كينيا تهدد بإغلاق أكبر مخيم للاجئين في العالم

مخيم داداب يضم 350 ألف لاجئ من الصومال وبات محل شبهة مع تزايد هجمات «الشباب»

كينيا تهدد بإغلاق أكبر مخيم للاجئين في العالم
TT

كينيا تهدد بإغلاق أكبر مخيم للاجئين في العالم

كينيا تهدد بإغلاق أكبر مخيم للاجئين في العالم

هددت الحكومة الكينية بتفكيك أكبر مخيم للاجئين في العالم، مما أثار حالة من الذعر بين 350 ألف شخص يعيشون في هذا المكان وأيضا وسط منظمات الإغاثة الدولية التي تساعدهم. ويقول المسؤولون الكينيون، إن «المخيم يشكل تهديدا للأمن القومي الكيني، وهو عبارة عن مجموعة كبيرة من الخيام والأكواخ التي تستخدمها حركة الشباب الصومالية في التخطيط لهجماتها الإرهابية، مثل التي جرت في جامعة غاريسا الشهر الماضي وأسفرت عن مقتل 148 شخصا».
بعد مرور 25 عاما على إنشاء هذا المخيم كحل مؤقت للعائلات التي فرت من الحرب الأهلية الصومالية، تحول مخيم داداب للاجئين إلى مدينة مترامية الأطراف. وإخراج السكان منه لن يكون كابوسا لوجيستيا فحسب، بل سيتحول إلى كارثة إنسانية، كما يقول أحد موظفي الإغاثة.
يشكك بعض الخبراء في مضي كينيا قدما نحو هذه الخطوة الصارمة، غير أن الإعلان عن هذه الخطوة الشهر الحالي يثير مخاوف جديدة في وقت ارتفع فيه العدد الإجمالي للاجئين والنازحين حول العالم إلى أعلى مستوى مسجل منذ الحرب العالمية الثانية، مما يسبب توترا وإجهادا شديدين لدى منظمات الإغاثة الدولية.
استمعت زليخة ضاهر (20 عاما) الأنباء عبر الإذاعة داخل منزلها المصنوع من أعواد وقماش وبلاستيك، وهو نسخة مكررة من آلاف المنازل الأخرى التي تنتشر عبر المساحة الشاسعة المسطحة من الأحراش قرب الحدود الكينية - الصومالية. قرأ المذيع البيان عن نائب الرئيس حيث قال إن «الطريقة التي تغيرت بها الولايات المتحدة عقب هجمات سبتمبر (أيلول) هي ذات الطريقة التي تغيرت بها كينيا عقب هجمات غاريسا».
ولدت ضاهر هنا، وتزوجت هنا. ومنذ أعوام قليلة، أنجبت طفلتها هنا. وبطاقة هويتها الأجنبية تصفها بأنها مواطنة صومالية، لكنها لم تذهب إلى الصومال قط. تابعت الصوت على الراديو يقول إنه يتوجب عليها المغادرة في غضون ثلاثة أشهر.
عندما أنشئ المخيم عام 1991، كان مجرد تجمع من الخيام البيضاء، لكن هناك الآن شعورا بالاستدامة، حيث توجد فيه 52 مدرسة، و11 مركزا للشرطة، والآلاف من أكواخ الطوب ذات أسقف الصفيح، وبعض المنشآت مثل مدرسة ياسر لتعليم قيادة السيارات، وفندق أمازينغ غريس، ومتجر بيست فريندز للإلكترونيات. غير أن إحساس الاستدامة يتلقى زخمه من أناس على شاكلة ضاهر، التي تشاهد من بعيد موطنها الصومال يتمزق.
إن إرسالهم مجددا إلى الصومال حيث تسيطر حركة الشباب على مساحات واسعة من البلاد يعد كارثة، ومأساة إنسانية، حسبما قال ليونارد زولون القائم بأعمال مدير مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين في مخيم داداب.
في شمال أفريقيا، يستقل الآلاف من المهاجرين الأفارقة وطالبي اللجوء القوارب المتهالكة فرارا إلى أوروبا، ويلقى الكثير منهم حتفهم في الطريق. لكن مخيم داداب يبدو أنه رمز لنوع مغاير من أزمات اللاجئين - حيث نظام الدعم العجوز لأولئك الفارين من الصراعات المسلحة والمجاعات، وفيه توجد الموارد الضعيفة مع تزايد التوترات مع الدول المضيفة.
ازدادت احتياجات التمويل لدى مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين بنسبة 130 في المائة منذ عام 2009، لكن ميزانيتها تضاعفت بنسبة 70 في المائة، وفقا لتقرير صادر عن معهد سياسات الهجرة ومقره في واشنطن. وتبدو علامات النقص في المساعدات جلية في مخيم داداب، حيث يحوم سوء التغذية لدى الأطفال حول نسبة 10 في المائة من سكان المخيم.
طال الزمن بالأزمة الصومالية حتى أن الكثير من اللاجئين ليس لديهم جذور في أي دولة. فالصومال هي المكان الذي تسمع عنه ضاهر في الراديو وتشاهده في التلفاز فقط. وتقول «تنفجر القنابل، ويقتل الناس، ولا مدارس ولا مستشفيات». وخلال الشهر الماضي هاجمت حركة الشباب قافلة للأمم المتحدة، ووزارة التعليم العالي، ومطعما شعبيا، وفندقا، إلى جانب الكثير من الأهداف الأخرى.
