المخدرات تفتك بجنوب سوريا وسط «عجز حكومي»

ازداد انتشارها في السويداء ودرعا

إتلاف مخدرات في جنوب سوريا بحضور بعض وجهاء المنطقة (تجمع أحرار حوران)
إتلاف مخدرات في جنوب سوريا بحضور بعض وجهاء المنطقة (تجمع أحرار حوران)
TT

المخدرات تفتك بجنوب سوريا وسط «عجز حكومي»

إتلاف مخدرات في جنوب سوريا بحضور بعض وجهاء المنطقة (تجمع أحرار حوران)
إتلاف مخدرات في جنوب سوريا بحضور بعض وجهاء المنطقة (تجمع أحرار حوران)

تتزايد أعداد المدمنين على المواد المخدرة في مناطق جنوب سوريا بشكل مفزع وسط غياب السلطات الحكومية والمحلية وعجزها عن معالجة هذه الآفة، كما أصبحت تجارة المخدرات في المنطقة شيئاً مألوفاً، حيث انتشر ترويجها في معظم المدن والبلدات جنوب سوريا، ومنها مدينة درعا، بوابة سوريا إلى الأردن، مع ازدياد ملحوظ في مدينة السويداء المحاذية أيضاً للأردن. وتحولت المنطقة تدريجياً من منطقة انتشرت فيها المخدرات بأنواعها إلى منطقة ممر لتهريب هذه المواد إلى دول أخرى.
وأمام هذا الواقع وتفاقم الظاهرة فإن الكثير من المناطق في جنوب سوريا دقّت ناقوس خطر انتشار المخدرات في أوساطها بعد أن وصل إلى طلاب المدارس والجامعات، حتى إن هذه الظاهرة وخطورتها باتت تُلقى لها خطباً في المساجد، ودعوات إلى حماية المجتمع والتوعية والمراقبة للشباب من خطر المخدرات.
وكان عدد من وجهاء وأعيان محافظة درعا قد تحدثوا مؤخراً عن ضرورة مكافحة ظاهرة انتشار المخدرات، والقضاء على منابعها هي الخطوة الأولى في حماية المجتمع، وتفعيل وسائل مراقبة وملاحقة وتفتيش للكشف عن المتورطين. وعدم السكوت أو التظليل على أحد من أبناء عشائر درعا يتعاطى أو يتاجر أو يهرب المخدرات وإنزال أقصى العقوبات بحقه.
وقال الناشط مهند العبد الله، من مدينة درعا، لـ«الشرق الأوسط» إن الحرب لها مخلفات كثيرة، أبرزها الانفلات الأمني وانتشار السلاح والمخدرات في جميع مناطق الحروب في العالم، وحساسية جغرافية منطقة جنوب سوريا جعلها مقصداً لجميع المروجين وتجار المخدرات وحتى الطامعين بعمليات سياسية إقليمية ودولية، بوصفها المحاذية للاحتلال الإسرائيلي من جهات غربية وملاصقة للأردن ومركز الانطلاق إلى دول عربية، ونحن نتحدث عن منطقة عصفت فيها الحرب أكثر من عشر سنوات وعانت كل إرهاصات الحرب السورية بجميع أطرافها المعارضة والموالية والمتشددة، «فأصبح جل الشباب فيها يواجه ويلات العنف والبطالة والفقر والتهميش، واستغلت عصابات تجارة المخدرات في سوريا هذه المنطقة الاستراتيجية بموقعها الجغرافي، والحالة الأمنية العشوائية فيها وعدم الاستقرار الذي لا تزال تعاني منه»، مشيراً إلى أن «ظاهرة المخدرات وانتشارها كانا لافتين منذ عام 2013 وكانا جزءاً من آلة الحرب عند بعض المقاتلين نتيجة الحالة النفسية التي وصلوا إليها من كثرة المعارك التي شهدتها المنطقة في تلك المرحلة، وما تعطيه هذه المواد المخدرة من تأثيرات كيماوية على الجسم وغدده وأعصابه؛ فمنها ما يمنح الشعور بالراحة، وأخرى تؤثر على الدماغ والعقل لفقد الإحساس بالخوف والألم، ولكنها أصبحت تتصاعد وتتكاثر عقب عام 2018 وتغير القوى المسيطرة، وتوجه ميليشيات (حزب الله) وإيران وروسيا مطامعها إلى المنطقة. وأخذت كل من هذه القوة النافذة في سوريا وعلى النظام فيها يعمل في المنطقة كما يشاء ويرى، من تجنيد عسكري لشبابها، وعمليات انتقامية وتصفيات، والاقتراب من الحدود، وانتشار للمخدرات».
وصرح ضباط من الجيش الأردني أمام عدد من الصحافيين في أثناء زيارة المنطقة الحدودية مع سوريا بأن الأردن تخوض حرباً غير معلنة مع المهربين ومن يقف خلفهم، نيابةً عن دول المنطقة والعالم بأسره، وأن الجيش الأردني رصد 160 شبكة تهريب تعمل في مناطق الجنوب السوري، وأن مجموعات المهربين سابقاً كانت تتألف من 3 إلى 6 أشخاص، بينما قد تصل الآن إلى 200 شخص يستخدمون تكتيكات وعمليات خداع وتمويه. وأشار إلى تعاون بعض المفارز الحدودية التابعة للجيش السوري مع المهربين وتقديمها حماية وتسهيلات لهم، معتبراً أنه لا جزم بأن ذلك يتم بتعليمات من الجيش السوري، ربما هي حالات فساد على مستوى تلك المخافر.
ويرى مراقبون أن «تركز مكافحة ظاهرة انتشار المخدرات يعتمد على الحل الأمني، دون معالجة الأسباب والظروف وطرق إيصالها إلى المنطقة، ويجب اجتماع كل وسائل المكافحة الأمنية والمجتمعية والعلاجية، ولا بد للسلطات أن تكون أكثر تفاعلاً لمكافحتها في المنطقة ومنع وصولها بوصفها القوة المسيطرة، وتنتشر حواجز النظام في معظم القرى والبلدات وعلى جمع الطرق الواصلة إلى المنطقة، إلا إذا كان العاملون على نقلها يتمتعون بحماية وسلطة أكبر من سلطة الحواجز، وهذا له دلالات كثيرة وخطيرة».


