موجات نزوح اليمنيين مستمرة خشية الأعمال الانتقامية الحوثية

TT

موجات نزوح اليمنيين مستمرة خشية الأعمال الانتقامية الحوثية

أكد مسؤول يمني معني بملف النازحين، أن الأعمال الانتقامية التي تمارسها الميليشيات الحوثية كانت السبب في استمرار موجات النزوح الأخيرة من محافظتي مأرب والحديدة تحديداً، رغم تراجع حدة المعارك بين القوات الحكومية والميليشيات؛ مشيراً إلى نزوح أكثر من 20 ألف شخص منذ بداية الشهر الماضي، وحتى 19 من الشهر الجاري.وبحسب ما ذكره رئيس الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين نجيب السعدي، احتلت محافظة مأرب المرتبة الأولى في عدد النازحين، وتلتها محافظة الحديدة ثم محافظة الضالع، وفي المرتبة الأخيرة محافظة تعز؛ حيث نزحت الغالبية العظمى من المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي إلى مناطق سيطرة الحكومة الشرعية. وأفاد السعدي «الشرق الأوسط» بأن استمرار النزوح في محافظة مأرب مرده إلى الخوف من الأعمال الانتقامية للميليشيات الحوثية، وقال إن إغلاق الطرقات في جنوب المحافظة منذ اشتداد المواجهات، حال دون نزوح أعداد إضافية من السكان هناك إلى مركز المحافظة (مدينة مأرب)، كما أن كثافة الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي، ومقتل عدد من المدنيين، جعل أعداداً كبيرة من السكان تقرر البقاء في مناطقها، كما حالت دون عودة آخرين إليها؛ بحسب قوله. ووفق ما ذكره رئيس الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين في اليمن، فإن استمرار النزوح من محافظة الحديدة سببه هروب المدنيين من الأعمال الانتقامية لميليشيات الحوثي؛ حيث قامت أخيراً بإحراق قرى عدة في مديرية الدريهمي جنوب مدينة الحديدة، بحجة أن سكانها من مؤيدي الحكومة الشرعية، كما قامت الميليشيات بإجبار سكان القرى على النزوح إلى داخل مدينة الحديدة.
وبشأن محافظة تعز، أوضح السعدي أن غرب المحافظة شهد اشتباكات مع ميليشيات الحوثي خلال الفترة الحالية، وكانت سبباً في نزوح مجاميع من السكان داخل المحافظة أو إلى مناطق سيطرة الشرعية في محافظة الحديدة.
ومع تأكيد سكان في جنوب مأرب أنهم يعيشون ظروفاً بالغة الصعوبة، بسبب كثافة الألغام التي زرعتها ميليشيات الحوثي، وصعوبة وصول المساعدات الغذائية، ذكروا أنهم عادوا لاستخدام الحمير في نقل المواد الغذائية إلى مناطقهم، عبر ممرات جبلية صعبة التضاريس، بعد أن تعذر عليهم استخدام السيارات على أثر مقتل عدد من المدنيين عند عبورهم الطرق الرابطة بين مركز المحافظة والمديريات الجنوبية تحديداً.
واشتكى آخرون من رفض المنظمات الإغاثية منحهم حصصهم الغذائية في مواقع نزوحهم داخل مدينة مأرب، بحجة أن أسماءهم مقيدة في مناطقهم الأصلية، والتي أصبحت تحت سيطرة ميليشيات الحوثي، إلا أنهم رفضوا ذلك واستنجدوا بالحكومة لإرغام المنظمات الإغاثية على تسليم مستحقاتهم من المساعدات، وعدم إجبارهم على العودة إلى المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات.
ووفق أداة تتبع النزوح السريع التابعة للمنظمة الدولية للهجرة في اليمن، فإنه من أول يناير (كانون الثاني) الماضي، وحتى 19 فبراير (شباط) الجاري، تم رصد نزوح أكثر من 20 ألف فرد، وأن هذه الأسر عانت من النزوح مرة واحدة على الأقل. كما حددت مصفوفة تتبع النزوح أيضاً، 11 أسرة نازحة غادرت مواقع نزوحها، إما بالعودة إلى مكانها الأصلي، وإما إلى مكان آخر.
المصفوفة التي تتولى مهمة تتبع النزوح وجمع البيانات التقديرية للأسر التي أجبرت على الفرار يومياً من مواقعها الأصلية أو النزوح، وتتبع العائدين الذين عادوا إلى مواقعهم الأصلية، بيَّنت أنه خلال الأيام الستة الفاصلة بين 13 و19 فبراير الجاري، تتبعت 1212 فرداً نزحوا مرة واحدة على الأقل؛ حيث انتقل غالبية السكان إلى أو من داخل المحافظات والمديريات.
ففي محافظة مأرب سُجل نزوح 133 أسرة (1064 فرداً) خلال هذه الأيام الستة، منها 43 أسرة استقرت في مدينة مأرب، و70 أسرة استقرت في مديرية حريب، و8 أسر استقرت في مديرية مأرب الوادي، و6 أسر استقرت في مديرية الجوبة، وأسرتان استقرتا في مديرية العبدية، ونشأت معظم حالات النزوح هذه من محافظتي مأرب والجوف.
وخلال الأيام نفسها سُجلت محافظة الحديدة نزوح 113 أسرة، منها 74 أسرة استقرت في مناطق مديرية حيس، و20 أسرة استقرت في مديرية الخوخة، و6 أسر استقرت في مديرية التحيتا، ونشأت معظم حالات النزوح في المحافظة من الحديدة وتعز.
في حين سجلت محافظة الضالع نزوح 35 أسرة، استقر منها 23 أسرة في مديرية قعطبة، و10 أسر استقرت في مديرية الضالع، وأسرتان في مديرية الحشا، ونشأت معظم حالات النزوح إلى المحافظة من مناطق المحافظة ذاتها ومن محافظة الحديدة.
أما في محافظة تعز، فقد سجل نزوح 32 أسرة، منها 20 أسرة في مديرية مقبنة، و10 أسر في مديرية جبل حبشي، وأسرتان في مديرية صبر الموادم.


