وزير الخارجية السعودي يدعو لحوار مع إيران يتضمن دورها في المنطقة

بن فرحان أجرى مباحثات على هامش مؤتمر ميونيخ مع نظرائه الأميركي والقطري والهندي والصومالي

فيصل بن فرحان خلال لقائه أنتوني بلينكن على هامش مؤتمر ميونيخ أمس (واس)
فيصل بن فرحان خلال لقائه أنتوني بلينكن على هامش مؤتمر ميونيخ أمس (واس)
TT

وزير الخارجية السعودي يدعو لحوار مع إيران يتضمن دورها في المنطقة

فيصل بن فرحان خلال لقائه أنتوني بلينكن على هامش مؤتمر ميونيخ أمس (واس)
فيصل بن فرحان خلال لقائه أنتوني بلينكن على هامش مؤتمر ميونيخ أمس (واس)

قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إنه لو نجحت المفاوضات الجارية في فيينا مع إيران بإعادة إحياء الاتفاق النووي، لوجب أن يكون هذا «نقطة البداية وليس النهاية»، مشيراً لضرورة إكمال المفاوضات مع إيران لتتناول دورها في المنطقة. ورغم تأكيد إدارة بايدن أن المفاوضات مع إيران ستركز على أن يكون الاتفاق «أوسع وأشمل»، فإن الإدارة تخلت عن هذا المطلب سريعاً خشية من انسحاب إيران من المفاوضات.
وأكد الأمير فيصل خلال كلمة ألقاها في مؤتمر ميونيخ للأمن وتلتها جلسة حوارية شارك فيها وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، أن السعودية عقدت ٤ اجتماعات مع إيران حتى الآن في محاولة لمناقشة دورها في المنطقة، وأنه رغم عدم تحقيق أي تقدم يذكر في تلك المفاوضات، فإن السعودية ملتزمة باستمرار الحوار مع إيران وهي تنتظر تحديد موعد لعقد جولة خامسة.
وذكّر وزير الخارجية السعودي بالدور السلبي الذي تلعبه إيران في المنطقة، وأعطى مثلاً على ذلك دعمها المستمر للميليشيات الحوثية التي ترفض الجلوس لطاولة الحوار ووقف النار، بسبب «استمرار تدفق الأسلحة والصواريخ الباليستية إليها». وأكد أن السعودية ما زالت تدفع باتجاه وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب في اليمن، متهماً الحوثيين برفض التجاوب مع أي مبادرات تطرح أمامهم. وأكد أن السعودية ستستمر بدعمها الحكومة الشرعية وفي المقابل ستستمر بجهودها مع المجتمع الدولي لإقناع الحوثيين بقبول وقف إطلاق النار والعودة لطاولة الحوار.
ونفى الأمير فيصل رداً على سؤال، أن تكون ضربات التحالف في اليمن توقع عدداً كبيراً من الضحايا المدنيين، مشيراً إلى أن التحالف الذي يدعم الحكومة الشرعية، يستهدف فقط مواقع عسكرية للميليشيات الحوثية، وأنه يعتمد معايير حلف شمال الأطلسي. وأضاف أنه في حال وقوع «إصابات جانبية» لا يمكن تفاديها فإن التحالف يفتح فيها تحقيقاً على الفور. وأشار إلى أن السبيل الوحيدة لوقف وقوع ضحايا مدنيين عن طريق الخطأ ومحاربة الأزمة الإنسانية في اليمن، هو وقف إطلاق النار «وهو ما تعمل عليه السعودية».
ورداً على سؤال حول إمكانية أن تستفيد السعودية من عقوبات على روسيا ووقفها لضخ النفط، قال بن فرحان إن السعودية «تؤمن بأنه ليست هناك أزمة مفيدة»، وبضرورة حل أي أزمة عبر الحوار. وأضاف: «مسؤوليتنا هي التأكد من أن تبقى السوق مستقرة» لو كانت هناك أزمة نفط في أماكن أخرى، ولكنه شدد على العمل «مع الشركاء في أوبك» لتفادي أزمة نفط وإبقاء السوق مستقرة. وعبر عن أمله بألا تتطور الأزمة الروسية الأوكرانية إلى حرب قد تنعكس على سوق النفط. وأشار إلى أن علاقة السعودية مع روسيا أسهمت في استقرار سوق النفط في العامين الماضيين، مضيفاً أن لدى السعودية «سياسة تاريخية في التركيز على استقرار أسعار النفط».
