الحقن خيارًا جديدًا لعلاج اللغد من دون جراحة

هيئة الأغذية والعقاقير الطبية أقرت استخدامه وطرحه في نهاية فصل الصيف

الحقن خيارًا جديدًا لعلاج اللغد من دون جراحة
TT

الحقن خيارًا جديدًا لعلاج اللغد من دون جراحة

الحقن خيارًا جديدًا لعلاج اللغد من دون جراحة

باستخدام حقنة تسمى «كايبلا»، كانت تجرى عليها تجارب آنذاك، تمكنت آشلي غالاغهار من تورانسي في ولاية كاليفورنيا، من تحسين حالة اللغد. كانت آشلي تدرك حتى حين كانت طفلة صغيرة امتلاء وجهها، حيث تقول: «لقد كنت صغيرة لكن كان اللغد لدي واضحا». وعندما أصبحت بالغة كانت تمارس تمرينات للوجه من أجل الحد من مساحة المنطقة أسفل ذقنها. وكانت تحاول شد اللغد، ورفع رأسها حتى لا يكون اللغد ملحوظا، لكن لم يجد أي من هذا نفعا.
وكانت آشلي، التي وصلت إلى منتصف العمر فهي في الواحدة والخمسين من العمر وصاحبة مشروع لرعاية الحيوانات الأليفة في تورانسي كاليفورنيا، تتجنب النظر في المرآة وتفكر في الخضوع لعملية شفط دهون، لكنها كانت تشعر بالقلق من التخدير والوقت اللازم للاستشفاء. واكتشفت فيما بعد وجود خيار آخر يتمثل في مجموعة من الحقن التي تخفض الدهون من أجل تقليص حجم اللغد. وشاركت في تجارب طبية، وبعد الجلسة الثالثة «لاحظت وجود فرق كبير فقد بدأت في الانكماش.»
وأقرت إدارة الأغذية والعقاقير يوم الأربعاء الماضي الحقن التي تسمى «كايبيلا» كعلاج للدهون المتوسطة والكثيفة التي توجد أسفل الذقن.
والمادة الفعالة في هذا النوع من الحقن هي حمض يوكسي كوليك الذي يذيب الدهون، ويسمح لأطباء الأمراض الجلدية، وجراحي التجميل، بإعادة تكوين منطقة الذقن من دون الحاجة إلى جراحة. وقال دكتور رود روريتش، أستاذ جراحات التجميل بالمركز الطبي التابع لجامعة تكساس ساوث ويسترن في دالاس: «سوف تنجح هذه الطريقة مع مرضى مختارين بعناية لديهم دهون أسفل الذقن من دون جلد مترهل.» وتجدر الإشارة إلى أنه لم يشارك في أي تجارب لهذا العقار.
وتوقع دكتور روريتش، رئيس تحرير دورية «جراحات التجميل الرأبية»، أن يقبل كل من الرجال والنساء على هذه الطريقة. ولا يحب الكثير من العملاء مشرط الجراح، ويرغبون في الإبرة. وأوضح أن الرجال بوجه خاص لا يقبلون على جراحات التجميل التي يتطلب التعافي منها وقتا طويلا، لكن ربما تكون العلاجات التي تتضمن قدرا بسيطا من التدخل الجراحي في عيادة الطبيب مشجعة لهم. وقال: «نحن جبناء بالأساس».
يتم غرس حقن متناهية في الصغر تحتوي على حمض يوكسي كوليك 50 مرة في الجلسة الواحدة داخل مخازن الدهون أسفل الفك. ويعقب العلاج ست جلسات شهرية بواقع 20 دقيقة لكل جلسة. ويجب على المرضى الالتزام بعدد الزيارات. وأشارت أحدث دراسات تم إجرائها من أجل الحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء إلى وجود آثار جانبية هي كدمات، وألم، وتورم.
