الكاميرا حين تُعشق.. تحكي قصص النزوح!!

لبنان: نازحون يؤرخون معاناة السوريين بالصورة

سعدنايل (تصوير: غازي فايس حمود)، من كتاب «لحظة 2» الذي يؤرشف للنزوح السوري
سعدنايل (تصوير: غازي فايس حمود)، من كتاب «لحظة 2» الذي يؤرشف للنزوح السوري
TT

الكاميرا حين تُعشق.. تحكي قصص النزوح!!

سعدنايل (تصوير: غازي فايس حمود)، من كتاب «لحظة 2» الذي يؤرشف للنزوح السوري
سعدنايل (تصوير: غازي فايس حمود)، من كتاب «لحظة 2» الذي يؤرشف للنزوح السوري

يستقبل «بلد الأرز» ما يزيد على مليون ومائتي ألف نازح سوري. الأرقام غير محددة. ربما الأعداد أكثر بكثير.. الأكيد أن وصف «بلد النزوح الأكبر» بات ملتصقا بلبنان المُضيف. لنتخيل المشهد: بلد يعاني اقتصاديا، يضج اجتماعيا بحالات بؤس وعوز، ويستقبل رغم ذلك العدد الأكبر من النازحين. بهذا ترتسم مشهدية الفقر.. وتكثر الإشكالات. في البال وصف الأزمة السورية بالأسوأ بعد الحرب العالمية الثانية. اللحظة تاريخية، الكل يوافق، لكن البعض فقط يؤرشف لها بعيون كاميرته، وكأن في ذلك تحريضا على إخراج جمال ما من أعماق الخراب، في خطوة تليق بمعنى الصورة وعناوين المرحلة.
«أبو أسد»، ناشط إعلامي سوري، اتخذ الإنترنت مدرسة له، لتعلم فن التصوير. من زوايا الصورة إلى الإضاءة والعدسة، انصب اهتمامه. بالنسبة له كانت الكاميرا سلاحا أبيض.. «استطعت أن أوثق صورا من داخل سوريا، صور مدنيين عزل، صور معاناة، صور نزوح من منطقة إلى أخرى - يقول - وبعد ذلك نزحت إلى لبنان لتبدأ مرحلة جديدة (..)».
الصورة حقيقة فكيف إذا كانت بعيون نازح يعاني الإهمال والبؤس. «أبو أسد» يوثق مشاهداته حاليا من صيدا (جنوب بيروت)، حيث يوجد، كما من داخل مخيمات اللاجئين في لبنان عامة.. «استطعت أن أتواصل بصوري مع أكثر من محطة إعلامية لبنانية وعربية». برأيه.. «الصورة دائما تؤثر في الشخص أكثر من الكتابة. الأخيرة عبارة عن رؤوس أقلام تحتاج للكثير من الشرح لتصل إلى المتلقي، بينما تُعبر الكاميرا سريعا عن مآس وواقع معيش (..)».
أكثر الصور إثارة بالنسبة لأبو أسد هي صور الأطفال. أطفال حُرموا - كما يقول - من حق التعليم، وأبسط مقومات الحياة. «لاحظ مثلا (يتوجه إلينا) الصورَ التي اعرضها، هي صور أطفال مشردين بعيدا من موطنهم الأصلي، غالبيتهم يرتدون ملابس صيفية في عز فصل الشتاء. غالبيتهم باتوا أطفال شوارع. نتحدث عن أجيال ضائعة». وكما لأبو أسد تجربته مع الصورة، يبدو الأمر مشابها بالنسبة للشاب السوري يوسف الجندي.. «قصة عشق تربطني بالكاميرا»، يقول. يتجول يوسف بصحبة عدسته. يصور ما يستفز العين، أو يؤثر في الذات. يلتقط صورا لأطفال أو شبان من جيله، ولا يتجاهل ابتسامات مخفية لكبار يقفون في الإمكان. صورة للألم، أخرى للأمل. واحدة للتحدي ثانية للاستسلام، ثالثة، ورابعة.. وعاشرة. في صوره دعوة مفتوحة للتوغل في عوالم النزوح القسري وتناقضات الحياة ومآسيها.
