غموض يلف مستقبل عائلات الموضة الإيطالية

أولاد أصحاب أشهر الماركات العالمية يسلكون طرقهم الخاصة

أليساندرو مارينيلا يعمل في شركة عائلته وأسس شركة أغذية متخصصة (نيويورك تايمز)
أليساندرو مارينيلا يعمل في شركة عائلته وأسس شركة أغذية متخصصة (نيويورك تايمز)
TT

غموض يلف مستقبل عائلات الموضة الإيطالية

أليساندرو مارينيلا يعمل في شركة عائلته وأسس شركة أغذية متخصصة (نيويورك تايمز)
أليساندرو مارينيلا يعمل في شركة عائلته وأسس شركة أغذية متخصصة (نيويورك تايمز)

عندما كانت أليس إترو طفلة صغيرة، كانت تقضي ساعات بعد المدرسة مع والدها كين إترو، المدير المبدع لملابس إترو للرجال، تلعب بعينات من القماش في ستوديو التصميم الخاص بماركة الأزياء التي أنشأها جدها جيميمو عام 1968. كانت تصنع ملابس من القصاصات لدميتها وتلعب بأنابيب لفائف القماش المتبقية.
قالت أليس: «أحببت كل شيء»، وهي تتذكر الإثارة الناجمة عن حضور عرض الأزياء، والمشي بمفردها مع والديها. «أردت أن أكون مثله» متحدثة عن أبيها المصمم. وكانت التوقعات أنها ستسير على خطاه وتنضم إلى شركة العائلة، تماما كما كان هو وإخوته الثلاثة يتبعون خطى والديهم. كما هو الحال بالفعل، كانت تلك القاعدة لدى العديد من عائلات الأزياء الإيطالية.
يقول ماتيو برسفال، المراسل الخاص لصحيفة «كورييري دلا سيرا»: هناك تعبير باللغة الإيطالية يعني «الرأسمالية العائلية» - يشير إلى انتقال شركة خاصة من جيل إلى آخر. ظلت هذه القاعدة سائدة عبر عقود في عالم الأزياء، حين كان الإشراف على الماركات التجارية يجري تداوله مثل وصفة «ريزوتو الزعفران» التي يحتفظ بها عن كثب، أو كمثل امتلاك شاليه في كورتينا.
على سبيل المثال، تولى أنجيلا، ولوكا، وفيتوريو ميسوني أعمال العائلة خلفا لآبائهم، روزيتا وأوتافيو، مؤسسي دار ميسوني. وتمثل سيلفيا فندي الجيل الثالث لشركة العائلة، إذ تعمل في شركة أسسها أجدادها آديل وإيدواردو عام 1925 (وصارت ابنتها دلفينا ديلتتريز فندي، المديرة الفنية للمجوهرات في الشركة). ولدينا جيمس فيراغامو، سليل الجيل الثالث لسلفاتوري فيراغامو، مؤسس شركة فيراغامو، ويشغل منصب مدير العلامة التجارية والمنتجات والاتصالات في شركة العائلة. فضلا عن إدواردو زيغنا، أحد أبناء الجيل الرابع في زيغناس، الذي يسابق الزمن للفوز بالعلامة التجارية، التي أنشأها إرمينيغيلدو زيغنا عام 1910.
تقول لودوميا بوشي، كريمة إميليو بوشي: «كان الدخول في أعمال العائلة ممارسة شائعة للغاية، حتى عندما كانت تعمل لدى هوبرت دي جيفنشي في أواخر الثمانينات في باريس، كان دائما يقول لها: قريبا ستعودين إلى المنزل لتتولي أعمال والدك». وقد حدث ذلك عام 1989، ووصفت مفهوم تولي أعمال شركة العائلة بأنه: «طبيعي وأصلي تماما».
بيد أن مزيجاً من عولمة الرفاهية، التي دفعت العديد من الشركات المملوكة للعائلات إلى بيع حصص الملكية إلى التكتلات التجارية أو أن تصبح كيانات مدرجة في البورصة للاستمرار والعمل، مع غموض الخطوط الرابطة بين جميع التخصصات الإبداعية، قد غير الصورة تماما.
على نحو متزايد، غالبا ما يشار إلى الجيل التالي من أبناء عائلات الأعمال الفاخرة باسم «فيغلي دارتي»، مصطلح يشير إلى الطفل الذي يرث مهنة أحد الوالدين، وعادة ما يكون ذلك في قطاع الفنون. وتتطلع هذه العائلات إلى ما وراء حواجز الأسلاف، وتطبيق ما تعلموه من نشأتهم في أحد القطاعات الإبداعية بغية العمل في قطاع آخر.
على سبيل المثال، درست السيدة إترو، 34 عاما، تصميم الأزياء في معهد مارانغوني، إحدى مدارس الأزياء الرائدة في ميلانو، وأمضت نحو 10 سنوات في شركة للحياكة والمنسوجات تديرها عائلة أخرى تسمى لاروسمياني (التي يشغل عمها غوليلمو مياني منصب رئيسها التنفيذي).
أليساندرو مارينيلا، 27 عاما، من أبناء الجيل الرابع في العائلة التي أسست شركة «إي مارينيلا»، شركة نيبوليتان المعروفة بصناعة أربطة العنق الحريرية المطبوعة والمفضلة لدى الرئيس باراك أوباما، لا تساعد فقط العلامة التجارية على التوسع في المجال الرقمي، وإنما تركز على أمر يعتبره بالغ العمق والارتباط بتقاليد المنتجات الفاخرة مثل ملابس العنق: ألا وهو الطعام.
