متى يبدأ دماغ الإنسان في التباطؤ؟

طريقة استجابتنا للأمور تميل إلى التباطؤ مع التقدم في العمر (رويترز)
طريقة استجابتنا للأمور تميل إلى التباطؤ مع التقدم في العمر (رويترز)
TT

متى يبدأ دماغ الإنسان في التباطؤ؟

طريقة استجابتنا للأمور تميل إلى التباطؤ مع التقدم في العمر (رويترز)
طريقة استجابتنا للأمور تميل إلى التباطؤ مع التقدم في العمر (رويترز)

يعتاد الإنسان على أن يكون قادراً على إصدار أحكام مبكرة في العشرينات من عمره، ولكن يبدو أن الأمر يستغرق وقتاً أطول بكثير للرد على الأسئلة والقرارات والتحديات المطروحة أمامه مع مرور الوقت، وفقاً لموقع «ميديكال إكسبرس».
ويميل وقت استجابتنا للأمور إلى التباطؤ مع التقدُّم في العمر، لكن دراسة جديدة تقول إن ذلك لا يحدث بسبب تدهور سرعة معالجة دماغنا للتحديات.
يظل عقلك رشيقاً كما كان دائماً حتى تصل إلى الستينات من العمر، وفقاً لتقرير نُشر في مجلة «نيتشر هيومان بيهيفيور».
إذن، لماذا دفعت كومة من الأبحاث السابقة الخبراء إلى الاعتقاد بأن السرعة العقلية تبلغ ذروتها في سن العشرين؟
قال الباحث الرئيسي ميشا فون كراوس، من معهد علم النفس بجامعة هايدلبرغ في ألمانيا، إن السبب في ذلك هو أن وقت استجابتك تعوقه عوامل خارج حدتك العقلية (الإدراكية).
وأوضح فون كراوس: «يُظهر بحثنا الآن أن هذا التباطؤ لا يرجع إلى انخفاض في سرعة المعالجة المعرفية. حتى سن كبيرة، فإن سرعة معالجة المعلومات في المهمة التي درسناها بالكاد تتغير».
لكن الباحثون أشاروا إلى أننا نصبح أقل اندفاعاً مع التقدم بالعمر، كما تبدأ ردود فعلنا الجسدية في الانخفاض أيضاً في العشرينات من العمر. قال الباحثون إن هذه العوامل تبطئ السرعة التي تستجيب بها للعالم من حولك، لكن هذا ليس لأن دماغك ينمو بشكل أقل حدة.
https://twitter.com/NatureHumBehav/status/1494344683639787530?s=20&t=Ge5jlXCO3Wqn9gm-N_F3UQ
وأوضح فون كراوس: «يمكننا أن نفسر ردود الفعل الأبطأ من خلال حقيقة أن الناس يصبحون أكثر حذراً في قراراتهم مع التقدم بالعمر، أي أنهم يحاولون تجنب الأخطاء... في الوقت نفسه، تتباطأ أيضاً العمليات الحركية، مع تقدم العمر».
في هذه الدراسة، حلل فون كراوس وزملاؤه بيانات من أكثر من 1.2 مليون شخص شاركوا في تجربة عبر الإنترنت قامت بقياس أوقات رد فعلهم على اختبار الدماغ.
كان على المشاركين تصنيف مجموعة مختارة من الكلمات والصور التي تومض على الشاشة عن طريق الضغط على المفتاح الصحيح استجابةً لذلك.
وأفاد الباحثون بأن أوقات استجابة الناس بدأت في التباطؤ بعد سن العشرين.
لكن بتحليل البيانات عن كثب، وجد الباحثون أن الاستجابات البطيئة كانت على الأرجح بسبب عوامل خارج قدرة الدماغ على معالجة المعلومات. العملية الذهنية لتحديد الإجابة الصحيحة لم تبدأ في التباطؤ حتى سن الستين.
قال فون كراوس: «مؤلفو الدراسات السابقة فسروا عادةً أوقات رد الفعل البطيئة لدى كبار السن كدليل على التباطؤ المعرفي... من خلال تطبيق نموذج رياضي للعمليات المعرفية الأساسية، تمكنا من إظهار أن التفسيرات البديلة للاستجابات البطيئة يمكن أن تفسر البيانات بشكل أفضل».
يبدو أن الجميع متماثل في قدراتهم على اتخاذ القرارات مع التقدم بالعمر، بغض النظر عن الجنس أو الجنسية أو التعليم. قال فون كراوس: «كانت الاتجاهات العمرية في السرعة العقلية متشابهة للغاية عبر المجموعات الفرعية».
وأوضح فون كراوس: «بينما لاحظنا انخفاضاً عاماً مرتبطاً بالعمر في السرعة العقلية بدءاً من نحو سن الستين، وجدنا أيضاً تبايناً كبيراً في السرعة العقلية عبر جميع الفئات العمرية. أي، كان هناك العديد من كبار السن الذين لا يزالون يظهرون مستويات عالية جداً من السرعة العقلية».
وتابع: «السبب وراء حفاظ بعض الناس على سرعة عقلية عالية حتى في سن الشيخوخة يعتبر قضية مثيرة للاهتمام للغاية يمكن استخدامها للبحث في المستقبل».


