السويداء... حراك «الجياع» يحاصر إجراءات النظام السوري

وسط دعم المشايخ... وتمدد الاحتجاجات إلى القرى

السويداء... حراك «الجياع» يحاصر إجراءات النظام السوري
TT

السويداء... حراك «الجياع» يحاصر إجراءات النظام السوري

السويداء... حراك «الجياع» يحاصر إجراءات النظام السوري

ثلاثة مؤشرات حملتها مظاهرات السويداء في جنوب سوريا ضد النظام السوري، تمايزه عن الحراك السياسي الذي اندلع في المحافظة التي تقطنها غالبية درزية، إثر اندلاع الأزمة السورية. المؤشر الأول أن الاحتجاجات مطلبية بحتة، خرجت ضد سياسة النظام بتقليص دعمه للمحروقات والخبز، وطالت إجراءاته مئات آلاف السكان. والثاني أن الاحتجاجات لم تقتصر على مدينة السويداء، بل اندلعت للمرة الأولى بشكل واسع في القرى والبلدات بريفها. والثالث أن العامل الروسي دخل على الخط بشكل مباشر للتهدئة حيناً، وحيناً آخر لفتح قنوات تفاوض مع النظام، وإبقاء الحراك تحت سقف منضبط لا عنفي.
هذا التمايز بين حقبتين يعطي التحركات الأخيرة دينامية جديدة، تجعلها أشبه بـ«حراك الجياع»، ما يسهّل الاستنتاج بأن الأسباب الكامنة وراء احتجاجات السويداء يصعب احتواؤها من دون حلول. وهي حلول لن تقتصر على السويداء، بعد تجربة درعا القريبة وازدياد مستوى التململ في دمشق، ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة النظام. ولا يمكن مواجهتها بحل أمني أو سياسي، أو حتى بإشراك مفاتيح محلية، مثل مشايخ العقل أو شخصيات اجتماعية نافذة، من دون حل اقتصادي يرفع عن المواطن السوري معاناة معيشية تتفاقم يومياً في ظل تدهور سعر صرف العمل، وتزايد معدلات البطالة، ورفع النظام الدعم تدريجياً.
خلال أسبوعين، خرجت الاحتجاجات في محافظة السويداء في جنوب سوريا عن السيطرة. ولم تتمكن السلطات من احتواء الاحتجاجات المتصاعدة، بينما نأت القوى المحلية والدينية الموجودة فيها بنفسها عن التدخل لتطويقها، وذلك بسبب توافر عاملين: أولهما أن النظام السوري عاجز عن تلبية المطالب الشعبية المتنامية. وثانيهما عجز القوى المحلية الفاعلة عن ضمانة النظام، أو تقديم بدائل، وخلافاً لكل التحركات السابقة التي حملت صبغات سياسية أو مطالب أمنية، كان تدخل الفعاليات المحلية مع النظام حازماً لجهة تلبيتها.
الاحتجاجات تفجَّرت إثر إعلان حكومة دمشق عن استبعاد عائلات سورية من الدعم الحكومي، وتشمل عشرات الآلاف من العائلات خلال المرحلة الأولى من تنفيذ الآلية الجديدة. وجاء ذلك خلال إجراء تعديلات جذرية بكتلة الدعم المالي المخصصة بنحو 5530 مليار ليرة سورية في موازنة 2022، التي تشكل نحو 40 في المائة من حجم الموازنة المرهقة أصلاً.
وتشهد المرحلة الأولى من آلية رفع الدعم، استبعاد نحو 600 ألف بطاقة أسرية من الدعم. واعتبرت أن «أصحاب الثروات» ومالكي العقارات وذوي الدخل المتوسط - بينهم مَن يعملون في الخارج ويرسلون حوالات إلى عائلاتهم - سيكونون أبرز المستبعدين من الدعم. كذلك شمل الاستبعاد 430 ألف عائلة تمتلك سيارات خاصة.
