زعامات المناطق اللبنانية يلتحقون بقوائم الأحزاب لـ«ضمان الاستمرار»

قانون الانتخاب أبعد «بيوتات سياسية» عن التمثيل البرلماني

TT

زعامات المناطق اللبنانية يلتحقون بقوائم الأحزاب لـ«ضمان الاستمرار»

قوض قانون الانتخابات المعمول به في لبنان، حضور الزعامات المناطقية التقليدية في المجلس النيابي، حيث أقصت الجولة السابقة من الانتخابات وجوها بارزة تتمتع بحيثية في مناطقها، فيما ألزم آخرين بالانضواء ضمن الأحزاب والتكتلات الكبيرة، بغرض الحفاظ على تمثيلهم البرلماني، وهو مؤشر جديد على تحول سياقات الحكم في لبنان.
وتراجع تمثيل الزعامات المناطقية في البرلمان، التي كانت تتمتع باستقلالية إلى حد كبير، لصالح التكتلات الحزبية، وهي الجولة الثانية التي تطال بشكل خاص الزعامات المناطقية المسيحية، بعد جولة سابقة بدأت في العام 1992، وألغت كثيرا من الزعامات المناطقية عند الشيعة بشكل خاص، لصالح الأحزاب الكبرى.
وتجد العائلات المعروفة في مناطق المسيحيين الآن نفسها مضطرة لنسج تحالفات سياسية مع القوى الحزبية والتكتلات الكبيرة. فبعد خسارة المشرع النائب بطرس حرب في الانتخابات السابقة، يتحالف نجله مجد مع «حزب الكتائب» الآن، فيما أقصت نتائج الانتخابات السابقة النائب فارس سعيد الذي لم يحدد خياره بعد بالترشح من عدمه، رغم التقديرات بامتناعه عن الترشح، في حين لم تستقر خيارات الوزير الأسبق ميشال فرعون في بيروت، ورئيسة «الكتلة الشعبية» في زحلة ميريام سكاف في زحلة في شرق لبنان بعد على تحالفات واضحة، في مساع لمقاومة إقفال البيوت السياسية المعروفة في مناطقها.
ويشير الباحث في علم الاجتماع السياسي الدكتور رشيد شقير إلى أن التمثيل السياسي للطائفة «هو في مرحلة انتقال من الزعامات التقليدية المحلية التي غالباً ما تكون عائلية إلى مرحلة الأحزاب السياسية كونها تتجاوز الزعامة المحلية»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الزعامات المحلية تواجه صيرورة زوال لمصلحة الأحزاب، وهو الاتجاه الذي أرساه قانون الانتخابات الأخير، لكنها بتحالفاتها مع الأحزاب، تقاوم الزوال وتحتفظ بهامش تمثيل حتى لو اضطرت لخوض المعارك الانتخابية ضمن تحالفات كبيرة».
ويقول خبراء انتخابيون إن القانون الحالي الذي يعتمد نظام الاقتراع النسبي مع صوت تفضيلي واحد، «أظهر حاجة الزعامات المناطقية لاستقطاب التحالفات لضمانة استمراريتهم»، وأجبر الزعامات المحلية الصغيرة على الانضواء في التحالفات الكبيرة، بالنظر إلى أن الأحزاب تستقطب الأعداد الكبرى من الناخبين على مستوى القضاء (المحافظة تتألف من مجموعة أقضية) ما يوفر لها رفع حواصلها الانتخابية، وبالتالي فإن قانون الانتخاب يثبت الزعامات على مستوى الأقضية وليس على مستوى الدوائر الصغرى، وهم بطبيعة الحال زعامات حزبية أو رشحتها الأحزاب، مثل أحزاب وتيارات «التقدمي الاشتراكي» و«الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» و«المردة».
واللافت في قانون الانتخابات، أن المنافسة لم تقتصر على الأحزاب فحسب، بل تمتد إلى اللائحة نفسها بين الشخصيات المدرجة فيها لتحصيل أصوات تفضيلية تؤهلها للفوز بالمقعد قبل سواها، بالنظر إلى أن كل لائحة تحوز على نسبة محددة من الفائزين بحسب عدد الحواصل الانتخابية التي تحققها. ويقول خبراء انتخابيون إن حجم الزعامة الشعبية لأي شخصية تظهر في أصواته التفضيلية التي تعطي المؤشر النهائي لحجم التمثيل وليس التحالف بحد ذاته، أما اللوائح فيظهر حجمها نتيجة التحالفات والمفاتيح الانتخابية التي تستقطبها.
والواضح أن الفائدة مزدوجة بين الأحزاب والشخصيات التي تنضوي فيها. ففيما تسعى الشخصيات المحلية للحصول على فرصتها بالانضمام إلى لوائح كبرى، تسعى الأحزاب لاستقطاب أصوات الزعامات المحلية لرفع حواصل لائحتها الانتخابية. ويقول شقير إن «قانون الانتخاب لعب دوراً مزدوجاً، فمن ناحية، أعطى الأحزاب مجالاً على الصعيد المناطقي للسيطرة، وأعطى في الوقت نفسه للزعامات المحلية مجالاً للتمثيل تحت عباءة الكتل الكبيرة كونه يعتمد الدوائر المحلية»، لافتاً إلى أن الأحزاب «لم تستثن أبداً نفوذ الزعامات المحلية والعائلية في المناطق لإدراكها بأنها قادرة على رفد اللوائح بأصوات تصب لصالح تجميع الحواصل». ويرى شقير أن «العائلية موجودة كرابط اجتماعي في النظام اللبناني، وتعتمد الصيغة الطائفية على قرابة الدم ما يجعل العائلية أكثر تأثيراً، لذلك يصعب تجاوزها في الكثير من المناطق وخصوصاً في الأطراف».
وتناضل عائلات كثيرة المتغيرات، وترشح شخصيات من طرفها منعاً لإقفال بيوتها السياسية، أبرزهم آل المر حيث يترشح ميشال إلياس المر الحفيد في مقعد جده في المتن، كما يترشح ميشال معوض في مقعد والدته للمرة الثانية في دائرة الشمال الثالثة، فيما يحافظ آل الخازن على تمثيلهم في كسروان، ومثلهم آل المرعبي والبعريني وحبيش في عكار. أما العائلات التي نظمت نفسها ضمن أحزاب كبرت وتجاوز بعضها امتدادها الجغرافي، فلا تعاني نفس الهاجس، مثل آل جنبلاط في الشوف، وآل فرنجية في زغرتا.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.