«ثلاثون يوماً في القاهرة»... رحلة سردية إلى روح «المحروسة»

كاتب ليبي يروي مشاهداته من أزقة المدينة العتيقة وأسواقها

عبد السلام الزغيبي في ميدان طلعت حرب بالقاهرة
عبد السلام الزغيبي في ميدان طلعت حرب بالقاهرة
TT

«ثلاثون يوماً في القاهرة»... رحلة سردية إلى روح «المحروسة»

عبد السلام الزغيبي في ميدان طلعت حرب بالقاهرة
عبد السلام الزغيبي في ميدان طلعت حرب بالقاهرة

ربما من أروع الكتابات التي يمكن أن تجذب القراء دوماً هي تلك التي تدور حول المدن العتيقة ورائحتها، ودكاكينها وأزقتها الضيقة، وثقافتها المحلية وأهلها البسطاء.
ولطالما استمتع القارئ بفضاءات المدينة في أعمال العديد من الروائيين على اختلاف لغاتهم واتجاهاتهم الفكرية والأدبية أمثال نجيب محفوظ في كتابته عن القاهرة، وهنري بلزاك وإميل زولا عن باريس، وإدوار الخراط وإبراهيم عبد المجيد عن الإسكندرية، وأورهان باموق عن إسطنبول، وعبد الرحمن منيف عن عمان وغادة السمان عن بيروت. وغيرهم كثيرون ممن رسموا لوحات جميلة ممتعة التفاصيل والحكي لمدن عشقوها فخلدتها صفحات الأدب.
وإذا كانت الكتابة الروائية حينما تتعمق في سيرة المدن تقدم لنا مزجاً ما بين الخيال والواقع والمتعة والشجن، لا سيما عندما تتجول ما بين عالمي السيرة الذاتية وأدب الرحلات، فإنّ الكتابة السردية المبسطة التي تتضمن مشاهدات عينية ومواقف وذكريات خاصة وسجلات اجتماعية وحقائق تاريخية إنّما تثير كذلك شغف القارئ وتخاطب وجدانه وخياله ببراعة.
وفي طرح جديد شيق مع سيرة المدن وحكاياتها، يقدم الكاتب الليبي عبد السلام الزغيبي كتابه الصادر حديثاً عن دار البيان للنشر والتوزيع في مدينة بنغازي بعنوان «ثلاثون يوماً في القاهرة».
يتناول الكاتب القاهرة كواحدة من أهم وأقدم المدن في عالمنا المعاصر، مسلطاً الضوء على جذور تأسيسها ودورها المحوري الذي لعبته في التاريخ القديم والحديث، وسمات خصوصيتها التي جعلت منها مركزاً ريادياً للإشعاع الثقافي في المنطقة، ومن خلال 173 صفحة و11 فصلاً تحل روح القاهرة وتنتشر رائحتها العتيقة ويعلو صوت ضجيجها وأنفاس ناسها الطيبين في كل الأركان حول القارئ، فحتى لو لم يكن زارها أو عاش فيها فإنّه سيشعر كما لو أنّه قام بذلك بالفعل عبر مشاركته الكاتب رحلته إلى القاهرة، لا سيما أنه يستعرض صوراً بانورامية للمدينة يطل علينا من داخل بعضها.
ومنذ البداية حدد الكاتب هوية المدينة التي يقدمها للقارئ، إذ يقول في المقدمة: «القاهرة ليست فقط المهندسين ولا مصر الجديدة، ولا المعادي أو العجوزة، القاهرة هي المدينة القديمة، بمقاهيها وشوارعها وحواريها وأزقتها ودكاكينها، وحوانيتها، ومساجدها، ومآذنها وأسبلتها وكنائسها، كذلك بنيلها، وشمسها الدافئة، وبأسواقها، وتقاليدها وعمارتها، وتراثها، وقلاعها وبيوتها، بتاريخها وحضارتها، وفنها وثقافتها، وأيضاً بزحمة الحياة فيها، وناسها المكافحين الطيبين. كل من زارها، وعاش فيها، وقع في هواها، وأنا منهم».
