عندما كانت أليس إترو طفلة صغيرة، كانت تقضي ساعات بعد المدرسة مع والدها كين إترو، المدير المبدع لملابس إترو للرجال، تلعب بعينات من القماش في ستوديو التصميم الخاص بماركة الأزياء التي أنشأها جدها جيميمو عام 1968. كانت تصنع ملابس من القصاصات لدميتها وتلعب بأنابيب لفائف القماش المتبقية.
قالت أليس: «أحببت كل شيء»، وهي تتذكر الإثارة الناجمة عن حضور عرض الأزياء، والمشي بمفردها مع والديها. «أردت أن أكون مثله» متحدثة عن أبيها المصمم. وكانت التوقعات أنها ستسير على خطاه وتنضم إلى شركة العائلة، تماما كما كان هو وإخوته الثلاثة يتبعون خطى والديهم. كما هو الحال بالفعل، كانت تلك القاعدة لدى العديد من عائلات الأزياء الإيطالية.
يقول ماتيو برسفال، المراسل الخاص لصحيفة «كورييري دلا سيرا»: هناك تعبير باللغة الإيطالية يعني «الرأسمالية العائلية» - يشير إلى انتقال شركة خاصة من جيل إلى آخر. ظلت هذه القاعدة سائدة عبر عقود في عالم الأزياء، حين كان الإشراف على الماركات التجارية يجري تداوله مثل وصفة «ريزوتو الزعفران» التي يحتفظ بها عن كثب، أو كمثل امتلاك شاليه في كورتينا.
على سبيل المثال، تولى أنجيلا، ولوكا، وفيتوريو ميسوني أعمال العائلة خلفا لآبائهم، روزيتا وأوتافيو، مؤسسي دار ميسوني. وتمثل سيلفيا فندي الجيل الثالث لشركة العائلة، إذ تعمل في شركة أسسها أجدادها آديل وإيدواردو عام 1925 (وصارت ابنتها دلفينا ديلتتريز فندي، المديرة الفنية للمجوهرات في الشركة). ولدينا جيمس فيراغامو، سليل الجيل الثالث لسلفاتوري فيراغامو، مؤسس شركة فيراغامو، ويشغل منصب مدير العلامة التجارية والمنتجات والاتصالات في شركة العائلة. فضلا عن إدواردو زيغنا، أحد أبناء الجيل الرابع في زيغناس، الذي يسابق الزمن للفوز بالعلامة التجارية، التي أنشأها إرمينيغيلدو زيغنا عام 1910.
تقول لودوميا بوشي، كريمة إميليو بوشي: «كان الدخول في أعمال العائلة ممارسة شائعة للغاية، حتى عندما كانت تعمل لدى هوبرت دي جيفنشي في أواخر الثمانينات في باريس، كان دائما يقول لها: قريبا ستعودين إلى المنزل لتتولي أعمال والدك». وقد حدث ذلك عام 1989، ووصفت مفهوم تولي أعمال شركة العائلة بأنه: «طبيعي وأصلي تماما».
بيد أن مزيجاً من عولمة الرفاهية، التي دفعت العديد من الشركات المملوكة للعائلات إلى بيع حصص الملكية إلى التكتلات التجارية أو أن تصبح كيانات مدرجة في البورصة للاستمرار والعمل، مع غموض الخطوط الرابطة بين جميع التخصصات الإبداعية، قد غير الصورة تماما.
على نحو متزايد، غالبا ما يشار إلى الجيل التالي من أبناء عائلات الأعمال الفاخرة باسم «فيغلي دارتي»، مصطلح يشير إلى الطفل الذي يرث مهنة أحد الوالدين، وعادة ما يكون ذلك في قطاع الفنون. وتتطلع هذه العائلات إلى ما وراء حواجز الأسلاف، وتطبيق ما تعلموه من نشأتهم في أحد القطاعات الإبداعية بغية العمل في قطاع آخر.
على سبيل المثال، درست السيدة إترو، 34 عاما، تصميم الأزياء في معهد مارانغوني، إحدى مدارس الأزياء الرائدة في ميلانو، وأمضت نحو 10 سنوات في شركة للحياكة والمنسوجات تديرها عائلة أخرى تسمى لاروسمياني (التي يشغل عمها غوليلمو مياني منصب رئيسها التنفيذي).
أليساندرو مارينيلا، 27 عاما، من أبناء الجيل الرابع في العائلة التي أسست شركة «إي مارينيلا»، شركة نيبوليتان المعروفة بصناعة أربطة العنق الحريرية المطبوعة والمفضلة لدى الرئيس باراك أوباما، لا تساعد فقط العلامة التجارية على التوسع في المجال الرقمي، وإنما تركز على أمر يعتبره بالغ العمق والارتباط بتقاليد المنتجات الفاخرة مثل ملابس العنق: ألا وهو الطعام.
شارك السيد مارينيلا عام 2019 في تأسيس شركة ماركيو فيريفيكاتو، التي تعمل على إنتاج، واعتماد، وإمداد الأغذية الإيطالية المتخصصة. والشركة لا توزع بعض المنتجات الإيطالية الأساسية على المتاجر والمطاعم فحسب، وإنما تزرع المحاصيل بطريقة تقليدية: مثلا، تزرع طماطم من صنف «فيزوفيو بيينولو» في تربة بركانية ثم تعلق على خيوط القنب، وتربط في دوائر، لتبقى جافة طوال الشهور.
