«مدرسة اللوفر» عصرية بمليوني يورو من رجل الأعمال اللبناني مجيد بستاني

صاحب «مؤسسة فرنسيس بيكون» في موناكو

مجيد بستاني يتوسط وزير الثقافة الفرنسي يوم الاتفاق على المشروع ومديرة مدرسة اللوفر باربيون
مجيد بستاني يتوسط وزير الثقافة الفرنسي يوم الاتفاق على المشروع ومديرة مدرسة اللوفر باربيون
TT

«مدرسة اللوفر» عصرية بمليوني يورو من رجل الأعمال اللبناني مجيد بستاني

مجيد بستاني يتوسط وزير الثقافة الفرنسي يوم الاتفاق على المشروع ومديرة مدرسة اللوفر باربيون
مجيد بستاني يتوسط وزير الثقافة الفرنسي يوم الاتفاق على المشروع ومديرة مدرسة اللوفر باربيون

ستكتسب «مدرسة اللوفر» الملحقة بالمتحف الباريسي الشهير حلّة جديدة، وتنتهي الأشغال فيها الشهر المقبل، بفضل التمويل السخي لرجل الأعمال اللبناني الذي يحمل الجنسية السويسرية والمقيم في موناكو مجيد بستاني. وتبّرع بستاني بمبلغ مليوني يورو، لهذه الورشة، مما حدا بوزير الثقافة الفرنسي السابق فرانك ريستر، بأن يعدّه «أكبر مشروع على الإطلاق نُفّذ في مؤسسة للتعليم العالي تابعة لوزارة الثقافة الفرنسية».
و«مدرسة اللوفر» العريقة التي تدرّس تاريخ الفن والأركيولوجيا، والحضارة والأنثروبولوجيا وعلم المتاحف، تأسست عام 1882 وصار مقرها جناح فلور في قصر اللوفر منذ عام 1972، وجُدّدت سنة 1998، في أثناء أعمال «متحف اللوفر الكبير». لكن بعد أكثر من عقدين، بات هذا المكان ليس فقط بحاجة إلى صيانة ولكن أيضاً لأن يصبح مكاناً عصرياً يتلاءم واحتياجات الطلاب. وجاء تمويل بستاني ليسمح بتحويل جذري في شكل المدرسة وتطوير وظائفها، وعدّت هبة استثنائية في كرمها، إذا ما قورنت بالتبرعات الأخرى. وتضمنت ورشة التجديد الممتدة على مساحة 1300 متر مربع، موزعة على ثلاثة طوابق، تجديد المكتبة، وإنشاء مركز للأبحاث، ومكان للبحاثة في قسم الدكتوراه، وتأهيل الكافتيريا، وإعادة تأهيل مركز الكومبيوتر والأفلام الوثائقية، وغيرها. ورغبةً من بستاني في إدخال الفن حياً إلى هذا المكان التاريخي، فإنّ تمثالين للفنان البريطاني أنتوني جورملي، سيحلّان في المساحة المخصصة للدراسة والبحث، ما سيضفي مسحة جمالية إضافية. وستُعرض صورة للفنان الإنجليزي فرنسيس بيكون عند مدخل مركز الأبحاث الجديد يعود تاريخها إلى 1977.
وعلاقة بستاني بمتحف اللوفر تعود إلى عام 2016، مع إنشاء منحة بحثية مدتها أربع سنوات يحصل عليها طالب دكتوراه يخصص بحثه للرسام الإنجليزي فرنسيس بيكون. أمّا لماذا الرسام بيكون بالتحديد فلأن مجيد بستاني حسبما يردد باستمرار شغوف بهذا الفنان الذي كان زائراً مدمناً للمتاحف الباريسية ولا سيما «متحف اللوفر»، الذي كان يعدّه أحد مصادر إلهامه الرئيسية.
هناك سبب آخر. ففي أواخر الثمانينات، يوم كان بستاني تلميذاً في عشريناته يدرس العلاقات الدولية وإدارة الأعمال، في لندن، صادف أنّه كان قد اختار مادة تاريخ الفن، وفي أثناء زيارة له إلى «متحف تيت» لفته مخطط وضعه فرنسيس بيكون لأحد أعماله، وأثار فضوله. الأمر لم ينتهِ هنا، عكف التلميذ على البحث عن الفنان، وازداد إعجابه به بمرور الوقت. زار الكثير من المعارض بحثاً عنه، وزاد اهتمامه به حين علم أنّ الفنان بين عامي 1946 و1950، أقام في موناكو، المكان الحميم إلى قلبه، وبقي فيها حتى نهاية حياته.