مقالات ذات صلة

انطلاق «قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية الطبية» الثلاثاء

الخليج النسخة السابقة من القمة شهدت توقيع 11 اتفاقية تعاون مع جهات عالمية (وزارة الحرس الوطني)

انطلاق «قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية الطبية» الثلاثاء

يرعى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان النسخة الثالثة من «قمة الرياض العالمية للتقنية الحيوية الطبية» التي تنطلق أعمالها يوم الثلاثاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك رجل يمارس رياضة الركض أمام أحد الشواطئ (رويترز)

ممارسة النشاط البدني في هذه الأوقات تقلل خطر إصابتك بسرطان الأمعاء

أظهرت دراسة حديثة أن القيام بالنشاط البدني، مرتين في اليوم، في الساعة الثامنة صباحاً وفي الساعة السادسة مساء، قد يقلل خطر الإصابة بسرطان الأمعاء بنسبة 11 %.

«الشرق الأوسط» (برلين)
صحتك الأحماض الدهنية توجد بشكل طبيعي في عدة مصادر غذائية (الجمعية البريطانية للتغذية)

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

كشفت دراسة أجرتها جامعة جورجيا الأميركية عن أن الأحماض الدهنية «أوميغا-3» و«أوميغا-6» قد تلعب دوراً في الوقاية من 19 نوعاً مختلفاً من السرطان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك الزواج يقلل احتمالية الإصابة بالاكتئاب (رويترز)

دراسة: المتزوجون أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب

كشفت دراسة جديدة أن الأشخاص غير المتزوجين قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب بنسبة 80 في المائة مقارنة بالمتزوجين.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك يلعب الضوء دوراً كبيراً في رفاهيتنا وصحتنا النفسية والعقلية (رويترز)

كيف يؤثر الضوء على صحتك العقلية؟

للضوء دور كبير في رفاهيتنا وصحتنا النفسية والعقلية. ولهذا السبب يميل كثير منا إلى الشعور بمزيد من الإيجابية في فصلَي الربيع والصيف.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الأكل العاطفي» تُحوّله الحرب إعلاناً للحياة... ولا تغفر مبالغاته

تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)
تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)
TT

«الأكل العاطفي» تُحوّله الحرب إعلاناً للحياة... ولا تغفر مبالغاته

تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)
تتدخّل الشهية في محاولة ترميم ما يتجوَّف (آدوب ستوك)

يقصد عيادةَ اختصاصية الطبّ الغذائي والتغذية العيادية، الدكتورة فيرا متّى، مواظبون على خطط غذائية تقي ويلات؛ منها السكّري. هؤلاء، في معظمهم، لم يغادروا المنازل نحو سقوف تتراءى آمنة من التوحّش المُعادي. في مقابلهم، يُفرِط كثيرون في تناول الطعام لسدّ حاجة إلى امتلاء تفرضه فراغات مؤلمة. لطالما تأكّدت العلاقة الشائكة بين المعدة والعالم الخارجي، وبدا وثيقاً الرابط بين الطعام والظرف. هذه أيامٌ مضطربة. جَرْفٌ من النزوح والخوف وفوضى الوقت. لذا تتدخّل الشهية في ترميم ما يتجوَّف. وتمنح بعض الأصناف اللذيذة شعوراً بالسكينة. فماذا يحدُث لدواخلنا، وهل النجاة حقاً بالأكل؟

اختصاصية الطبّ الغذائي والتغذية العيادية الدكتورة فيرا متّى (حسابها الشخصي)

ينطبق وَصْف «الأكل العاطفي» على ملتهمي الطعام الملوَّعين بالمآسي. تقول الدكتورة متّى، إنهم يشاءون مما يتناولونه الإحساس بواقع أفضل. تتحدّث لـ«الشرق الأوسط» عن وَقْع الاضطراب في الأجساد والنفوس، فتتصدّى له، عموماً، أصناف المأكولات وكمّياتها: «تاركو المنازل يتابعون النقل المباشر للحرب دون انقطاع. يتفاقم توتّرهم وينمو الشعور بعدم الأمان. ذلك يعزّز هرمونات تشتهي أنواع السكّر، وقد تتعدّى الرغبةُ الحلويات إلى الأملاح، دفعةً واحدة، دون فاصل أو استراحة أضراس».

تحسم تبدُّل العادات الغذائية أو تأثّرها في أقل تقدير. فغذاء النازح غالباً «غير صحّي»، ويُعمّق سوءه «النوم المتقطّع، والروتين المستجدّ». تشرح: «ضرر ذلك على الأطفال الحدّ من نموّهم الفكري والجسدي، بينما يمسُّ هرمون الكورتيزول المُسبِّب تكوُّن الدهون على بطن الكبار، فتتحقّق زيادة الوزن وإن قلَّ التهام الطعام جراء اضطراب النوم والتوتّر العالي. هنا، يتحوّل كل ما يدخل الفم إلى دهون لإصابة هذا الهرمون بالارتفاع اللافت مُحوطاً بعوامل تُصعِّب انخفاضه».

