شظايا الأزمة الأوكرانية تتطاير من أميركا إلى أفريقيا

«بريكست» لم ينقذ بريطانيا من التبعات

صورة تعبّر عن {اجتياح} التضخم في دول الاتحاد الأوروبي بعد الأزمة الأوكرانية (رويترز)
صورة تعبّر عن {اجتياح} التضخم في دول الاتحاد الأوروبي بعد الأزمة الأوكرانية (رويترز)
TT

شظايا الأزمة الأوكرانية تتطاير من أميركا إلى أفريقيا

صورة تعبّر عن {اجتياح} التضخم في دول الاتحاد الأوروبي بعد الأزمة الأوكرانية (رويترز)
صورة تعبّر عن {اجتياح} التضخم في دول الاتحاد الأوروبي بعد الأزمة الأوكرانية (رويترز)

كان رئيس الوزراء المجري فيكتور أوروبان، في غاية الصدق والواقعية، حين قال لإذاعة بلاده صباح الجمعة، إن المجر أيدت عقوبات الاتحاد الأوروبي على روسيا، لكن «العقوبات لها ثمن لأنها سلاح ذو حدين، وسندفع هذا الثمن في الأمد القصير»، مضيفاً أن على الحكومة العمل لتخفيف الضرر المباشر الناجم عن الإجراءات ضد روسيا.
الشظايا المتطايرة من الغزو الروسي لأوكرانيا، وما تبعها من عقوبات غربية على موسكو، لم تمس البلدين فقط، ولا حتى اقتصرت على الجوار الأوروبي، بل تفاقمت وتنامت لتصيب كل بقع العالم تقريباً.
وكان من اللافت أن توقعت شركة «ويلز فارغو» الأميركية للخدمات المالية ارتفاع معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى أعلى معدل سنوي له منذ عام 1981؛ بسبب ارتفاع أسعار الغذاء والنفط جراء الغزو الروسي لأوكرانيا.
وأوردت «بلومبرغ» تقريراً لفريق من المحللين الاقتصاديين لدى شركة «ويلز فارغو»، جاء فيه، أنه إذا ظلت أسعار النفط أعلى من مائة دولار للبرميل، وأن يرتفع مؤشر الغذاء الخاص بمكتب البحوث السلعية بنسبة 35 في المائة من نهاية العام الماضي، فإن هذه العوامل قد ترفع مؤشر أسعار المستهلكين هذا العام بواقع 1.3 نقطة مئوية.
ومن المتوقع أن يرتفع مؤشر أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة بنسبة 5.1 في المائة خلال عام 2022، بعد زيادته بنسبة 4.7 في المائة العام الماضي، بحسب استطلاع أجرته «بلومبرغ» لآراء مجموعة من المحللين الاقتصاديين.
ويذكر، أن سعر برميل خام نفط برنت ارتفع بالفعل مساء الخميس إلى نحو 110 دولارات، في حين أن مؤشر الغذاء الخاص بمكتب البحوث السلعية قد زاد أيضاً بنسبة 18 في المائة مقارنة بمتوسط معدلات الربع الأخير من العام الماضي.
وعلى الجانب الآخر من الأطلسي، فإن بريطانيا، التي ربما كان هناك فائدة حقيقية أخيراً لانفصالها عن أوروبا، بتقليص التأثر بالأزمة الأوكرانية إلى أقل مدى، لم تنج تماماً من التبعات.
وتوقعت غرفة التجارة البريطانية تراجع معدل النمو الاقتصادي في البلاد بواقع النصف خلال عام 2022 مقارنة بالعام السابق عليه، في ظل ارتفاع معدلات التضخم وزيادة الضرائب وتأثير الحرب في أوكرانيا على آفاق التعافي الاقتصادي. وخفضت غرفة التجارة البريطانية توقعاتها بشأن معدل زيادة الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.6 في المائة، مقابل 7.5 في المائة في 2021.
ويذكر، أن الاقتصاد البريطاني حقق العام الماضي أكبر معدل نمو له منذ عام 1941، بفضل عودة الشركات إلى العمل بعد انتهاء الإغلاق الذي كان يهدف إلى السيطرة على جائحة كورونا.
وذكرت غرفة التجارة البريطانية، أن من المتوقع أن يرتفع التضخم إلى 8 في المائة، في أعلى معدل له منذ عام 1991، بعد زيادة الحد الأقصى لفواتير الطاقة على المنازل في أبريل (نيسان) المقبل. وأفادت «بلومبرغ» بأن هذه القفزة في معدلات التضخم سوف تتسبب في أكبر ضغوط على مستويات المعيشة في بريطانيا خلال ثلاثين عاماً، على الأقل.
وكان بنك إنجلترا (البنك المركزي البريطاني) توقع الشهر الماضي أن تصل معدلات التضخم في البلاد إلى 7.25 في المائة. وذكرت الغرفة، أن الاستثمارات البريطانية سوف تعاني في ظل استجابة الشركات «لارتفاع ضغوط التكاليف وزيادة الضرائب، وتراجع الثقة، مع تدهور الآفاق المستقبلية للاقتصاد البريطاني والعالمي».
وحول الوضع جنوب المتوسط، رجّح بنك «رينيسانس كابيتال»، أن تتضرر الاقتصادات في قارة أفريقيا، والتي تعاني بالفعل من تداعيات جائحة كورونا، من الغزو الروسي لأوكرانيا بسبب القيود المالية وضعف التدفقات الاستثمارية وارتفاع أسعار السلع.
ونقلت «بلومبرغ» عن إيفون مهانغو، مسؤولة أبحاث الشأن الأفريقي في «رينيسانس كابيتال»، قولها، إن أبرز التحديات التي سوف تواجه أفريقيا تتمثل في ارتفاع الأسعار، لا سيما النفط والقمح؛ لما لهما من تأثير على التضخم والحساب الجاري وأرصدة الميزانية في الدول الأفريقية.
وتزامناً مع قفزة النفط، سجلت أسعار القمح زيادة قياسية بنسبة خمسين في المائة الشهر الماضي لتصل إلى أعلى معدل لها خلال 14 عاماً، في ظل توقف الشحنات من أهم منطقة لزراعة القمح في العالم، وهي روسيا وأوكرانيا. وذكرت مهانغو، أن الدول الأفريقية، مثل نيجيريا وغانا ومصر وكينيا، حيث يستحوذ النقل والغذاء على حصة كبيرة من مؤشرات أسعار المستهلكين، ستكون على الأرجح الأكثر تضرراً جراء ارتفاع الأسعار. وأضافت، أن مصر، وهي أكبر مستورد للقمح في العالم، حصلت على 86 في المائة من احتياجاتها في 2020 من روسيا وأوكرانيا، في حين تعتمد كينيا وغانا أيضاً بشكل كبير على الاستيراد.
وأشارت مهانغو، في معرض دراساتها، إلى أن الدول المستوردة للنفط في القارة السمراء سوف تواجه على الأرجح ضغوطاً على أرصدة الحسابات الجارية، مضيفاً أن الدول الأكثر عرضة للمشكلات هي التي يتم تقييم عملتها بأعلى من قيمتها الفعلية مثل الشلن الكيني على سبيل المثال.


