مسؤول أوروبي يتوقع «صفقة أميركية ـ إيرانية» في فيينا قريباً

عبداللهيان طالب الغرب بـ«مرونة واقعية»

عابران يمران بالقرب من قصر كوبورغ الذي يستضيف محادثات مغلقة حول النووي الإيراني في فيينا ديسمبر الماضي (أ.ب)
عابران يمران بالقرب من قصر كوبورغ الذي يستضيف محادثات مغلقة حول النووي الإيراني في فيينا ديسمبر الماضي (أ.ب)
TT

مسؤول أوروبي يتوقع «صفقة أميركية ـ إيرانية» في فيينا قريباً

عابران يمران بالقرب من قصر كوبورغ الذي يستضيف محادثات مغلقة حول النووي الإيراني في فيينا ديسمبر الماضي (أ.ب)
عابران يمران بالقرب من قصر كوبورغ الذي يستضيف محادثات مغلقة حول النووي الإيراني في فيينا ديسمبر الماضي (أ.ب)

على قدم وساق، يواصلون المفاوضون عملية في فيينا بانتظار صعود الدخان الأبيض من فندق كوبورغ، إذا اتفقت طهران وواشنطن على مخرج سياسي لإحياء الاتفاق النووي، على رغم أن احتمالات تعثر المسار الدبلوماسي تبقى قائمة.
وقال مسؤول كبير بالاتحاد الأوروبي، أمس إن صفقة أميركية - إيرانية في المحادثات الجارية، «أصبحت قريبة» لكن النجاح يعتمد على الإرادة السياسية للأطراف المعنية.
وأضاف المسؤول: «أتوقع اتفاقاً الأسبوع المقبل أو الأسبوعين المقبلين أو نحو ذلك. أعتقد أن لدينا على الطاولة الآن نصاً قريباً جداً جداً مما سيكون اتفاقاً نهائياً»، حسب رويترز.
وأردف المسؤول الغربي: «تم الاتفاق بالفعل على معظم القضايا. لكن كمبدأ في مثل هذه المفاوضات لا يتم الاتفاق على شيء حتى يتم الاتفاق على كل شيء. وبالتالي ما زال لدينا... بعض التساؤلات التي بعضها سياسي ويصعب الاتفاق بشأنها». وتابع أن التوصل إلى اتفاق بات ضرورياً لأن برنامج إيران الحساس لتخصيب اليورانيوم يمضي قدماً بسرعة. وقال: «إنهم يتقدمون كثيراً على الأرض وبسرعة لا تتسق مع بقاء خطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) على المدى الطويل.
ولدى وصوله إلى مونيخ، للمشاركة في المؤتمر الأمني، أعرب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان عن أمله بأنه تؤدي المفاوضات إلى «اتفاق جيد» لكنه رمى الكرة في ملعب الطرف الأخرى.
ونقلت وسائل إعلام إيرانية قوله للصحافيين إن المفاوضات «تقترب من اتفاق جيد، في متناول اليد على أساس المبادرات الإيرانية» لكنه، قال: «يجب على الأطراف الغربية أن تظهر مبادراتها ومرونتها الواقعية... هم من يمكنهم أن يحددوا أن المفاوضات ستتوصل إلى اتفاق خلال الأيام أو خلال الأسابيع المقبلة». وقال إنه ينوي توضيح السياسة الخارجية الإيرانية الجديدة «بموازاة إعلان المواقف الإقليمية لإيران نظراً للأزمات التي نواجهها في منطقة غرب آسيا، وبطبيعة الحال سيكون التركيز على محادثات فيينا من أجل رفع العقوبات».
وبدأ كبير المفاوضين الإيرانيين، علي باقري كني نهار أمس بمشاورات مع المنسق الأوروبي للمحادثات في فندق كوبورغ، وذلك، غداة اجتماعه بمفاوضي الترويكا الأوروبية.
وزادت تصريحات الأطراف في الأيام الماضية، من منسوب «التفاؤل» في فيينا. وبعد تأكيد مصادر أوروبية أن المباحثات تمضي قدماً، أفاد المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس الخميس بأنه «تم إحراز تقدم كبير في الأسبوع الماضي»، ولكن «لن يكون هناك اتفاق شامل ما لم يتم الاتفاق على أدق التفاصيل»، مضيفاً أن الاتفاق ممكن «في غضون أيام» إذا أظهرت طهران «جدية» في هذا الشأن.
وأكد وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، الأربعاء إمكان التوصل إلى اتفاق خلال «أيام» أو الذهاب نحو «أزمة». وقال: «نحن بحاجة (الآن) إلى قرارات سياسية من جانب الإيرانيين».
