تونس عاصمة للرقص لمدة 5 أيام

الدورة 14 للتظاهرة بدأت أمس وتتواصل إلى الثالث من مايو

تونس عاصمة للرقص لمدة 5 أيام
TT

تونس عاصمة للرقص لمدة 5 أيام

تونس عاصمة للرقص لمدة 5 أيام

انطلقت في العاصمة التونسية يوم أمس الدورة 14 من تظاهرة تونس عاصمة للرقص التي تتضمن مجموعة من العروض يقدمها جيل جديد من الشبان المختصين في التعبير الجسماني. وتأتي هذه التظاهرة التي تتواصل إلى غاية الثالث من الشهر القادم، ضمن احتفال تونس باليوم العالمي للرقص تحت شعار «حرية الجسد حرية الرقص تعني الصمود».
ومن خلال ما يسمى بعملية الأضواء الحمراء المتمثلة في الرقص لبعض الثواني عند أضواء المرور بالطرق الرئيسية الرابطة بين تونس العاصمة وضواحيها، جلبت رقصات مجموعة من الشباب التونسي المولع بالرقص اهتمام السواق الذين ردوا على تلك الرقصات بإطلاق أصوات المنبهات.
وقد احتلت مجموعة من الشباب والأطفال وحتى الكهول أمس إلى الشوارع يرقصون على أنغام موسيقى «التانغو» و«الصالصة» و«السامبا» و«الهيب هوب» والشرقي والعصري والكلاسيكي.. في مشهد لم تعتده الشوارع التونسية.. فالكلّ يرقص ويؤدي حركات إبداعية متناسقة.
في رد فعل التونسيين عن هذه الفكرة، فقد استحسنها بعضهم حتى أنهم نزلوا من سياراتهم وشاركوهم الرقص لكن هناك من استاء وتذمّر واعتبر ذلك بالغريب عن الثقافة التونسية لكن الشباب الباحث عن الترفيه لم يأبه لتلك الانتقادات إذ إنهم كانوا يرقصون لبعض الدقائق أمام السيارات ثم يخلون لهم السبيل كي يمرّوا. وتسعى جمعية «ناس الفن» (جمعية تونسية مستقلة) التي ترأسها مصممة الرقص سهام بلخوجة إلى إبراز دور الرقص والإبداع الفني عموما في التخفيف من حدة الاضطرابات والأحداث المؤلمة التي تمر بالمجتمع التونسي اليوم، وقد دأبت منذ سنوات على تنظيم هذه التظاهرة.
وفي هذا الشأن، قالت سهام بلخوجة لـ«الشرق الأوسط» إن «تظاهرة تونس عاصمة للرقص قد حظيت بمكانة مهمة على الساحة الثقافية وقد مكنتها وزارة الثقافة التونسية من دعم مالي مهم وهي اليوم تفتح مجال التعبير الثقافي عبر الرقص الفني على مصراعيه»، على حد تعبيرها.
وينظم الاحتفال باليوم العالمي للرقص بالشراكة مكتب اليونيسكو بتونس وفي إطار عملية «الأضواء الحمراء» التي أقيمت من العاشرة صباحا إلى السادسة بعد الظهر وشهدت مشاركة قرابة مائة راقص كوريغرافي.
وكان هواة الرقص على موعد يوم أول من أمس انطلاقا من الساعة السادسة مساء بقاعة الفن الرابع بالعاصمة التونسية مع ثريا البوغانمي في عرض «أصوات» ضمن مقاربة للإبداع الفرجوي تجمع بين الموسيقى واللوحات التعبيرية المصورة ويكون فيها المجال فسيحا للحركات الجمالية والحركة التلقائية والحرة. كما كان الجمهور على موعد خلال نفس اليوم مع الثنائي التونسي هدى الرياحي وملاك الزويدى في عرض ثنائي يجمع بين فنون الرقص والسيرك.
يذكر أن هذا الحدث العالمي قرره مجلس الرقص العالمي وهو مجلس يعمل تحت مظلة اليونيسكو أعلن أن يكون الـ29 من أبريل (نيسان) يوما عالميا للرقص إحياء لذكرى «جورج نوفر» مصمم الرقصات الفرنسي والمولود في 29 أبريل 1727 وفي سنة 1982 اقترحت لجنة الرقص الدولية في معهد المسرح الدولي التابع لليونيسكو أن يكون هذا اليوم يوم عطلة رسمية في البلدان الغربية.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».