وحتى كينيا، أو كينيا التي هي خارج المخيم، تعد أرضا بعيدة بالنسبة لضاهر، حيث يتعذر عليها دخولها ببطاقة هويتها الأجنبية. ولذلك فإن فكرة انتقالها إلى أي مكان آخر، في أي اتجاه من داداب، لا تعني بالنسبة إليها شيئا. وقالت ضاهر «لا يوجد مكان آخر».
مع نمو مخيم داداب، ازدادت كذلك المشكلات الأمنية التي يشكلها، حيث تمكن عناصر حركة الشباب من التسلل إلى داخل المخيم، وفقا للمسؤولين الكينيين، ويخبئون الأسلحة، ويجندون الشبان. بعد إرسال كينيا لقواتها العسكرية إلى الصومال في عام 2011 لقتال المتطرفين، بدأت سلسلة من التفجيرات الانتقامية ضد شاحنات الشرطة داخل المخيم وتعرض ستة من عمال الإغاثة الأجانب للاختطاف.
يقدم المسؤولون الكينيون مجموعة من الأسباب وراء دعم بعض من سكان مخيم داداب لحركة الشباب الإرهابية، ومنها الروابط القبلية، والضغوط من جانب المتطرفين، والتعويضات المالية. غير أن الأدلة المؤدية لتلك المزاعم لم تشهد النور قط.
بعد هجمات 2013 في نيروبي التي خلفت 67 قتيلا، أكد المسؤولون الكينيون أن مخيم داداب يعد ملاذا آمنا للإرهابيين. طالب أعضاء البرلمان ومجلس الوزراء، وبينهم وزير الداخلية الكيني، بإغلاق ذلك المخيم. لم يحدث ذلك، ويعتقد كثيرون أن الخطة الحالية ستتلاشى مع مرور الوقت.
تعد كينيا من الدول الموقعة على اتفاقية اللاجئين لعام 1951، والتي تحظر الإعادة القسرية للاجئين إلى الدول التي يواجهون فيها الاضطهاد. وفي عام 2006، أقرت كينيا قانونها الخاص الذي يكرس حقوق اللاجئين على أراضيها، على الرغم من أن النقاد يقولون إن القانون ينفذ بشكل سيء.
يبدو أن الحكومة الكينية تتراجع، فعليا، عن الجدول الزمني المحدد لمدة ثلاثة شهور لإغلاق مخيم داداب، حيث صرحت وزيرة الخارجية الكينية أمينة محمد الأسبوع الماضي بأن وتيرة العودة إلى الوطن «تتوقف على الموارد المتاحة». ومع ذلك، يبدو أن الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية الأخرى تتعامل بمنتهى الجدية مع التعهد الكيني بإغلاق المخيم. فمن المقرر قيام أنطونيو غوتيريس رئيس مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين بزيارة المخيم خلال الشهر المقبل، وكان المسؤولون لدى الأمم المتحدة يناقشون تلك المسألة مع الحكومة الكينية.
إحدى المشكلات المحتملة تكمن في أن تشتيت اللاجئين، ونصفهم تقارب أعمارهم (18 عاما)، سوف يخلق مجموعة هائلة من الشباب الصغير المعرضين لجهود التجنيد أو الاختطاف من قبل تنظيم الشباب الإرهابي.
ومع ذلك، يعترف مسؤولو الأمم المتحدة بالمخاوف الأمنية التي يشكلها مخيم داداب. فالأوضاع هناك لا يمكن التنبؤ بها، حتى أن الموظفين الكينيين العاملين لدى الأمم المتحدة هم المسموح لهم فقط بالسفر إلى المخيم رفقة الحراسات المسلحة من خلال مساحة عمل مقيدة في كل يوم. يقول ألبرت كيماثي نائب مفوض المقاطعة في داداب «يبدو الأمر كما لو أننا فقدنا ذلك الجزء من بلادنا. أما بالنسبة لتنظيم الشباب، إنه ملاذهم الأمن». وتابع كيماثي يقول «خلال الأسبوع الماضي، ألقت الشرطة الكينية القبض على 30 شخصا داخل المخيم، يشتبه في معظمهم بالتحريض على الإرهاب».
في العام الماضي، بدأت مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين برنامجا يقدم الدعم للاجئين الذين يتطوعون بالعودة إلى الصومال، وهي المبادرة التي جاءت كجزء لتقليص مساحة المخيم. ولا يسمح بالحصول على المساعدات إلا للمواطنين الصوماليين الذين ينتمون إلى المناطق السلمية نسبيا من البلاد، ولم يتطوع في العودة إلا 2000 مواطن فقط.
لكن الكثير من الأشخاص الذين يزورون مكاتب مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين داخل المخيم لم يعودوا يسألون عن برنامج العودة الطوعية. بل يسألون عن خطة الإخلاء الخاصة بالحكومة الكينية.
سأل عبد القادر مونين، وهو لاجئ من مقديشو: «هل صحيح يتعين علينا العودة إلى بلادنا؟»، وذلك أثناء زيارة له إلى مكتب إعادة التوطين الأسبوع الماضي. وأجابه ماويو يوسف عيسى، الذي يعمل لدى مفوضية الأمم المتحدة العليا لشؤون اللاجئين «لا نزال في مناقشات حول ذلك. سنخبركم حينما تتوفر لدينا الإجابات». لكن عيسى يعلم مدى صعوبة العودة إلى مقديشو. وحين كان مونين يغادر المكتب، قال عيسى باللغة الإنجليزية التي لا يعرفها اللاجئ الصومالي: «إنها فوضى هناك».
• خدمة «واشنطن بوست»
• خاص بـ«الشرق الأوسط»



