«أسوان للفنون» يستعيد زخمه الجماهيري

18 فرقة تشارك في دورته التاسعة

عروض فولكلورية متنوعة في المهرجان (محافظة أسوان)
عروض فولكلورية متنوعة في المهرجان (محافظة أسوان)
TT

«أسوان للفنون» يستعيد زخمه الجماهيري

عروض فولكلورية متنوعة في المهرجان (محافظة أسوان)
عروض فولكلورية متنوعة في المهرجان (محافظة أسوان)

بعد تأجيله العام الماضي، بسبب وباء كورونا، يستعيد مهرجان أسوان الدولي للثقافة والفنون (جنوب مصر)، زخمه الجماهيري، مجدداً، عبر دورته التاسعة التي تشارك فيها 18 فرقة فنون شعبية، منها 10 فرق مصرية، من بينها «أسوان، والشرقية، والمنيا، ومطروح، والعريش، وسوهاج، وبورسعيد»، بالإضافة إلى فرقتي «رضا والقومية للفنون الشعبية»، بجانب 8 فرق من دول المكسيك، واليونان، وبولندا، وسيريلانكا، وبنغلاديش، وزيمبابوي، وفلسطين والسودان.
وتقام عروض الفرق الفنية المشاركة في 12 موقعاً داخل محافظة أسوان، على غرار مسرح فوزي المكشوف، بكورنيش النيل، وجمعية منشية النوبة، وقصور ثقافة كوم أمبو، ومكتبة الطفل والشباب بدراو، وبيتي ثقافة «كلابشة وغرب أسوان».
وافتتح المهرجان عروضه بديفيله مبهر للمراكب النيلية وسط نهر النيل، قبيل تدشين الدورة التاسعة رسمياً، بحضور أكثر من ألفي متفرج، و430 فناناً وفنانة من المشاركين بالدورة التاسعة.
وتحظى عروض الدورة التاسعة بالمهرجان، بإقبال جماهيري لافت، بحسب حياة حسين، المسؤول الإعلامي بفرع ثقافة أسوان، التي تقول لـ«الشرق الأوسط» إن «المهرجان أسهم في انتعاش حركة السياحة داخل محافظة أسوان، بعد فترة طويلة من الركود بسبب جائحة كورونا»، مشيرة إلى أن «إقبال الجمهور الأسواني على مشاهدة فقرات المهرجان المتنوعة، فاق التوقعات، وأكد اهتمامه بهذا الحدث السنوي، وانتظاره له كل عام».
وتستمر فعاليات المهرجان حتى 22 فبراير (شباط) الجاري، بمدينة أبو سمبل، بالتزامن مع الاحتفال بتعامد الشمس على قدس أقداس معبد أبو سمبل، حيث سيتم تنظيم 3 حفلات بالمدينة؛ الأولى في المعبد يوم 21 فبراير، والثانية بالسوق السياحية، والثالثة خارج المعبد الأثري في فجر يوم 22 فبراير خلال تعامد الشمس على تمثال الملك رمسيس الثاني.
وشهدت احتفالية تعامد الشمس في هذا التوقيت من العام الماضي، انخفاضاً ملحوظاً في عدد الزوار، حيث شاهد هذه الظاهرة الفلكية القديمة، نحو ألف زائر فقط، بينهم نحو 200 سائح أجنبي، بينما حرص على مشاهدتها في الوقت ذاته من عام 2020 قبيل تفشي الوباء عالمياً، ولجوء العديد من دول العالم إلى إغلاق حدودها نحو 5 آلاف سائح أجنبي ومصري.
وتأمل مصر في انتعاش حركة السياحة في أسوان والأقصر خلال الموسم السياحي الشتوي الجاري، لا سيما بعد إلغاء وزارتي السياحة والآثار والثقافة، ومحافظة أسوان، الاحتفالية الفنية المصاحبة لتعامد الشمس العام الماضي بسبب وباء كورونا، بجانب تأجيل الدورة التاسعة لمهرجان أسوان الدولي للثقافة والفنون.
وشهدت الدورة الثامنة من المهرجان مشاركة فرق من «روسيا، واليونان، ورومانيا، وسيريلانكا، والمكسيك، والجزائر، وفلسطين، والمغرب، والسودان، وصربيا، والإمارات، وبولندا، وبلغاريا»، بالإضافة إلى 10 فرق فنية تابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة تمثل الفلكلور المصري.
وتضم مدينة أسوان عدداً من المواقع الأثرية والسياحية المهمة، وتعد من أبرز المدن المصرية في السياحة الثقافية، وتضم مواقع ومتاحف أثرية ومعابد فرعونية نادرة؛ أبرزها معبد فيلة الذي يتوسط مياه نهر النيل ومتحف النوبة.
واتفق الدكتور خالد العناني، وزير السياحة والآثار، والدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، أخيراً، على تنظيم عدد من العروض الفنية والفعاليات الثقافية في الأماكن السياحية، من بينها إقامة عرض فني مميز للاحتفال بظاهرة تعامد الشمس بأبو سمبل، بجانب المشاركة في تنظيم عدد من الفعاليات والمهرجانات الثقافية والسياحية بجميع محافظات الجمهورية خلال الفترة المقبلة، لرفع الوعي السياحي والثقافي وتنشيط حركة السياحة الداخلية وإبراز المنتجات المتميزة والمتعددة للمقصد السياحي المصري.
وانتهت محافظة أسوان أخيراً من تنفيذ المرحلة الأولى من مشروع الهوية البصرية للمحافظة، بحسب أحمد فرمان، مستشار محافظ أسوان، الذي قال في مداخلة تلفزيونية، أخيراً، إن «المرحلة الأولى شملت الطريق السياحي من مطار أسوان لمحطة قطار أسوان، والمطار ومحطة السكك الحديدية، أما المرحلة الثانية سيتم التركيز فيها على الجزء الداخلي بالمحافظة».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».