يقول السيد مارينيلا: «الأكل الجيد مهم للغاية، ولكن «أين وكيف» تشير أيضاً إلى نوع من الوضعية الاجتماعية».
وكذلك الحال بالنسبة للتقنية، وفقاً لفرانشيسكا فيرساتشي، 39 عاما، كريمة سانتو فيرساتشي، شقيق دوناتيلا، ومؤسس العلامة التجارية جياني. نتيجة لذلك، تداولت حقها في ارتداء الملابس الجاهزة بغرض اقتناص الفرصة للبدء في مشروع الرموز غير القابلة للاستبدال الخاص بها.
وقالت عن إنجازات عائلتها: إن «عشقي للأزياء لن يتلاشى أبداً، إنه كامن في قلبي». لكنها تعتقد أن روح العصر قد تغيرت. وأضافت: «غريزتي تخبرني أنه حان الوقت للانتقال إلى الفضاء الجديد»، في إشارة إلى ميتافيرس. «إنه نوع من التغيير الثقافي أكثر من كونه تغييرا تقنيا».
تخطط هي وشركاؤها، في وقت لاحق من الربيع الحالي، للكشف عن مشروع «بابليك بريشر»، سوق الرموز غير القابلة للاستبدال الذي يحتوي على استوديو إبداعي لمساعدة الموسيقيين، والعلامات التجارية، واستوديوهات الأفلام على تصوير حملات الرموز غير القابلة للاستبدال. الشركة التي أسستها السيدة فيرساتشي - جوليا ماريسكا، المصممة السابقة لدى كريستيان لوبوتان وتود، رفقة سيرجيو موتولا، رجل الأعمال البارع، مع ألفريدو فيولانتي، من رواد صناعة الموسيقى - تهدف كما قالت السيدة فيرساتشي، إلى إعادة خلق فرقة «فيرساتشي رازماتاز»، التي تتذكرها من عروض الأزياء الخاصة بعائلتها، ولكنها في الفضاء الرقمي هذه المرة.
على نحو مماثل، تعتقد لاريسا كاستيلانو بوشي (34 عاما)، ابنة لودوميا وحفيدة إميليو، أن المستقبل للفضاء الافتراضي. ودرست علوم المعلومات في جامعة كورنيل، من ثم عملت مصممة ثلاثية الأبعاد في ستوديو ساتوري، الشركة الإبداعية في لندن، بدلاً من دخول العلامة التجارية للعائلة (التي استحوذت عليها شركة «إل في إم إتش - مويت هينيسي لوي فيتون» عام 2000). وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أصدرت السيدة بوشي أول مجموعة لها على منصة «دريس إكس» للبيع بالتجزئة للملابس الرقمية فقط.
هذه المجموعة، التي تحمل اسم «ماريا»، تضم ثياباً تتلألأ كالقشور السمكية، وخيوطا من القماش الشبيهة بالطحالب المتموجة، وفساتين تنتج من صفائح البحر الرقمية الدقيقة. والآن، من المقرر أن تكون جزءا من «أسبوع الموضة المشفرة (الرقمية)»، تلك الفعالية الممتدة على مدار أسبوع في شهر مارس (آذار)، والمكرسة للموضة الرقمية التي تعمل بتقانة تسلسل الكتل الحديثة.
تقول السيدة بوشي عن جاذبية العمل مع «دريس إكس» بدلاً من الأتيليه التقليدي: «من النادر أن تكون لدى شخص صغير هذا الحد من الطاقة الإبداعية المطلقة. ففي العالم الحقيقي، يكاد يكون من المستحيل ابتكار شيء جديد تماما كمصمم شاب، حيث إن التكاليف، والإنتاج الصغير يعيق إنجازك».
في ربيع العام الجاري، تخطط علامة «فولارا» التجارية الخاصة بالأوشحة وتحمل اسم السيدة بوشي، للبدء بتشغيل خط الطباعة بتقنية الرموز غير القابلة للاستبدال لتمكين المستخدمين من تصميم المطبوعات المخصصة وتصنيع بتقنية الرموز غير القابلة للاستبدال.
قالت لودوميا بوشي إنها مسرورة للغاية، لأن لاريسا تحاول تجربة شيء يتردد صداه معها ومع جيلها - وإنها تعتقد أن إميليو بوشي كان سينظر إليه بإعزاز أيضاً. وأضافت: «أنه أمر مطلوب للغاية في إيطاليا. يجب أن نتحرك إلى الأمام، ولا ننظر فقط إلى ماضينا العظيم».
وتتفق ابنتها معها. إذ قالت السيدة بوشي: «إذا كنت تعيش في خلفية بهذا القدر الهائل، فإما أن تتبع الخطى أو تحاول نحت هويتك الخاصة. وإلا، فلن يعني الأمر سوى الصلف والغطرسة. يمكنني فقط إعادة تصور تراثي، لكنني لا أستطيع الفرار منه».
* خدمة {نيويورك تايمز}
غموض يلف مستقبل عائلات الموضة الإيطالية
أولاد أصحاب أشهر الماركات العالمية يسلكون طرقهم الخاصة
غموض يلف مستقبل عائلات الموضة الإيطالية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة