ينقضي اليوم عامان على ظهور جائحة «كوفيد - 19» في أوروبا، وليس من يريد الاحتفال بهذه المناسبة بعد أن خلف الوباء أكثر من 151 مليون إصابة، بينها 26 مليوناً ما زالت قيد العلاج أو تحت المراقبة، وما يزيد على 1.6 مليون حالة وفاة، فيما يواصل متحور «أوميكرون» سريانه من غير أن تلوح حتى الآن بشائر أكيدة على انحساره وسط أنباء عن ظهور طفرة جديدة متفرعة عنه أسرع انتشاراً بنسبة 30 في المائة.
وبينما تشير الاستطلاعات الأخيرة في البلدان الأوروبية إلى أن نسبة السكان الذين يشعرون بالقلق من الفيروس تراجعت إلى أدنى المستويات منذ مطالع عام 2020، لكنها ما زالت تزيد على 70 في المائة، ذكر المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منه، بأنه عندما انخفض منسوب القلق من الوباء بشكل ملحوظ في صيف ذلك العام، وساد الشعور بأن الجائحة اقتربت من خواتيمها، وبدأ العد العكسي لرفع القيود وتدابير العزل والإقفال، عاد الفيروس لينتشر في موجات جديدة متتالية لم تقتصر على المسنين، كما في البدايات، بل راحت تصيب أعداداً متزايدة من البالغين الشباب الذين كانوا يعتبرون أن عندهم من المناعة الطبيعية ما يحميهم من المرض.
ويتوقف الخبراء لدى قراءة نتائج هذه الاستطلاعات عند النسبة العالية من الشباب الذين يتصدرون اليوم فئات الذين يشعرون بالقلق من الوباء، خصوصاً بسبب من تداعياته على الأنشطة التعليمية وفرص العمل والقيود التي ما زالت تفرضها مكافحته على مناحي الحياة الاجتماعية.
يذكر أن نسبة الذين كانوا يشعرون بالقلق الشديد من «كوفيد - 19» في أوروبا في مثل هذه الأيام من العام الماضي كانت تتراوح بين 80 في المائة و90 في المائة، مع التركيز بشكل خاص على تداعياته الاجتماعية. يضاف إلى ذلك أن مناخ الخوف الذي ساد في تلك المرحلة ولد عند المواطنين توقاً متزايداً للحماية من المؤسسات العامة وتطلعاً متزايداً إلى السلطة. وأدت تلك المشاعر إلى «شخصنة» المواقف بالتركيز على مسؤولين بعينهم في المراكز العليا للقرار، واعتبارهم أصحاب الفضل في نجاح خطط التصدي للوباء أو، غالباً، المسؤولين عن فشلها وتداعياتها السلبية، فيما كانت صدقية الأحزاب السياسية تبلغ أدنى مستوياتها مع استمرار الموجات الوبائية، وما تخلفه من إصابات ووفيات جديدة كانت تستدعي إطالة حالات الطوارئ وتمديد القيود والتدابير الوقائية. ويلاحظ المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية أن مشاعر «الخوف الفيروسي» بدأت تتراجع بشكل ملحوظ منذ ربيع العام الفائت بعد انطلاق حملات التلقيح، حيث كانت نسبة الذين يشعرون بقلق شديد من الوباء تراجعت إلى 56 في المائة في مارس (آذار) الماضي، ثم انخفضت إلى 30 في المائة في سبتمبر (أيلول) لتصل اليوم إلى 24 في المائة.
ويقول خبراء المركز، إن ثمة أسباباً عديدة وراء ذلك، أولها الحماية المناعية التي وفرتها اللقاحات بعد أن تجاوزت نسبة التغطية اللقاحية الكاملة في غالبية البلدان الأوروبية 80 في المائة من مجموع السكان. يضاف إلى ذلك أن الفيروس ذاته تغيرت مواصفاته البيولوجية مع ظهور المتحورات الجديدة التي كان آخرها «أوميكرون»، الذي، رغم سرعة سريانه، لا يتسبب عموماً في إصابات خطرة.
ومن الأسباب الأخرى أيضاً تطور البروتوكولات العلاجية بعد المرحلة الأولى التي كان الأطباء يواجهون فيها الفيروس خبط عشواء بعلاجات مرتجلة قبل معرفة مواصفاته ومسرى تطور الإصابة، فضلاً عن أن الناس تكيفت مع الفيروس، فيزيولوجياً ونفسياً.
ويحذر الخبراء من أن «الفيروس ما زال مبعثاً على الخوف»، لأنه ما زال يصيب البشر، وإن بنسبة أخف شدة من الماضي، وأرقام الوفيات اليومية ما زالت تعد بالمئات. وينبهون من أن الرغبة، الطبيعية والمنطقية، في طي صفحة الماضي، لها ما يبررها بعد الذي عاناه العالم طوال عامين، لكنها محفوفة بالمخاطر، ومن المستحسن عدم الانقياد وراءها بسرعة ومن غير تدابير احترازية.
أوروبا بعد عامين من ظهور الجائحة: أكثر من 151 مليون إصابة وما يزيد على 1.6 مليون وفاة
أوروبا بعد عامين من ظهور الجائحة: أكثر من 151 مليون إصابة وما يزيد على 1.6 مليون وفاة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة