بيوت الطين... تعكس تفاصيل الماضي وتصنع إرث الحاضر

بيوت الطين... تعكس تفاصيل الماضي وتصنع إرث الحاضر
TT

بيوت الطين... تعكس تفاصيل الماضي وتصنع إرث الحاضر

بيوت الطين... تعكس تفاصيل الماضي وتصنع إرث الحاضر

تعد العمارة فناً يعكس تاريخ الشعوب وثقافتهم وظروف معيشتهم في مختلف الأزمنة؛ ولبيوت الطين في نجد انعكاس لتراث المنطقة وعمق تاريخي يظهر تفاصيل صعوبة الحياة في تلك الفترة التي واجهها أهلها بحلول ذكية ضمنت استدامة الحياة وتسهيلها عبر بيوتهم الطينية.
ومنازل الطين أحد أهم الشواهد على تاريخ المنطقة منذ القدم، حيث تتواجد في أغلب المناطق السعودية، خصوصاً نجد، التي كان يشتهر أهلها ببنائها بمواد بسيطة من الطبيعة الصحراوية نفسها، ومن النخيل الذي كان مصدر غذاء وبناء، لتعكس منازلهم البيئة المحيطة بهم.
استخدم الطين مادة أساسية في بناء البيت، ومادة الطين تتميز بأنها مادة عازلة للحرارة أثناء فصل الصيف ويكون البناء بالطين عادة إما على شكل عروق أو مداميك من اللبن تسمى (اللبِن) ومفردها لَبِنَة، وهي ما يستعاض عنه حالياً بالطوب.
أما عن كيفية بناء بيت الطين، فأولاً تُحدد قطعة الأرض حيث سيُبنى البيت، من ثم توضع خيوط لتحديد الأساسات، وبعد ذلك يُحفر في الأرض بعمق معين ويُبدأ بوضع الأساس المسمى «وثر»، وهو من الحجارة والطين.
ويعد قصر «المصمك» الذي يقع في منتصف العاصمة السعودية الرياض، أحد أبرز الشواهد على التطور الذي شهده البناء بالطين، حيث بُني بالكامل بـاللبن (الطوب الطيني) ولا يزال صامداً حتى اليوم منذ أكثر من 120 سنة، ليكون دلالة على صلابة المباني الطينية وجودتها في تلك الفترة، والتي كانت تحمي من البرد والحر والأمطار وغيرها من العوامل البيئة التي شهدتها المنطقة.
ونظراً لأهمية الحفاظ على الإرث التاريخي لمنازل الطين والمحافظة على عمقها التاريخي، أقامت «بينالي الدرعية» ورشة عمل للشباب الناشئين من عمر 8 إلى 11 سنة، لتعليمهم طريقة البناء بالطين ليحافظوا على تراث أجدادهم ويعرفوا تفاصيل الحياة الصعبة في تلك الأزمنة.
وركزت الورشة على شرح المواد الأساسية المستخدمة في البناء، وتفاصيل استخراجها، وكيفية البناء بها من الصفر، إذ تتطلب العملية استخدام العديد من المواد المستخرجة من الطبيعة الصحراوية وكيفية دمجها سوية لصنع الطوب الطيني لبناء المنازل.
وقالت المهندسة المعمارية نجود العنبري مقدمة الورشة إن بيوت الطين تحكي قصة احتواء الإنسان للطبيعة التي حوله، وفي كل مناحي الحياة، فكل المواد المستخدمة كانت من الأرض التي يعيش بها الإنسان في تلك الفترة، بل تطور الموضوع ليتحول إلى علم به العديد من التفاصيل في استخدام المواد الصحيحة ما أدى إلى تطور البناء في تلك الفترة لتبقى هذه المنازل شامخة وشاهدة على تفاصيل تلك الحقبة.
وأضافت العنبري أن المنازل في نجد تختلف في بنائها على حسب موقعها الجغرافي واتجاه الرياح، ما يعكس الخبرة التي تكونت خلال السنوات من البنائين والتي تطورت بسبب تجاربهم المختلفة في بناء منازل الطين ما صنع بيئة مميزة مليئة بالروحانية تعكس العودة للطبيعة والاندماج معها.
وأكملت العنبري أن ما ألهم الناس في تلك الفترة لاستخدام هذه المواد، هو التأمل في الطبيعة التي حولهم بالإضافة إلى قوافل التجارة التي كانت تمر في نجد بتلك الفترة ما شكل رؤية واضحة وتفاصيل انعكست على المنازل في تلك الفترة وأسهمت في تطويرها بشكل مستمر.
وذكرت العنبري أن ورشة العمل التي قدمتها للأطفال برزت أهميتها في نقل تراث الأجداد للجيل الناشئ، وتكوين صور أعمق لهم، من خلال عيش التجربة ومعرفة المواد البسيطة المستخدمة في بناء المنازل التي عاش بها أجدادهم، حيث تفاعلوا بشكل جيد مع الورشة وأظهروا فضولاً في معرفة تفاصيل أكبر عن تلك الحقبة، بالإضافة إلى اكتشاف بعضهم لمواهب لم يكونوا على علم بها مثل النحت.
وتحتوي الدرعية أحياءً كاملة مبنية من الطين أبرزها الطريف، وستنتهي قريباً من مشروع «بوابة الدرعية» الذي سيبنى به أكبر مدينة طينية بالعالم، تضم مكتبة وأسواقاً وأماكن للاحتفالات العامة وستُبنى بالكامل بالطريقة التقليدية لتكون انعكاساً للحياة قديماً، لكن بطابع حديث.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.