جدة تعيش «ليلة التأسيس» بروايات التاريخ والأهازيج

جانب من احتفالات جدة التاريخية بيوم التأسيس (تصوير: محمد المانع)
جانب من احتفالات جدة التاريخية بيوم التأسيس (تصوير: محمد المانع)
TT

جدة تعيش «ليلة التأسيس» بروايات التاريخ والأهازيج

جانب من احتفالات جدة التاريخية بيوم التأسيس (تصوير: محمد المانع)
جانب من احتفالات جدة التاريخية بيوم التأسيس (تصوير: محمد المانع)

عاشت مدينة جدة، الواقعة في الشقّ الغربي من السعودية، ليلة استثنائية استحضرت فيها كثيراً من الحكايات والروايات التاريخية لنشأة البلاد على مدار 3 قرون، ووثّقت عروس البحر الأحمر ليلتها بكثير من الإرث على أهازيج المكان والزمان لكل منطقة.
المنطقة التاريخية التي ظلت داخل الأسوار حتى نهاية 1947 وتوسعت في عهد الملك عبد العزيز، رسمت حواريها وأزقتها لوحة تراثية فنية تحاكي واقع البلاد قبل مئات السنين من خلال الملبوسات والوشاح لكل مدينة، وشهدت المنطقة - التي تضم أشهر أحياء جدة التي تأسست في القرن التاسع عشر الميلادي، ومنها حارة الشام، لكونها تحتل الجزء الشمالي من المدينة، وحارة اليمن، لأنها في الجزء الجنوبي من المدينة، وحارة المظلوم في وسط المدينة - مسيرة بهذه الملبوسات مع أداء أغانٍ تراثية قديمة.
وفي منطقة «أبرق الرغامة» التي شهدت إعلان دخول جدة تحت حكم الدولة السعودية في سبتمبر (أيلول) 1925، وشكلت آخر نقطة وقف فيها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود، وهو يقود مسيرة توحيد البلاد، رسم المركز الثقافي لوحة فنية متكاملة، بعرض للفنون القديمة في المنطقة، التي تمتد على طول ساحل البحر الأحمر، ومسابقات تركز على تنشيط ذاكرة الأطفال حول تاريخ بلادهم، إضافة إلى كثير من العروض الترفيهية.
وكان لافتاً اللوحة الجدارية التي شارك فيها نحو 12 فناناً تشكيلياً بجوار ميدان خادم الحرمين الشريفين، والتي سعى من خلالها الفنانون المشاركون ترسيخ الهوية، والسفر عبر الزمان بحكايات وتفاصيل المكان، وتأتي أهمية الجدارية لقربها من أطول سارية في قلب جدة، إذ تشهد تدفق الزوار لأخذ الصور التذكارية ومشاهدة اللوحة الجدارية.
وقال مدير عام خدمة المجتمع في أمانة جدة، ماجد السلمي، لـ«الشرق الأوسط»؛ الأمانة اعتمدت الفعاليات المقرر إطلاقها على مدى يومين في الطرق الرئيسة والميادين والمباني والبوابات وغيرها من المواقع. وشملت الاستعدادات عرض أعلام الزينة والإضاءة، وإطلاق المسابقات والفنون الشعبية والتشكيلية، ونشر التهنئة والشعارات على الشاشات واللوحات الإعلانية.
وتابع السلمي، أن مركز الملك عبد العزيز الثقافي بأبرق الرغامة سيشهد عروض الفنون الشعبية، وستتضمن الفعالية مسابقات للأطفال وعروض الإضاءات والهوية في مبنى الأمانة، وبوابات جدة، ومركز الملك عبد العزيز الثقافي، وفي ميادين كبرى مثل «الكرة الأرضية والقناديل والنورس»، إضافة إلى تفعيل الشاشات واللوحات الإعلانية على الطرق والشوارع الرئيسة لنشر التهنئة بذكرى يوم التأسيس، كما خصصت الأمانة فعالية لمنسوبيها احتفاءً بهذه المناسبة.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».