مقالات ذات صلة

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
TT

الحوثيون ينقلون أسلحة إلى صعدة لتحصينها من الاستهداف الأميركي

طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)
طائرة من طراز «إف 16» تحلق في منطقة عمليات القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

كثفت الولايات المتحدة ضرباتها الجوية في الأسابيع الأخيرة على مواقع الجماعة الحوثية بمحافظة عمران، لا سيما مديرية حرف سفيان، في مسعى لتدمير أسلحة الجماعة المخزنة في مواقع محصنة تحت الأرض، ما جعل الجماعة تنقل كميات منها إلى معقلها الرئيسي في صعدة (شمال).

وكشفت مصادر يمنية مطلعة أن الجماعة الحوثية نقلت خلال الأيام الأخيرة مركز الصواريخ والطائرات المسيرة من مناطق عدة بمحافظة عمران إلى محافظة صعدة، وذلك تخوفاً من استهداف ما تبقى منها، خصوصاً بعد تعرض عدد من المستودعات للتدمير نتيجة الضربات الغربية في الأسابيع الماضية.

وكانت المقاتلات الأميركية شنت في الآونة الأخيرة، غارات مُكثفة على مواقع عسكرية تابعة للحوثيين، كان آخرها، الجمعة، حيث تركزت أغلب الضربات على مديرية «حرف سفيان» الواقعة شمال محافظة عمران على حدود صعدة.

وبحسب المصادر التي تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة الحوثية، تحت إشراف عناصر من «سلاح المهندسين والصيانة العسكرية»، مجموعة صواريخ متنوعة ومسيّرات ومنصات إطلاق متحركة وأسلحة أخرى متنوعة إلى مخازن محصنة في مناطق متفرقة من صعدة.

دخان يتصاعد في صنعاء عقب ضربات أميركية استهدفت موقعاً حوثياً (رويترز)

وتمت عملية نقل الأسلحة - وفق المصادر - بطريقة سرية ومموهة وعلى دفعات، كما استقدمت الجماعة الحوثية شاحنات نقل مختلفة من صنعاء بغية إتمام العملية.

