«مهرجانات بيبلوس الدولية» تفتتح مع الشهير جون لجيند

أسامة الرحباني: علمنا سلفًا بمشاركة إسرائيلية في «ذا فويس» ونسقنا مع دولتنا

المغني جون لجيند  -  ميراي ماتيو
المغني جون لجيند - ميراي ماتيو
TT

«مهرجانات بيبلوس الدولية» تفتتح مع الشهير جون لجيند

المغني جون لجيند  -  ميراي ماتيو
المغني جون لجيند - ميراي ماتيو

«مهرجانات بيبلوس» للصيف المقبل مستمرة في نهجها لجذب الشباب، بشكل خاص، والحرص على التنويع، والاحتفاء بآلة الغيتار، مع الاستمرار في التعاون مع أسامة ومروان الرحباني، اللذين سيقدمان هذه السنة حفلاً للنجمة هبة طوجي التي اكتسبت مزيدًا من الشهرة، بمشاركتها في برنامج «ذا فويس» بنسخته الفرنسية ووصولها إلى مرحلة التصفيات النهائية.
وخلال مؤتمر صحافي عقد في مدينة جبيل يوم أمس، أعلن عن برنامج حافل يمتد من 13 يوليو (تموز) ويستمر حتى 18 أغسطس (آب) ويتضمن 9 حفلات. وشارك في المؤتمر كل من رئيسة لجنة المهرجانات لطيفة اللقيس، ووزيري السياحة والثقافة ميشال فرعون وريمون عريجي، ورئيس بلدية جبيل زياد حواط، والفنانين أسامة الرحباني وهبة طوجي، إضافة إلى ممثل عن بنك «إنتركونتننتال بنك أوف ليبانون» حبيب لحود، وهو الراعي الأول لهذا المهرجان. واستعرض المدير الفني للمهرجان ناجي باز، البرنامج، مبتدئًا بالحفل الافتتاحي الذي سيكون للفنان الشهير المغني والملحن والمؤلف جون لجيند، بصحبة فرقته. وكان لجيند المناضل من أجل حقوق الإنسان، قد عرف نجاحًا باهرًا العالم الماضي، بعد جولة عالمية نفدت بطاقاتها بالكامل، وباع خلالها أكثر من مليون نسخة من أغنيته «إل أوف مي»، وهو حائز على جائزة غرامي تسع مرات، وجائزة الأوسكار عام 2014 عن أغنيته «غلوري» في فيلم «سلمى» عن زوجة مارتن لوثر كينغ. ولجيند معروف بمزجه بين الهيب هوب والبوب وبصوته الرخيم، وتأتي محطته في بيبلوس ضمن جولة تبدأ في يونيو (حزيران)، تحمل عنوان «الحب في المستقبل».
أما الحفل الثاني يوم 14 يوليو، في بيبلوس الصيف المقبل فهو لفرقة «ذا سكريبت»، التي تحاول لجنة مهرجانات جبيل دعوتها منذ ما يقارب الخمس سنوات، إلى أن فازت بهذا الحفل، الذي ينتظره الشبان على أحر من الجمر، فالفرقة الآيرلندية بأقطابها الثلاثة التي حققت إلى اليوم، أربع أسطوانات بلاتينية، تمزج بين الهيب هوب والروك، وبات لها شهرة كبيرة، وستكون في بيبلوس ضمن جولة عالمية جديدة.
أما الحفل الثالث يوم 26 يوليو فهو لمحبي الهارد روك والميتال مع عازف الغيتار الألماني مايكل شانكر، الذي ألف فرقة موسيقية ضمت أفضل العازفين الذين سبق لهم أن برزوا في فرق أخرى شهيرة. ويبقي الغيتار متوجًا في بيبلوس في حفل العازفين الماهرين رودريغو وغابرييلا يوم 26 يوليو، بمعزوفات الروك والميتال مع الإيقاعات المكسيكية. أما غريغوري بورتر الذي سيقدم حفله يوم 28 يوليو، فهو أحد أحلى وأشهر أصوات الجاز في العالم اليوم، وحاصل على جائزة غرامي عام 2014 وحفله في لبنان هو الأول له في المنطقة.
لمحبي النوستالجيا، والأغنيات الفرنسية الهادئة ستغني ميراي ماتيو الشهيرة، والتي غابت طويلاً عن لبنان والشاشات يوم 30 من يوليو، وكانت قد قدمت حفلاً منذ 42 عامًا في بيبلوس ولم تعد من يومها، وهي قد تجاوزت الستين من عمرها اليوم، واحتفت مؤخرًا بخمسين سنة من الغناء في الأولمبياد.
أما هبة طوجي التي شاركت مع أسامة الرحباني في المؤتمر الصحافي فتقدم حفلاً يوم 7 أغسطس، قال أسامة الرحباني إنه سيكون منوعًا بلغات أجنبية، وبالعربية، كما سيحمل مزجًا بين الشرقي والغربي مع أوركسترا كبيرة، ويحمل مفاجآت، وستغني خلاله لداليدا وستينغ وآخرون.
وكانت مناسبة ليجيب أسامة الرحباني، وللمرة الأولى على الحملة التي طالته مع هبة طوجي بعد مشاركتها في برنامج «ذا فويس» بنسخته الفرنسية، إلى جانب المشاركة الإسرائيلية «شارون لالوم» التي صادف أن وصلت معها إلى التصفيات. وقال أسامة الرحباني: «أود أن أوضح أننا من خمسة شهور نسمع تعليقات سلبية وإيجابية على مشاركتنا في (ذا فويس) ولا نجيب، لأنا نحترم دولتنا وشعبنا، وكل إنسان نتعامل معه. ونحن لنا أفكارنا التي ننفذها، ونعرف ماذا نفعل، ومن يعطي أذنيه لكل ما يقال لا يستطيع أن يتطور». وأضاف الرحباني: «إننا كنا نعرف منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت من هم المشاركين في البرنامج، ولم يكن هناك من مفاجأة لنا، لذلك اتصلنا ونسقنا منذ البداية مع المسؤولين الأمنيين، ومع وزارة الخارجية، وبقينا على تنسيق مع السفارة اللبنانية في باريس، وكنا نقوم بكل خطواتنا بالتواصل مع دولتنا. وقالوا لنا حين سألنا عن الجنسية، نحن نتعامل مع الجنسية الثانية للمشاركة». وأضاف الرحباني: «وزراؤنا يصادف وجودهم مع إسرائيليين، في أماكن اجتماعات، وفي مؤتمرات، وهذا ليس سببًا لانسحابهم، والجميع يقدم طلبًا لوزارة الخارجية ليحصل على إذن بذلك»، كما أوضح أن «هبة طوجي لم ترفع إشارة النصر وهي إلى جانب المشاركة الإسرائيلية شارون، وإنما هي إشارة (ذا فويس) ردًا على ما كان قد وجه من اتهام إلى المغنية اللبنانية».
وجدير بالذكر، أن المهرجانات تختتم بحفلين أحدهما يقدم لمرتين ليلتي 12 و13 أغسطس، وهو أوبرالي بصوت السوبرانو اللبنانية سمر سلامة، في كنسية مار يوحنا التي عمرها 900 سنة وفي حديقتها. أما الحفل الختامي فيقدم في 18 من أغسطس تحييه فرقة «آلت - جي» التي طالب بها متابعو المهرجانات طوال سنوات، وها هي تصل إلى بيبلوس بأعضائها الأربعة، مازجة بين موسيقى الروك والفولك والموسيقى الإلكترونية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».