اكتشاف مركز إداري «فريد» عمره 4 آلاف عام بأسوان

يضم 20 صومعة لتخزين الحبوب

اكتشاف مركز إداري «فريد» عمره 4 آلاف عام بأسوان
TT

اكتشاف مركز إداري «فريد» عمره 4 آلاف عام بأسوان

اكتشاف مركز إداري «فريد» عمره 4 آلاف عام بأسوان

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، أمس، اكتشاف مركز إداري أثري يبلغ عمره أكثر من 4 آلاف عام بمنطقة كوم أمبو، بأسوان (جنوب مصر)، وذلك خلال أعمال الحفائر الأثرية التي تقوم بها البعثة الأثرية المصرية النمساوية المشتركة، العاملة بمعبد كوم أمبو.
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في بيان صحافي أمس الأربعاء، إن «أعمال الحفائر بالناحية الشمالية الشرقية من المعبد البطلمي بمنطقة معبد كوم أمبو، توصلت إلى الكشف عن أكثر من 20 صومعة مخروطية، يرجح أنها منشأة إدارية كانت تستخدم لتخزين الحبوب وتوزيعها في عصر الانتقال الأول من عام 2180 حتى 2050 قبل الميلاد»، واصفاً الكشف بأنه «فريد من نوعه»، إذ يشير إلى «أهمية مدينة كوم أمبو خلال عصر الانتقال الأول، وأنها كانت ذات نشاط زراعي وتجاري مميز، ويسكنها أعداد كبيرة من السكان».
بدوره، قال الدكتور عبد المنعم سعيد، مدير عام آثار أسوان، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن «هذا الكشف يعيد كتابة تاريخ المنطقة ككل، حيث تم العثور على مبنى إداري متكامل لتخزين الغلال»، موضحاً أن «الاكتشافات السابقة كانت مرتبطة بفترة البطالمة أو الدولة الحديثة، لكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها العثور على آثار من عصر الانتقال الأول، مما يعني أن منطقة كوم أمبو كان لها دور تاريخي قبل أكثر من 4 آلاف عام».
وأضاف سعيد أن «الكشف تضمن أيضاً العثور على آثار ترجع لفترة أقدم من عصر الانتقال الأول، حيث عثرت البعثة على أختام أثرية لملوك من الدولة القديمة (2500 قبل الميلاد)، وفخار من عصر الملك خوفو، مما يعني أن المنطقة كانت مستخدمة قبل4500 سنة».
ويقع معبد كوم أمبو فوق ربوة مرتفعة، ويطل على الضفة الشرقية للنيل، ويرجع تاريخ تأسيسه إلى عصر بطليموس السادس، إلا أن أعمال البناء والنقوش استمرت حتى عصر الملك بطليموس الثالث عشر، وتم وضع بعض الإضافات خلال العصر الروماني، وكان مكرساً للمعبودين «سوبك» و«حورس»، حيث خصص الجزء الشمالي من المعبد لثالوث حورس المقدس، بينما خصص الجزء الجنوبي لثالوث سوبك المقدس، بحسب موقع وزارة السياحة والآثار.
وأكد سعيد أن «العناصر المعمارية للصوامع التي اكتشفتها البعثة النمساوية، من أقبية وسلالم وغرف للتخزين، في حالة جيدة من الحفظ، حيث تم العثور على صوامع بجدران مرتفعة يصل طول بعضها إلى أكثر من مترين»، مشيراً إلى أن «البعثة عثرت على بقايا عظام فئران، في أحد الصوامع، مما يعني أن بعض غرف التخزين كانت موبوءة بالقوارض والحشرات».
من جانبها، قالت الدكتورة إيريني فوستر، رئيسة البعثة من الجانب النمساوي، إن «البعثة عثرت خلال عملها بالتل الأثري المحيط بالمعبد البطلمي، على بقايا أساسات حصن، يرجح أنه تم تشييده أثناء الاحتلال البريطاني لمصر في القرن التاسع عشر، وكان يستخدم كنقطة مراقبة ودفاع على مجرى نهر النيل أثناء الثورة المهدية بالسودان خلال عام 1881 - 1885».
واسم «كوم أمبو»، يعني «تل نبو»، أي (تل الذهب)، حيث كانت المنطقة تتحكم في الطرق المؤدية إلى مناجم الذهب، وعرفت في النصوص المصرية باسم «با - سوبك»، أي (مقر سوبك)، الذي عبد فيها منذ عصور ما قبل الأسرات، بحسب موقع وزارة السياحة والآثار المصرية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».