روسيا تستعد للرد على العقوبات... وتوجه انتقادات حادة للأمم المتحدة

أخلت بعثاتها الدبلوماسية في أوكرانيا وأنزلت علمها تمهيداً لقطع العلاقات

روسيا تستعد للرد على العقوبات... وتوجه انتقادات حادة للأمم المتحدة
TT

روسيا تستعد للرد على العقوبات... وتوجه انتقادات حادة للأمم المتحدة

روسيا تستعد للرد على العقوبات... وتوجه انتقادات حادة للأمم المتحدة

مع استمرار ردود الفعل الدولية الغاضبة على قرار موسكو الاعتراف باستقلال إقليمي لوغانسك ودونيتسك عن أوكرانيا، صعدت موسكو من لهجتها تجاه المواقف الغربية وهاجمت بعنف موقف الأمين العام للأمم المتحدة للأمم أنتونيو غوتيريش. فيما لوحت بقرارات جوابية على رزم العقوبات الغربية المعلنة. في الوقت ذاته بدا أن موسكو تستعد لإعلان قطع العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا بعدما قامت أمس، بإخلاء بعثاتها الدبلوماسية وإنزال العلم الروسي عن مبنى السفارة في كييف. وتزامنت ردود الفعل السياسية مع تفاقم الوضع حول إمكان توسيع التحرك العسكري في مناطق شرق أوكرانيا على خلفية تقارير عن تواصل تدهور الوضع على صعيد المناوشات المسلحة على خطوط التماس.
وأعلنت موسكو أمس، أنها تدرس خيارات للرد على العقوبات الأميركية والأوروبية. وقالت الخارجية الروسية في بيان إنها «سترد بقوة على رزمة العقوبات الأميركية الجديدة».
وأفاد بيان أصدرته الوزارة بأن حزمة العقوبات الأميركية الجديدة هي الواحدة بعد المائة في ترتيب رزم العقوبات التي فرضتها واشنطن على موسكو منذ ضم القرم في عام 2014.
ووصفتها بأنها تأتي «ضمن سياق محاولات واشنطن المستمرة لتغيير نهج روسيا»، مضيفة أن الولايات المتحدة «فشلت في التأثير على روسيا رغم كل مساعيها السابقة». وزادت أن الإدارة الأميركية «تلجأ مرة أخرى إلى الأدوات التقييدية غير الفعالة وغير البناءة من وجه نظر المصالح الأميركية نفسها». وشدد البيان على أن روسيا قادرة على تقليص الأضرار الناجمة عن العقوبات الخارجية، مضيفاً أن الضغط بواسطة العقوبات «لن يؤثر على عزمنا الدفاع عن مصالحنا بحزم».
وتوعدت موسكو بأنه «يجب ألا يكون هناك أي شك في أننا سنرد على هذه العقوبات ردا قويا لن يكون بالمثل بالضبط، لكنه سيكون مدروسا وحساسا بالنسبة للجانب الأميركي».
ونوه البيان بأن الأدوات المتوفرة للسياسات الخارجية الأميركية لا تشمل حالياً سوى الابتزاز والتخويف والتهديد، محذراً من أن واشنطن أصبحت «ضحية الأفكار النمطية للعالم أحادي القطب واقتناعها الخاطئ بأن الولايات المتحدة لا تزال مخولة وقادرة على فرض قواعدها المتعلقة بالنظام العالمي على الجميع».
في الوقت ذاته لفتت موسكو إلى أنها سترد بالطريقة ذاتها على رزم العقوبات الغربية الأخرى وخصوصا في الاتحاد الأوروبي بعد اتضاح المشهد حولها تماماً.
تزامن هذا الموقف مع توجيه وزير الخارجية سيرغي لافروف انتقادات غير مسبوقة إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنتونيو غوتيريش، وحمله فيها المسؤولية عن «الرضوخ للضغط الغربي» في تصريحاته عن الوضع حول أوكرانيا.