المتمردون يدخلون بلدة استراتيجية بالكونغو مع انهيار اتفاق السلام

متمردو حركة 23 مارس المدعومة من رواندا دخلوا بلدة أوفيرا شرق الكونغو الديمقراطية (أ.ف.ب)
متمردو حركة 23 مارس المدعومة من رواندا دخلوا بلدة أوفيرا شرق الكونغو الديمقراطية (أ.ف.ب)
TT

المتمردون يدخلون بلدة استراتيجية بالكونغو مع انهيار اتفاق السلام

متمردو حركة 23 مارس المدعومة من رواندا دخلوا بلدة أوفيرا شرق الكونغو الديمقراطية (أ.ف.ب)
متمردو حركة 23 مارس المدعومة من رواندا دخلوا بلدة أوفيرا شرق الكونغو الديمقراطية (أ.ف.ب)

قالت مصادر لـ«رويترز»، اليوم (الأربعاء)، إن متمردي حركة 23 مارس، المدعومة من رواندا، دخلوا بلدة أوفيرا، شرق الكونغو الديمقراطية، بالقرب من الحدود مع بوروندي، في أكبر تصعيد منذ أشهر خلال الحرب المستمرة منذ فترة طويلة.

وتُعدّ أوفيرا، الواقعة على ضفاف بحيرة تنجانيقا، مقراً للحكومة التي عيّنتها كينشاسا في إقليم ساوث كيفو، وقاعدتها العسكرية منذ سقوط بوكافو، عاصمة الإقليم، في يد الحركة في فبراير (شباط). وقد تُمكّن السيطرة على أوفيرا المتمردين من التقدم إلى ما وراء ساوث كيفو، وفقاً لـ«رويترز».