مقالات ذات صلة

أسواق آسيا تشهد تراجعاً مع ضعف الثقة في سياسة «الفيدرالي»

الاقتصاد شخص يمشي أمام لوحة إلكترونية تعرض مؤشر «نيكي» في طوكيو (أ.ب)

أسواق آسيا تشهد تراجعاً مع ضعف الثقة في سياسة «الفيدرالي»

انخفضت الأسهم في الأسواق الآسيوية يوم الجمعة بعد إغلاق الأسواق الأميركية بمناسبة يوم الحداد الوطني على الرئيس الأسبق جيمي كارتر.

«الشرق الأوسط» (بانكوك)
الاقتصاد قطع شطرنج ذهبية معروضة في كشك المجوهرات خلال النسخة الـ17 من معرض الهند الدولي للمجوهرات (إ.ب.أ)

الذهب يرتفع بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب لرسوم ترمب الجمركية

ارتفعت أسعار الذهب الثلاثاء بدعم من تراجع الدولار وسط ترقب المتعاملين لما ستكون عليه خطط الرسوم الجمركية للرئيس الأميركي المنتخب التي ستكون أقل حدة من المتوقع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أحد مناجم اليورانيوم في كندا (موقع الحكومة الكندية)

كندا تتسابق لتصبح أكبر منتج لليورانيوم في العالم مع ارتفاع الطلب عليه

تتسابق كندا لتصبح أكبر منتج لليورانيوم بالعالم استجابةً للطلب المتزايد على الطاقة النووية الخالية من الانبعاثات والتوترات الجيوسياسية.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
الاقتصاد نظام نقل الحركة للدراجات الكهربائية ذات العجلتين من إنتاج شركة «فوكسكون» (رويترز)

«فوكسكون» التايوانية تحقق إيرادات قياسية في الربع الرابع بفضل الذكاء الاصطناعي

تفوقت شركة «فوكسكون» التايوانية، أكبر شركة لصناعة الإلكترونيات التعاقدية في العالم، على التوقعات لتحقق أعلى إيراداتها على الإطلاق في الربع الرابع من عام 2024.

