ما مدى ارتباط قفزة {بتكوين} بالأزمة الأوكرانية؟

ربط كثير من المراقبين قفزة بتكوين الأخيرة بتحركات روسية لتخفيف أثر العقوبات (رويترز)
ربط كثير من المراقبين قفزة بتكوين الأخيرة بتحركات روسية لتخفيف أثر العقوبات (رويترز)
TT

ما مدى ارتباط قفزة {بتكوين} بالأزمة الأوكرانية؟

ربط كثير من المراقبين قفزة بتكوين الأخيرة بتحركات روسية لتخفيف أثر العقوبات (رويترز)
ربط كثير من المراقبين قفزة بتكوين الأخيرة بتحركات روسية لتخفيف أثر العقوبات (رويترز)

ارتفعت العملة المشفرة الأشهر بتكوين بنحو 10.54 في المائة إلى 41663.21 دولار بحلول الساعة 2203 بتوقيت غرينتش مساء الاثنين، بزيادة 3975.82 دولار عن سعر إغلاقها السابق. ثم ارتفعت مجدداً يوم الثلاثاء إلى ما فوق 44600، بزيادة إجمالية 18 في المائة خلال نحو 24 ساعة.
وبذلك تقدمت بتكوين، أكبر العملات المشفرة وأكثرها رواجاً في العالم، 34.4 في المائة عن أدنى مستوى لها في العام عند 32950.72 دولار الذي بلغته في 24 يناير (كانون الثاني). كما صعدت إيثر المرتبطة بشبكة سلسلة الكتل إيثيريوم 8.06 في المائة، لتسجل 2828.88 دولار، بزيادة 210.91 دولار عن سعر إغلاقها السابق.
ووفقاً لعدد من المحللين استطلعت «الشرق الأوسط» آراءهم، فإن هناك ثمة مؤشرات ودلالات كبرى على كثافة هائلة في الإقبال على العملات المشفرة من قبل متعاملين روس خلال الأسبوعين الأخيرين. ويرى هؤلاء أن العملات المشفرة أحد أهم وسائل الهرب من العقوبات الغربية على موسكو، كونها صعبة التتبع وكذلك الإثبات.
وفي تقرير حديث لصحيفة «نيويورك تايمز»، أشارت الصحيفة إلى أن «روسيا تقوم بإضفاء الشرعية على العملة المشفرة للالتفاف على العقوبات الأميركية، وإلا فلن تتحمل البلاد ضغوط العقوبات المتزايدة من الدول الغربية».
وتأتي الفورة الأخيرة للعملات المشفرة متزامنة مع اشتعال التهديدات الغربية بحجب روسيا من نظام سويفت البنكي العالمي، إلى جانب مزيد من العقوبات التي تستهدف الأصول الروسية. وكانت إلفيرا نابيولينا رئيس البنك المركزي الروسي، أكدت خلال الساعات الماضية قدرة نظام «إس بي إف إس» (SPFS) الروسي المحلي على العمل كبديل لنظام سويفت العالمي في إنجاز المعاملات المالية جراء فرض حزمة عقوبات شديدة على الاقتصاد الروسي، مشددة على أن البنك المركزي الروسي سيستخدم كل الحلول المتاحة لمواجهة الوضع الصعب التي تعيشه البلاد حاليّاً جراء العقوبات الحالية على روسيا.
كما قرر البنك المركزي الروسي تعليق التداولات في سوق الأسهم ببورصة موسكو يوم الثلاثاء، وذلك لليوم الثاني على التوالي، في ظل الضغوط الخارجية التي تتعرض لها السوق الروسية.
وجاء في بيان صدر عن المركزي الروسي: «في ظل الوضع الراهن، قرر المركزي تعليق التداول بتاريخ الأول من مارس (آذار) في بورصة موسكو في قسم سوق الأوراق المالية (سوق الأسهم)»، وفقا لما نقله موقع قناة «آر تي عربية». وأفاد البيان بأن المركزي الروسي سينشر قراراً آخر بشأن عمل سوق الأسهم ليوم الأربعاء.
ويأتي القرار كإجراء احترازي في ظل الضغوطات الخارجية التي تتعرض لها السوق الروسية، بعد إعلان الغرب فرض حزمة جديدة من العقوبات، طالت البنك المركزي الروسي. ويوم الثلاثاء، قالت شركة سويفت إنها تنتظر لمعرفة البنوك التي تريد السلطات فصلها عن نظامها للمراسلات المالية العالمية مع بدء تطبيق العقوبات رداً على الغزو الروسي لأوكرانيا.
واتفق كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وكندا وبريطانيا يوم السبت على ضمان عزل بنوك روسية مُختارة عن نظام سويفت للإضرار بقدرتها على العمل على مستوى العالم. وقالت سويفت في بيان يوم الثلاثاء: «سنلتزم دائماً بقوانين العقوبات القابلة للتطبيق»، وأضافت: «نتواصل مع هذه السلطات لفهم الكيانات التي ستخضع لهذه الإجراءات الجديدة، وسنقوم بفصلها (عن نظامنا) بمجرد تلقي تعليمات قانونية للقيام بذلك».
وتستخدم البنوك نظام سويفت، التي تتخذ من بلجيكا مقراً لها، لإرسال ملايين التعليمات يوميا لدعم تريليونات الدولارات من المدفوعات سنويا في التجارة الدولية. وأكدت الحكومة الروسية أنها ستقف إلى جانب المؤسسات ورجال الأعمال ضد العقوبات الغربية، مؤكدة أن قرار إخراج موسكو من نظام سويفت العالمي للتحويلات المالية، بمنزلة إعلان حرب.
ويشار إلى أنه مع تطبيق تلك العقوبات التي فرضت على عشرات المصارف الروسية سيصبح من المستحيل للعديد من المؤسسات المالية إرسال الأموال إلى داخل أو خارج البلاد، ما يجعل الشركات الروسية الكبرى في حال لا تحسد عليه، خاصة لمشتري النفط والغاز..... ما يجعل التعامل بالعملات المشفرة حلاً ذهبياً للنظام الروسي. وبالتزامن مع تحركات سويفت، قررت وزارة الخزانة البريطانية الثلاثاء إدراج «سبيربنك»، أكبر مصرف تسليف روسي، على قائمتها للكيانات الروسية الخاضعة لعقوبات على خلفية غزو أوكرانيا، وحذّرت من أن تكاليف غزو أوكرانيا سترتفع بالنسبة للكرملين.
وحدّثت الوزارة قائمتها للجهات الخاضعة لعقوبات لتشمل إدراج «سبيربنك» Joint - Stock Company Sberbank، الذي يرزح فرعه الأوروبي تحت وطأة عقوبات الاتحاد الأوروبي. وتأتي الخطوة بعدما أعلنت الحكومة الاثنين أنها ستجمّد أصول جميع المصارف الروسية في المملكة المتحدة وأمرت الموانئ البريطانية بعدم السماح للسفن الروسية بالرسو.
وقال نائب رئيس الوزراء البريطاني دومينيك راب إن العقوبات الغربية، التي تشمل تجميد أصول المصرف المركزي الروسي، ستدفع أفراد النخبة الروسية الثرية والنافذة في روسيا (الأوليغارش) للضغط على الرئيس فلاديمير بوتين. وقال لهيئة «بي بي سي»: «سننهك آلة بوتين الحربية وسنضغط على الكثير من الأوليغارش لتكثيف الضغط على بوتين». لكنه شدد على أن العقوبات لا تستهدف الشعب الروسي «لكن إنه أمر لا يمكن تجنبه إذ ستكون مغامرات روسيا وبوتين وقراره الكارثي، كارثية بالنسبة للشعب الروسي». وأضاف: «سيظهر لهم ذلك التكلفة الاقتصادية للانجرار إلى هذه الحرب غير المبررة».
وبدوره، أكد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون خلال زيارة إلى بولندا الثلاثاء، أن الغرب سيواصل الضغط على نظام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أجل غير مسمى.
وقال للصحافيين: «لم يحسن فلاديمير بوتين تقدير وحدة وعزم الغرب وباقي العالم». وأضاف: «سنواصل الضغط الاقتصادي... إنه بكل وضوح يؤثر بشكل كبير للغاية. نحن على استعداد لتكثيفه ومواصلته طالما دعت الحاجة».


