المعارضة تراهن على سحب النظام مقاتلين من حلب.. وتعد بأن «المعركة ستشتعل قريبًا»

المستشار القانوني لـ«الحر»: عاصفة الحزم أمدتنا بدعم نفسي أمام النفوذ الإيراني

سكان حي الصاخور بحلب يتفقدون الدمار الذي نتج عن إلقاء براميل متفجرة رماها طيران النظام أمس (رويترز)
سكان حي الصاخور بحلب يتفقدون الدمار الذي نتج عن إلقاء براميل متفجرة رماها طيران النظام أمس (رويترز)
TT

المعارضة تراهن على سحب النظام مقاتلين من حلب.. وتعد بأن «المعركة ستشتعل قريبًا»

سكان حي الصاخور بحلب يتفقدون الدمار الذي نتج عن إلقاء براميل متفجرة رماها طيران النظام أمس (رويترز)
سكان حي الصاخور بحلب يتفقدون الدمار الذي نتج عن إلقاء براميل متفجرة رماها طيران النظام أمس (رويترز)

أكد المستشار القانوني للجيش السوري الحر أسامة أبو زيد أن معارك قوات المعارضة السورية للسيطرة على الشمال «متواصلة ولن تتوقف من غير وجود ضمانات بتنحي (الرئيس السوري بشار) الأسد في أي حل سياسي مرتقب»، مشددًا على «إننا اليوم في أحسن أحوالنا، وحققنا انتصارات كبيرة في الشمال، ونشهد أفضل أيام التقارب الكبير بين الائتلاف والفصائل المقاتلة على الأرض»، وسط تحضيرات من قبل قوات المعارضة لفتح معركة السيطرة على مدينة حلب، كبرى مدن الشمال.
وقال أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» إن المعادلة الآن «تبدلت، مما يمنع أي حل سياسي أن يحتفظ بحق الأسد في البقاء بالسلطة»، مشيرًا إلى «إننا لن نقبل بما دون قاعدة مؤتمر جنيف1 في الحوار السياسي، وهي تنحي الأسد وإنشاء هيئة حكم انتقالي. ولن نرضى بمقررات جنيف2 الذي مارس فيه النظام ضغوطًا لصالحه»، مشيرًا إلى أن التغير في المعادلة «نتج عن تحولات المعركة لصالح المعارضة»، فضلاً عن أن «أصدقاء سوريا اليوم أنشأوا مظلة سياسية للمعارضة، ويدفعون بمفاوضات تتضمن تنحي الأسد».
وجاءت تصريحات أبو زيد في ظل تقدم أحرزته المعارضة في شمال سوريا، حيث اقتربت من السيطرة على محافظة إدلب الحدودية مع تركيا، ووسعت نطاق عملياتها إلى سهل الغاب في ريف حماه، وتسعى لربط ريفي إدلب وحماه ببعضهما البعض، تمهيدًا لفتح معركة السيطرة على جبال اللاذقية الساحلية، معقل النظام السوري وخزان جمهوره.
وقال أبو زيد إن التقدم الذي أحرزته المعارضة «ناتج عن دفع نفسي أمدتنا به عاصفة الحزم في اليمن، بأن السوريين ليسوا وحدهم من يقاتل النفوذ الإيراني»، مؤكدًا أن «التقارب الإقليمي يؤكد أننا لسنا بمفردنا في هذه المعركة»، مشيرًا إلى أن نقطة القوة في المعارضة اليوم، «تتمفصل أيضا في توحد فصائل المعارضة». وأضاف: «المعركة مستمرة إلى حين إحداث تغيير في الفهم الدولي للوضع في سوريا، إذ لن نقبل بمفاوضات لا تشترط رحيل الأسد»، معربًا عن اعتقاده أنه «إذا فشل المجتمع الدولي بتحقيق ذلك، فإن أصدقاء الشعب السوري، سيتحول موقفهم من مؤيد للحل السياسي إلى تأييد الحل العسكري».
