«العويس الثقافية» تحتفي بالفائزين بجائزتها وسط حضور متميز

المغربي بن عيسى نوه بتطور منظومة فاعلة للنهوض بالفكر والثقافة في الإمارات

محمد بن عيسى الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة يتسلم جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي (الشرق الأوسط)
محمد بن عيسى الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة يتسلم جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي (الشرق الأوسط)
TT

«العويس الثقافية» تحتفي بالفائزين بجائزتها وسط حضور متميز

محمد بن عيسى الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة يتسلم جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي (الشرق الأوسط)
محمد بن عيسى الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة يتسلم جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي (الشرق الأوسط)

كرمت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، الليلة قبل الماضية، في دبي، الفائزين بجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية في دورتها السابعة عشرة 2020 – 2021، وسط حضور ثقافي وإعلامي متميز.
وكان في طليعة الحاضرين الدكتور أنور محمد قرقاش، رئيس مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، وأعضاء مجلس الأمناء، إلى جانب الفائزين، وهم الشاعر اللبناني إلياس لحود والروائي السوري نبيل سليمان، والناقد الجزائري عبد الملك مرتاض والمفكر المصري أحمد زايد ومؤسسة منتدى أصيلة، متمثلة بشخص أمينها العام محمد بن عيسى.
وعرف الحفل الذي حضره نخبة من المثقفين والمبدعين والصحافيين والناشرين العرب عرض فيلم وثائقي عن الجائزة، تلته كلمة الدكتور أنور محمد قرقاش رئيس مجلس أمناء المؤسسة، الذي أكد أن الاحتفاء بنخبة من المبدعين ضمن الدورة السابعة عشرة لجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية إنما هو احتفاء بالعطاء والإبداع والموهبة وتكريم لشخصيات قدمت الكثير في مجالات الثقافة والفكر والعلم.

الدكتور أنور قرقاش رئيس مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية في صورة تذكارية مع الفائزين (الشرق الأوسط)