يأتي هذا التقدم الكبير لحركة 23 مارس، عبر المنطقة الغنية بالمعادن، بعد أقل من أسبوع من لقاء رئيس الكونغو فيليكس تشيسكيدي، ونظيره الرواندي بول كاجامي، مع الرئيس دونالد ترمب في واشنطن، وتأكيد التزامهما باتفاق سلام، توسطت فيه الولايات المتحدة. ومنذ ذلك الحين، تتبادل الكونغو ورواندا الاتهامات بانتهاك ذلك الاتفاق.

وحثّ وزير خارجية الكونغو واشنطن على توسيع نطاق العقوبات على رواندا، بهدف «استعادة مصداقية» جهود الوساطة التي تبذلها. وتنفي رواندا دعمها لحركة 23 مارس، وتتهم قوات الكونغو وبوروندي بأنهما السبب في تجدد القتال.

نزاع للسيطرة على أوفيرا

تقول الأمم المتحدة إن نحو 200 ألف شخص فرّوا من منازلهم في الأيام القليلة الماضية، وقُتل عشرات المدنيين.

ولم يتضح حتى بعد ظهر اليوم (الأربعاء) ما إذا كانت حركة 23 مارس تسيطر سيطرة كاملة على مدينة أوفيرا، التي أفاد السكان فيها بسماع دوي إطلاق نار.

وصرّح مصدر حكومي في الكونغو لوكالة «رويترز» بأن الجيش لن يتدخل حرصاً على سلامة المدنيين. وقال لورانس كانيوكا، المتحدث باسم ائتلاف يضم حركة 23 مارس على منصة «إكس»: «تحررت مدينة أوفيرا الآن». لكن وزير خارجية بوروندي، إدوارد بيزيمانا، قال لـ«رويترز» إن أوفيرا «لم تسقط بعد».

مخاوف من اندلاع أعمال عنف إقليمية

شنّت حركة 23 مارس تقدماً خاطفاً في شرق الكونغو في يناير (كانون الثاني)، واستولت على مساحة أكبر من أي وقت مضى، بما في ذلك جوما وبوكافو، أكبر مدينتين في المنطقة.

ومنذ ذلك الحين، شدّد المتمردون قبضتهم على السلطة في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، لكنهم لم يحققوا أي تقدم كبير في أثناء مشاركتهم في محادثات سلام بقيادة قطر في الدوحة.

وأفادت وكالة «رويترز»، يوم الاثنين، بأن حركة 23 مارس سيطرت على لوفونجي، وهي بلدة كانت تشكل خط المواجهة منذ فبراير (شباط)، وأن قتالاً عنيفاً يدور بالقرب من سانجي وكيليبا، وهما قريتان تقعان على الطريق المؤدي إلى أوفيرا من الشمال.

وعبّرت الولايات المتحدة و9 أعضاء آخرين في مجموعة الاتصال الدولية للبحيرات العظمى، أمس (الثلاثاء)، عن «القلق العميق» إزاء الاشتباكات المتجددة في ساوث كيفو، محذرين من أن العنف قد يزعزع استقرار المنطقة على النطاق الأوسع.

وفي مقابلة مع «رويترز» في وقت متأخر أمس، قالت وزيرة خارجية الكونغو، تيريز كاييكوامبا فاجنر، إن على واشنطن تشديد العقوبات على رواندا، بحيث تستهدف «الأفراد في سلسلة القيادة» والمؤسسات، مثل الجيش الرواندي، للحدّ من قدرتها على شراء الأسلحة.

وأضافت فاجنر: «يتعين على واشنطن استعادة مصداقية إجراءاتها من خلال المساءلة. لا يكفي الإدانة، ولا يكفي (إبداء) الاهتمام أو (الشعور) بالقلق».

رواندا تدافع عن موقفها

تقول رواندا إن قواتها موجودة في شرق الكونغو من أجل «إجراءات دفاعية»، على الرغم من أن واشنطن والأمم المتحدة تقولان إن الأدلة على دعم رواندا للمتمردين واضحة.

وقال وزير خارجية رواندا، أوليفييه ندوهونجيريه، لـ«رويترز»، اليوم (الأربعاء)، إن فرض مزيد من العقوبات لن ينهي القتال، منحياً باللائمة على كينشاسا في عدم تنفيذ اتفاقيات السلام أو الالتزام بوقف الغارات الجوية، الذي قال إنه جرى الاتفاق عليه في واشنطن الشهر الماضي.