مقالات ذات صلة

السلطات الأميركية توافق على إطلاق أول صناديق متداولة لعملة «الإيثريوم»

الاقتصاد رسم توضيحي يحاكي عملة «الإيثريوم» المشفرة أمام رسم بياني للأسهم والدولار (رويترز)

السلطات الأميركية توافق على إطلاق أول صناديق متداولة لعملة «الإيثريوم»

وافقت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، رسمياً، على إطلاق صناديق تداول لعملة «الإيثريوم» المشفرة، بداية من صباح يوم الثلاثاء، لتتبع بذلك «بتكوين».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب يساعده أفراد من الخدمة السرية بعد إطلاق النار خلال تجمع انتخابي في بنسلفانيا (رويترز)

محاولة اغتيال ترمب تُشعل الأسواق.. الدولار والبتكوين في صعود

ارتفع الدولار بشكل واسع يوم الاثنين وقفزت العملات المشفرة مع ازدياد رهانات فوز الرئيس الأسبق دونالد ترمب بالانتخابات الأميركية المقبلة في أعقاب محاولة اغتياله

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد نماذج للعملة المشفرة «بتكوين» تظهر في هذا الرسم التوضيحي (رويترز)

البتكوين ترتفع بنسبة 2.7 % بعد رد فعل ترمب على محاولة اغتياله

ارتفعت عملة البتكوين إلى ما يزيد على 60 ألف دولار بعد أن أثار رد فعل دونالد ترمب المتحدي على محاولة اغتياله تكهنات بأن فرص فوزه في الانتخابات قد ارتفعت.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد عملات بتكوين معروضة خلال مؤتمر "بتكوين 2023" الذي عقد في ميامي بيتش بولاية فلوريدا (رويترز)

«بتكوين» تهبط إلى أدنى مستوى لها في 4 أشهر

هبطت عملة البتكوين إلى أدنى مستوى لها في 4 أشهر يوم الجمعة وانخفضت إلى ما دون مستويات الدعم الفني.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة )
الاقتصاد العملة الرقمية «بتكوين» أمام رسم بياني للأسهم (رويترز)

«بتكوين» تهبط إلى أدنى مستوى في شهرين وسط مخاوف انتخابية

انخفضت قيمة «بتكوين» إلى أدنى مستوى لها في شهرين يوم الخميس، لتواصل انخفاضها المستمر منذ شهر، حيث أثرت حالة عدم اليقين بشأن الانتخابات الرئاسية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.