من عمر 18 عاما بدأ شغف يوسف بالكاميرا. يرى فيها العين الثالثة المُكملة للمشهد.. «الكاميرات الرقمية الحديثة اليوم باتت جزءا مني. هي بالنسبة إلى كل شيء. كل ما أراه هو بمثابة كادر صورة، وحتى لو لم تكن الكاميرا معي أرى كل شيء وكأنه يظهر من عدستي».
الصور ما قبل الثورة اختلفت عما خلالها، بالنسبة ليوسف.. «قبل الثورة كنت أصور اللحظات الجميلة. اللقاءات مع الأصدقاء، المناظر الطبيعية، اللعب ويوميات أصدقائي.. لكن مع الثورة وضمنها بدأت أشعر بواجب فرضه علي الواقع. أصبحت أشعر أن صديقتي الكاميرا هي من يواسيني وعبرها أنقل للناس المعاناة التي أعيش أو حياة مجتمع نازح. بذلك أنقل بكل صدق وإحساس المرحلة الراهنة. الإحساس هو ما يُعطي المفعول الحقيقي للصورة (..)».
يوسف و«أبو أسد» نموذجان لمن قرر تأريخ الحاضر «الجلي» للمستقبل «الغامض». هما شابان شغوفان بالتصوير فتحت الأزمة السورية آفاقا أخرى لاهتماماتهما. التجربة طبعا لا تقتصر على العنصر الشبابي، ففي الآونة الأخيرة شهدت بيروت معرضا للصور الفوتوغرافية حمل عنوان «500 كاميرا لـ500 طفل في تجمعات النازحين السوريين في لبنان». المعرض كان تجربة جديدة لـ«جمعية مهرجان الصورة - ذاكرة»، بالتعاون مع منظمة اليونيسيف، وفيه تأكيد على معنى الصورة وتأثيرها. التجربة خلاصةُ عمل دام تسعة أشهر متتالية، ما بين عامي 2013 و2014، مع 500 طفل سوري من أبناء النازحين منذ بداية «الثورة السورية». تم تدريب الأطفال على التصوير الفوتوغرافي. زُودوا بكاميرا صالحة للاستخدام لمرة واحدة وفيها فيلم بـ27 صورة، وترك المجال للأطفال لاختيار ما يلفتهم بعفوية وصدق. المبادرة ناتجة من قناعة المصور اللبناني رمزي حيدر «بأهمية هذا النوع من الصور وبضرورته في الأرشفة والتاريخ والبوح الانفعالي الذاتي»، كما يقول.
140 صورة بعيون الطفولة أرشفها رمزي حيدر في كتاب حمل عنوان «لحظة 2». تقول مقدمة الكتاب الموقعة باسم فريق العمل في «ذاكرة»، إن «التصوير الفوتوغرافي يلعب دورا علاجيا للأطفال، من خلال السماح لهم بالتعبير عن أنفسهم بطريقة فنية وسليمة». وتضيف المقدمة، أن «التصوير طريقة مبتكرة لتخفيف آلام هؤلاء الأطفال الذين عانوا الحرب والتهجير».
الاطلاع على صور الكتاب كفيل باكتشاف هواجس الطفولة وآلامها. برع الأطفال في أرشفة اللحظة. تجد في ما التقطوا صورا لصغار، ومسنين.. لأمهات وجدات، ومخيمات.. لوسائل تدفئة وثلوج تعجز عن تغطية المآسي.
اللحظة استثنائية. للصورة، ملونة كانت أم بالأبيض والأسود سحر، تأثير وسطوة. بعدسة الهواة والمحترفين تؤرشف الأزمة. الكل يعاني، والبعض يحترف تطويع الألم، وتحصين الأمل. للصورة كلمتها والتعبير.
طويلة تمر أيام النزوح. أربعة أعوام مضت.. الخامس بدأ، ومعه حكايا أزمة سوريا تتواصل فصولا. لبنان - جار الجغرافيا - يعايش الواقع، يتفاعل ويؤرشف ليوميات غير اعتيادية.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.