في السرقة الأدبية

في السرقة الأدبية
TT

في السرقة الأدبية

في السرقة الأدبية

حين نتطرق إلى السرقة الأدبية، فعلينا أن نغوص أولاً في مفهومها ومعناها وخطورتها وأنواعها.. فمفهوم السرقة كما جاء في المعجم الوسيط: «الأخذ من كلام الغير، وهو أخذ بعض المعنى أو بعض اللفظ سواءً أكان أخذ اللفظ بأسره والمعنى بأسره».
أما بالنسبة لخطورتها، فهي أكثر خطورة من السرقة المادية.. لأن السرقة المادية قد تعوض، أما السرقة الأدبية فهي بمثابة اختلاس روح شخص آخر وحبسها في مكان غريب لا تنتمي له.
هنا يأتي تعريف السرقة كما جاء في الويكيبيديا: «السرقة الفكرية أو الأدبية هي ادعاء شخص صراحة أو ضمنيًا بكتابة ما كتبه آخر أو النقل مما كتبه آخرون كليًا أو جزئيًا بدون عزو أو اعتراف مناسب..».
وقد وضع النقاد السرقة الأدبية ضمن ثلاث خانات: سرقة الألفاظ، وسرقة المعاني، أو سرقة الألفاظ والمعاني كليهما. وهنا يمكننا الإشارة إلى قول صاحب معجم البلاغة العربية د. بدوي طبانة عن معنى السرقة اصطلاحا: «هو أن يعمد الشاعر إلى أبيات شاعر آخر فيسرق معانيها وألفاظها وقد يسطو عليها لفظًا ومعنى، ثم يدعي ذلك لنفسه».
السرقة الأدبية كما قلنا هي أخطر أنواع السرقات على الإطلاق، وتأتي بدرجات وطرق مختلفة.. فهناك السرقة الفكرية الشاملة وهي مثلاً: استيلاء كاتب على مقال كما هو بشحمه ولحمه وفواصله، مدعيًا أن النص بكامله هو نصه، أو عندما يسطو أحد ما على خط بياني لقصة أو رواية ويبني عليها عملا كاملا، وهي سرقة بمنتهى التمويه والخبث.
وهناك السرقة الأدبية البيضاء، فبعض الكتاب يأخذون لفظًا أو معنى أو فكرة، ثم يكسبونها سماتهم وثقافاتهم وتجاربهم، وكأن الفكرة تولد من جديد على يدهم بحلة جديدة قد تكسبها بريقًا ماسيًا فريدًا من نوعه، وهذا يعتبر، إن صح التعبير، أطهر أنواع السرقات وأجملها، وقد برره تي أس أليوت، بل دعا حتى إلى الأخذ به، كما فعل في قصيدته الشهيرة «الأرض الخراب». وحجته في ذلك هي ربط الحاضر بالماضي، وإعادة إنتاج ما خلفه العظماء من الكتاب، أو، بتعبير آخر، إعادة صياغته بما يتناسب مع روح عصرنا، باعتبار التراث الإنساني تراثا واحدا.
ويبقى السؤال: هل هناك حد ما يجب أن تقف عنده مقولة «المعاني مطروحة في الطريق»؟
يقال إن السرقة بأنواعها المختلفة شبيهة بحالات الإدمان أو المقامرة أو الشراهة في الأكل، بحيث يرتفع مستوى الأدرينالين في الجسم إثر القيام بالعمل، ليشعر المرء بحالة من اللذة الفوريّة والنشوة العارمة.
بالنظر إلى خبايا ودوافع السرقة الأدبية، سنجد أمامنا عدة احتمالات:
فهي قد تكون مرضًا نفسيًا عائدًا إلى شعور بالفشل؛ إذ قد يحاول السارق الاختباء خلف أعمال الآخرين ونجاحهم، وكأنه يريد أن يرتدي قناع الآخر لتخبئة ضعفه فيلجأ للسرقة ليثبت وجوده، أو لربما هي حالة ناتجة عن رغبة في الانتقام من نجاحات الآخرين، أو من الممكن أن تكون عائدة إلى مشكلة في التنشئة وفي طفولة السارق وسوء تربيته. وقد يكون السبب بكل بساطة انعدام قدرة السارق الأدبية ومحاولة الوصول واكتساب الشهرة والتباهي أمام الجميع بما ليس له عن طريق اتخاذ كاتب آخر ذي قدرات عالية سلّما للوصول إلى المبتغى المطلوب. كما لا يسعنا التغاضي عن احتمالية الغيرة المرضية التي تنعكس في عدم احترام الذات والخوف والبغض، وتؤدي إلى السرقة كتغطية لهذا الفقدان الكبير. وهذه الغيرة تولد أحيانا من إعجاب السارق المفرط بالنص ورغبته بأن يكون هو صاحب التقدير والإطراء، وكأنه بذاك الفعل يوهم نفسه ويخدعها، ثم يصدق أنه صاحب القدرات الفكرية والإبداعية والثقافية، وليس الآخر المسروق منه. وهذه أقصى حالات المرض.
ولا بد من الإشارة هنا إلى أن عامل الكسل الذهني والبلادة الفكرية يعتبران دافعًا لكثير من لصوص النصوص لكي يحصلوا على ما يبتغون دون أدنى مجهود يذكر وكأنهم يمارسون هواية ترفيهية.
مع انتشار التكنولوجيا وعالم «فيسبوك» الأزرق و«تويتر»، أصبحت أبواب السرقة والأسوار كلها مشرعة ومشجعة على السرقات الأدبية، في ظل غياب أي تحرك جدي حازم لحل المشكلة قبل أن تصبح آفة المجتمع الثقافية الأولى.

