عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> فهد بن عبد الرحمن الدوسري، سفير خادم الحرمين الشريفين لدى بوركينا فاسو، استقبل أول من أمس، رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للاتحاد الفيدرالي للجمعيات الإسلامية في بوركينا فاسو، في مقر السفارة. وجرى خلال اللقاء بحث سبل تعزيز التعاون بين السفارة واتحاد الجمعيات الإسلامية.
> سعيد عبد الله القمزي، قدم أول من أمس، أوراق اعتماده سفيراً غير مقيم فوق العادة ومفوضاً لدولة الإمارات لدى جمهورية الأوروغواي الشرقية، إلى رئيس الجمهورية لويس لا كايي بو، وذلك عبر الاتصال المرئي. وأعرب السفير عن اعتزازه بتمثيل دولة الإمارات لدى جمهورية الأوروغواي الشرقية، وحرصه على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتفعيلها في شتى المجالات، بما يسهم في دعم أواصر الصداقة بين البلدين.
> رامون خيل كاساريس، سفير إسبانيا بالقاهرة، استقبله أول من أمس، وزير النقل المصري كامل الوزير، وذلك لتدعيم التعاون المشترك في مجالات النقل المختلفة وخاصةً في مجالي السكك الحديدية ومترو الأنفاق. وأكد الجانبان على عمق العلاقات التاريخية التي تربط الشعبين الصديقين والقيادة السياسية في البلدين والتعاون المثمر في شتى المجالات ومنها قطاع النقل. كما أعرب الوزير عن التطلع إلى مزيد من التعاون مع الشركات الإسبانية خاصةً أن هناك فرصاً استثمارية واعدة في قطاع النقل في مصر.
> في شنغشاو، السفير الصيني لدى جمهورية الصومال الفيدرالية، استقبل أول من أمس، وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة الفيدرالية عثمان أبو بكر دبي، بمقر السفارة. وشكر الوزير الحكومة الصينية على دورها في تطوير المسرح الوطني. ومن جانبه، أعرب السفير عن التزام بلاده بتعزيز العلاقات العميقة طويلة الأمد مع الصومال من خلال دفع التعاون متعدد الأوجه لصالح البلدين، وخلال اللقاء تم بحث سبل تقديم المساعدة الطارئة للمنكوبين من الجفاف الذي ضرب أجزاء من المحافظات الصومالية.
> محمد بن عتو، سفير الجزائر المعتمد لدى موريتانيا، التقى أول من أمس، بوزيرة التعليم العالي والبحث العلمي الموريتاني آمال سيدي محمد الشيخ عبد الله، في نواكشوط. وتناول اللقاء بحث أوجه التعاون بين البلدين الشقيقين والسبل الكفيلة بتعزيزها خاصةً ما يتعلق منها بالتعليم العالي والبحث العلمي، كما استعرض الطرفان الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الاتفاقية التي تم التوقيع عليها مؤخراً خلال الزيارة التي أداها رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني للجزائر.
> محمد ماء العينين، سفير المملكة المغربية لدى السودان، استقبله أول من أمس، عضو مجلس السيادة الانتقالي الفريق مهندس بحري مستشار إبراهيم جابر إبراهيم، بمكتبه بالقصر الجمهوري. وبحث اللقاء مسيرة العلاقات الثنائية وسبل تعزيز أوجه التعاون المشترك بما يخدم مصالح الشعبين السوداني والمغربي. وأكد السفير أزلية العلاقات المغربية السودانية ومتانتها. وقال إنها ترتكز على مجموعة من الروابط والمعطيات الاقتصادية والاجتماعية والدينية.
> نيكولا ساركوزي، الرئيس الفرنسي السابق، زار أول من أمس، معبد أبو سمبل بمحافظة أسوان (جنوب مصر)، حيث قام بجولة سياحية تفقدية للتعرف على المكان الأثري وتاريخه كأحد أشهر المعابد الأثرية، وذلك برفقة مجموعة من مسؤولي وزارة السياحة والآثار المصرية. كان ساركوزي قد وصل إلى مطار أبو سمبل على متن طائرة خاصة قادما من مدينة الأقصر، والتي زارها في بداية جولته التي تستغرق عدة أيام يزور خلالها عدداً من المدن السياحية المصرية.
> هاشم الدجاني، سفير فلسطين لدى أوكرانيا، التقى أول من أمس، بوزير التعليم والعلوم الأوكراني سيرغي شكارليت، لبحث تطور التعليم العالي في فلسطين، والتحديات التي تواجه الطلبة ومؤسسات قطاع التعليم جراء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي التي تعرقل المسيرة التعليمية وتطويرها، كما بحثا سبل تطوير العلاقات الثنائية بما يخدم المصالح المشتركة، كما تم خلال اللقاء مناقشة القضايا الملحة الخاصة بالطلبة الفلسطينيين الذين يدرسون في مؤسسات التعليم العالي الأوكرانية وسبل تسهيل الإجراءات الخاصة بشؤونهم.
> بيوش سريفاستافا، سفير جمهورية الهند لدى مملكة البحرين، استقبله أول من أمس، وزير الخارجية عبد اللطيف بن راشد الزياني، بمقر الوزارة، وتم خلال اللقاء بحث علاقات الصداقة التاريخية التي تجمع بين مملكة البحرين وجمهورية الهند وما تشهده من تطور ونمو في ظل الحرص المتبادل على توطيدها والمضي بها إلى آفاق أشمل، وتدارس فرص تعزيز التعاون الثنائي المشترك في كافة المجالات بما يحقق المصالح المشتركة، بالإضافة إلى بحث عدد من الموضوعات والقضايا ذات الاهتمام المشترك.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)