بيعت لوحة للفنان السريالي البلجيكي الشهير رينيه ماغريت تحمل اسم «إمبراطورية الضوء»، أول من أمس، مقابل 59.4 مليون جنيه إسترليني، ما يعادل 79.7 مليون دولار، نحو ثلاثة أضعاف السعر التقديري قبيل المزاد. وقد تنافس على شراء اللوحة (يعود تاريخها لعام 1961) ثلاثة مزايدين.
تعدّ لوحة «L’empire des lumières»، أو إمبراطورية الضوء، التي يظهر فيها شارع مضاء وسماء نهار هادئة، واحدة من أكثر الصور شهرة وغموضاً في فن القرن العشرين. رسم ماغريت ما لا يقل عن 17 لوحة فنية لموضوع النهار والليل ابتداءً من عام 1948، وكان قد رسم اللوحة لأنا ميري، ابنة صديقه وخصمه في لعبة الشطرنج بيير كرويت. وظلت اللوحة ضمن المجموعة العائلية نفسها منذ ذلك الحين.
«زنابق الماء» لكلود مونيه
في سياق متصل، قالت ميلاني كلور، المؤسسة المشاركة لشركة «Clore Wyndham» للاستشارات الفنية ومقرها لندن «على مر السنين، بيعت تنويعات على موضوع اللوحة للفنان ماغريت، وكان الإقبال كبيراً للغاية». وأضافت، أن اللوحة الحالية تعد من أكثر اللوحات في السلسلة طلباً في السوق من حيث التكوين والحجم». أضافت كلور، أنه في عام 2011، عندما كانت تعمل كمتخصصة في الفن الانطباعي والحديث بدار مزادات «سوذبيز»، باعت إدارتها نسخة تعود 1953 بالمزاد مقابل 3.8 مليون دولار، ولم يكن ذلك من أعلى الأسعار التي حققها الفنان في ذلك الوقت. ويعدّ ماغريت الفنان الأبرز والأوضح في سلسلة مزادات الربيع التي عقدت في لندن الأسبوع الحالي والتي كانت مخصصة للفن الانطباعي والحديث والمعاصر.
لكن المبيعات الراقية التي تشهدها دور مزادات «سوذبيز» و«كريستيز»، و«فيليبس» ليست كما كانت في السابق. فمع تراجع الاقتصاد البريطاني بسبب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وظهور الصين كقوة أكبر في سوق الفن العالمي، باتت لندن ثالث أكبر مركز للمزادات من حيث المبيعات في عام 2021، بعد نيويورك وهونغ كونغ، وفقاً لشركة «Pi - eX»، ومقرها لندن المعنية بتحليل مبيعات المزادات الدولية.
لوحة «ستجعلني أحمر خجلاً» للفنانة فلورا يوكنوفيتش
وتقام حالياً عروض مزادات «المساء» المباشرة عبر الإنترنت في لندن في فترة ما بعد الظهيرة، لتتوافق مع مختلف المناطق الزمنية في العالم، ولم تعد الأعمال الفنية الانطباعية والمعاصرة تُباع في المزاد العلني في أيام منفصلة. اللافت أن أعمال فنانين مثل بونارد تعرض جنبا إلى جنب مع باسكوات وبانسكي، على الرغم من اختلاف الأزمنة بينهم. وفي الإطار ذاته، قال التاجر المقيم في باريس كريستيان أوجييه، والذي يحضر بانتظام هذه المزادات في لندن «إنه لعالم جديد. إذ إن المزج بين الحديث والمعاصر لأمر مقبول. لما لا؟ أنا لا أتوقف عند فئة بعينها».
لكن لندن، بتركيز الثروات الدولية بها بصورة هائلة، بما في ذلك الأوليغارشية الروسية قوية الصلة بالكرملين (الذي تحاول الحكومة البريطانية الآن تقييده وتنظيمه)، لا تزال تمثل نقطة جذب لمشتري وبائعي الأعمال الفنية ذات الأسماء الكبيرة. ناهيك عن ماغريت، تشمل مبيعات «سوذبيز» أيضاً لوحة «Monet «Nymphéas أو «زنابق الماء»، التي رُسمت ما بين عامي 1914 - 1917 والتي لم يتم عرضها في المزاد منذ عام 1978. دخلت اللوحة المزاد وسط مجموعة يابانية وحققت 31.2 مليون دولار، وتم شراؤها مرة أخرى بواسطة مشترى عبر الهاتف.
مساء الثلاثاء، عرضت دار «كريستيز» لوحة «الثعالب»، وهي تحفة فنية حديثة للرسام التعبيري الألماني فرانز مارك، باعتبارها العنوان الرئيسي لمبيعات الربيع في لندن. عادت اللوحة مؤخراً إلى ورثة كيرت وإلسي جراوي، جامع التحف من برلين، وكانت لوحة «الثعالب» (1913) إحدى أقوى دراسات مارك عن الحيوانات ذات التأثير التكعيبي. (الفنان أعجب بهم أكثر من إعجابه بالبشر).
كان التقدير الأولي لسعر اللوحة 47 مليون دولار على الأقل، لكن ثلاثة مزايدين عبر الهاتف رفعوا السعر إلى 57.2 مليون دولار، وهو أعلى سعر لعمل فني في المزاد الحالي ورقم قياسي لفنان في مزاد علني.
لوحة «الثعالب» للرسام التعبيري الألماني فرانز مارك
الجدير بالذكر، أن نحو 90 في المائة من الأعمال في «كريستيز» تجد مشترين، لكن لوحة «Happy Choppers» لبانكسي، وهي لوحة يظهر فيها طائرات هليكوبتر حربية تحلق في الجو، لم تجد مشترين رغم تقدير السعر المنخفض الذي لم يتجاوز أربعة ملايين دولار.
بلغ إجمالي مبيعات «كريستيز» مساء الثلاثاء 298 مليون دولار، وحصد المزاد الذي أقيم مساء الأربعاء للأعمال الحديثة والمعاصرة في دار «سوذبيز» 297.2 مليون دولار. وبذلك فقد انخفض إجمالي المبلغ البالغ 595 مليون دولار بنسبة 39 في المائة عن مبلغ 971 مليون دولار التي حققتها مبيعات لندن المكافئة في فبراير (شباط) 2014. عندما كانت مبيعات الأعمال الفنية مرتفعة، وفقاً لشركة «Pi - eX»، حيث اجتذبت اللوحات التي رسمها مفضلو السوق الأصغر سناً المنافسة الأشد.
بعد فترة بيع خاملة استمرت 90 دقيقة لـ20 عملاً معاصراً تم بثها مباشرة من شنغهاي خلال افتتاح مكاتب الشركة وصالات العرض الجديدة في الصين، بدأت «كريستيز» عميات البيع الرئيسية بأعمال لفنانين هم فادوجاميتي، وشارا هوغز، وأماكو بافاو، وفلورا يوكنوفيتش.
وقد حصدت لوحة «ستجعلني أحمر خجلاً» للفنانة فلورا يوكنوفيتش والتي تعود لعام عام 2017 والمستوحاة من اللوحة الشهيرة «الأرجوحة» للفنان فراغونا بـ2.6 مليون دولار، رغم أن تقديرها قبيل المزاد لم يتخطَ 340.000 دولار فقط.
* خدمة «نيويورك تايمز»