لبنان يلغي الوكالات الحصرية بقانون «القطب المخفية»

تجار بيروت يخشون «نيات مبيتة» لتغيير وجه الاقتصاد

البرلمان اللبناني خلال اجتماعه أمس (الوكالة الوطنية)
البرلمان اللبناني خلال اجتماعه أمس (الوكالة الوطنية)
TT

لبنان يلغي الوكالات الحصرية بقانون «القطب المخفية»

البرلمان اللبناني خلال اجتماعه أمس (الوكالة الوطنية)
البرلمان اللبناني خلال اجتماعه أمس (الوكالة الوطنية)

مع إقرار مجلس النواب اللبناني أمس (الاثنين) قانون المنافسة القاضي بإلغاء حصرية الوكالات التجارية، يكون لبنان، وكما أعلن رئيس المجلس نبيه بري، آخر دولة في العالم تلغي هذه الوكالات.
فبعد سنوات طويلة من الأخذ والرد، ومقاربة البعض الملف من زاوية طائفية، باعتبار أن الممسكين بالوكالات الحصرية معظمهم من المسيحيين، صوتت معظم الكتل النيابية لصالح هذا القانون، خاصة أنه «مطلب دولي إصلاحي» بات لبنان ملزما بتمريره، علما بأن اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي تفرض عليه ذلك.
ويُرجح أن يوقع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون هذا القانون باعتبار أن نواب تكتل «لبنان القوي» صوتوا معه، علما بأن رئيس الجمهورية السابق إميل لحود رفض التوقيع على قانون مماثل عام 2004 ورده إلى مجلس النواب.
ويشير عضو تكتل «لبنان القوي» آلان عون إلى أن القانون الذي تم إقراره أمس «استغرق العمل عليه أشهرا طويلة وساعات كثيرة، وقد توصلنا إلى صيغة توافقية تزاوج بين الأفكار المتعددة والمتناقضة أحيانا»، معتبرا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن هذا القانون «إصلاحي بامتياز، وهو مطلب داخلي ودولي أساسي لتطوير نظامنا الاقتصادي، وكسر الهيمنة والاحتكارات في الممارسات التجارية». ويوضح عون أن «التكتل أسهم في النقاشات والإقرار من خلفية اقتصادية وتقنية بحتة بعيداً عما أعطي من أبعاد طائفية عند البعض بحكم أن كثيراً من أصحاب الوكالات الأساسية هم من الطائفة المسيحية».
ويعتبر الوزير السابق فادي عبود أنه كان من المفضل إقرار قانون للتنافس الحر من دون أي «قطب مخفية» تؤثر على التنافس، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن بعض التعديلات التي تم إدخالها على القانون تطرح بعض علامات الاستفهام. ويضيف «التنافس الحر مهم جداً لتخفيض الأسعار، ويجب أن يكون الاستيراد محمياً قانوناً، ولا يجوز تسهيل استيراد الوكيل وتعقيد استيراد غير الوكيل. ففي حالة السيارات مثلاً يتم تسعير السيارة المستوردة من قبل الوكيل بأقل من المستورد غير الوكيل بفروقات تصل إلى أكثر من 40 في المائة من سعر الوكيل وهذا يمنع التنافس الحر!».
وقد تم الاتفاق على مخرج بعد خلافات طويلة طالت المادة الخامسة من القانون الذي يعطي الحق لصاحب وكالة حصرية سابقا في حال كان هناك حكم قضائي لصالحه بالطلب من الجمارك بمنع تاجر آخر من إدخال نفس البضاعة، مع اشتراط ألا تتعدى مدة منع إدخال البضائع في جميع الأحوال 3 سنوات من تاريخ صدور الحكم.
وتختلف مقاربة نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي لانعكاس هذا القانون على الاقتصاد اللبناني عن مقاربة رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس. ففيما يعتبر الأول أن «فتح باب المنافسة التجارية أمام الجميع في هذا القانون من شأنه أن ينعكس إيجابا على حركة الأسواق ويؤدي إلى خفض الأسعار، وهو ما نسعى إليه علنا، ففي ذلك نتكمن من إراحة المواطن قليلا»، يخشى شماس «انعكاسات كبيرة وخطيرة محتملة» لهذا القانون، متحدثاً إلى «الشرق الأوسط» عن «نيات مبيتة تهدف من خلال الأداء المستمر منذ عامين ونصف لتغيير وجه الاقتصاد اللبناني وفكفكة البنيان التجاري اللبناني المتميز في المنطقة».
وإذ ينبه شماس من أن «خسارة التجار حماية القضاء اللبناني كانت ستشرع البلد على عمليات تهريب البضائع وتجار الشنط». ويضيف «نحن في نهاية المطاف وافقنا على كل مواد القانون باستثناء البند الرابع من المادة الخامسة، والتي تعطي نوعا من الحماية للتاجر الذي يلجأ إلى القضاء اللبناني... ما حصل نوع من التسوية المقبولة غير المثالية بتحديد سقف 3 سنوات للوكيل الذي لديه حكم قضائي بمنع تاجر آخر من إدخال نفس البضاعة». ويشدد شماش الذي يؤكد تأييد الهيئات الاقتصادية وجمعية تجار بيروت للمنافسة النظيفة والمشروعة، على أهمية تشكيل هيئة المنافسة التي ينص عليها القانون لوضع أسس المنافسة المتكافئة ومنع التهريب.
وكان بري أكد، في مداخلة خلال الجلسة النيابية أمس، أن «لبنان البلد الأوحد في العالم فيه وكالات حصرية، وأن المادة 36 من اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي توجب إلغاء الوكالات الحصرية»، مشددا على أن «القانون لا يستهدف أناسا دون آخرين. أما الواقع، فإن عدد الوكالات الحصرية المسجلة 3030 وكالة، الصالح منها 313 فقط، والبقية غير قانونية فهي لا تجدد العقود ولا تدفع الرسوم».
يذكر أن الوكالات الحصرية تعود في لبنان للعام 1967، حيث تم تكريسها بقانون قدم حماية لعدد من التجار، تسمح لهم بحصرية تمثيل الشركات والعلامات التجارية على الأراضي اللبنانية، وبالتالي تمنع أي جهة أخرى من استيراد أو توزيع منتجات وسلع من تلك العلامات التجارية. وعام 1975 خضع القانون لتعديلات وألغى الوكالات الحصرية عن المواد الغذائية، وبعد 17 عاما وبالتحديد عام 1992 تم تحديد المواد التي لا تعتبر من الكماليات، والتي لا يسري عليها حصر التمثيل التجاري أي لا تسري عليها الوكالات الحصرية وهي: المواد الغذائية للاستهلاك البشري والحيواني لجميع أسمائها وأنواعها وأصنافها، إضافة لمواد التنظيف ومساحيق الغسيل.
وبحسب «الدولية للمعلومات» لا يزيد عدد أصحاب الوكالات الحصرية في لبنان عن 300 شخص فقط، يحتكرون استيراد وتوزيع 2335 سلعة.



هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
TT

هوكستين: القوات الإسرائيلية ستنسحب قبل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب

المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي آموس هوكستين متحدثاً إلى الصحافة خلال زيارته لبيروت الأسبوع الماضي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي، آموس هوكستين، الأربعاء، أن القوات الإسرائيلية ستنسحب من المناطق الجنوبية قبل انتشار الجيش اللبناني، وذلك غداة إعلان التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله».

وأضاف هوكستين في تصريحات تلفزيونية لوسائل إعلام لبنانية: «(حزب الله) انتهك القرار 1701 لأكثر من عقدين وإذا انتهك القرارات مجدداً سنضع الآليات اللازمة لذلك».

وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، أمس، وقفاً لإطلاق النار بين إسرائيل و«حزب الله» دخل حيّز التنفيذ في الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلّي.

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن الاتفاق سيسمح لبلاده التي ستحتفظ «بحرية التحرّك» في لبنان، وفق قوله، بـ«التركيز على التهديد الإيراني»، وبـ«عزل» حركة «حماس» في قطاع غزة.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن اتفاق وقف النار في لبنان يجب أن «يفتح الطريق أمام وقف للنار طال انتظاره» في غزة.

وأعلن الجيش اللبناني، اليوم، أنه بدأ نقل وحدات عسكرية إلى قطاع جنوب الليطاني، ليباشر تعزيز انتشاره في القطاع، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)، وذلك بعد اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي بدأ سريانه منذ ساعات.

وقال الجيش في بيان إن ذلك يأتي «استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار (1701) الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة، والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وأضاف أن الوحدات العسكرية المعنية «تجري عملية انتقال من عدة مناطق إلى قطاع جنوب الليطاني؛ حيث ستتمركز في المواقع المحددة لها».

وكان رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي قد أعلن في وقت سابق أن لبنان سيعزز انتشار الجيش في الجنوب في إطار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال ميقاتي بعد جلسة حكومية إن مجلس الوزراء أكّد الالتزام بقراره «رقم واحد، تاريخ 11/10/2014، في شقه المتعلق بالتزام الحكومة اللبنانية تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 1701... بمندرجاته كافة لا سيما فيما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني».

وطالب في الوقت نفسه «بالتزام العدو الإسرائيلي بقرار وقف إطلاق النار والانسحاب من كل المناطق والمواقع التي احتلها، تنفيذا للقرار 1701 كاملا».

وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل و«حزب الله» بعد حرب مدمّرة خاضاها في صيف 2006.

وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل) وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوة الدولية.وأعرب ميقاتي في الوقت نفسه عن أمله بأن تكون الهدنة «صفحة جديدة في لبنان... تؤدي إلى انتخاب رئيس جمهورية» بعد عامين من شغور المنصب في ظلّ الخلافات السياسية الحادة بين «حزب الله» حليف إيران، وخصومه السياسيين.

من جهته، دعا رئيس البرلمان اللبناني وزعيم حركة أمل نبيه بري النازحين جراء الحرب بين إسرائيل و«حزب الله»، للعودة إلى مناطقهم مع بدء سريان وقف إطلاق النار. وقال في كلمة متلفزة «أدعوكم للعودة إلى مسقط رؤوسكم الشامخة... عودوا إلى أرضكم التي لا يمكن أن تزداد شموخاً ومنعة إلا بحضوركم وعودتكم إليها».ودعا كذلك إلى «الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية» بعد عامين من شغور المنصب.

ومن المنتظر أن تتولى الولايات المتحدة وفرنسا فضلاً عن قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، وقال هوكستين إن بلاده ستدعم الجيش اللبناني الذي سينتشر في المنطقة. وأكد: «سندعم الجيش اللبناني بشكل أوسع، والولايات المتحدة هي الداعم الأكبر له، وسنعمل مع المجتمع الدولي جنبا إلى جنب».