واستغل لافروف، محادثاته أمس، مع المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، لشن هجومه على غوتيريش. وقال الوزير إنه «للأسف الشديد، رضخ الأمين العام للأمم المتحدة للضغط الغربي وأدلى مؤخراً ببعض التصريحات حول مستجدات الوضع في شرق أوكرانيا التي لا تتماشى مع وظيفته وصلاحياته بموجب ميثاق الأمم المتحدة».
ولفت إلى أنه «لم يكن هناك من قبل أي نزاع عسكري أدلى أمين عام للأمم المتحدة على خلفيته مثل هذه التصريحات بحق أي دولة»، مضيفا أن موسكو كانت قد أبلغت غوتيريش عبر مندوبها في نيويورك بتقييمها لتصريحاته. وطلب لافروف من بيدرسن نقل الموقف الروسي الرافض لتلك التصريحات إلى الأمين العام أيضاً.
وشدد لافروف على أن موقفه ينطلق من أنه «يتعين على الأمانة العامة للأمم المتحدة في أي نزاعات، ومنها التسوية في سوريا، الالتزام بالحياد والدعوة إلى إطلاق حوار مباشر بين أطراف النزاع، وهذا ما تفعلونه في الأزمة السورية، لكن فيما يخص الوضع في أوكرانيا لم يرفع الأمين العام أبداً صوته لصالح ضرورة تطبيق اتفاقيات مينسك وقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2202، التي تنص بشكل مباشر على ضرورة حل جميع المسائل بالتنسيق بين كييف ودونيتسك ولوغانسك، ولم يذكر أحد في الغرب ذلك، وللأسف خطى الأمين العام هذه الخطوة المؤسفة».
بدوره، أشار بيدرسن إلى أن غوتيريش أكد دعم الأمم المتحدة الثابت لسيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها وضرورة الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
وقال إن غوتيريش في تصريحاته أبدى قلقه إزاء قرار روسيا الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، لافتا إلى أن الأمين العام في الوقت نفسه دعا إلى خفض التصعيد والحوار والتسوية السلمية للنزاع بناء على مبادئ ميثاق الأمم المتحدة.
وتابع بيدرسن: «آمل، وأنا متأكد من أنه يتطلع إلى ذلك، أن يتمكن (غوتيريش) من الإسهام في تحقيق هذا الهدف أيضاً، لأنني كمبعوث إلى سوريا قلق من أن ذلك قد يؤثر سلباً على النزاع السوري، لكنني آمل وأتطلع إلى ألا يحدث ذلك».
لكن موسكو لم تكتف بهذه التصريحات وأصدرت الخارجية الروسية بياناً حاداً رأت فيه أن «ادعاءات الأمين العام للأمم المتحدة، بشأن انتهاك روسيا لسيادة أوكرانيا عبر الاعتراف بجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، بعيدة عن الواقع».
وشددت الخارجية الروسية على أن غوتيريش كان عليه أن يطالب كييف على مدى تلك السنوات بتطبيق اتفاقات مينسك وقبل كل شيء عن طريق ترتيب حوار مباشر مع دونيتسك ولوغانسك، مثلما تنص عليه مجموعة الإجراءات.
ميدانياً، بدا أن الأمور في «الجمهوريتين» تتجه نحو تصعيد عسكري بعد مرور يوم واحد على حصول بوتين على تفويض برلماني بإرسال القوات العسكرية إلى لوغانسك ودونيتسك عندما تستدعي الحاجة. ومع تصاعد وتيرة الاشتباكات على خطوط التماس، جاء إعلان حال الطوارئ في أوكرانيا ليزيد من القلق في شأن احتمال مواجهة البلاد تحركا عسكريا روسيا.
