«النقد الدولي» يختتم زيارة تونس بـ«حزمة شروط»

تمسك بالحد من الدعم وإشراك «الجهات الفاعلة»

تونسيون يتبضعون عند بائع خضروات في العاصمة التونسية (رويترز)
تونسيون يتبضعون عند بائع خضروات في العاصمة التونسية (رويترز)
TT

«النقد الدولي» يختتم زيارة تونس بـ«حزمة شروط»

تونسيون يتبضعون عند بائع خضروات في العاصمة التونسية (رويترز)
تونسيون يتبضعون عند بائع خضروات في العاصمة التونسية (رويترز)

أنهت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها الافتراضية إلى تونس بمطالبة السلطات بضرورة تنفيذ إصلاحات اقتصادية هيكلية ترى أن لا مناص منها، وفي هذا الشأن ذكرت مصادر حكومية تونسية أن صندوق النقد خلال محادثاته الفنية مع الطرف التونسي ممثلاً بالخصوص في وزيرة المالية سهام نمسية ومحافظ البنك المركزي مروان العباسي، وعلاوة على إشراك الأطراف الاجتماعية في إعداد البرنامج الاقتصادي الموجه للمفاوضات، تمسك بضرورة الحد من الدعم الموجه للطاقة (المحروقات والكهرباء والغاز) والمواد الأساسية (الخبز والزيت النباتي والسكر) وإعطاء أولوية للإنفاق على مجالات الصحة والاستثمار وحماية الإنفاق الاجتماعي الموجه للأطراف التي تستحقه بالفعل.
وعلى مدى أكثر من أسبوع من المحادثات، أجرت بعثة صندوق النقد الدولي اجتماعات مكثفة مع وزيرة المالية ومحافظ البنك المركزي، إلى جانب الوزراء المعنيين بمهمة الإصلاح الاقتصادي، بهدف التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج الدعم المالي بين الطرفين غير أن معظم الدلائل والتصريحات القليلة التي رافقت هذه الجلسات بدت غير مشجعة وأكدت على صعوبة التفاوض في ظل صعوبة التزام السلطات التونسية بالتوصيات والشروط التي تمسك بها الصندوق منذ سنوات.
وفي السياق ذاته، فإن صندوق النقد (الذي سيجتمع من جديد إثر الزيارة التي امتدت من 14 إلى 22 فبراير (شباط) الحالي لتحديد موقفه من برنامج تمويل الاقتصاد التونسي، دعا السلطات التونسية إلى إصلاح منظومة الدعم والتحكم بشكل أفضل في كتلة أجور الأشخاص العاملين في الوظيفة العمومية، وهي مطالب من شأنها أن تعقد المفاوضات بين الطرفين نتيجة الانعكاسات الحادة المحتملة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي.
وتطرقت جلسات المحادثات لضرورة خفض العجز المالي على مستوى ميزانية الدولة وتعزيز عدالة النظام الضريبي، وتشجيع مشاركة القطاع الخاص في الاستثمار وتنفيذ إصلاحات واسعة النطاق بالنسبة للمؤسسات العمومية التي تعاني في معظمها من صعوبات مالية حادة.
وكان سمير سعيد وزير الاقتصاد والتخطيط قد نفى في تصريح للقناة الوطنية الحكومية، خبر إلغاء الدعم في تونس خلاف لما يتم الترويج له، مع أن التخلي عن هذا الدعم يمثل أحد الشروط الأساسية لتمويل الاقتصاد التونسي والحصول على قرض مالي قيمته نحو أربعة مليارات دولار.
وفي المقابل كشف سعيد عن مخطط حكومي لتعزيز الدعم وتوجيهه نحو مستحقيه، مؤكداً على أن المنتجات التونسية المدعومة يقع ترويجها في بعض الأسواق الأفريقية (ليبيا على وجه الخصوص)، قائلاً إنه قد حان وقت الإصلاح على حد تعبيره.
ومن ناحيته، كان جيروم فاشي ممثل صندوق النقد الدولي في تونس قد أكد أن تونس تسعى للحصول على مصادر تمويل دولية بعد الركود الاقتصادي الذي بلغ حداً غير مسبوق وبلغ نسبة 8.8 سلبي، وهي نسبة لم تسجل منذ استقلال البلاد سنة 1956، وأكد المصدر ذاته أن انهيار الناتج المحلي التونسي جعل البلاد غير قادرة على استيعاب معدل البطالة الذي يتجاوز 18 في المائة.



الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.