شارك السيد مارينيلا عام 2019 في تأسيس شركة ماركيو فيريفيكاتو، التي تعمل على إنتاج، واعتماد، وإمداد الأغذية الإيطالية المتخصصة. والشركة لا توزع بعض المنتجات الإيطالية الأساسية على المتاجر والمطاعم فحسب، وإنما تزرع المحاصيل بطريقة تقليدية: مثلا، تزرع طماطم من صنف «فيزوفيو بيينولو» في تربة بركانية ثم تعلق على خيوط القنب، وتربط في دوائر، لتبقى جافة طوال الشهور.
يقول السيد مارينيلا: «الأكل الجيد مهم للغاية، ولكن «أين وكيف» تشير أيضاً إلى نوع من الوضعية الاجتماعية».
وكذلك الحال بالنسبة للتقنية، وفقاً لفرانشيسكا فيرساتشي، 39 عاما، كريمة سانتو فيرساتشي، شقيق دوناتيلا، ومؤسس العلامة التجارية جياني. نتيجة لذلك، تداولت حقها في ارتداء الملابس الجاهزة بغرض اقتناص الفرصة للبدء في مشروع الرموز غير القابلة للاستبدال الخاص بها.
وقالت عن إنجازات عائلتها: إن «عشقي للأزياء لن يتلاشى أبداً، إنه كامن في قلبي». لكنها تعتقد أن روح العصر قد تغيرت. وأضافت: «غريزتي تخبرني أنه حان الوقت للانتقال إلى الفضاء الجديد»، في إشارة إلى ميتافيرس. «إنه نوع من التغيير الثقافي أكثر من كونه تغييرا تقنيا».
تخطط هي وشركاؤها، في وقت لاحق من الربيع الحالي، للكشف عن مشروع «بابليك بريشر»، سوق الرموز غير القابلة للاستبدال الذي يحتوي على استوديو إبداعي لمساعدة الموسيقيين، والعلامات التجارية، واستوديوهات الأفلام على تصوير حملات الرموز غير القابلة للاستبدال. الشركة التي أسستها السيدة فيرساتشي - جوليا ماريسكا، المصممة السابقة لدى كريستيان لوبوتان وتود، رفقة سيرجيو موتولا، رجل الأعمال البارع، مع ألفريدو فيولانتي، من رواد صناعة الموسيقى - تهدف كما قالت السيدة فيرساتشي، إلى إعادة خلق فرقة «فيرساتشي رازماتاز»، التي تتذكرها من عروض الأزياء الخاصة بعائلتها، ولكنها في الفضاء الرقمي هذه المرة.
على نحو مماثل، تعتقد لاريسا كاستيلانو بوشي (34 عاما)، ابنة لودوميا وحفيدة إميليو، أن المستقبل للفضاء الافتراضي. ودرست علوم المعلومات في جامعة كورنيل، من ثم عملت مصممة ثلاثية الأبعاد في ستوديو ساتوري، الشركة الإبداعية في لندن، بدلاً من دخول العلامة التجارية للعائلة (التي استحوذت عليها شركة «إل في إم إتش - مويت هينيسي لوي فيتون» عام 2000). وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أصدرت السيدة بوشي أول مجموعة لها على منصة «دريس إكس» للبيع بالتجزئة للملابس الرقمية فقط.
هذه المجموعة، التي تحمل اسم «ماريا»، تضم ثياباً تتلألأ كالقشور السمكية، وخيوطا من القماش الشبيهة بالطحالب المتموجة، وفساتين تنتج من صفائح البحر الرقمية الدقيقة. والآن، من المقرر أن تكون جزءا من «أسبوع الموضة المشفرة (الرقمية)»، تلك الفعالية الممتدة على مدار أسبوع في شهر مارس (آذار)، والمكرسة للموضة الرقمية التي تعمل بتقانة تسلسل الكتل الحديثة.
تقول السيدة بوشي عن جاذبية العمل مع «دريس إكس» بدلاً من الأتيليه التقليدي: «من النادر أن تكون لدى شخص صغير هذا الحد من الطاقة الإبداعية المطلقة. ففي العالم الحقيقي، يكاد يكون من المستحيل ابتكار شيء جديد تماما كمصمم شاب، حيث إن التكاليف، والإنتاج الصغير يعيق إنجازك».
في ربيع العام الجاري، تخطط علامة «فولارا» التجارية الخاصة بالأوشحة وتحمل اسم السيدة بوشي، للبدء بتشغيل خط الطباعة بتقنية الرموز غير القابلة للاستبدال لتمكين المستخدمين من تصميم المطبوعات المخصصة وتصنيع بتقنية الرموز غير القابلة للاستبدال.
قالت لودوميا بوشي إنها مسرورة للغاية، لأن لاريسا تحاول تجربة شيء يتردد صداه معها ومع جيلها - وإنها تعتقد أن إميليو بوشي كان سينظر إليه بإعزاز أيضاً. وأضافت: «أنه أمر مطلوب للغاية في إيطاليا. يجب أن نتحرك إلى الأمام، ولا ننظر فقط إلى ماضينا العظيم».
وتتفق ابنتها معها. إذ قالت السيدة بوشي: «إذا كنت تعيش في خلفية بهذا القدر الهائل، فإما أن تتبع الخطى أو تحاول نحت هويتك الخاصة. وإلا، فلن يعني الأمر سوى الصلف والغطرسة. يمكنني فقط إعادة تصور تراثي، لكنني لا أستطيع الفرار منه».
* خدمة {نيويورك تايمز}


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.