عملياً، ضمت قائمة المستبعدين من الدعم، أصحاب المهن الحرة، كتجار الدرجة الأولى والممتازة والثانية، والمساهمين الكبار، ومتوسطي وكبار المكلفين الضريبيين، والمحامين الممارسين للمهنة لأكثر من عشر سنوات، والأطباء والمختصين الممارسين للمهنة لأكثر من عشر سنوات، ومديري المصارف الخاصة، والمساهمين بالأنشطة الكبيرة، والمساهمين الكبار بالمصارف. ويفرض استبعاد الدعم عن المحروقات والغاز والخبز وغيره، على كل عائلة سورية، أن تتكلف أكثر من 200 ألف ليرة سورية شهرياً كمصاريف إضافية.
أمام موجة الاعتراض المتنامية، أعلنت حكومة دمشق عدة إجراءات لمعالجة الثغرات في آلية «إعادة هيكلة الدعم». وتعهدت بالاستمرار بتقديم الدعم لكل من تقدم باعتراض إلى أن يتم البت به، ويشمل ذلك كل موظف دائم أو مؤقت أو متقاعد مدني أو عسكري معين على سلم الرواتب والأجور وجرى استبعاده بسبب امتلاكه سيارة واحدة فقط. وقالت الحكومة إنها «ملتزمة بسياسة تقديم الدعم لمستحقيه الفعليين»، وأن «خطوة إعادة هيكلة الدعم تأتي من باب الحرص على استمرارية وديمومة ملف الدعم نظراً للأعباء المتزايدة لهذا الملف، وبهدف تخفيض عجز الموازنة العامة للدولة، وتوجيه جزء من الوفر المحقق من هذه العملية لدعم الفئات الأكثر احتياجاً».
انفجار الاعتراض في السويداء
سلك الاحتقان الشعبي الذي ظهر في مناطق سيطرة النظام مساراً آخر في محافظة السويداء، إذ تجمع عشرات المحتجين السوريين في مدينة السويداء، عاصمة المحافظة. وخرجت مسيرات متفرقة في القرى المحيطة بالمدينة الواقعة جنوب غربي البلاد، حيث أغلق محتجون الطرق، واحتشد العشرات في الساحة الرئيسية بالمدينة للمطالبة بإلغاء تخفيضات الدعم التي أعقبت زيادة في أسعار البنزين في الأشهر الأخيرة.
المحتجون برّروا خروجهم انطلاقاً «من وجع أهلنا»، مؤكدين أن «هناك غلاءً فاحشاً ولا قدرة لنا على العيش». وأضافوا: «لا نحصل على حقوقنا... لا غاز ولا مازوت... نريد أن نعيش في وطن يصون كرامتنا وحقوقنا». وهتف المتظاهرون: «بدنا نعيش بكرامة»، وحمل بعضهم لافتات كتب عليها «ما ظل شيء للفقير»، ولوحوا بعلم طائفة الموحدين الدروز الخماسي الألوان.
من جهتها، تدعي الحكومة أن التخفيضات في برنامج الدعم الذي كان سخياً في السابق تهدف لتخفيف العبء عن الموارد المالية للدولة المتضررة من العقوبات، وأنها لن تمس سوى الأغنياء. لكن العديد من المتظاهرين يقولون إن هذه الخطوة أدت إلى تفاقم محنة المواطنين السوريين الذين نجوا من ويلات حرب مدمرة مستمرة منذ عشر سنوات، ويعانون الآن من أجل توفير الغذاء والإمدادات الأساسية في مواجهة استشراء التضخم وتآكل الأجور. كذلك يلقي السكان باللوم، في السخط المتزايد حتى بين أولئك الذين وقفوا إلى جانب الرئيس بشار الأسد إبّان السنوات الأخيرة، على تفشي الفساد وتفاقم أوجه انعدام المساواة.
ويؤكد محمد علي، الناشط المعارض للنظام في جنوب سوريا، أن الحراك أخذ منحى آخر مختلفاً عما كان عليه في السابق، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أنه في العام الماضي «كانت التحركات سياسية بحتة وجرى حلها، لكن التحركات اليوم تخص لقمة العيش والمحروقات مع قدوم الشتاء، وهو ما يصعب حلّه من دون حلول اقتصادي وتقديمات وتحسينات». وإذ يشير إلى أن الجانب الروسي «يحاول الإثبات أنه يسيطر على الوضع»؛ فهو يضيف أن «المشكلة تتجدد، وتكبر كرة الثلج، ما يجعل احتواءها دون تقديمات اجتماعية، أكثر تعقيداً».
حركة شعبية
لقد اتخذ الحراك الطابع الشعبي بما يتخطى الطابع السياسي. فللمرة الأولى، تميز الحراك بالمشاركة الواسعة لرجال الدين وانضمام فئات اجتماعية لم تكن ترى في المظاهرات والاحتجاجات وسيلة فاعلة لحل مشاكلها الاقتصادية والسياسية. وهنا يتوقف الناشط الحقوقي والسياسي السوري إياد الشاعر عند واقع أن الشخصيات التي كانت تتصدر المشهد السياسي في وقت سابق، فيقول: «بدت على مسافة من الحراك الأخير وداعمة له، لكنها لم تكن أساسية فيه، بمعنى أنها كانت متأثرة بالحراك وليست مؤثرة فيه... حتى يستقر ويأخذ الزخم الشعبي». وتابع الشاعر لـ«الشرق الأوسط» أن «أبرز ما في الحراك الأخير أنه نتيجة السنوات العجاف الماضية والخوف القمعي المتجذّر عند الناس التي ظلمت طوال السنوات الخمسين الماضية... لقد انتفضت الكتلة الصامتة عندما لم تعد تشعر بالأمان، وفرضت المرحلة وجود تلك الشخصيات في الحراك بشكل كامل، فلم تعد تحيد نفسها عن وجع معيشي يشعر به الجميع».
ثم أضاف أن النظام في الأساس: «لم يفِ بوعوده، وما زال يعتبر نفسه ممسكاً بخيوط اللعبة، بمعنى أن الناس ملك له، والدولة مجرد مزرعة وهو يديرها»، مشدداً على أن هذه المقاربة «لم تعد مجدية، وهو ما ظهر في خروج الناس عليه».
حياد وتحييد
ظلت محافظة السويداء، تقريباً، على مسافة من النظام والمعارضة على حد سواء إبان الصراع الذي أودى بحياة عشرات الآلاف وشرد الملايين. ولفترة اعترف النظام بـ«خصوصية» المحافظة التي تسكنها غالبية من طائفة الموحدين الدروز، وتعامل مع البنية الاجتماعية والتركيبة الطائفية فيها بحذر شديد.
هذا الواقع يعيده إياد الشاعر إلى أن النظام، لحظة خروج الاحتجاجات ضده في عام 2011، «أشاع في كل قنواته الإعلامية واتصالاته المباشرة مع المجتمع الدولي الادعاء بأنه حامي الأقليات في مواجهة حركة إرهابيين ومتشددين ضد الجسم السوري ومؤامرة خارجية للنيل من هيبة الدولة والأقليات».
وعلى هذا الأساس، وفق الشاعر، اعترف النظام بخصوصية المحافظة، إذ «كان حذراً بالتعامل معها، خصوصاً في حركة الاعتقالات، وكان القمع مدروساً». وأردف شارحاً أن النظام «كان يدرك حجم الترابط الاجتماعي للموحّدين الدروز، وقد تجلّى ذلك بأوج صوره يوم تصدّيهم لهجمات (داعش) على الريف الشرقي للسويداء في عام 2018. ومن ثم، كان حذراً لمعرفته وتيقّنه بأن أي تجاوز لن يُسكت عنه في أي من الدول الأربع (سوريا ولبنان وفلسطين/ إسرائيل والأردن) التي يعيش الدروز فيها).
وبالفعل، احتفظت السويداء بتسلحها، وكانت القنوات الاجتماعية والدينية سبيلاً لحل المشكلات. لم يتعامل نظام دمشق مع السويداء، كما تعامل مع «جارتها» درعا مثلاً؛ فالمحافظة الأخيرة، «صُبغت منذ خروجها الأول، بصبغة المعارضة المسلحة، وتعامل معها النظام بالعنف»، مستبعداً الخلفية المعيشية. أما في السويداء - التي يتعذّر اتهامها بـ«الأصولية» و«الإرهاب» - فقد احتفظ فيها مع مشايخ العقل الثلاثة بخطوط تواصل. ونجح هؤلاء في تجنيب السويداء الصراع الدامي إلى حد بعيد... وعندما كان أبناء المحافظة يصطدمون بالنظام، كانت تجري مصالحة لمنع تمدد الخلاف وتراكمه».
لقد اعتمد النظام على هذا الترابط الاجتماعي لتفكيك الاحتجاجات ضده، ونجح إلى حد كبير بتحييد المحافظة عن المشاركة بزخم عنفي ضده في سنوات الحرب. غير أنه في الفترة الأخيرة، تغير الوضع، عندما لم تعد تلك المنظومة الاجتماعية من ضبط الاحتجاجات. وهنا يشدد الناشط محمد علي على أن الواقع في الاحتجاجات الأخيرة «مختلف». وفي هذا السياق، يشير إلى متانة العصبة الاجتماعية في المحافظة من خلال حادثة تسليم السكان بطاقات الدعم الممغنطة لرئيس البلدية في إحدى قرى محافظة السويداء، اعتراضاً على الاستنسابية بتوزيعها، فجاء الرد: «إما الجميع يأخذ الدعم، أو لا أحد». ويؤكد الناشط في الجنوب السوري أن هذا الواقع «يدلل إلى أن الحراك منظم وليس عشوائياً، وأن مؤسسة مشيخة العقل ما عادت قادرة على تخطي مطالب السكان في هذه اللحظة المصيرية».
نهاية حقبة
هذا يشير إلى أن حقبة التواصل مع النظام لحل النزاعات قد انتهت. وحقاً، أكد الشيخ حكمت الهَجَري، الرئيس الروحي الأول للموحدين الدروز، أن «التظاهر السلمي حق مشروع للمواطنين الذين يطالبون بحقوقهم»، خلال لقائه زواره من أبناء الطائفة. وأبدى تأييده للحراك السلمي المطالب بالحقوق المشروعة، مع المحافظة على مؤسسات الدولة. كذلك أوضح الشيخ الهجري أن «مطالبات الناس لم تعد موضوع رفع الدعم ورغيف الخبز، بل أصبحت تمس كرامة السوريين، ومن خرج ليطالب بحقوقه وبمكافحة الفساد وبمطالب معيشية هو مواطن صاحب حق وعلى المعنيين في السلطة الاستماع والاستجابة».
الواقع أن شيوخ الطائفة الدرزية إن الاحتجاجات السلمية ضد الإجراءات الحكومية المجحفة لها ما يبررها. هذا الاعتراف، يمهد لمقاربة مختلفة سيتعامل بها النظام في ملف السويداء. وبينما يشير الناشط محمد علي إلى أن «حاجز الخوف تم كسره منذ عام 2011»، وأن مشيخة العقل «لن تكون قادرة على تهدئة الوضع قبل تقديم النظام لبدائل وحلول، أسوة بتدخلها في مرات سابقة»، يقول إياد الشاعر إن «ما يجري هو حركة شعبية واعية وذكية، وتسقط تهمة الحراك الطائفي أو أنها حركة جياع فحسب، مع أن حركات الجياع هي من الثورات المهمة تاريخياً كالثورة الفرنسية مثلاً».
ويرى الشاعر أن «النظام يتعامل مع السويداء بشكل مختلف، إذ لن يستخدم القوة». لكنه يعرب عن مخاوفه من قمع المظاهرات بالآلية التي استخدمها في السابق، اعتماداً على «الشبيحة» الذين واجهوا «حراك النخب السلمي في السابق الذي شاركت فيه نقابات المحامين والأطباء والمهندسين والمعلمين والطلبة وغيرهم، إذ لم يستخدم القوة، بل لجأ إلى طبقة الشبيحة المنفلتة من كل الضوابط».
لكن ذلك لا يمنع أن يكون منظمو الحراك والمنخرطون فيه «باتوا واعين لهذا الأمر». وعليه، بنوه الشاعر بـ«الإصرار الكامل على الحراك السلمي والشعبي، مهما حدث من تطورات، بغية إيصال رسائل حقيقية وجدانية أنه حراك لكل السوريين، لوجعهم ومعاناتهم ومظلوميتهم، وليس حراكاً مناطقياً او طائفياً».