تستوقفها وضعية التغذية المستجدّة، لتراوحها بين القلّة والسوء: «قد يحضُر الطعام على شكل معلّبات مثلاً. هذه طافحة بالصوديوم والسكّر المُضاف، وتحتوي مواد كيميائية تُسبّب السرطان على المدى الطويل. بذلك، لا يعود نقصُ الطعام مُسبِّبَ المرض؛ وإنما سوءه».

غذاء النازح غالباً غير صحّي ويُعمّق سوءه النوم المتقطّع (أ.ف.ب)

ما يُفعِّل تناقُل الأمراض، وفق فيرا متّى، «الطعام غير المحفوظ جيداً». تتحدّث عن حالات بكتيرية تتمثّل في عوارض؛ منها التقيّؤ واضطراب الأمعاء، لغياب الثلاجات أو انقطاع الكهرباء. «ذلك يُخفّض المناعة وينشر الأوبئة، خصوصاً بين الأطفال. أما الكبار فيفاقمون مشكلات السكّري والشرايين والكولسترول وتشحُّم الكبد إنْ عانوها».

تعطي نسبة 20 في المائة فقط، من بين مَن تابعتْ حالتهم الغذائية، لمن لا يزالون يلتزمون نظامهم الصحّي. آخرون لوَّعهم السكّري، فازدادوا لوعة، وضخَّم تبدُّلُ غذائهم معاناتهم مع الأمراض. من دورها العيادي، تحاول إعادة أمور إلى نصابها: «نركّز اليوم على السلامة الغذائية، وكيفية تعامُل النازحين مع واقعهم الصحّي. دورنا توعوي. علينا الحدّ من التسمُّم، فأزمة الدواء لم تُحلّ، والمستشفيات توفّر استيعابها للجرحى. لا بدّ من تفادي تحميلها أعباء إضافية».

تفترض إخضاع اللبنانيين لفحص يختبر انجراف معظمهم خلف «الأكل العاطفي»، وتضمن النتيجة: «قلة فقط ستكون خارج القائمة». تصوغ معادلة هذه الأيام: «تلفزيون وبرادات. الالتهام فظيع للأخبار والمأكولات. لا شيء آخر. نحاول جَعْل هذا البراد صحّياً».

إنها الحرب؛ بشاعتها تفرض البحث عن ملاذ، ومطاردة لحظة تُحتَسب، والسعي خلف فسحة، فيتراءى الطعام تعويضاً رقيقاً. بالنسبة إلى الدكتورة متّى إنه «إحساس بالامتلاء وبأنّ مَن يتناوله لا يزال حياً». تحت قسوة هذه الأيام ومُرّها، لا يعود الإحساس بالذنب المُرافق للإفراط في تناوله، هو الغالب... «يتراجع ليتقدّم الشعور بالنجاة. مساعي البقاء تهزم فكرة الكيلوغرامات الزائدة. بإمكان الأكل العاطفي إتاحة المساحة للراحة والسعادة. ذلك يسبق تسبّبه في ثقل وزيادة الوزن. بتحقّقهما، يلوح الذنب، وإنما في مرحلة لاحقة، بعد بهجة الامتلاء الداخلي».

ضرر سوء الغذاء على الأطفال يمسّ بنموّهم الفكري والجسدي (د.ب.أ)

تتفهّم الحاجة إلى اللحاق بكل ما يُعزّي والتشبُّث به. الطعام يتقدَّم. ترى أن لا أحد مخوَّلاً تقديم نصيحة لنازح من نوع «اضبط شهيتك بينما القصف في جوارك». برأيها، «يكفي الخوف وحده شعوراً سيئاً». يهمّها «الحدّ من نتائج كارثية ستظهر بوضوح بعد الحرب»، مُفضِّلة الاستعانة بالتمر مثلاً بدل «القضاء على علبة شيكولاته» والقهوة البيضاء لتقليص ضخّ الكافيين.

وتنصح بالتنفُّس والرياضة، فهما «يهدّئان هرمون الأعصاب»، وبالنظافة بما «تشمل غلي الماء قبل استعماله حال الشكّ في مصدره». تضيف: «الاستغناء عن تناول دجاج ولحوم أُبقيت مدّة خارج الثلاجة، لاحتمال فسادها، على عكس الحمّص والصعتر، مثلاً، القابلَيْن لعمر أطول». أما الحصص الغذائية، فالمفيد منها «التونة والسردين والأرز والمعكرونة وزيت الزيتون، ولا بأس بمعلّبات البازلاء والذرة بديلاً للخضراوات. يُفضَّل استبعاد اللحوم المصنّعة. الحليب المجفَّف جيّد أيضاً لغياب الطبيعي».