وتزامن نقل الأسلحة مع حملات اختطاف واسعة نفذتها جماعة الحوثيين في أوساط السكان، وتركزت في الأيام الأخيرة بمدينة عمران عاصمة مركز المحافظة، ومديرية حرف سفيان التابعة لها بذريعة «التخابر لصالح دول غربية».

واختطف الانقلابيون خلال الأيام الأخيرة، نحو 42 شخصاً من أهالي قرية «الهجر» في حرف سفيان؛ بعضهم من المشرفين والمقاتلين الموالين لهم، بعد اتهامهم بالتخابر مع أميركا وإسرائيل، وفقاً للمصادر.

وجاءت حملة الاختطافات الحوثية عقب تنفيذ الجيش الأميركي في الأسبوعين الماضيين، عشرات الغارات التي استهدفت منشآت عسكرية وأماكن تجمعات للجماعة في حرف سفيان، أسفر عنها تدمير منشآت استُخدمت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية أميركية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

أهمية استراتيجية

نظراً للأهمية الاستراتيجية لمنطقة «حرف سفيان» في عمران، فقد تركزت الغارات على استهداف منشآت ومواقع متفرقة في المديرية ذاتها.

وتُعدّ مديرية «حرف سفيان» كبرى مديريات محافظة عمران من أهم معاقل الجماعة الحوثية بعد محافظة صعدة، وذلك نظراً لمساحتها الكبيرة البالغة نحو 2700 كيلومتر مربع، مضافاً إلى ذلك حدودها المتصلة بـ4 محافظات؛ هي حجة، والجوف، وصعدة، وصنعاء.

أنصار الحوثيين يحملون صاروخاً وهمياً ويهتفون بشعارات خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل (أ.ب)

وكان قد سبق لجماعة الحوثيين تخزين كميات كبيرة من الأسلحة المنهوبة من مستودعات الجيش اليمني في مقرات عسكرية بمحافظة عمران؛ منها معسكر «اللواء التاسع» بضواحي مدينة عمران، و«لواء العمالقة» في منطقة الجبل الأسود بمديرية حرف سفيان، وموقع «الزعلاء» العسكري الاستراتيجي الذي يشرف على الطريق العام الرابط بين صنعاء وصعدة، إضافة إلى مقار ومواقع عسكرية أخرى.

وإلى جانب ما تُشكله هذه المديرية من خط إمداد رئيسي للانقلابيين الحوثيين بالمقاتلين من مختلف الأعمار، أكدت المصادر في عمران لـ«الشرق الاوسط»، أن المديرية لا تزال تُعدّ مركزاً مهماً للتعبئة والتجنيد القسري لليمنيين من خارج المحافظة، لكونها تحتوي على العشرات من معسكرات التدريب التي أسستها الجماعة في أوقات سابقة، وترسل إليها المجندين تباعاً من مناطق عدة لإخضاعهم للتعبئة الفكرية وتلقي تدريبات قتالية.

صورة عامة لحاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» (رويترز)

وتقول المصادر إن الضربات الأميركية الأخيرة على محافظة عمران كانت أكثر إيلاماً للحوثيين من غيرها، كونها استهدفت مباشرةً مواقع عسكرية للجماعة؛ منها معمل للطيران المسير، وكهوف تحوي مخازن أسلحة وأماكن خاصة بالتجمعات، بعكس الغارات الإسرائيلية التي تركزت على استهداف البنى التحتية المدنية، خصوصاً في صنعاء والحديدة.

وترجح المصادر أن الأميركيين كثفوا ضرباتهم في مديرية حرف سفيان بعد أن تلقوا معلومات استخبارية حول قيام الحوثيين بحفر ملاجئ وأنفاق ومقرات سرية لهم تحت الأرض، حيث يستخدمونها لعقد الاجتماعات وإقامة بعض الدورات التعبوية، كما أنها تحميهم من التعرض لأي استهداف مباشر.