وقال قرقاش في كلمته: «بداية اسمحوا لي أن أعبّر عن سعادتنا في مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية بهذا الجمع الكريم وتقديرنا للإبداع والمبدعين في شتى المجالات الثقافية والفكرية والعلمية». وزاد قائلاً: «نلتقي اليوم وقد عادت الروح إلى نشاطاتنا بعد جائحة كورونا، وها نحن نشهد مرحلة التعافي بفضل الجهود الكبيرة التي بُذلت لتعود الحياة إلى طبيعتها ونشاطها في القطاعات كافة». وأضاف قرقاش: «قبل أشهر احتفلنا معاً باليوم الوطني الخمسين لدولة الإمارات، التي لطالما وضعت الإبداع والمبدعين ضمن أولوياتها واهتماماتها، باعتبار ذلك ركناً أساسياً من أركان مسيرة النهضة والتطور، وننظر إلى المستقبل بتفاؤل متسلحين بالعلم والثقافة والإبداع لمواصلة مسيرتنا في العقود المقبلة».
وذكر قرقاش أن الاحتفاء بهذه النخبة من المبدعين ضمن الدورة السابعة عشرة لجائزة سلطان بن علي العويس الثقافية إنما هو احتفاء بالعطاء والإبداع والموهبة وتكريم لشخصيات قدمت الكثير في مجالات الثقافة والفكر والعلم، مشيراً إلى أن هذه الجائزة أكدت دورها الريادي في رعاية المبدعين والمثقفين والاهتمام بهم، «لذلك سعت دائماً نحوهم أينما كانوا، وعليه نرحب بفوز كل من الشاعر إلياس لحود والروائي نبيل سليمان والناقد عبد الملك مرتاض والمفكر أحمد زايد، كما نعتز باختيار مؤسسة منتدى أصيلة لجائزة الإنجاز الثقافي والعلمي، ممثلة معنا هذه الليلة بشخص أمينها العام الأخ والصديق محمد بن عيسى». وقال: «قرقاش لقد دأبنا في مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية على مواكبة النشاط الإبداعي العربي؛ منطلقين من قيم راسخة في مجتمعنا، قيم متوارثة من الآباء المؤسسين، الذين رأوا في الثقافة عاملاً حيوياً لبناء المجتمع وتنميته وفتح آفاق واسعة له من النهضة والتطور».
من جهته، قال محمد بن عيسى، أمين عام مؤسسة منتدى أصيلة، المؤسسة الفائزة بجائزة الإنجاز الثقافي والعلمي، في كلمة نيابة عن باقي الفائزين بالجائزة، إنه تطورت في الإمارات في غضون العقود الماضية، منظومة فاعلة للنهوض بالفكر والثقافة بمختلف تجلياتهما، تعدى إشعاعها حدود الوطن. وأضاف: «هكذا تكاملت الأدوار الخاصة والعمومية، ما انعكس إيجاباً وبسرعة على الحقل الثقافي الوطني، وبرزت أشكال من التحفيز والدعم والتشجيع، سواء من الدولة أو الأفراد الميسورين القادرين. ظهرت نتائجها، على المنتسبين لحقول الفكر والثقافة، أفراداً وهيئات؛ ليس في الإمارات العربية وحدها، بل شملت دولاً عربية نالت حظها ونصيبها من ثمار النهضة الثقافية في دولة الإمارات».
ونوه بن عيسى بالنهج القويم الذي تسير وفقه مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية، من حيث دقة التنظيم، والتوزيع المحكم للأدوار والمهام بين الهيئات والفروع التي تضطلع بما هو موكول لها، سواء في الإمارات أو خارجها، ضمن إطار رعاية ودعم المشاريع الثقافية المميزة، وذلك إحياءً لتقاليد «ورثناها عن ماضينا الحضاري المزدهر. ولا أدل على ذلك من المعايير الصارمة التي تعتمدها قبل منح جوائزها، مستندة إلى لجان محكمة وازنة، اتسمت قراراتها في كل الدورات بالنزاهة الفكرية، وتفضيل معايير الاستحقاق والجدارة على أي اعتبارات أخرى».
وزاد قائلاً: «لم تنسَ اللجنة المانحة للجائزة تخصيص جائزة للإنجاز الثقافي والعلمي، دعماً لمؤسسات مثل التي أتشرف بتولي أمانتها العامة، وقد تأسست نهاية سبعينات القرن الماضي، إرضاء لحلم وطموح بدا لنا مشروعاً، رغم كل المثبطات التي تلاشت أمام إيمان ثلة من الغيورين بجدوى الثقافة واعتمادها أساساً ومحركاً للتنمية على الصعيد المحلي والوطني»، برعاية سامية من الملك محمد السادس.
بدورها، قرأت الروائية السورية شهلا العجيلي، عضو لجنة التحكيم، تقرير تحكيم الدورة السابعة عشرة، وضم حيثيات منح الجائزة لكل فائز في حقول الجائزة المختلفة. وقالت: «أولاً بالنسبة لحقل الشعـــــرِ: قرّرت اللجنة منحَ الجائزة للشاعر إليــاس لحــود؛ لمَا تتمتّعُ به تجربتهُ من ثراءٍ عريضٍ على مدى أكثرَ من نصفِ قرنٍ، ولتميّز مشروعهِ الشّعري من خلال تناولهِ لمختلِف القضايا الذّاتيّة والوطنيّة والإنسانيّة، بأُسلوب شعري مُتطوّر وتشكيلِ هندسي بنائي أعطى له حُضوراً مُتميّزاً في التّجربة الشعرية المعاصرة».
