أوكرانيا: العالم أمام فوهة الهاوية

أوكرانيا: العالم أمام فوهة الهاوية
TT

أوكرانيا: العالم أمام فوهة الهاوية

أوكرانيا: العالم أمام فوهة الهاوية

يدور همس بين الخبراء الغربيين في السياسة الروسية، أن الرئيس فلاديمير بوتين، سيضغط زر إطلاق الأسلحة النووية إذا شعر أنه يقترب من هزيمة محققة في أوكرانيا.
ورغم أن الحرب الحالية والأزمة السابقة عليها توفران الشواهد الكافية للاعتقاد أن حصر ما يجري هناك بمخاوف موسكو من تمدد حلف شمال الأطلسي وتهديده الأمن الروسي، لا تكفي لوضع هذا التطور العالمي في سياقه السليم. ذاك أن المسألة لا ترتبط بالسلامة العقلية لبوتين، أو بمستوى التضليل الذي تمارسه وسائل الدعاية التابعة له ضد الجمهور الروسي ذاته. بل إن الأمر يصل إلى رؤية قيامية (أبوكاليبسية) لا ترى فائدة من وجود العالم أصلاً إذا كانت روسيا فيه ذليلة وتابعة.
تدمير أوكرانيا من وجهة النظر هذه، أسهل من تسليمها إلى الغرب الذي سيستغلها لتطويق روسيا وفرض معادلات جديدة هدفها إعادة موسكو إلى ما كانت عليه في تسعينات القرن الماضي: أرض للفوضى تديرها عصابات إجرامية. دعونا من صحة بوتين النفسية قليلاً، ولنتفق أن الرواية الروسية التي لا تفتقر إلى مؤيدين، تقوم على أن الرئيس الحالي استعاد بعض المكانة لروسيا على الساحة الدولية. هل ينتمي هذا النوع من التفكير إلى القرن التاسع عشر؟ هل تشكل السلطة في روسيا «مافيا المافيات» بقيادة «زعيم زعماء المافيا» بوتين؟ يقلل أصحاب الرواية المذكورة من أهمية هذين السؤالين، ليؤكدوا أن الغرب ما زال يفشل في الاعتراف أن عقد التسعينات قد انتهى، وأن لروسيا مجموعة من القيم لا تتفق مع مدونة السلوك الغربية. من القيم هذه أن القوة وسيلة مقبولة لتحقيق الغايات، حتى لو تتدثر بقرارات مجلس الأمن الدولي على النحو الذي تفعله الولايات المتحدة عندما تريد أن تغزو العراق أو أفغانستان، على سبيل المثال. ويتابعون أن التشكيك في شرعية الحكم الحالي في روسيا تارة، وبسلامة بوتين العقلية تارة أخرى، لن تفضي إلى مكان. وأن على الغرب التعامل مع السلطة في موسكو كسلطة شرعية، ما دام المواطنون الروس لم ينتفضوا عليها.
الحل المقبول من وجهة النظر الروسية هو منح منطقتي دونباس ولوغانسك حكماً ذاتياً موسعاً، حسب ما تنص عليه اتفاقيات مينسك التي لم تلتزم كييف بها، وحصول هاتين المنطقتين على حق النقض فيما يتعلق بالسياسة الخارجية ضمن بنية فيدرالية للدولة الأوكرانية. وينبغي أن تكون هذه محايدة حيال القوى الكبرى، بل حتى خارج الاتحاد الأوروبي لما يتطلبه الانضمام إليه من تغييرات بنيوية في سياسة الدولة لا تتفق مع توجهات موسكو.
وتسود في الأوساط المحافظة الأميركية قراءة تقوم على أن لا قيمة لأوكرانيا بالنسبة إلى الغرب. من وجهة النظر الاستراتيجية، لا توفر أوكرانيا أي إضافة لأمن أوروبا والولايات المتحدة حيال أي تهديد. أما اقتصادياً، فهي دولة فقيرة لم تستطع بعد الخروج من الإرث السوفياتي فيما ترك الفساد الذي ينخرها منذ ثلاثين عاماً آثاراً لا تُمحى على كل مؤسساتها. كذلك، لا تتمتع أوكرانيا بثقل ثقافي باستثناء احتوائها على بعض التراث الكنسي الأرثوذكسي.
تمضي القراءة، التي تستشهد بتصريحات عدد من المسؤولين الأميركيين السابقين، إلى أن واشنطن تتمسك بـ«عقيدة مونرو» وتعض عليها بالنواجذ. خلاصة العقيدة هذه التي شرحها الرئيس جيمس مونرو، في رسالة إلى الكونغرس سنة 1823، أن الولايات المتحدة لن تسمح للدول الأوروبية باحتلال المزيد من المستعمرات في النصف الغربي من الكرة الأرضية، وأنها ستقاوم كذلك قيام «الدول الدمى» التابعة للإمبراطوريات الأوروبية. بمرور الزمن، فقدت العقيدة مضمونها «التحرري» - إذا صح التعبير - وباتت تُستخدم كإحدى مسلمات السياسة الخارجية الأميركية التي تجعل من النصف الغربي من العالم «حديقة خلفية للعم سام». على خلفية العقيدة هذه، جرت أزمة الصواريخ الكوبية في 1962، لم يكن من المقبول في العقل السياسي الأميركي نشر قوات سوفياتية، ناهيك عن أنها مسلحة بصواريخ نووية، على بعد تسعين كيلومتراً عن أراضي الولايات المتحدة. السؤال الذي يطرحه بعض الباحثين المحافظين الأميركيين اليوم، هو لماذا على روسيا أن تقبل بقيام «كوبا أميركية» على حدودها ما دامت أوكرانيا لا قيمة استراتيجية لها بالنسبة إلى الأمن الأميركي؟
المشكلة فيما تقدم هو اعتماده تصورين اثنين للقضية الأوكرانية. أميركي وروسي. في حين أن للأزمة الراهنة وعلى غرار كل القضايا الكبيرة في العالم، وجوهاً شتى. وأحد هذه الوجوه هو الوجه الأوكراني.
ثمة 44 مليون أوكراني لم يُسألوا عن رأيهم في التصورات والحلول المقترحة. هناك من يتساءل: لماذا لا يقبل الأوكرانيون بالحياد ويطالبون عبر حكومتهم المنتخبة بالانضمام إلى الغرب والحلف الأطلسي؟ وما هي المشكلة إذا خضعت أوكرانيا هذه المرة أيضاً للنفوذ الروسي لتتجنب دماراً ناجزاً ونهائياً؟ جواب الأوكرانيين أنهم جربوا هذه الاقتراحات لفترات طويلة لا تقتصر على الحقبة السوفياتية. فقسم كبير من زمن استقلالهم كانوا فيه تحت حكم أنصار وتابعين ومؤيدين لروسيا، آخرهم فكتور يانوكوفيتش الذي مزج الليونة أمام المطالب الروسية بالفساد والرشوة على غرار من سبقوه، ما خلف مرارة مزدوجة من التبعية لموسكو ومن الفقر الشامل، قبل أن يفر إلى روسيا هرباً من ثورة شعبه.
المقاومة الأوكرانية التي تحتفل وسائل الإعلام الغربية حالياً بها، قد لا تكون سوى مقدمة لمواجهة عالمية يتهرب الغرب منها حتى الآن. بيد أن انكسار المقاومة هذه مثله مثل انتصارها قد يضع العالم أمام فوهة الهاوية. لم تكن المحرقة النووية واقعية أكثر من اليوم.