وأضاف أن قوات الكونغو كانت تهاجم مواقع المتمردين والمجتمعات المحلية في إقليم ساوث كيفو على مدى «أسابيع وأشهر» قبل التصعيد في الآونة الأخيرة.

وقالت وزارة الخارجية الرواندية: «لم يطالب المجتمع الدولي بإنهاء هذه الهجمات، التي أعدّتها جمهورية الكونغو الديمقراطية لأشهر، وحرضت عليها في الأسبوع الماضي»، مضيفة أن بوروندي كانت تساعد قوات الكونغو في قصف المدن القريبة من حدودها. وتابعت: «حشد جيش بوروندي ما يقرب من 20 ألف جندي في ساوث كيفو في خدمة حكومة الكونغو الديمقراطية».

ولم ترد بوروندي على بيان رواندا على الفور.


احتجزوا 18 عاماً من دون محاكمة... إريتريا تفرج عن 13 سجيناً

رحّبت منظمة «هيومن رايتس كونسيرن - إريتريا» بالإفراج الأسبوع الماضي عن 13 شخصاً (رويترز)
رحّبت منظمة «هيومن رايتس كونسيرن - إريتريا» بالإفراج الأسبوع الماضي عن 13 شخصاً (رويترز)
TT

احتجزوا 18 عاماً من دون محاكمة... إريتريا تفرج عن 13 سجيناً

رحّبت منظمة «هيومن رايتس كونسيرن - إريتريا» بالإفراج الأسبوع الماضي عن 13 شخصاً (رويترز)
رحّبت منظمة «هيومن رايتس كونسيرن - إريتريا» بالإفراج الأسبوع الماضي عن 13 شخصاً (رويترز)

رحبت منظمة إريترية غير حكومية معنية بحقوق الإنسان، اليوم (الأربعاء)، بالإفراج عن 13 شخصاً احتجزوا من دون محاكمة نحو 18 عاماً، لكنها حذّرت من أن نحو 10 آلاف سجين رأي ما زالوا وراء القضبان، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

ويحكم الرئيس أسياس أفورقي (79 عاماً) الدولة الواقعة في منطقة القرن الأفريقي بقبضة من حديد منذ استقلالها عن إثيوبيا عام 1993، وتحتل مرتبة متدنية في كل مؤشرات حقوق الإنسان.

ورحّبت منظمة «هيومن رايتس كونسيرن - إريتريا» بالإفراج، الأسبوع الماضي، عن 13 شخصاً، من بينهم رياضي أولمبي سابق وعناصر شرطة سابقون، كانوا مسجونين طوال نحو 18 عاماً من دون توجيه تهمة أو محاكمة أو السماح لهم بتوكيل محامٍ.

وأضافت، في بيان: «خلال فترة احتجازهم، عانى كثير منهم الحبس الانفرادي وظروفاً ترقى إلى التعذيب».

وأوضحت أنه خلال فترة احتجازهم في سجن ماي سيروان، قرب العاصمة أسمرة، تم حبس بعضهم في حاويات معدنية وتعريضهم لظروف مناخية قاسية.

وبينما رحبت المنظمة غير الحكومية بالإفراج عن هؤلاء المساجين، حذّرت من أن إريتريا لا تزال تحتجز «أكثر من 10 آلاف سجين رأي». ولفتت إلى أن «أزمة حقوق الإنسان الأوسع نطاقاً لا تزال من دون تغيير».

وغالباً ما ينتهي الأمر بالمعارضين في معسكرات اعتقال في الدولة التي يناهز عدد سكانها 3.5 مليون نسمة، كما يواجه المدنيون التجنيد العسكري أو العمل القسري، وهو ما تعتبره الأمم المتحدة ضرباً من العبودية.

ولم يرد وزير الإعلام الإريتري، يماني غيبريمسكيل، على الفور على سؤال وجّهته له وكالة الصحافة الفرنسية عن عدد سجناء الرأي في البلاد وظروف احتجازهم.