واكتشف دكتور ديريك جونز، طبيب أمراض جلدية ومحقق أساسي في تجربة لفعالية الدواء، أن من يعانون من تورم أثناء العلاج هم من لديهم أكثر نسبة من الدهون. وعادة ما تزول الأعراض خلال مدة تتراوح بين 48 و72 ساعة. وقال دكتور جونز، المستشار الذي يعلم طريقة الحقن وعالج آشلي: «هذا أمر منطقي لأنك تدمر المزيد من الخلايا الدهنية». وكان العلاج الأول هو الأكثر إيلاما بحسب ما توضح تجربته. ومن المتوقع أن يتم طرح الحقن في الأسواق في نهاية فصل الصيف بعد الانتهاء من تدريب الأطباء على طريقة الحقن. ولم يتم تحديد سعر هذا النوع من الحقن بعد.
ولا تناسب هذه الطريقة كل مريض على حد قول عدد من الخبراء. إذا كان لدى مريض دهون زائدة عن الحد، وطبقة مرتخية من الجلد، فسيحتاج إلى رقبة داعمة بعد إزالة الدهون بالحقنة بحسب ما أوضح دكتور روريتش. ويبلغ سعر هذه الرقبة 5 آلاف دولار أو أكثر. وحذرت إدارة الغذاء والدواء مشيرة إلى أن الخلايا الدهنية ليست فقط هي التي يستهدفها هذا النوع من العلاج، فهو يدمر خلايا الجلد أيضا في حال حقن المادة دون قصد في الجلد. وقال دكتور روريتش: «إذا تم حقن المادة في الجلد يمكن أن يحدث ضررا به. ويجب أن يتم حقن هذا الدواء داخل النسيج الدهني من أجل أن يحقق النتيجة المرجوة». وقال إن حقن المادة بطريقة خاطئة قد يؤدي إلى تصلب طبقات الجلد.
وأجرت شركة «كيثيرا بيوفارماكوتيكالز» تجربتين عشوائيتين لتقييم فعالية الحقنة. وشارك أكثر من ألف مريض في 70 منطقة داخل الولايات المتحدة، وكندا في تلك التجربة. وأوضحت النتائج التي تم تجميعها من التجربتين أن نسبة دهون اللغد قد انخفضت ولو بدرجة محدودة لدى 68.2 في المائة من المرضى الذين تم حقنهم بتلك المادة، مقارنة بـ20.5 في المائة من المرضى الذين تم حقنهم بمادة غير فعالة. وتم تحديد درجات انخفاض الدهون من خلال الفحص السريري، وإجابات على استمارة ذات شكل موحد. وانخفضت دهون اللغد لدى 60 في المائة من المرضى، الذين تم حقنهم بالمادة الفعالة، بمقدار درجتين؛ ولم يحدث هذا القدر من التحسن إلا لدى 1.5 في المائة فقط من المجموعة التي تلقت دواء وهميا. وأوضحت صور الأشعة بالرنين المغناطيسي انخفاض حجم الدهون أسفل الذقن لدى المرضى الذين تلقوا العلاج أكثر من الذين تلقوا دواء وهميا.
وكانت دكتورة لين دريك، طبيبة الأمراض الجلدية والأستاذة في كلية الطب بجامعة «هارفارد»، رئيسة اللجنة الاستشارية في إدارة الغذاء والدواء التي صوتت بالإجماع على التصريح باستخدام الحقنة في مارس (آذار). وقالت لين التي لم تتحدث باسم الإدارة: «الفوائد تفوق المخاطر». مع ذلك نصحت المرضى باختيار طبيب مدرب تدريبا جيدا من أجل تطبيق هذا النوع من العلاج. وأوضحت قائلة: «عندما يضع الناس إبرا حول وجهك، تكون هناك احتمالات كثيرة لحدوث ضرر عرضا ودون قصد». وأوضحت دراسات على الحقن تضرر أعصاب الوجه لدى 4.3 في المائة من المرضى مما أدى إلى تغير شكل ابتساماتهم لمدة 42 يوما في المتوسط. وعانى نحو 2 في المائة من المرضى من تورم ليومين. واستمرت نتائج آشلي لمدة ثلاث سنوات، ورغم أن وزنها زاد قليلا، لا يظهر ذلك على وجهها كما أوضحت. وتستعد حاليا لتوديع العزوبية.
* خدمة «نيويورك تايمز»



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)