ورغم تعدد زياراته للقاهرة فقد اختار الزغيبي، هذا التوقيت وذلك العنوان الذي يوحي كما لو أنّها زيارة واحدة بلغت 30 يوماً قام بها مؤخراً... أسأله لماذا؟ فيجيب قائلاً في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «أثناء زياراتي المتعددة للقاهرة تجمعت لدي مجموعة كبيرة من المشاهد، فتبلورت فكرة وددت مشاركتها مع القراء، خاصة بعد تشجيع عدد لا بأس به من الأصدقاء داخل مصر وخارجها لي أخيراً على تجميع هذه المادة وحفظها في كتاب، أي أنني في واقع الأمر زرت القاهرة مرات عدة ولخصتها في هذا الكتاب، وحاولت فيه التعريف بالمدينة. تأسيسها ودورها ومكانتها وتأثيراتها السياسية والاقتصادية والثقافية، ولعل عدد الأيام (الثلاثون) ما هي إلا مساحة زمنية لمعرفة القاهرة كمدينة، فهو أقرب إلى العنوان الرمزي».
ويتابع الزغيبي: «زرت الشوارع والميادين والأحياء، وفي الكتاب يمكنك أن تشمّ رائحة التاريخ التي تعبق في كل زاوية بالقاهرة؛ فقد حاولت تعريف المدينة وتسليط الأضواء على ناسها؛ وربما ما ساعدني على تحقيق ذلك أنني كنت محظوظاً بالتجول طويلاً بين ربوعها مع أصدقاء ليبيين ومصريين مهتمين بالشأن الثقافي. كذلك من عامة الناس ممن تعرفت عليهم هناك، وقد أتاحوا لي التوغل في تفاصيل الحياة اليومية».
وفق الروائي التركي أورهان باموق: «لكل مدينة صوت لا يمكن أن يُسمع في غيرها، صوتٌ يعرفه جيداً كل هؤلاء الذين يعيشون في المدينة، ويتشاركون فيه كأحد الأسرار»... وبالنسبة للكاتب الزغيبي، فإنّ صوت مدينة القاهرة أو سرها إنّما يكمن في الناس، «في القاهرة تجد العفوية والتلقائية، وخفة الدم، رغم كل قسوة الحياة» ويتابع: «كما أنّ سحر القاهرة يتمثل في قدرتها على إدهاش زائرها في كل مرة بالإثارة والنبض المتواصلين في حياتها النهارية والليلية. هناك أشياء لن تجدها في أي مدينة أخرى بالعالم سواها، وهنا يكمن سحرها».
في الكتاب تعددت الأسماء والأوصاف التي أطلقها الزغيبي على القاهرة، ففي حين وصفها في المقدمة بـ«جوهرة الشرق»، نجده في الفصل الأول الذي يأتي بعنوان «شوارع وميادين» يصفها بأنّها «المدينة التي لا تنام»، وفي الفصل نفسه يتجول القارئ مع كاتبه في شوارع وسط البلد مثل طلعت حرب وعدلي وقصر النيل وعماد الدين وقصر العيني، ويتعرف على معلومات قيمة حولها وسبب تسميتها وربما تكون المرة الأولى التي تصله فيها هذه الحقائق السخية حتى بالنسبة لبعض القراء المصريين.
ومن هذا الفصل ننتقل مباشرة إلى فصل «أسواق» وكأنما يقدم فيه خريطة تجارية للقاهرة لكل من قرر أن يتسوق فيها. وفي باب «أحياء وضواحي» يتعرف القارئ على أحياء عريقة مثل حي شبرا بقصوره وبناياته القديمة وقصصه الساكنة في الوجدان المصري والغورية بحاراته الشهيرة وحرفه الأصيلة ومنه ننتقل إلى أحياء حديثة و«كمبوندات سكنية رفيعة المستوى» يصفها الكاتب بـ«كأنها قطعة من أوروبا»، وربما تكون من المرات القليلة التي يتم فيها تناول مكتبات المدينة في فصل كامل.
ومن أهم فصول الكتاب كذلك «أطعمة ومطاعم»، إذ يهم كل زائر للمدينة، فأول ما يبحث عنه دوماً هو مكان يقدم طعاماً محلياً لذيذاً، وفي هذا المجال قدم الزغيبي وجبة دسمة متنوعة عن مطاعم القاهرة. أمّا في فصل المقاهي فنعيش أياماً مصرية فنية وثقافية: «القاهرة هي أكثر المدن العربية ازدحاماً بالمقاهي خاصة القديمة ذات الطابع التاريخي المرتبط بأحداث مهمة».
ويختتم الزغيبي حديثه لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «لو استطعت تلخيص القاهرة نفسها أقول بصدق إنّها «قلب العرب وستبقى».



إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».