بنين: فرنسا تنشر قوات خاصة إثر محاولة انقلابية فاشلة

مؤيدون يحملون لافتة خلال تجمع لدعم رئيس بنين باتريس تالون (أ.ف.ب)
مؤيدون يحملون لافتة خلال تجمع لدعم رئيس بنين باتريس تالون (أ.ف.ب)
TT

بنين: فرنسا تنشر قوات خاصة إثر محاولة انقلابية فاشلة

مؤيدون يحملون لافتة خلال تجمع لدعم رئيس بنين باتريس تالون (أ.ف.ب)
مؤيدون يحملون لافتة خلال تجمع لدعم رئيس بنين باتريس تالون (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات في دولة بنين، الأربعاء، أن فرنسا نشرت قوات خاصة في البلد الواقع غرب أفريقيا، إثر محاولة انقلابية فاشلة الأحد الماضي، لعب الفرنسيون دوراً في إحباطها إلى جانب نيجيريا.

قال مسؤول كبير في الحكومة، لـ«رويترز»، الأربعاء، إن قائد الانقلاب الفاشل طلب اللجوء لتوغو المجاورة، ودعا المسؤول إلى تسليمه فوراً. وسيطر عسكريون لفترة وجيزة على محطة التلفزيون الحكومية في بنين صباح الأحد وقالوا إنهم أطاحوا بالرئيس باتريس تالون. إلا أن القوات المسلحة في بنين، المدعومة بقوة عسكرية نيجيرية ودعم مخابراتي ولوجيستي فرنسي، أحبطت المحاولة.

مجموعة من الجنود يدلون ببيان على التلفزيون الوطني في بنين زعموا فيه استيلاءهم على السلطة وذلك عقب ورود أنباء عن محاولة انقلاب جارية ضد حكومة رئيس بنين باتريس تالون (رويترز)

صباح الأحد، ظهر ثمانية عسكريين على التلفزيون البنيني، معلنين أنهم أطاحوا الرئيس باتريس تالون. وبعد يوم من عدم اليقين في كوتونو، أعلن رئيس الدولة أن الوضع «تحت السيطرة تماماً». وأفادت السلطات البنينية لاحقاً بوقوع «عدة إصابات»، لا سيما في الاشتباكات بين المتمردين والقوات الموالية للحكومة.

وحدد العسكريون الكولونيل تيجري باسكال قائداً للانقلاب. ولم تعلق وزارة الخارجية في توغو بعد على طلب التسليم. وجاء في بيان صادر عن حكومة بنين يوم الاثنين أن منفذي الانقلاب حاولوا حصار تالون. وأضاف البيان أنهم تمكنوا من خطف اثنين من كبار المسؤولين العسكريين وأُطلق سراحهما صباح الاثنين. وقال ويلفريد لياندر هونجبيدجي المتحدث باسم حكومة بنين يوم الأحد إن السلطات اعتقلت 14 شخصاً على صلة بمحاولة الانقلاب.

وقال قائد الحرس الجمهوري في بنين، ديودونيه دجيمون تيفودجري، في اتصال هاتفي مع «وكالة الصحافة الفرنسية» إن فرنسا نشرت قوات خاصة لدعم الجيش في صد محاولة الانقلاب، فضلاً عن تدخل القوات الجوية النيجيرية بشن ضربات داعمة. وأضاف الكولونيل تيفودجري: «لقد استبسل الجيش البنيني حقاً وواجه العدو طوال اليوم»، ثم أضاف: «تم إرسال قوات خاصة فرنسية من أبيدجان (ساحل العاج)، شاركت في عمليات التمشيط بعد أن أنجز جيش بنين المهمة».

وكانت الرئاسة الفرنسية أفادت، الثلاثاء، بأن باريس ساندت حكومة بنين «فيما يتعلق بالمراقبة والرصد والدعم اللوجيستي»، من دون تأكيد أو نفي نشر قوات فرنسية في البلد، رغم أن فرنسا بدأت منذ سنوات تقليص وجودها العسكري في غرب أفريقيا.

آلية عسكرية قرب مقر تلفزيون بنين الوطني في كوتونو (أ.ف.ب)

خسائر وأضرار

الكولونيل تيفودجري الذي قالت «وكالة الصحافة الفرنسية» إنه قاد شخصياً عمليات التصدي لهجوم الانقلابيين على مقر إقامة الرئيس في وقت مبكر من صباح الأحد، قدّر عدد المتمردين بنحو مائة «مع العديد من الإمكانيات والمركبات المدرعة».

