أول هاكثون «بلدي» للرفاهية «الرقمية» في المدن السعودية

مديرته لـ : ندفع للتفكير خارج الصندوق وتطوير 380 خدمة بلدية

الدكتورة دعاء أباعود مديرة هاكثون الشرقية
الدكتورة دعاء أباعود مديرة هاكثون الشرقية
TT

أول هاكثون «بلدي» للرفاهية «الرقمية» في المدن السعودية

الدكتورة دعاء أباعود مديرة هاكثون الشرقية
الدكتورة دعاء أباعود مديرة هاكثون الشرقية

الدمام: إيمان الخطاف

هل تتخيل مسار المشاة داخل المدن وهو يتفاعل معك ويمنحك معلومات رقمية أثناء سيرك؟ أو أن حدائق الأحياء تزودك بتجارب ترفيه رقمية أثناء التنزه؟... كل هذه الأفكار وغيرها الكثير يحتضنها أول هاكثون «بلدي» في السعودية، ينطلق اليوم السبت، بمدينة الدمام، كما توضح الدكتورة دعاء أباعود، مديرة هاكثون الشرقية، وهي أيضاً مدير إدارة المخاطر في أمانة المنطقة الشرقية.
تكشف أباعود لـ«الشرق الأوسط» أن هذا الهاكثون هو الأول من نوعه، ويستهدف الأفراد من مختلف المدن السعودية، لدفعهم لـ«التفكير خارج الصندوق»، وإيجاد حلول تقنية تدعم الرفاهية داخل هذه المدن، وتطور القطاع البلدي وتخرجه من إطار العمل التقليدي، بما يشمل ذلك إيجاد حلول تقنية مبتكرة لمشاكل التلوث البيئي وتطوير المسطحات الخضراء وغيرها الكثير، قائلة «نسعى لأن نعيش داخل مدن أكثر ذكاءً».
وتشير أباعود لأهداف هذه المنافسة التقنية الساعية لتطوير القطاع البلدي في المدن السعودية، بما يشمل تعريف العامة بالقطاع البلدي ليكونوا شركاء في خلق الحلول، واستفادة القطاع البلدي من المهارات والمشاريع المدعومة من قبل الدولة، إلى جانب إيجاد أفكار ابتكارية نوعية. مضيفة «نسعى لأن يفكر الناس معنا، ويقترحوا حلولاً تقنية تسهم بمعالجة المشاكل القائمة أو ابتكار أشياء لم تكن تخطر على البال في الخدمات البلدية المختلفة».
الهاكثون الذي يجمع شركاء من القطاعين الحكومي والخاص، ينطلق اليوم، ويستمر إلى 27 مارس (آذار) المقبل، كما توضح أباعود، قائلة «يبدأ الأسبوع الأول بالتسجيل، وهو في غالبه (افتراضي)، على أن تكون آخر ثلاثة أيام (حضورية)، بما يشمل إعلان الفائزين وتكريم الشركاء».
وتوضح أباعود التي خصت «الشرق الأوسط» بتفاصيل هاكثون الشرقية، أنه مبادرة تعاون وتنافسية للابتكار التقني في القطاع البلدي، أطلقتها أمانة المنطقة الشرقية، برعاية الأمير سعود بن نايف، أمير المنطقة الشرقية، وتهدف لتحسين الحياة المدنية في السعودية، من خلال إشراك أصحاب الأفكار والقدرات الابتكارية في رحلة تطوير وتوظيف ودعم القدرات التقنية لتقديم حلول تساهم في تحقيق مستهدفات التحول في القطاع البلدي ورفاهية المدن.
واللافت في هذا الهاكثون أنه لا تتطلب المشاركة فيه أن يكون الفرد مبرمجاً أو خبيراً في البيانات، كما تفيد أباعود قائلة «غالباً ما تكون الفرق الأكثر تنوعاً هي الأكثر نجاحاً». مبينة أن التسجيل يشمل كل من لديه خبرة تقنية أو يمتلك فكرة إدارية أو استثمارية، أو صاحب فكرة تساهم في تطوير المدن السعودية.
وتشير إلى أن القطاع البلدي يعد من أهم القطاعات الحيوية في المملكة، إذ يمس حياة المواطنين والمقيمين من خلال أكثر من 380 خدمة في مجالات مختلفة يقدمها، من أبرزها: خدمات تخطيط المدن، ونظافتها وصيانتها. وخدمات البنى التحتية، والتشريعات التجارية والاستثمارية.
وتضيف أباعود أن «القطاع البلدي أحد القطاعات المحورية التي تتشعب وتلامس جميع جوانب الحياة داخل المدن، كما تعد أمانة المنطقة الشرقية من الأمانات الرائدة في صناعة المبادرات لإحداث نقلة حضارية في كافة المجالات»، مشيرة إلى أن هذا الهاكثون يشرف عليه المهندس محمد الشاطري، رئيس لجنة هاكثون الشرقية ومدير عام الأمن السيبراني في أمانة المنطقة الشرقية.
وتوضح أباعود أن الهاكثون يتضمن 3 مسارات: جودة الحياة، والبيئة الصحية، والخدمات البلدية والمدن الذكية. مبينة أن المشاركة متاحة للجميع ليكونوا جزءاً من المرحلة الافتراضية للهاكثون، وسيرشح 25 فريقا فقط للمنافسة على المرحلة النهائية. وتتابع «خلال رحلة الهاكثون سنوفر مجموعة من ورش العمل وجلسات النقاش التي تساعد المشتركين على اكتساب المعرفة وبلورة الأفكار بما يساهم في تقديم مخرجات قابله للتطبيق وجاهزة لتكون جزءاً من منظومه التطوير في القطاع البلدي».

يضاف لذلك، الدعم والتوجيه من خبراء ومرشدين لإنشاء مشاريع مبتكرة متكاملة، كما تفيد أباعود، موضحة أن عرض المشاركات سيكون أمام لجنة التحكيم لاختيار الفرق الفائزة والإعلان عنها في الحفل الختامي الذي سيعقد بتاريخ 27 مارس (آذار) المقبل، في مدينة الخبر، مع تقديم جوائز مالية للفائزين تفوق قيمتها 100 ألف ريال (26.6 ألف دولار).



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».