وفي الوقت نفسه، نفى أبو زيد وصول دفعات جديدة من الأسلحة إلى سوريا. وقال: «آخر شحنة من الأسلحة وصلت قبل 4 أشهر ونصف الشهر، وتتضمن صواريخ تاو الأميركية المضادة للدروع، وتسلمتها حركة حزم قبل إعلانها حل نفسها إثر هجمات لجبهة النصرة عليها»، مشيرًا إلى أن الأسلحة التي يستخدمها مقاتلو المعارضة «غنموا معظمها من معسكري الحامدية ووادي الضيف» اللذين سيطرت عليهما جبهة النصرة وحلفاؤها وكتائب من الجيش السوري الحر في ريف إدلب، أواخر العام الماضي. وأضاف: «سنطالب بدعمنا بالسلاح، لأنه ليس عيبًا تقديم سلاح لنا نمنع فيه النظام من ارتكاب مجازر بحق المدنيين، ويرتكبها بعد سيطرتنا على المدن، متبعًا سياسة الأرض المحروقة ثأرًا من أي هزيمة تلحق به».
وفي ظل التقدم الميداني، تقول المعارضة إن «نقطة الضعف بالنسبة لنا تتمثل في سلاح الجو المستخدم بكثافة ضد المدنيين، لأنه لا يمنعنا من التقدم، نظرًا إلى أن قوات النظام غير قادرة على الثبات على الأرض»، كما قال أبو زيد، كاشفًا عن أن الهدف الاستراتيجي أمام المعارضة هو «السيطرة على ريف حماه ووصله بريف إدلب وصولا إلى الساحل السوري»، مشيرًا إلى أن «السيطرة على جسر الشغور كانت مرحلة مهمة لتحقيق الهدف والتقدم باتجاه سهل الغاب الذي سيطرنا اليوم (أمس) على 6 قرى فيه، وطردنا النظام من 8 حواجز من أصل 12، حتى باتت الجهة الشمالية الغربية كاملة تحت سيطرتنا، ونتوجه إلى الضفة الشرقية». وأضاف: «نتخذ الآن خطوات لوصل الريفين وننطلق منهما باتجاه معركة الساحل ليمتد نفوذنا من قلعة المضيق بريف حماه، إلى الساحل السوري في اللاذقية، وبات ذلك ممكنًا لأن الثغرات في السابق كانت تتمثل في أن مناطق إمدادنا إلى الجبهات كانت معزولة».
في هذا الوقت، أعلنت عدة فصائل عن تشكيل «غرفة عمليات مشتركة» في حلب، تنضوي تحتها «الجبهة الشامية»، و«أحرار الشام»، و«فيلق الشام»، و«كتائب ثوار الشام»، و«جيش الإسلام»، و«تجمع فاستقم كما أمرت» وكتائب «فجر الخلافة»، حملت عنوان «غرفة عمليات فتح حلب»، بهدف السيطرة على المدينة.
غير أن تقدمًا مشابهًا، تشوبه عوائق كبيرة، نظرًا إلى مساحة المدينة وثقل وجود قوات النظام فيها، إضافة إلى وجود نحو مليون ونصف المليون مدني يقيمون فيها، بحسب ما قال أبو زيد، مشيرًا إلى أن «هؤلاء المدنيين يشكلون العائق الأساسي في المعركة، كونهم سيضطرون للنزوح إلى مناطق أخرى، أو إلى تركيا التي تتشدد في إجراءاتها الآن على الحدود».
وقال أبو زيد إن العوائق العسكرية «يمكن أن تذلل كون قوات النظام استنزفت إلى حد كبير في ريفي إدلب وحماه»، مشيرًا إلى أن قوات المعارضة تراهن على سحب النظام تعزيزات من حلب إلى ريفي حماه وإدلب، «ما قد يسهل السيطرة على المدينة»، مؤكدًا أن الجبهات في حلب «ستشتعل في وقت قريب».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.