* شاعرة لبنانية تعيش في بريطانيا



مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي
TT

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، وتضمن مواضيع متنوعة، وخصص الملف لصناعة النخب في الوطن العربي، شارك فيه عدد من الباحثين العرب وهم: محمد شوقي الزين: صُورَةُ النُّخَب وجَدَل الأدْوَار. محمد الرميحي: المجتمع الخليجي وصناعة النخب: الوسائل والصعوبات! موليم العروسي: صناعة النخب وآلياتها. علي الشدوي: مواد أولية عن النخبة السعودية المؤسّسة. ثائر ديب: روسيا مطلع القرن العشرين وسوريا مطلع الواحد والعشرين: إنتلجنسيا ومثقفون.

أما حوار العدد فكان مع المؤرخ اللبناني مسعود ضاهر (أجراه أحمد فرحات) الذي يرى أن مشروع الشرق الأوسط الجديد يحل محل نظيره سايكس بيكو القديم، مطالباً بالانتقال من التاريخ العبء إلى التاريخ الحافز. المفكر فهمي جدعان كتب عن محنة التقدم بين شرط الإلحاد ولاهوت التحرير. وفي مقال بعنوان: «أين المشكلة؟» يرى المفكر علي حرب أن ما تشهده المجتمعات الغربية اليوم تحت مسمى «الصحوة» هو الوجه الآخر لمنظمة «القاعدة» أو لحركة «طالبان» في الإسلام. ويحكي الناقد الفلسطيني فيصل دراج حكايته مع رواية «موبي ديك». ويستعيد الناقد العراقي حاتم الصكر الألفة الأولى في فضاء البيوت وأعماقها، متجولاً بنا في بيته الأول ثم البيوت الأخرى التي سكنها.

ويطالع القارئ عدداً من المواد المهمة في مختلف أبواب العدد. قضايا: «تلوين الترجمة... الخلفية العرقية للمترجم وسياسات الترجمة الأدبية». (عبد الفتاح عادل). جاك دريدا قارئاً أنطونان أرتو (جمال شحيّد). عمارة: العمارة العربية من التقليدية إلى ما بعد الحداثة (عبد العزيز الزهراني). رسائل: أحلام من آبائنا: فيث أدييلي (ترجمة: عز الدين طجيو). ثقافات: خوليو كورتاثر كما عرفته: عمر بريغو (ترجمة: محمد الفحايم). عن قتل تشارلز ديكنز: زيدي سميث (ترجمة أماني لا زار). سيرة: أم كلثوم ونجيب محفوظ نسيج متداخل وروابط متعددة (سيد محمود). اليوتوبيا ونهاية العالم: القرن العشرون صحبة برتراند راسل: خاومي نافارو (ترجمة: نجيب مبارك). رحلة أدب الأطفال الروسي من جامع الفلكلور حتى حكايات اليوم (عبادة تقلا). الأدب والفلسفة: جان لويس فييار بارون (ترجمة حورية الظل). بواكير الحداثة العربية: الريادة والحداثة: عن السيَّاب والبيَّاتي (محمَّد مظلوم). بروتريه: بعد سنوات من رحيله زيارة جديدة لإبراهيم أصلان (محمود الورداني). تراث: كتاب الموسيقى للفارابي: من خلال مخطوط بالمكتبة الوطنية بمدريد (أحمد السعيدي). فيلسوفيا: فيليب ماينلاندر: فيلسوف الخلاص (ياسين عاشور). فضاءات: «غرافيتي» على جدران الفناء (هاني نديم).

قراءات: قراءة في تجربة العماني عوض اللويهي (أسامة الحداد). «القبيلة التي تضحك ليلاً»: تشظي الذات بين المواجهات النسقية (شهلا العجيلي). مختارات من الشعر الإيراني المعاصر (سعد القرش). نور الدين أفاية ومقدمات نقد عوائق الفكر الفلسفي العربي الراهن (الصديق الدهبي). تشكيل: تجربة التشكيلي حلمي التوني (شريف الشافعي). تشكيل: غادة الحسن: تجربتي بمجملها نسيج واحد والعمل الفني كائن حي وله دوره في الحياة (حوار هدى الدغفق). سينما: سعيد ولد خليفة: ما يثير اهتمامي دائماً هو المصاير الفردية للأبطال اليوميين (سمير قسيمي). الفلسفة فناً للموت: كوستيكا براداتان (ترجمة أزدشير سليمان). ماذا يعني ألا تُصنف كاتب حواشٍ لأفلاطون؟ (كمال سلمان العنزي). «الومضة» عند الشاعر الأردني «هزّاع البراري» (عبد الحكيم أبو جاموس).

ونقرأ مراجعات لعدد من الكتب: «جوامع الكمد» لعيد الحجيلي (أحمد الصغير). «حقائق الحياة الصغيرة» للؤي حمزة عباس (حسين عماد صادق). «أنا رسول بصيرتي» لسيد الجزايرلي (صبحي موسى). «طبول الوادي» لمحمود الرحبي (محمد الراشدي). «عقلان» لمحمد الشجاع (محمد عبد الوكيل جازم)

وكذلك نطالع نصوصاً لشعراء وكتاب قصة: برايتون (عبد الكريم بن محمد النملة). في طريق السفر تخاطبك النجوم: أورهان ولي (ترجمة: نوزاد جعدان). بين صحوي وسُكْرها (سعود بن سليمان اليوسف). خرائطُ النُّقصان (عصام عيسى). الغفران (حسن عبد الموجود). أنتِ أمي التي وأبي (عزت الطيرى).