مكتب الإحصاء الألماني: تباطؤ وتيرة انخفاض عدد السكان بسبب الهجرة

تقارير تؤكد أنها جاذبة للمهاجرين بصورة أفضل من سمعتها

ألمانية بلد جاذب للمهاجرين
ألمانية بلد جاذب للمهاجرين
TT

مكتب الإحصاء الألماني: تباطؤ وتيرة انخفاض عدد السكان بسبب الهجرة

ألمانية بلد جاذب للمهاجرين
ألمانية بلد جاذب للمهاجرين

قال مكتب الإحصاء الاتحادي الألماني إن عدد السكان في ألمانيا سينخفض بوتيرة أقل من المتوقع خلال السنوات الخمس والأربعين المقبلة بفضل مستويات الهجرة المرتفعة.
وارتفع صافي الهجرة في البلاد إلى أعلى مستوياته منذ عقدين بسبب وفود المهاجرين وطالبي الهجرة ومعظمهم من سوريا. وتؤجج القضية جدلا وطنيا محتدما على نحو متزايد. لكن الحكومة وأصحاب الأعمال يقولون إن ثمة حاجة ماسة للمهاجرين لتعويض الانكماش السكاني الوشيك بسبب تنامي عدد كبار السن، حسب «رويترز».
وقال مكتب الإحصاء إن عدد السكان في ألمانيا والذي بلغ 81.1 مليون نسمة عام 2014 سينخفض إلى ما بين 67.6 و73.1 مليون نسمة عام 2060.
وكان المكتب قد قال في أحدث توقعاته في عام 2009 إن عدد سكان البلاد صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا سينخفض على نحو أكبر ليتراوح بين 65 و70 مليون شخص.
وذكر أن عدد السكان قد يزيد عما وصل إليه عام 2013 وهو 80.8 مليون نسمة خلال السنوات الخمس أو السبع المقبلة.
وقال رودريش أغلر رئيس مكتب الإحصاء: «لن يقل عن مستوى 2013 قبل عام 2023 على الأقل».
وأضاف أنه سيكون هناك نقص كبير في نسبة السكان في سن العمل. وتوقع أن يقل عدد من تتراوح أعمارهم بين 20 و64 عاما من إجمالي السكان نحو النصف بحلول عام 2060 مقارنة بقرابة الثلثين عام 2013.
وأثار تزايد أعداد المهاجرين قلق الكثير من الألمان.
وتنظم حركة أوروبيون وطنيون ضد أسلمة الغرب (بيجيدا) الألمانية المعادية للإسلام مظاهرات أسبوعية في شوارع مدينة درسدن الألمانية منذ شهور. وتعرض نزل لطالبي اللجوء في شرق ألمانيا هذا الشهر للحرق العمد مما سلط الأضواء على عدم تقبل الألمان للهجرة.
من جهة أخرى، أظهر تقرير خبراء أن ألمانيا بلد جاذب للمهاجرين بصورة أفضل مما يعتقده الرأي العام حاليا.
وبحسب التقرير الذي أعلنه مجلس خبراء مؤسسات ألمانية معنية بشؤون الاندماج والهجرة في برلين، فإن ألمانيا تحتل مركزا متقدما بين الدول التقليدية الجاذبة للهجرة مثل كندا أو الولايات المتحدة، كما أنها تلعب دورا رياديا في قضايا الهجرة بصورة جزئية.
وقالت رئيسة مجلس الخبراء كريستيانه لانجنفيلد: «بالمقارنة الدولية، تنضم ألمانيا إلى مصاف الدول المتقدمة الجاذبة للهجرة.. إننا أفضل مما نعتقد».
وذكرت لانجنفيلد أن ألمانيا لحقت بركب الدول التقليدية الجاذبة للهجرة في الكثير من المجالات، مشيرة إلى أن هذا الأمر كثيرا ما يتم تجاهله في الجدال السياسي.
وفي الوقت نفسه، أوضحت لانجنفيلد أن المستوى الجيد الذي حققته ألمانيا كبلد جاذب للهجرة لا يعني أن تتراخى ألمانيا في جهودها الآن، وقالت: «لا يزال ينقصنا استراتيجية شاملة لسياسة الهجرة».
وأكدت لانجنفيلد ضرورة تحديد الدول التي ترغب ألمانيا في أن تروج لنفسها كبلد جاذب للهجرة. وقالت: «على ألمانيا أن تعرف نفسها على المستوى الدولي وأيضا على المستوى المحلي على أنها بلد جاذب للهجرة بصورة أكبر وأكثر مصداقية».
وفي الوقت نفسه ذكرت لانجنفيلد أن وقائع الحرق العمد لعدد من نزل اللاجئين في ألمانيا «إشارة كارثية»، مطالبة الأوساط السياسية بتوضيح أهمية جذب مهاجرين إلى ألمانيا لمواجهة شيخوخة المجتمع.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».