وعلى هامش مؤتمر ميونيخ التقى الأمير فيصل بن فرحان بوزير خارجية الولايات المتحدة أنتوني بلينكن، حيث جرى استعراض العلاقات الاستراتيجية والتاريخية بين السعودية والولايات المتحدة، وسُبل تعزيزها ودعمها في مختلف مجالات التعاون والتنسيق المشترك.
وتطرق الجانبان خلال اللقاء، حسب وكالة الأنباء السعودية (واس) إلى العديد من القضايا والمستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، وعلى رأسها تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وجهود إرساء دعائم السلام التي يبذلها البلدان الصديقان بالمنطقة والعالم.
كما تمت مناقشة سبل تعزيز الجهود المشتركة بشأن وقف انتهاكات ميليشيا الحوثي بحق اليمن وشعبه، التي تقوم بتعطيل الحل السياسي في اليمن.
كما تناول الجانبان أهمية تعزيز الجهود المشتركة لوقف اعتداءات الحوثي المستمرة على المنشآت المدنية والاقتصادية، وتهديدها للملاحة الدولية.
وتبادل الجانبان، وجهات النظر حيال البرنامج النووي الإيراني والمفاوضات الدولية المبذولة في هذا الشأن، بالإضافة إلى تبادل وجهات النظر حول المستجدات الإقليمية والدولية والجهود المبذولة بشأنها.
كما عقد الامير فيصل بن فرحان سلسلة لقاءات مع رؤساء الوفود ووزراء الخارجية المشاركين في مؤتمر ميونيخ للأمن، حيث التقى الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري والدكتور سوبراهمانيام جايشانكر وزير الخارجية الهندي وآرارات ميرزويان وزير خارجية أرمينيا وعبد السعيد موسى علي وزير الخارجية الصومالي. واستعرض الأمير فيصل بن فرحان مع الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أوجه العلاقات الأخوية الراسخة في العديد من مجالات التعاون المشترك، وسبل دعمها وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين ويحقق مزيداً من الاستقرار والازدهار للبلدين والشعبين الشقيقين، كما تطرق الجانبان خلال اللقاء إلى فرص تعزيز التنسيق الثنائي بمختلف المجالات، لاسيما السياسية والأمنية والاقتصادية، بالإضافة إلى مناقشة سبل دعم كل ما من شأنه أن يُسهم في استقرار المنطقة وحفظ الأمن والسلم الدوليين، كما تبادل الجانبان وجهات النظر حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية.
فيما تناول لقاء الأمير فيصل بن فرحان مع وزير الخارجية الهندي استعراض أوجه العلاقات السعودية الهندية في العديد من مجالات التعاون المشترك، وسبل دعمها وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين ويحقق مزيداً من الاستقرار والازدهار للبلدين والشعبين، بالإضافة إلى مناقشة سبل دعم كل ما من شأنه أن يُسهم في حفظ الأمن والسلم الدوليين، كما تبادل الجانبان وجهات النظر حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية.
فيما شهد لقاء وزير الخارجية السعودي بوزيري خارجية أرمينيا والصومال (كلاً على حدة) استعراض أوجه العلاقات الثنائية في مجالات التعاون المختلفة، وسبل دعمها وتعزيزها بما يخدم مصالح البلدين ويحقق مزيداً من الاستقرار والازدهار للبلدين، والتطرق إلى فرص تعزيز التنسيق المشترك، بالإضافة إلى مناقشة سبل دعم كل ما من شأنه أن يُسهم في استقرار وحفظ الأمن والسلم الدوليين، وتبادل وجهات النظر حيال العديد من القضايا الإقليمية والدولية.



مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
TT

مسؤول إيراني لـ«الشرق الأوسط»: عازمون مع الرياض على إرساء السلام في المنطقة

نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)
نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي (رويترز)

أكد نائب وزير الخارجية الإيراني مجيد تخت روانجي، أن إيران والسعودية تعتزمان إرساء السلام وديمومة الهدوء في منطقة متنامية ومستقرّة، مضيفاً أن ذلك يتطلب «استمرار التعاون الثنائي والإقليمي وتعزيزه، مستهدفين تذليل التهديدات الحالية».

وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على هامش زيارته إلى السعودية التي تخلّلها بحث العلاقات الثنائية وسبل تعزيزها وتطويرها في شتى المجالات، بالإضافة إلى مناقشة المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية، خلال لقاء، الاثنين، مع وليد الخريجي، نائب وزير الخارجية السعودي، قال روانجي: «الإجراءات الإيرانية - السعودية تتوّج نموذجاً ناجحاً للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف دوليّاً في إطار التنمية والسلام والأمن الإقليمي والدولي»، مشدّداً على استمرار البلدين في تنمية التعاون في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والتجارية والقنصلية؛ بناءً على الأواصر التاريخية والثقافية ومبدأ حسن الجوار، على حد وصفه.

الجولة الثانية من المشاورات الثلاثية عُقدت في الرياض الثلاثاء (واس)

والثلاثاء، رحبت السعودية وإيران «بالدور الإيجابي المستمر لجمهورية الصين الشعبية وأهمية دعمها ومتابعتها لتنفيذ (اتفاق بكين)»، وفقاً لبيان صادر عن الخارجية السعودية، أعقب الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في العاصمة السعودية الرياض.

وأشار نائب وزير الخارجية الإيراني إلى أن الطرفين «تبادلا آراءً مختلفة لانطلاقة جادة وعملية للتعاون المشترك»، ووصف اجتماع اللجنة الثلاثية في الرياض، بأنه «وفَّر فرصة قيّمة» علاقات متواصلة وإيجابية بين إيران والسعودية والصين.

روانجي الذي شغل سابقاً منصب سفير إيران لدى الأمم المتحدة، وعضو فريق التفاوض النووي الإيراني مع مجموعة «5+1»، اعتبر أن أجواء الاجتماعات كانت «ودّية وشفافة»، وزاد أن الدول الثلاث تبادلت الآراء والموضوعات ذات الاهتمام المشترك وأكّدت على استمرار هذه المسيرة «الإيجابية والاستشرافية» وكشف عن لقاءات «بنّاءة وودية» أجراها الوفد الإيراني مع مضيفه السعودي ومع الجانب الصيني، استُعرضت خلالها مواضيع تعزيز التعاون الثنائي، والثلاثي إلى جانب النظر في العلاقات طوال العام الماضي.

الجولة الأولى من الاجتماعات التي عُقدت في بكين العام الماضي (واس)

وجدّد الجانبان، السعودي والإيراني، بُعيد انعقاد الاجتماع الثاني للجنة الثلاثية السعودية - الصينية - الإيرانية المشتركة لمتابعة «اتفاق بكين» في الرياض، الخميس، برئاسة نائب وزير الخارجية السعودي وليد الخريجي، ومشاركة الوفد الصيني برئاسة نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، والوفد الإيراني برئاسة نائب وزير خارجية إيران للشؤون السياسية مجيد تخت روانجي؛ التزامهما بتنفيذ «اتفاق بكين» ببنوده كافة، واستمرار سعيهما لتعزيز علاقات حسن الجوار بين بلديهما من خلال الالتزام بميثاق الأمم المتحدة وميثاق منظمة التعاون الإسلامي والقانون الدولي، بما في ذلك احترام سيادة الدول واستقلالها وأمنها.