«الشرق الأوسط» (تايبيه)
الاقتصاد ورقة نقدية من فئة 5 دولارات مع علم أميركي في الخلفية (رويترز)

الدولار يواصل هيمنته في بداية 2025

سجَّل الدولار أعلى مستوياته في أشهر عدة مقابل اليورو والجنيه الإسترليني، يوم الخميس، وهو أول يوم تداول في عام 2025، مستمداً قوته من مكاسب العام الماضي.

«الشرق الأوسط» (لندن - سنغافورة )

إيرادات «تي إس إم سي» التايوانية تتجاوز توقعات السوق في الربع الأخير

شعار عملاق الرقائق التايواني «تي إس إم سي» في تاينان بتايوان (رويترز)
شعار عملاق الرقائق التايواني «تي إس إم سي» في تاينان بتايوان (رويترز)
TT

إيرادات «تي إس إم سي» التايوانية تتجاوز توقعات السوق في الربع الأخير

شعار عملاق الرقائق التايواني «تي إس إم سي» في تاينان بتايوان (رويترز)
شعار عملاق الرقائق التايواني «تي إس إم سي» في تاينان بتايوان (رويترز)

أعلنت «شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات المحدودة (تي إس إم سي)»، أكبر شركة لصناعة الرقائق التعاقدية في العالم، يوم الجمعة، إيرادات الرُّبع الأخير التي تجاوزت بسهولة التوقُّعات السوقية، وحققت تقديراتها الخاصة، بفضل الفائدة الناتجة عن الطلب المتزايد على الذكاء الاصطناعي.

ووفق حسابات «رويترز»، بلغت إيرادات الشركة في الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول) 2024 نحو 868.42 مليار دولار تايواني (26.36 مليار دولار)، متفوقة على تقديرات «إل إس إي جي» التي كانت 853.57 مليار دولار تايواني (25.90 مليار دولار) استناداً إلى توقعات 23 محللاً. وهذا يمثل نمواً بنسبة 34.4 في المائة على أساس سنوي، مقارنة بإيرادات بلغت 19.62 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي.

وتعدّ هذه الأرقام خطوة مهمة في استراتيجية «تي إس إم سي»، التي تضم عملاء رئيسيين مثل «أبل» و«إنفيديا»، حيث كانت الشركة في طليعة المسيرة نحو الذكاء الاصطناعي، مما ساعدها على تجاوز تأثير تراجع الطلب - الذي نتج عن جائحة «كورونا» - على الرقائق المستخدَمة في الإلكترونيات الاستهلاكية مثل الأجهزة اللوحية.

وفي أحدث مكالمة مع المستثمرين بعد الإعلان عن نتائج أرباحها المالية في أكتوبر، توقَّعت «تي إس إم سي» أن تتراوح إيرادات الرُّبع الأخير بين 26.1 مليار دولار و26.9 مليار دولار. وفي ديسمبر وحده، أعلنت الشركة زيادة في الإيرادات بنسبة 57.8 في المائة على أساس سنوي، ليصل إجمالي الإيرادات إلى 278.16 مليار دولار تايواني.

ولم تقدم الشركة تفاصيل إضافية في بيان الإيرادات، لكنها أكدت أن طفرة الذكاء الاصطناعي كانت عاملاً رئيسياً في تحقيق هذه النتائج القوية. وفي هذا السياق، أعلنت شركة «فوكسكون» التايوانية، إيرادات قوية في الرُّبع الأخير؛ نتيجة للطلب المتزايد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث تجاوزت «فوكسكون» التوقعات، وسجلت أعلى إيرادات لها على الإطلاق.

من المتوقع أن تعلن شركة «تي إس إم سي» أرباح الرُّبع الرابع كاملة في 16 يناير (كانون الثاني)، حيث ستقوم بتحديث توقعاتها للرُّبع الحالي والعام بأكمله. وفي العام الماضي، شهد سهم الشركة المدرج في بورصة تايبيه ارتفاعاً بنسبة 81 في المائة، مقارنة بمكاسب السوق الأوسع التي بلغت 28.5 في المائة، بينما أغلق سهم الشركة ثابتاً، يوم الجمعة، قبل صدور الأرقام.