الذي يمكنهم به فحص كل سلالة للعثور على تلك التي لديها زيادة في إنتاج الوقود الحيوي، وبالتالي كان على الباحثين معرفة الجينات التي يجب تشغيلها أو إيقاف تشغيلها وما الإنزيمات أو البروتينات التي كانت مفيدة للعملية باستخدام طرق بطيئة للغاية وشاقة ومكلفة.
يقول جيريمي كورتيز، طالب دراسات عليا في البيولوجيا الجزيئية وأحد مؤلفي الورقة البحثية: «هناك الملايين من الطرق لتجربة هذا حتى تجد أخيراً أفضل طريقة تعمل، وسيكون أمراً رائعاً لو تمكنّا فقط من الدخول إلى الخلية، والاستماع إلى (المحادثات) الأيضية التي تُحدثها المكونات المختلفة داخل الخلية فيما بينها، وجعل جهاز الاستشعار البيولوجي يخبرنا أنه يصنع الكثير من المنتج».
حقق الباحثون ذلك عن طريق الهندسة الوراثية للخلايا لإنتاج بروتين فلوري عندما كانوا يصنعون مواد كيميائية للوقود الحيوي، ويمكن للعلماء بعد ذلك استخدام الفلورة كمستشعر للبحث عن الإنتاج.
يقول أفالوس: «قمنا بتسخير عامل النسخ هذا بشكل أساسي بحيث عندما تنتج الخلية المزيد من الوقود الحيوي، فإنها تعمل أيضاً على إنتاج البروتين الفلوري، وهي تفعل ما تفعله عادةً، لكن الآن يمكننا أن نرى الخلية تستجيب للنشاط الأيضي المعزز، فلم تعد تك العمليات بعيدة عن أعيننا».
وفي النهاية، قدم استخدام المستشعر الحيوي للباحثين الاختراق الذي كانوا يبحثون عنه، والذي يمكن أن يسرع إنتاج الوقود الحيوي المتقدم وربما يساعد في التخلص التدريجي من استخدام الوقود الأحفوري الباعث للكربون. يقول أفالوس إن الوقود الحيوي يمكن أن يكون بمثابة خطوة حاسمة حيث يتحرك العالم لخفض طاقة الكربون.
وأشار إلى أنه سيكون من الصعب للغاية كهربة السيارات بالسرعة الكافية لتحقيق هدف اتفاقية باريس المتمثل في الحد من الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، أيضاً يصعب كهربة الطائرات وبعض وسائط النقل الأخرى، ويمكن أيضاً استخدام الأيزوبوتانول في صناعة وقود للطائرات ببصمة كربونية أقل.
يضيف أفالوس: «الفجوة بين السرعة التي نحتاج إليها للتخلص من الوقود الأحفوري ومدى سرعة تزويد أساطيلنا بالكهرباء، يمكن ملؤها بالوقود الحيوي، وفي الواقع يجب أن يتم ذلك باستخدام الوقود الحيوي إذا كنا نأمل في تحقيق هذا الهدف، وإذا كان بإمكان أجهزة الاستشعار الحيوية أن توفر لنا الوقت، وهو ما تفعله، فهذه أفضل نتيجة».


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية
TT

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

«طلاء شمسي» لشحن السيارات الكهربائية

في المستقبل، يمكن تغطية سيارتك الكهربائية بألواح شمسية -ليس فقط على السطح، ولكن في جميع أنحاء الجزء الخارجي من السيارة- بفضل طلاء خاص.

وسواء كنت تقود السيارة أو كانت متوقفة، يمكن لهذا الطلاء الشمسي حصاد الطاقة من الشمس، وتغذيتها مباشرة في بطارية السيارة الكهربائية. وربما يبدو الأمر وكأنه شيء من كتاب خيال علمي، إلا أن الباحثين في شركة «مرسيدس بنز» يعملون بالفعل على جعله حقيقة واقعة.

عجينة لطلاء شمسي

يقول يوشين شميد، المدير الأول لشركة «مستقبل القيادة الكهربائية» Future Electric Drive، للبحث والتطوير في «مرسيدس بنز» الذي يستكشف تقنيات السيارات الكهربائية في مرحلة مبكرة: «نحن ننتج مئات السيارات يومياً، وسطح السيارة مساحة كبيرة جداً. فلماذا لا نستخدمها لحصاد طاقة الشمس؟».