من جانبها، أعلنت الصين استعدادها للاستمرار في دعم وتشجيع الخطوات التي اتخذتها السعودية وإيران، نحو تطوير علاقتهما في مختلف المجالات.

ولي العهد السعودي والنائب الأول للرئيس الإيراني خلال لقاء في الرياض الشهر الحالي (واس)

ورحّبت الدول الثلاث بالتقدم المستمر في العلاقات السعودية - الإيرانية وما يوفره من فرص للتواصل المباشر بين البلدين على المستويات والقطاعات كافة، مشيرةً إلى الأهمية الكبرى لهذه الاتصالات والاجتماعات والزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين في البلدين، خصوصاً في ظل التوترات والتصعيد الحالي في المنطقة؛ ما يهدد أمن المنطقة والعالم.

كما رحّب المشاركون بالتقدم الذي شهدته الخدمات القنصلية بين البلدين، التي مكّنت أكثر من 87 ألف حاج إيراني من أداء فريضة الحج، وأكثر من 52 ألف إيراني من أداء مناسك العمرة بكل يسر وأمن خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي.

ورحّبت الدول الثلاث بعقد الاجتماع الأول للجنة الإعلامية السعودية - الإيرانية المشتركة، وتوقيع مذكرة تفاهم بين معهد الأمير سعود الفيصل للدراسات الدبلوماسية ومعهد الدراسات السياسية والدولية، التابع لوزارة الخارجية الإيرانية.

كما أعرب البلدان عن استعدادهما لتوقيع اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي (DTAA)، وتتطلع الدول الثلاث إلى توسيع التعاون فيما بينهما في مختلف المجالات، بما في ذلك الاقتصادية والسياسية.

ودعت الدول الثلاث إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي في كلٍ من فلسطين ولبنان، وتدين الهجوم الإسرائيلي وانتهاكه سيادة الأراضي الإيرانية وسلامتها، كما دعت إلى استمرار تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى فلسطين ولبنان، محذرة من أن استمرار دائرة العنف والتصعيد يشكل تهديداً خطيراً لأمن المنطقة والعالم، بالإضافة إلى الأمن البحري.

وفي الملف اليمني، أكدت الدول الثلاث من جديد دعمها الحل السياسي الشامل في اليمن بما يتوافق مع المبادئ المعترف بها دولياً تحت رعاية الأمم المتحدة.

وكانت أعمال «الاجتماع الأول للجنة الثلاثية المشتركة السعودية - الصينية - الإيرانية»، اختتمت أعمالها في العاصمة الصينية بكّين، ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي، وأكد خلاله المجتمعون على استمرار عقد اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة، وعلى مدى الأشهر الماضية، خطت السعودية وإيران خطوات نحو تطوير العلاقات وتنفيذ «اتفاق بكين»، بإعادة فتح سفارتيهما في كلا البلدين، والاتفاق على تعزيز التعاون في كل المجالات، لا سيما الأمنية والاقتصادية.

وأعادت إيران في 6 يونيو (حزيران) الماضي، فتح أبواب سفارتها في الرياض بعد 7 أعوام على توقف نشاطها، وقال علي رضا بيغدلي، نائب وزير الخارجية للشؤون القنصلية (حينها): «نعدّ هذا اليوم مهماً في تاريخ العلاقات السعودية - الإيرانية، ونثق بأن التعاون سيعود إلى ذروته»، مضيفاً: «بعودة العلاقات بين إيران والسعودية، سنشهد صفحة جديدة في العلاقات الثنائية والإقليمية نحو مزيد من التعاون والتقارب من أجل الوصول إلى الاستقرار والازدهار والتنمية».