وأكد سكرتير مجلس الأمن القومي والدفاع في أوكرانيا، أليكسي دانيلوف، أن زيلينسكي أمر بفرض حالة الطوارئ في عموم البلاد، باستثناء دونيتسك ولوغانسك. جاء ذلك، بعد إعلان زيلينسكي أنه أصدر مرسوما باستدعاء عناصر الاحتياط للجيش «في المرحلة الخاصة»، مشيراً إلى عدم ضرورة إعلان الاستنفار العام. وقال في كلمة موجهة للشعب الأوكراني، أول من أمس: «نحتاج إلى تعزيز قوام الجيش الأوكراني وغيره من التشكيلات العسكرية بسرعة». وأضاف: «أصدرت بصفتي القائد العام للقوات المسلحة الأوكرانية مرسوما حول استدعاء عناصر الاحتياط». وأشار إلى أنه «ستجري في البلاد في أقرب وقت تدريبات خاصة لقوات الاحتياطي التابعة للدفاع الوطني».
وزاد أن حال الطوارئ فرضت اعتبارا من الأربعاء لمدة 30 يوما مع إمكانية تمديدها كي تصل مدتها إجمالا 60 يوماً.
وأوضح أن الإجراءات المتبعة بموجب حال الطوارئ ستختلف في مناطق مختلفة وستكون أكثر شدة عند حدود روسيا وبيلاروسيا، مشيراً إلى أن الحديث يدور عن تعزيز إجراءات حماية النظام العام مع إمكانية فرض قيود على حركة النقل وتفتيش وسائل النقل وفحص وثائق أفراد.
وتعهد سكرتير مجلس الأمن بأن هذه الخطوة لن تؤثر تقريبا على حياة المدنيين، قائلاً إن هذا القرار يأتي بهدف ضمان أمن الدولة و«وتعزيز أدوات الرد على التحركات الروسية». وتزامنت هذه التطورات، مع اتجاه العلاقات الروسية الأوكرانية إلى قطيعة كاملة.
إذ تم أمس، إنزال العلم الروسي عن السفارة في كييف، مع استمرار عملية إجلاء موظفي البعثات الدبلوماسية الروسية في أوكرانيا.
وأكدت السفارة الروسية أن الأوضاع حول البعثة الدبلوماسية ما زالت هادئة لكنها أشارت إلى مخاوف في ظل تصاعد المزاج الشعبي الغاضب ضد روسيا في أوكرانيا. وزادت أن القرار اتخذ «لحماية حياة وضمان سلامة موظفي البعثة الروسية». وأوضحت الوزارة أنه «منذ عام 2014، تعرضت السفارة الروسية في كييف والقنصليات العامة في أوديسا ولفوف وخاركوف لاعتداءات متكررة. وكانت الاستفزازات تُشن بانتظام ضد المركز الروسي للعلوم والثقافة في كييف، كما تعرضت ممتلكات المركز لأضرار».
وأضافت أن الدبلوماسيين الروس تلقوا تهديدات بالعنف الجسدي، وأضرمت النيران في سياراتهم، مشيرة إلى أنه خلافاً لما تنص عليه اتفاقيات فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية، فإن سلطات كييف لم تتخذ أي إجراء لمنع حدوث ذلك. وكان زيلينسكي لمح قبل يومين إلى احتمال إعلان قطع العلاقات الدبلوماسية مع روسيا.
في غضون ذلك، جاء إعلان هيئة (وزارة) الأمن الفيدرالي الروسية عن إحباط هجوم على كنيسة في شبه جزيرة القرم، قالت إن «مجموعة أوكرانية يمينية متطرفة خططت له» ليزيد من تعقيد الموقف الأمني بين روسيا وأوكرانيا. وأكدت الهيئة في بيان أنها اعتقلت ستة أشخاص يحملون الجنسية الروسية في القرم على خلفية هذه القضية، وهم يعدون من أنصار جماعة «القطاع الأيمن» الأوكرانية اليمينية المتطرفة المحظورة في روسيا. وذكرت الهيئة أن المعتقلين خططوا لتفجير عبوة ناسفة داخل إحدى الكنائس المسيحية الأرثوذكسية في القرم بهدف ترويع السكان.
في المقابل، أعلنت أوكرانيا أمس، أنها تعرضت لهجوم سيبراني قوي استهدف عددا واسعا من مؤسسات الدولة. وتتهم كييف روسيا بتكرار تنفيذ هجمات من هذا النوع كان أحدثها قبل إعلان موسكو قرار الاعتراف بالإقليمين مباشرة.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.