الروس على خط احتواء الوضع
* يتحدث أهالي السويداء عن تقارب روسي معهم، برز من خلال المساعدات الإنسانية، والتواصل المستمر مع الرئاسة الروحية (مشايخ العقل الثلاثة) للطائفة، من خلال عدة زيارات أجرتها قوات روسية إلى مشايخ الطائفة في السويداء.
وبعد شيوع أنباء عن تحركات أمنية للنظام وتعزيزات عسكرية في أعقاب الاحتجاجات، زار وفد عسكري روسي محافظة السويداء. واستفسر الوفد الروسي الزائر عن طريقة تعاطي السلطات مع المحتجين، وأسباب قدوم التعزيزات الأمنية الأخيرة.
المسؤولون التابعون للنظام نفوا أمام الوفد الروسي أن تكون القوات الأمنية والشرطية قد استخدمت القوة ضد المحتجين، وادعوا أن «نقل القوات الحكومية تم من أجل منع التصعيد وتجنب الاستفزازات»، وأن «السلطات على اطلاع جيد بما يجري وتبقي الوضع تحت السيطرة».
من جهته، ناقش الجانب الروسي عدة مواضيع خدمية في السويداء مثل تحسين شبكات المياه والكهرباء، وافتتاح المركز الثقافي الروسي في السويداء، والمساعدات الإنسانية التي توزعها روسيا في السويداء، وإخلاء «معسكر الطلائع» في مدينة السويداء الذي يحوي لاجئين من محافظات سورية مختلفة، وإيجاد بديل لهم.

مواجهة «ناعمة» مع الفرقة الرابعة و«حزب الله»
> فشل النظام في احتواء الاحتجاجات... مقارباته الحكومية بدت عاجزة عن إيقاف حركة الاعتراض التي ستتمدد، حكماً، إلى مناطق سيطرته الأخرى في دمشق وريفها وحمص والساحل وحلب، خصوصاً بعد انتشار مقطع فيديو يظهر أحد الصناعيين يقرّع المسؤولين الحكوميين، طالباً منهم تنفيذ الوعود بإيصال التغذية الكهربائية.
ومثل أي منطقة أخرى، دخل العامل الروسي على الخط، إذ زار وفد عسكري روسي محافظة السويداء، والتقى محافظها ورئيس فرع «أمن الدولة» فيها، بهدف الاطلاع على المستجدات الأخيرة في السويداء. ولاحقاً، أفيد عن زيارة «لرئيس الروحي للطائفة الدرزية بفلسطين، الشيخ موفق طريف، إلى موسكو إثر الاحتجاجات الأخيرة التي شهدتها السويداء».
وقالت مصادر لبنانية مطلعة على مآلات الحراك في السويداء لـ«الشرق الأوسط» إن وجود الشيخ طريف في موسكو «مؤشر على وجود تيار بين العائلات والعشائر في السويداء، ينتهج استراتيجية المواجهة الناعمة مع الفرقة الرابعة وحزب الله بدعم روسي في جنوب سوريا»، وأن هذا الحراك باتجاه روسيا أتاح مفاوضات غير مباشرة بين النظام وفعاليات المحافظة، فقد أفيد عن «مفاوضات غير مباشرة» بين دمشق والسويداء، بعد توقف الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها المحافظة. وتتجسد المفاوضات غير المباشرة عبر إعداد مجموعة من منظمي الحراك الشعبي وناشطين والزعامات المؤيدة للحراك الشعبي في السويداء «ورقة مطالب»، سترفع إلى الحكومة في دمشق، تحدد مطالب الأهالي المحتجين. وتؤكد حالة الاحتجاجات على الأوضاع المعيشية والاقتصادية فقط.
هذا، وأعلن مدير ريّان معروف، تحرير «شبكة السويداء 24»، أن عدة اتصالات من جهات حكومية وردت إلى السويداء تطالب بالتهدئة، وضبط الاحتجاجات، والطلب بالقدر المستطاع، وأن هذه الجهات بررت موقف النظام «بالأوضاع التي تشهدها عموم سوريا» بعد استمرار الحرب منذ أكثر من عشر سنوات، والعقوبات المفروضة على سوريا، وابتعاد كثير من الثروات النفطية عن سيطرة وخزينة الدولة.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.