إن المادة الكهروضوئية التي تبحثها شركة مرسيدس تشبه العجينة التي يمكن وضعها على الجزء الخارجي للسيارة. يبلغ سمك الطلاء 5 ميكرومترات فقط (يبلغ متوسط ​​سمك شعرة الإنسان نحو 100 ميكرومتر)، ويزن 50 غراماً لكل متر مربع.

وقود شمسي لآلاف الكيلومترات

في سيارة رياضية متعددة الأغراض SUV متوسطة الحجم، ستشغل العجينة، التي تطلق عليها مرسيدس أيضاً طلاءً شمسياً، نحو 118 قدماً مربعة، ما ينتج طاقة كافية للسفر لمسافة تصل إلى 7456 ميلاً (12000 كم) في السنة. ويشير صانع السيارة إلى أن هذا يمكن أن يتحقق في «ظروف مثالية»؛ وتعتمد كمية الطاقة التي ستحصدها هذه العجينة بالفعل على قوة الشمس وكمية الظل الموجودة.

طلاء مرن لصبغ المنحنيات

ولأن الطلاء الشمسي مرن، فيمكنه أن يتناسب مع المنحنيات، ما يوفر فرصاً أكبر للطاقة الشمسية مقارنة بالألواح الشمسية الزجاجية التي لا يمكن ثنيها، وبالتالي لا يمكن تثبيتها إلا على سقف السيارة أو غطاء المحرك. يُعدّ الطلاء الشمسي جزءاً من طلاء متعدد الخطوات يتضمن المادة الموصلة والعزل والمادة النشطة للطاقة الشمسية ثم الطلاء العلوي لتوفير اللون (يشكل كل ذلك معاً عمق بـ5 ميكرونات).

لن تكون هذه الطبقة العلوية طلاءً قياسياً للسيارات لأنها لا تحتوي على صبغة. بدلاً من ذلك، ستبدو هذه الطبقة أشبه بجناح الفراشة، كما يقول شميد، وستكون مادة شديدة الشفافية مليئة بجسيمات نانوية تعكس الأطوال الموجية من ضوء الشمس. كما يمكن تصميمها لتعكس أطوال موجية محددة، ما يعني أن السيارات الكهربائية يمكن أن تأتي بألوان أخرى.

وسيتم توصيل الطلاء الشمسي أيضاً عن طريق الأسلاك بمحول طاقة يقع بجوار البطارية، الذي سيغذي مباشرة تلك البطارية ذات الجهد العالي.

تأمين أكثر من نصف الوقود

ووفقاً للشركة فإن متوسط سير ​​السائق هو 32 ميلاً (51.5 كم) في اليوم؛ هناك، يمكن تغطية نحو 62 في المائة من هذه الحاجة بالطاقة الشمسية من خلال هذه التكنولوجيا. بالنسبة للسائقين في أماكن مثل لوس أنجليس، يمكن أن يغطي الطلاء الشمسي 100 في المائة من احتياجات القيادة الخاصة بهم. يمكن بعد ذلك استخدام أي طاقة إضافية عبر الشحن ثنائي الاتجاه لتشغيل منزل شخص ما.

على عكس الألواح الشمسية النموذجية، لا يحتوي هذا الطلاء الشمسي على أي معادن أرضية نادرة أو سيليكون أو مواد سامة أخرى. وهذا يجعل إعادة التدوير أسهل. وتبحث «مرسيدس» بالفعل عن كيفية جعل إصلاحه سهلاً وبأسعار معقولة.

يقول شميد: «قد تكون هناك مخاوف من أن سيارتي بها خدش، فمن المحتمل أن لوحة الباب معطلة»، وتابع: «لذا اتخذنا احتياطاتنا، ويمكننا بسهولة القول إن لدينا تدابير مضادة لذلك».

ومع تغطية المركبات الكهربائية بالطلاء الشمسي، لن يكون هناك الكثير من القلق بشأن شبكات الشحن، أو الحاجة إلى قيام الناس بتثبيت أجهزة الشحن في منازلهم. ويقول شميد : «إذا كان من الممكن توليد 50 في المائة أو حتى أكثر من قيادتك السنوية من الشمس مجاناً، فهذه ميزة ضخمة ويمكن أن تساعد في اختراق السوق».

ومع ذلك، فإن حقيقة طلاء سيارتك الكهربائية بالطاقة الشمسية لا تزال على بعد سنوات، ولا تستطيع مرسيدس أن تقول متى قد يتم طرح هذا على طرازاتها، لكنها شركة واثقة من تحقيقها.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».

اقرأ أيضاً