مقالات ذات صلة

يواجه السجن لـ10 سنوات... طبيب أميركي يقر بضلوعه في وفاة ماثيو بيري

يوميات الشرق نجم مسلسل «فريندز» ماثيو بيري (أ.ب)

يواجه السجن لـ10 سنوات... طبيب أميركي يقر بضلوعه في وفاة ماثيو بيري

أقر طبيب من لوس أنجليس يُشتبه في ضلوعه بوفاة نجم مسلسل «فريندز» ماثيو بيري بجرعة زائدة من الكيتامين بالذنب، الأربعاء، أمام محكمة في كاليفورنيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
رياضة عالمية جاي إيمانويل توماس (الشرق الأوسط)

القبض على توماس مهاجم آرسنال السابق بتهمة الاتجار في المخدرات

وجهت اتهامات إلى جاي إيمانويل توماس مهاجم آرسنال وإبسويتش تاون السابق، بعد أن ألقت الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة في أسكوتلندا القبض عليه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك عدم حصول الأطفال على قسط كافٍ من النوم يؤثر سلباً على صحتهم في المستقبل (رويترز)

قلة نوم الأطفال قد تدفعهم لتعاطي المخدرات في المستقبل

ربطت دراسة جديدة بين عدم حصول الأطفال على قسط كافٍ من النوم ليلاً وميلهم لشرب الكحول وتعاطي المواد المخدرة في المستقبل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أميركا اللاتينية عناصر من الشرطة المكسيكية (أرشيفية - رويترز)

المكسيك: مقتل 9 في اشتباكات عقب اعتقال زعيم عصابة لتهريب المخدرات

قال مكتب المدعي العام لولاية سينالوا المكسيكية إن 9 أشخاص لقوا حتفهم في اشتباكات بين عصابات مخدرات متنافسة عقب إلقاء الشرطة القبض على أحد أباطرة المخدرات.

«الشرق الأوسط» (مكسيكو سيتي )
شؤون إقليمية ميناء أسدود (موقع الميناء)

القبض على عصابة تهريب في ميناء أسدود تحرج نتنياهو

القبض على عصابة إسرائيلية فلسطينية تهرّب أسلحة ميناء أسدود، القريب من قطاع غزة، تحرج نتنياهو الذي يدعي أن التهريب يتم عبر محور فيلادلفيا.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء وثلاث محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات، التي قال إنها طالت 15 هدفاً للجماعة، في سياق الحد من قدراتها الهجومية ضد السفن.

وتشن واشنطن ضربات على الأرض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضد الجماعة الحوثية، وشاركتها بريطانيا في 4 مرات على الأقل، رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت ضربات على 15 هدفاً حوثياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

وشملت هذه الأهداف -بحسب البيان- قدرات عسكرية هجومية للحوثيين، إذ اتخذت هذه الإجراءات (الضربات) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً وأماناً للسفن الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية.

وكانت الجماعة الحوثية أقرت، الجمعة، بسلسلة من الغارات وصفتها بـ«الأميركية - البريطانية»، وقالت إنها استهدفت «معسكر الصيانة» في صنعاء، وموقعاً في جنوبي ذمار، ومواقع في مديرية مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء، فضلاً عن ضربات استهدفت مواقع عسكرية في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، ومناطق المطار والجبانة والكثيب.

ولم يشر الحوثيون إلى حجم خسائرهم جراء هذه الضربات التي استهدفت مواقع سبق استهدافها خلال الأشهر الماضية، في حين رجح مراقبون أن الغارات استبقت هجمات كانت تعد لها الجماعة ضد السفن.

وتشن الجماعة هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد في صنعاء بعد ضربات أميركية استهدفت مواقع حوثية (أ.ف.ب)

وأطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير الماضي، بمشاركة بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ضربات غير مجدية

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

ووجدت الجماعة المدعومة من إيران في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية، إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وبخلاف ما تزعمه الجماعة الحوثية من مساندة للفلسطينيين، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة تزايد بالقضية الفلسطينية في مسعى لتبييض جرائمها بحق اليمنيين خلال العشر سنوات الماضية مستغلة العاطفة الشعبية.

وأقر عبد الملك الحوثي في خطاب حديث بأن جماعته نجحت خلال أشهر التصعيد البحري من تجنيد وتعبئة نحو 500 ألف شخص، وسط مخاوف في الشارع اليمني من استغلال هذه التعبئة الواسعة لمهاجمة المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.

وتبنت الجماعة الحوثية إطلاق المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها في شقة بتل أبيب في 19 يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الهجمات الحوثية إسرائيل للرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر بزورق مسيّر (إ.ب.أ)

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.