مصر: السيسي يوجه بإزالات جديدة في مناطق سكنية

واعداً بتعويض المواطنين وحل مشاكل الطرق

TT

مصر: السيسي يوجه بإزالات جديدة في مناطق سكنية

وجه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أمس، بإزالة بعض المناطق ذات الكثافة السكنية المرتفعة في مصر، لتسهيل حركة المرور وحل مشاكل الطرق والزحام، واعداً بتقديم تعويضات ملائمة للمضارين، كما افتتح عدداً من المشروعات القومية بقطاعي الإسكان والطرق بمدينة السادس من أكتوبر بمحافظة الجيزة، أمس، مؤكداً أن الدولة تقوم بتنفيذ مشروعات التنمية الشاملة في محافظات مصر كافة، وليس في القاهرة فقط، مشدداً على أن هذه المشروعات «تسهل الحركة اليومية للمواطنين وحركة نقل البضائع والتجارة وتسهم في خفض نسبة التلوث، فضلاً عن إسهامها في حل مشكلات النمو السكاني غير المخطط».
وأضاف الرئيس المصري أن «الدولة تضع في اعتبارها عند تنفيذ المشروعات الجديدة اتباع أحدث الأساليب والنظم في العالم»، مطالباً بضرورة تغيير ثقافة البناء السائدة حالياً ووقف التعديات نهائياً على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة، مشيراً إلى أن الدولة وضعت الحلول لمشكلة الإسكان وسيتم تلبية أي طلب على الشقق السكنية في أي محافظة.
ووجه الحكومة بإعداد دراسة لإقامة عدد من المحاور المرورية بالمناطق المكتظة بالسكان في نطاق محافظة الجيزة لتسهيل حركة وتنقل المواطنين بها، لافتاً إلى أن مناطق كرداسة وناهيا وبولاق الدكرور التي تشهد كثافة سكانية، والشوارع بها لا تزيد عن حارة أو حارتين للمرور، الأمر الذي يستلزم ضرورة إعادة تخطيط الطرق والمحاور المرورية في هذه المناطق من أجل تسهيل حركة وتنقل المواطنين.
وأضاف: «هذا الأمر يستلزم إزالة لبعض المباني وتعويض المواطنين من أجل إقامة محاور طولية وعرضية في هذه المناطق».
وأكد السيسي أن تطوير الطرق والمحاور في محافظة الجيزة لا يقل أهمية عن منطقة شرق القاهرة، موجهاً بالعمل على تسهيل الحركة المرورية في محافظة الجيزة. قائلاً: «يجب تحرير الحركة المرورية في مناطق غرب النيل بنطاق محافظة الجيزة بشكل لا يقل عما نفذناه في منطقة شرق القاهرة، وبالتالي نكون قد حققنا السيولة المرورية والحركة الرئيسية في مناطق شرق وغرب مدينة القاهرة».
وأوضح أنه «لكي ننفذ هذا الأمر سنضطر إلى عمل بعض الإزالات، وهناك مبدأ عام وضعته الدولة بأن يتم تعويض المواطنين عند أي إزالة تتم لصالح النفع العام».
وأكد السيسي أن الدولة تنفذ العديد من الطرق أيضاً في محافظات الإسكندرية وبورسعيد والإسماعيلية، وليس في القاهرة فقط، وتحاول حل المشكلات والتخفيف على المواطنين وتسهيل الحركة اليومية والاقتصادية، مما سيكون له تأثير على خفض نسب التلوث.
وقال: «نحن نحتاج خلال عقد مؤتمر المناخ، الذي سيعقد في مدينة شرم الشيخ نهاية العام الحالي، إلى عرض الخطة الاستراتيجية التي وضعناها لتخفيف حجم التلوث في مصر من خلال مشروعات مختلفة في مجالات الكهرباء أو السكك الحديدية أو مشروعات تطهير ورفع كفاءة البحيرات مثل بحيرة قارون، لذلك يجب أن نستعد ليوم عقد مؤتمر المناخ لنسجل فيه قدرة الدولة وأدائها وفهمها لفكرة البيئة».
ولفت الرئيس السيسي إلى أن موضوع مشروعات النقل التي تتم في نطاق القاهرة والجيزة تستدعي إجراء نقاش كبير شرعنا فيه، مشيراً إلى أنه «عند البدء في تنفيذ تلك المشروعات تعرضنا لانتقادات كثيرة، وقيل إننا نقوم بإنشاء مدن جديدة وننفق الكثير من الأموال دون فائدة»، واستدرك قائلاً: «إن هذه المشروعات لو تم تنفيذها منذ 40 عاماً وكان هناك تخطيط عمراني وتم احتساب النمو السكاني لن تكون هناك أحياء مثل كرداسة وأبو النمرس والخصوص وغيرها من الأحياء التي تشهد تكدساً كبيراً، لذلك نحن ننفذ تلك المشروعات حتى نحل مشكلات النمو السكاني غير المخطط».
ودعا الرئيس السيسي إلى تغيير الثقافة السائدة حالياً في البناء ووقف البناء نهائياً على الأراضي الزراعية أو أملاك الدولة. وقال: «إننا حريصون على الأراضي الزراعية خلال تنفيذ مشروعات الطرق والمحاور وهي أراضٍ خصبة جداً، قياساً بأي أرض أخرى نحاول استصلاحها، مطالباً بالمحافظة على الأراضي الزراعية».
ولفت إلى أن الدولة المصرية موجودة على شريط ضيق، وهذا ليس موجوداً في كثير من الدول، فكل الدول منتشرة على كامل أراضيها وبالتالي حجم الحركة على الشريط الضيق لا بد أن تكون حركة عالية جداً، سواء من خلال مترو أو سكة حديد أو طرق أو من خلال نهر النيل.
وشدد الرئيس السيسي، على أن الهدف من إنشاء المحاور الدائرية حول القاهرة الكبرى، هو التخفيف على حياة المواطنين وتسهيل حركة التجارة.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.