مؤسسة فرنسيس بيكون
مع مطلع الألفية، انتقل الشغف من البحث إلى الاقتناء. هكذا أخذ مجيد بستاني بتجميع أعمال الغرافيك التي خلّفها بيكون، ويعلّقها في بيته، لكنّ الأمر سرعان ما تحول إلى احتراف حقيقي. صار بستاني يجمع كل ما له صلة ببيكون: أعماله، حاجاته الشخصية، الصور الفوتوغرافية... جمع أكثر من 3000 قطعة لبيكون أو ذات صلة به مثل أعمال الفنانين الذين عمل معهم مثل روبرت لونغو ومايكل كلارك. من هنا كان تأسيس «مؤسسة فرنسيس بيكون» في موناكو التي تمتلك أكبر عدد من لوحات بيكون وقطع الأثاث المبكرة التي صممها الفنان وبينها سجاد، حيث عمل في هذا المجال قبل أن ينخرط في الرسم. كما تتضمن المجموعة الصور الفوتوغرافية الأكثر أهمية لفرنسيس بيكون بالإضافة إلى مجموعة فريدة من الوثائق وأدوات عمل الرسام والكتب والأرشيفات الأخرى التي تتيح للزوار والباحثين أن يعيشوا في عالم الرسام الشهير، وأجواء فناني القرن العشرين. ثمة 100 قطعة معروضة باستمرار لعموم الناس، تتيحها المؤسسة للزوار.

«مؤسسة بستاني» للعمل الخيري والتعليم
إذا كانت علاقة مجيد بستاني مع رسامه المفضل بيكون قد بدأت تتوطد مع مطلع التسعينات، فإنّ صلته بمتحف اللوفر بدأت مع تقديم منح للطلاب الشباب منذ أكثر من ست سنوات، قبل أن يُتّفق على المشروع الأخير، الذي افتتح جزء منه، وهو بيت الطلاب، في 27 سبتمبر (أيلول) 2021، ويُفترض أن يُفتتح الجزء المتبقي بعد أيام. لكنّ عائلة بستاني بدأت تعطي المنح من يوم تأسست «مؤسسة بستاني» على يد والد مجيد، نبيل بستاني، وأصبح لها فرعان في موناكو وسويسرا. وأول منحة دراسية كانت عام 1997 لطالب ماجستير في إدارة الأعمال في جامعة كامبريدج. منذ ذلك الحين، قدمت المؤسسة الكثير من المنح الدراسية في مختلف المجالات.
ولم يكن قد أُلقي الضوء في فرنسا على عائلة بستاني قبل التمويل الكبير لمجيد بستاني، الذي يحمل اسم جده، لمدرسة اللوفر، رغم أنّ العائلة لها وجود وازن في موناكو، منذ ثمانينات القرن الماضي، بفضل الدور الذي لعبه الأب نبيل البستاني في المجال العقاري والسياحة، إلّا أنّ سلوك العائلة يتّسم بالخفر وقلة الظهور.
ومجيد هو ابن رجل الأعمال والنائب اللبناني نبيل بستاني، الذي أسس أحد أفخم الفنادق في إمارة موناكو، وربطته علاقة صداقة مع أمير موناكو الراحل رينيه الثالث، الذي قدم له دعماً كبيراً.

الوالد العصامي
نبيل البستاني خرّيج الجامعة الأميركية في بيروت. بدأ حياته منطلقاً من القامشلي عام 1945، حيث أنشأ مؤسسة «بستاني إخوان» التي كانت تعنى ببيع المعدات الزراعية، وزراعة الحنطة، قبل أن ينتقل إلى بيروت لإدارة أعماله الجديدة ومنها مشاريع التنمية العقارية في لبنان، وأعمال البناء في كندا. ويعد فندق «متروبول» الضخم في «مونت كارلو» الذي اشتراه في أوائل ثمانينات القرن الماضي، بما له من فخامة وعراقة، أحد أكبر إنجازاته. ولم ينقطع نبيل البستاني عن لبنان سواء بأعماله الخيرية أو بوجوده الشخصي. فقد عُيّن نائباً بعد اتفاق الطائف، ثم انتخب نائباً عام 1992 على لائحة «جبهة النضال الوطني» التي رأسها آنذاك النائب وليد جنبلاط، وبقي البستاني في الكتلة نفسها بـعد فوزه في دورة عام 1996. منحه البابا يوحنا بولس الثاني وساماً رفيعاً في 5 سبتمبر 1997 تقديراً لأعماله الخيرية، التي كان أغلبها في لبنان.
وبعد وفاة الوالد نبيل بستاني عام 2009 يهتم الابن فادي بالأعمال، بينما بدا يتردد اسم الابن البكر مجيد، في السنوات الأخيرة، بسبب اهتمامه بالرسم بعد دخوله عالم الفن وإقامة «مؤسسة فرنسيس بيكون» ثمّ بعد الإعلان عن المبلغ الكبير الذي منحه لمدرسة متحف اللوفر.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».