رشّ واجهة وزارة الخارجية الدنماركية بطلاء أحمر ورسائل مناهضة لإسرائيل

واجهة وزارة الخارجية الدنماركية (رويترز)
واجهة وزارة الخارجية الدنماركية (رويترز)
TT

رشّ واجهة وزارة الخارجية الدنماركية بطلاء أحمر ورسائل مناهضة لإسرائيل

واجهة وزارة الخارجية الدنماركية (رويترز)
واجهة وزارة الخارجية الدنماركية (رويترز)

أفادت شرطة كوبنهاغن، اليوم الخميس، برشّ واجهة وزارة الخارجية الدنماركية بطلاء أحمر، بينما كُتبت عليها رسائل مناهضة لإسرائيل.

وقالت الشرطة، في رسالة إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»: «عند الساعة 7:29، أُبلغنا بأنّ مبنى وزارة الخارجية تعرَّض للتخريب عبر رسومات غرافيتي سياسية... نحقّق في المسألة».

وكُتب على المبنى، خلال الليل، عبارات: «قاطِعوا إسرائيل»، و«إسرائيل تقتل أطفالاً». وأظهرت صورٌ نشرتها وكالة «ريتزو» عمّال تنظيف يقومون بإزالة الطلاء والكلمات الموجودة على الواجهة.

ولم تعلّق وزارة الخارجية الدنماركية على هذا العمل حتى الآن.

ولليوم الرابع على التوالي، نفّذ الجيش الإسرائيلي، الخميس، عشرات الغارات على لبنان، في إطار استهدافه «حزب الله» المدعوم من إيران.

وأدّت الغارات، التي أسفرت عن مقتل أكثر من 600 شخص منذ الاثنين، إلى نزوح أكثر من 90 ألف شخص، وفقاً للأمم المتحدة. وأفادت مصادر أمنية لبنانية بأنّ 22 ألف شخص، من بين هؤلاء، توجّهوا إلى سوريا.

وأعلنت إسرائيل، التي تخوض حرباً ضد حركة «حماس» الفلسطينية في قطاع غزة منذ قرابة العام، في منتصف سبتمبر (أيلول) الحالي، أنها تنقل «مركز ثقل» عملياتها شمالاً نحو الحدود اللبنانية؛ للسماح بعودة عشرات الآلاف من النازحين إلى المنطقة التي يهاجمها «حزب الله» بشكل يومي منذ بدء النزاع في غزة.