وأوردت «رويترز» أول من أمس، تفاصيل «مسودة» اتفاق محتمل يتفاوض عليه مبعوثون من إيران وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ويرسم الاتفاق خطوات متبادلة من الجانبين على مراحل، وصولاً إلى الامتثال الكامل، وتتضمن المرحلة الأولى توقف إيران عن وقف التخصيب بنسبة 20 و60 في المائة، وإطلاق سراح سجناء غربيين محتجزين في إيران، مقابل حصول طهران على نحو 7 مليارات دولار من أصولها المجمدة في كوريا الجنوبية، ولا تشمل المرحلة الأولى إعفاءات من عقوبات النفط.
وقللت الخارجية الإيرانية من أهمية «المسودة» وقالت إن الاتفاق «مختلف تماماً». ووجهت وكالة «إرنا» الرسمية أمس أصابع الاتهام إلى الأميركيين بالسعي لرمي الكرة في ملعب إيران عبر لعبة إلقاء اللوم، وقال: «يماطلون في إظهار سلوك مسؤول واتخاذ القرارات السياسية المطلوبة عبر المواعيد المصطنعة أو صحيفة وقائع».
وانسحب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الاتفاق النووي مع إيران في مايو (أيار) وأعاد فرض عقوبات عليها كانت قد رفعت مقابل تقييد برنامجها النووي. ودأبت إدارة ترمب على انتقاد الاتفاق لأنه لم يفلح في كبح جماح برنامجها للصواريخ الباليستية، وتدخلاتها في الشؤون الإقليمية.
وتركز المباحثات على مجالات أساسية هي العقوبات، والخطوات النووية الواجب على إيران اتخاذها، وتنسيق إجراءات الطرفين، إضافة لمطالب إيران بشأن التحقق والضمانات.
والاثنين الماضي، نقلت رويترز عن مسؤول إيراني كبير إن «نحو 30 في المائة من القضايا الصعبة ما زالت تنتظر الحل، لكن من الممكن التوصل لاتفاق بحلول
أوائل مارس (آذار)». وقال دبلوماسي غربي: «من الممكن التوصل لاتفاق في أوائل مارس إذا سارت الأمور على ما يرام».
وأغلق عبدالليهان في مقابلة نشرتها صحيفة «فايننشال تايمز» الاثنين، الباب أمام أي مفاوضات تتطرق قضايا غير الاتفاق النووي، في إشارة إلى الدور الإقليمي، وتطوير الصواريخ الباليستية، وقال إن واشنطن «فشلت» في تلبية مطلب إيران بتقديم ضمانات بعدم تخلي أي طرف عن الصفقة، مشدداً على أن إيران تريد أن تؤدي المفاوضات إلى «الرفع الكامل» للعقوبات، معتبراً أن «التحدي» في المفاوضات الحالية يتمثل في استعداد إدارة بايدن لرفع العقوبات التي فرضها ترمب فقط. وأضاف أن «هذا ليس كل ما تبحث إيران عنه...»، مشيراً تحديداً إلى العقوبات على برنامج إيران للصواريخ الباليستية أو الأنشطة الإقليمية أو حقوق الإنسان. وهذا أيضاً أحد التحديات التي لا تزال مطروحة على طاولة المفاوضات في فيينا.
ويحذر خبراء من سيناريو إغلاق نافذ التفاوض ما لم يسحب الإيرانيون بعض طلباتهم، وإحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية واحتمال اتخاذ قرار بمعاقبة إيران، ما يرفع منسوب التوتر من جديد.
ويرى الباحث في مجموعة «أوراسيا» هنري روم أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية باتت على «الموجة نفسها» مع الصين وروسيا بشكل «لم يسجل من قبل»، وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أن المفاوضين يعملون على حل ما تبقى من تباينات، ويدفعون «بضغط مشترك على إيران لإنجاز المباحثات».
وقال روم أن تحديد مطلع مارس لإنجاز المباحثات هي مهلة «يمكن تمديدها، خصوصاً إذا بقيت إيران منفتحة على الحوار، مع الأخذ في الاعتبار تردد الولايات المتحدة في اعتماد استراتيجية مغايرة» حالياً.



إقالة غالانت... كيف تؤثر على حكومة نتنياهو والعلاقات مع واشنطن؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (رويترز)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (رويترز)
TT

إقالة غالانت... كيف تؤثر على حكومة نتنياهو والعلاقات مع واشنطن؟

بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (رويترز)
بنيامين نتنياهو ويوآف غالانت (رويترز)

علقت صحيفة «غارديان» البريطانية على قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإقالة وزير دفاعه يوآف غالانت، الذي وصفته بأنه كان قريباً من نظيره الأميركي لويد أوستن. وقالت إن الإقالة ستمنح نتنياهو «حرية أكبر».