وتابعت: «ثانياً، وفي حقل القصة والرواية والمسرحية قررت اللجنة منحَ الجائزة للروائي نبيل سليمان؛ لما تميّزت به تجربته الإبداعية من تنوّع وثراءٍ، وقد عبرَتْ تجربتهُ تاريخَ الثقافة الأدبية العربية لمُدة قاربت ستة عقودٍ وعَبَّرَتْ عنها في مختلفِ مفاصلِها الجمالية والسياسية والآيديولوجية، كمَا أنها عكستْ مناخاتِ تطور تجربة الكتابة السردية العربية بشكل واضح».
وفي حقل الدراساتِ الأدبية والنقدِ، قرّرت اللجنــة منحَ الجائزة للناقدِ عبد الملك مرتـاض؛ لمَا تتمتعُ به مؤلفاتهِ من عمقٍ وشمولٍ غطّت حُقولاً عدة في الدراساتِ الأدبية؛ فمنها ما يُعالجُ ألواناً من الأدبِ الشعبي كالألغازِ والأمثالِ، والميثولوجيا، وبنية الشعر النبطي، وما يغطي دراسة الأدبِ العربي القديم، من فن المقامة، إلى المعلقات السبع، وتحليلهِ التفكيكي المتميزِ لحكاية من حكاياتِ ألف ليلة وليلة.
رابعاً، وفيما يتعلّق بحقل الدراساتِ الإنسانية والمستقبلية، قرّرت اللجنة منحَ الجائزة إلى المفكر أحمد زايــد؛ أحد أبرز عُلماءِ الاجتماعِ المعاصرين، وهو من القلائلِ الذين أسّسوا مدرسة مصرية عربية في علمِ الاجتماع تُعنى بفهمِ المشروعِ الحداثي ونقدِ الذاتْ. وقد تسلّح بأدواتٍ التحليل السوسيولوجي والاجتماع السياسي، من أجل بلورة رؤى ومساهمات جادة في إطار المدرسة العربية لعلم الاجتماع. اتضحَ ذلك من خلال أعماله، تأليفاً وترجمة، وكذا المشروعات الميدانية التي أشّرف عليها. وانشغلَ بتجديدِ الخطاب الديني، وبقضايا الطبقة الوسطى من خلال تقديمهِ قراءة واعية لمفهومِ رأس المال الاجتماعي. ويظهر أُسلوب الكتابة الموسوعية عند أحمد زايد في مناقشته لقضايا الأسرة والطفلِ والعنفِ والتنشئة الاجتماعية، بالإضافة إلى نقد المشروع الحداثي وطرح بعض القضايا الاجتماعية المرتبطة به.
وقال بيان مجلس الأمناء بشأن الفائز بجائزة الإنجاز الثقافي والعلمي، الذي تلته عضو مجلس الأمناء فاطمة الصايغ، إن لـ«مؤسسة منتدى أصيلة» بُعداً اجتماعياً وإنسانياً في أنشطتها، فهي تعملُ على إعداد مدارس نموذجية وتوفير منح دراسية ودار للتضامن لإيواء العجزة وكبار السن، وتُشرف أيضاً على مشروع لإنجاز نحو 900 وحدة سكنية مخصصة لإيواءِ سُكان دور الصفيح، فضلاً عن المتاحفِ والمسارحِ وغيرها من المشاريعِ الإنتاجية. ويُعدُ مهرجانَ موسمِ أصيلة الثقافي الدولي الذي يُقام بمدينة أصيلة المغربية من أهم أشكالِ الجذبِ السياحي للمدينة، ويشتملُ على جميعِ المجالاتِ كالأدبِ والموسيقى وفنونِ الرسمِ والنحتِ، وتتحولُ المدينة خلال هذا المهرجانِ إلى معرض فني مفتوح يستقطبُ الزوّار والمبدعين والأدباء من شتّى أنحاءِ العالم، كما تستضيفُ خلالهُ إحدى الدولِ كضيف شرف، ويجتمعُ في فضاءِ ثقافي واحدِ الكُتّابُ والنقادُ والفرقُ الموسيقية والفنانون والإعلاميون وغيرهم من المبدعين.
وأضافت الصايغ أن مجلسَ أمناءِ مؤسسة العويس الثقافية إذ يمنح جائزة الإنجاز الثقافي والعلمي لهذه الدورة لمؤسسة منتدى أصيلة، يؤكد دورها الاستثنائي لتحقيق أهداف ثقافية واجتماعية وتنموية نابعة من عُمق القيم الحضارية للثقافة الحرة التي تنتهج الحوار مع الآخر سبيلاً لتعزيز الثقافة العربية حول العالم، ولنشر فكرة التقبُّل والتسامُح لفهم الحضاراتِ الأُخرى، كما يؤكدُ المجلسُ على دورِ هذه المؤسسة الهادف إلى مد يد المعرفة ونشر العلم وتقديم المنح الدراسية والرعاية الاجتماعية من أجل إسعاد الآخرين ومساعدتهم لعيش حُرّ كريم».
وفي نهاية الحفل، صعد المكرمون إلى المسرح، حيث قدم لهم عبد الغفار حسين، عضو مجلس الأمناء، الدروع التذكارية. وتوشح الفائزون بوشاح الإمارات، حيث جلسوا على المسرح وخلفهم وقف أعضاء مجلس الأمناء لالتقاط الصور التذكارية.
كما عرضت، على هامش الاحتفال، لوحات الفائزين التي رسمت بريشة أمهر الفنانين، وعرضت مؤسسة العويس مجموعة كبيرة من إصداراتها التي قدمت مجاناً للجمهور.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».