لكنه أشار إلى أن مدبري الانقلاب الذين اعتمدوا على «عنصر المفاجأة» لم يتلقوا دعماً من وحدات أخرى، مشدداً على أن الجيش البنيني تبنى موقفاً «جمهورياً». وأضاف: «لقد تلقينا دعماً تلقائياً من وحدات أخرى تم استخدامها على مدار اليوم لاستعادة السيطرة على المناطق والنقاط الاستراتيجية في كوتونو».

وتابع قائد الحرس الجمهوري أنه في نهاية المطاف، عندما تحصن المتمردون في معسكر يقع في منطقة سكنية بالعاصمة الاقتصادية، ساعدت الغارات الجوية من نيجيريا المجاورة والقوات الخاصة الفرنسية بنين خصوصاً «لتجنب تسجيل أضرار جانبية».

لم يقدم الكولونيل إحصاء لعدد الضحايا في أحداث الأحد، لكنه أوضح أن المتمردين «غادروا ومعهم جثث وجرحى» إثر محاولتهم الهجوم على مقر إقامة الرئيس، بعد «معركة شرسة».

أزمة الطائرة

على صعيد آخر، هبطت طائرة تابعة للقوات الجوية النيجيرية اضطرارياً في بوركينا فاسو، الاثنين، أي بعد يوم واحد من المحاولة الانقلابية في بنين، المجاورة لكل من نيجيريا وبوركينا فاسو.

وقالت السلطات النيجيرية إن الطائرة هبطت في مطار مدينة (بوبو ديلاسو) وسط بوركينا فاسو، بسبب حالة طارئة في أثناء التحليق، حين كانت في مهمة نحو البرتغال، وكان على متنها 11 من قوات سلاح الجو النيجيري.

ولكن هبوط الطائرة تسبب في أزمة بين نيجيريا وبوركينا فاسو، حين قررت الأخيرة احتجاز الطائرة وطاقمها، واتهمتها بانتهاك مجالها الجوي دون ترخيص، فيما قال تحالف دول الساحل، الذي يضم بوركينا فاسو ومالي والنيجر، إن ما حدث يمثل «انتهاكاً للمجال الجوي للاتحاد».

بائع يرتب نسخاً من الصحف التي تصدرت المحاولة الانقلابية صفحاتها الأولى في كوتونو الاثنين (أ.ف.ب)

وفيما يستمر احتجاز الطائرة النيجيرية، أعلنت دول الساحل أنها وضعت قواتها الجوية والدفاعات المضادة للطيران في حالة تأهب قصوى، مع تفويضها بـ«تحييد أي طائرة تنتهك المجال الجوي للاتحاد».

من جهتها، أكدت القوات الجوية النيجيرية (الثلاثاء) أن طائرتها المتجهة كانت في مهمة نحو البرتغال، واضطرت للهبوط في مدينة (بوبو ديولاسو) غرب بوركينا فاسو، لكونها أقرب مطار للطائرة.

ولم تكشف نيجيريا عن طبيعة الطارئ الذي واجهته، فيما أكد إيهيمن إيجودامي، المتحدث باسم سلاح الجو النيجيري، أن الهبوط تم وفق الإجراءات الدولية ومعايير السلامة المتبعة، مشيراً إلى أن «طاقم الطائرة بخير وقد تلقى معاملة ودية من السلطات المضيفة».

تأتي هذه الحادثة في ظل توتر العلاقات بين تحالف دول الساحل ونيجيريا، التي شاركت في إحباط انقلاب بنين، حيث نفذت القوات الجوية النيجيرية ضربات استهدفت الانقلابيين. وتقع بوركينا فاسو على الحدود الشمالية الغربية لبنين، بينما تحدّ نيجيريا بنين من الشرق. وتحدث مراقبون بأنه من المحتمل أن تكون الطائرة شاركت في مهمة إحباط الانقلاب، رغم عدم وجود أي دليل يثبت ذلك.

ويزيد من تعقيد الوضع أن دول الساحل الثلاث تحكمها أنظمة عسكرية، على خلاف قوي مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) التي تقودها نيجيريا، ويرى مراقبون أن إحباط المحاولة الانقلابية في بنين من طرف نيجيريا وفرنسا أزعج دول الساحل التي كانت تتطلع لأن تنضم دولة بنين إلى معسكرها الموالي لروسيا.