وأضافت الصحيفة أن هذا القرار يطيح بأحد أشدّ المنتقدين من حكومة نتنياهو، ويمكّن أعضاء اليمين المتطرف من مناصب رئيسية في الحكومة.

وذكرت أن الأسباب الرئيسية لرحيل غالانت ترجع إلى الخلافات بين الرجلين حول صفقة الرهائن مع حركة «حماس»، ومعارضة غالانت إعفاء اليهود الأرثوذكس المتطرفين من الخدمة في الجيش، وفضيحة تتعلق بتسريب مساعد مقرَّب من نتنياهو وثائق سرية تتعلق بالحرب.

لكنها لفتت إلى أن رحيل غالانت يأتي أيضاً في لحظة حاسمة: يوم الانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستحدد طبيعة الدعم الأميركي لحروب إسرائيل في غزة ولبنان، فضلاً عن التساهل تجاه السياسة الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتصعيد المحتمل مع إيران.

وفوجئ المسؤولون الأميركيون بقرار نتنياهو إقالة غالانت، الذي كان من أهم القنوات للحكومة الأميركية عبر وزير الدفاع لويد أوستن، ويقال إن الرجلين يتحدثان يومياً تقريباً، وساعدا في إصلاح بعض الثقة في العلاقة، بعد أن فاجأت إسرائيل الولايات المتحدة باغتيال زعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله، وفق الصحيفة.

وعندما سعى نتنياهو إلى إقالة غالانت، في عام 2023، أثار القرار احتجاجات في الداخل و«قلقاً عميقاً» من البيت الأبيض، وعندما طلب نتنياهو من غالانت إلغاء رحلة إلى الولايات المتحدة، الشهر الماضي، قبل رد إسرائيل على الهجوم الإيراني، قالت سابرينا سينغ، نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية «البنتاغون»، إنها لن تناقش القرار؛ لتجنب التورط في «السياسة الإسرائيلية».

وذكرت سينغ عن غالانت وأوستن: «إنهما يتمتعان بعلاقة جيدة مع بعضهما البعض»، مضيفة أن الرجلين تحدثا مع بعضهما البعض «تقريباً 80 مرة، ويمكنهما الرد على الهاتف في أي وقت، وفي أي ساعة من الليل والتحدث بصراحة شديدة مع بعضهما البعض».

ووصف الصحافي الأميركي بوب وودورد مؤخراً انعدام الثقة العميق بين إدارة نتنياهو والرئيس الأميركي جو بايدن، قائلاً إن بايدن أخبر مساعدين مقرّبين بأن «18، من أصل 19 شخصاً، يعملون لدى نتنياهو، كاذبون». وتكهنت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن غالانت هو المسؤول الإسرائيلي الوحيد الذي لا يزال موضع ثقة في واشنطن.

وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مستقبلاً غالانت في البنتاغون يونيو الماضي (أرشيفية - رويترز)

وفي الفترة التي سبقت الرد الإسرائيلي على إيران، كان الرجلان على اتصال وثيق، وأخبر أوستن غالانت أن الولايات المتحدة تدعم إسرائيل بشكل كامل في مواجهتها مع طهران، كما ناقش الرجلان «الفرص المتاحة الآن لاستخدام الدبلوماسية لتهدئة التوترات في المنطقة».

ومن المفهوم على نطاق واسع أن السياسة الأميركية مع إسرائيل وصلت إلى نقطة تحول، حيث لا يوجد لدى أي من الجانبين وضوح بشأن ما إذا كانت رئاسة ترمب ستواصل أياً من السياسات التي جرى فرضها في عهد بايدن ووزارة خارجيته.

وأرسل أوستن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن، في 13 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، رسالة إلى إسرائيل طالبا فيها بتحسين الظروف الإنسانية داخل غزة في غضون 30 يوماً، أو المخاطرة بقطع بعض المساعدات العسكرية الأميركية.

وكانت إدارة بايدن مترددة في اتخاذ أي خطوات حازمة فيما يتعلق بقطع المساعدات عن إسرائيل، لذلك كانت الرسالة بمثابة نقطة تحول محتملة فيما يتعلق بالسياسة الأميركية.

لكن الموعد النهائي يأتي بعد انتخاب الرئيس الأميركي القادم، ومن المرجح أنه إذا فاز ترمب، فسوف يتجاهل نتنياهو الإنذار ببساطة، وفي الوقت نفسه، لا تشير إقالة غالانت إلى أن نتنياهو يتطلع إلى تقديم تنازلات لإدارة بايدن، التي هي على وشك الرحيل قريباً.