دول غربية تحذر من «تسييس» النفط الليبي

مصطفى صنع الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا (المكتب الإعلامي للمؤسسة)
مصطفى صنع الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا (المكتب الإعلامي للمؤسسة)
TT

دول غربية تحذر من «تسييس» النفط الليبي

مصطفى صنع الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا (المكتب الإعلامي للمؤسسة)
مصطفى صنع الله رئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا (المكتب الإعلامي للمؤسسة)

حذّرت سفارات خمس دول غربية كبرى في ليبيا من «تسييس» المؤسسة الوطنية للنفط بالبلاد، وذلك على خلفية تصاعد الانقسامات داخل القطاع عقب محاولات مجلس النواب، تعيين فتحي باشاغا رئيساً لحكومة جديدة، خلفاً لعبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» المؤقتة.
وحثّت سفارات فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة، في بيان، مساء أمس، ما سمّتهم جميع «الجهات الفاعلة» على «احترام الوحدة والنزاهة والاستقلال والحفاظ على الطبيعة غير السياسية والتقنية» للمؤسسة الوطنية للنفط التي مقرها طرابلس العاصمة.
ويأتي تحذير سفارات الدول الكبرى، وسط صراع على منصب وزير النفط والغاز، بعد تكليف حكومة «الوحدة الوطنية» علي العابد، وزير العمل والتأهيل، خلفاً لمحمد عون، الذي يقول إنه في إجازة سنوية ويتمسك بمنصبه.
ولم ينجُ النفط الليبي، الذي يوصف بأنه «قوت الشعب»، من «المساومات»، ودائماً ما تقع الموانئ والآبار في مرمى الاستهداف، إمّا لمطالب فئوية، وإما لمناكفات سياسية ومالية بين الأطراف المتنازعة، الأمر الذي يجدد الدعوات بـ«أهمية تقسيم هذه الثروة على نحو عادل بين مناطق البلاد» المترامية.
ورأت السفارات الغربية أن «الاستمرار في إنتاج وتصدير النفط وعدم توقفه ثانية يعود بالنفع على جميع الليبيين». وكان إنتاج النفط انخفض من قرابة 1.3 مليون برميل يومياً في العام الماضي، إلى 729 ألف برميل يومياً، قبل أن يعاود الصعود إلى مليون برميل يومياً بعد استئناف الإنتاج في ثلاثة حقول مغلقة، في الحادي والعشرين من يناير (كانون الثاني) الماضي.
وعبرت السفارات الخمس عن تقديرها لمؤسسة النفط التي يترأسها مصطفى صنع الله، وقالت: «نقدّر التزام المؤسسة الوطنية بتحسين الشفافية المالية»، لكنها حذّرت من «الأعمال التي تقوض أعمالها»، مستندة إلى قرارات مجلس الأمن الدولي المتعددة، 2571 (2021)، و2441 (2018)، و2259 (2015)، و2146 (2014)».
وانتهت هذه السفارات بالتشديد على ضرورة «تجنّب مثل هذه الأعمال التي قد تشكل تهديداً لسلام ليبيا وأمنها واستقرارها».
وظلت غالبية حقول وموانئ النفط محاصرة من قبل موالين لـ«الجيش الوطني» الليبي مدة 9 أشهر إلى أن أمر المشير خليفة حفتر القائد العام في 18 سبتمبر (أيلول) عام 2020 بإعادة استئناف إنتاجه وتصديره.
وحول مدى اندلاع عنف أو صراع حول قطاع النفط الليبي بما يؤثر على إنتاجه أو تصديره، قال عون، لوكالة «بلومبرغ»، أمس: «أعتقد أننا تعلمنا تجربة مفادها أن ثروة ليبيا تأتي من النفط والغاز بشكل أساسي، لذلك يجب على كل طرف احترامها وإبعادها عن الصراع».
وأضاف: «لقد حدث ذلك من وقت لآخر، فهناك مجموعات لا يمكن السيطرة عليها، وهذه ليست مجموعات منظمة، وهم يشعرون بأن حقوقهم لم تؤخذ في الاعتبار، ويريدون رفع أصواتهم وأحياناً يفعلون ذلك بهذه الطريقة. حسناً، هذا غير مقبول بهذه الطريقة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».