السويد توصي بالجرعة الرابعة للمسنين ضد {أوميكرون}

ألمانيا تعتزم رفع معظم القيود المفروضة لمكافحة الجائحة بدءاً من 20 مارس

مركز متنقل للقاحات في مدينة ميونيخ الألمانية أمس (أ.ب)
مركز متنقل للقاحات في مدينة ميونيخ الألمانية أمس (أ.ب)
TT

السويد توصي بالجرعة الرابعة للمسنين ضد {أوميكرون}

مركز متنقل للقاحات في مدينة ميونيخ الألمانية أمس (أ.ب)
مركز متنقل للقاحات في مدينة ميونيخ الألمانية أمس (أ.ب)

في خطوة تشكّل سابقة في أوروبا، أوصت وكالة الصحة السويدية، أمس (الاثنين)، بإعطاء جرعة رابعة من اللقاح المضاد لـ{كوفيد - 19} إلى كل الذين تجاوزوا الثمانين من العمر، وذلك حفاظاً على الحماية المناعية اللازمة في مواجهة موجة متحور {أوميكرون} الذي يواصل انتشاره بكثافة، منذ أواخر العام الماضي، في البلدان الاسكندنافية. وتشمل هذه التوصية أيضاً جميع النزلاء في دور العجزة والذين يتلقون الخدمات الصحية في منازلهم.
وقال ناطق باسم وكالة الصحة السويدية إنه يجب إعطاء الجرعة الثانية المنشطة بعد فترة لا تقلّ عن أربعة أشهر من تناول الجرعة المنشطة الأولى.
وكانت السلطات السويدية قد قررت تخفيف القيود المفروضة لمكافحة الجائحة رغم تحطيمها المتواصل لأرقام الإصابات اليومية الجديدة منذ مطالع العام الجاري. واستندت في قرارها إلى تدني خطورة الإصابات بالمتحور الجديد وارتفاع نسبة السكان الذين تلقوا الجرعة المنشطة من اللقاح لتخفيف الضغط على المنظومة الصحية. ومن المنتظر أن تعطي الحكومة السويدية الضوء الأخضر هذا الأسبوع، للمباشرة في توزيع هذه الجرعة الرابعة التي أوصت الوكالة بأن تكون من لقاح {فايزر} أو {موديرنا}.
من جهتها، قالت الحكومة الألمانية إنها تعتزم رفع معظم القيود المفروضة لمكافحة الجائحة بدءاً من 20 مارس (آذار) المقبل، وأن اجتماعاً بين الحكومة المركزية والحكومات الإقليمية سيعقد لهذا الغرض غداً (الأربعاء)، لتحديد شروط خطة رفع القيود وبرنامجها الزمني. وتأتي هذه الخطوة فيما انخفضت أعداد الإصابات بفيروس {كورونا} بشكل طفيف في ألمانيا. وسجلت ألمانيا أمس (الاثنين)، 76465 إصابة جديدة بـ{كورونا}، بانخفاض 20 في المائة مقارنة باليوم نفسه من الأسبوع الماضي.
وأظهرت مسودة تقرير إلى الاجتماع اطلعت عليها {رويترز} أن من بين الخطوات المحتمل أن تعلن عنها ألمانيا إلغاء إلزام المتسوقين بمتاجر السلع غير الضرورية بإبراز شهادة تفيد بتلقي التطعيم أو نتيجة فحص سلبية. وتشمل المسودة أيضاً خططاً لزيادة عدد الحضور بالتجمعات الخاصة في الأماكن المغلقة إلى 20 بشرط تلقي الجميع التطعيمات. وفي مرحلة ثانية من تخفيف القيود، قد تعيد السلطات فتح الملاهي الليلية وتسمح بدخول من لم يحصلوا على التطعيمات إلى المطاعم بدءاً من الرابع من مارس (آذار). وسيظل وضع الكمامة إلزامياً في الأماكن العامة ووسائل النقل العام.
وقالت لجنة خبراء ألمانية الأحد، إن الحكومة بحاجة إلى وضع خطط لتخفيف القيود، نظراً لأنه من المتوقع أن تستقر أعداد الإصابات في الموجة الحالية من الجائحة بالأسابيع المقبلة، لكنها حذرت من تخفيف القيود قبل الأوان.
إلى جانب ذلك، توقع مصدر مسؤول في الدائرة الأوروبية للشؤون الصحية في حال عدم ظهور مفاجآت جديدة في تطور جائحة كوفيد، أن تكون الموجة الحالية هي الأخيرة التي تفيد فيها السلطات الصحية الوطنية يومياً بأعداد الإصابات اليومية الجديدة والوفيات، وأن تنتقل إلى نظام مراقبة شبيه بالذي تستخدمه الدول حالياً لمتابعة مسرى الإنفلونزا الموسمية، وبالتالي إلى مرحلة من التعايش الطبيعي مع فيروس كورونا المستجد.
وأفاد المسؤول بأن النظم المتبعة منذ سنوات لمراقبة الإنفلونزا أثبتت فاعليتها ودقة توقعاتها، مشيراً إلى أن المفوضية الأوروبية تعدّ خطة لتعميمها على جميع الأمراض التنفسية، بالتعاون مع السلطات الصحية الوطنية والمركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها.
وتقوم هذه الخطة على شبكة واسعة من أطباء الخدمات الصحية الأولية المنتشرين على امتداد البلدان الأوروبية، ويغطون نحو 2 في المائة من السكان يتوزعون بين ذكور وإناث ومسنّين وأطفال في الأرياف والمناطق الحضرية، ويتولّون وحدهم تجميع العيّنات من المرضى لتحليلها في المختبرات واستخلاص النتائج التي تبيّن مسرى الفيروس وتطور مواصفاته البيولوجية. وإلى جانب هذه الشبكة من الأطباء، توجد أخرى من المستشفيات التي يحدد المتخصصون فيها عدد الحالات الخطرة بين الإصابات.
والعقبة الوحيدة أمام المباشرة في تنفيذ هذه الخطة والذي يبقى مشروطاً بنهاية الموجة الوبائية الراهنة وعدم ظهور مفاجآت جديدة، هو تعميم شبكات المراقبة على جميع الدول الأعضاء وتوحيد قواعد البيانات لتعمل وفقاً لنظام واحد. وكان المركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية شدد على ضرورة أن تعتمد المنظومات الصحية الوطنية معايير موحدة لشبكات المراقبة وتحليل بياناتها، وأن تطبّق البروتوكول نفسه لترصّد الإصابات وتحديد خطورتها لإظهار مسار تطور الوباء على الصعيد الأوروبي. ونبّه المركز إلى أنه في حال تعذّر تعميم النظام الموحّد على جميع الدول الأعضاء، قد يلجأ إلى الاكتفاء بنظام بسيط يستخلص عدد الإصابات من حالات الاستشفاء قابل للتطبيق بسهولة في كل البلدان، لكنه أقل قدرة على توقع الموجات الوبائية، إذ لا يرصد سوى الحالات الخطرة ويوفّر مواكبة متأخرة بضعة أيام لمسار الفيروس.
يذكر أن عدة بلدان أوروبية، مثل إسبانيا وبلجيكا والبرتغال، باشرت منذ فترة باستخدام شبكة مراقبة الإنفلونزا لمتابعة الأمراض التنفسية، ومن بينها كوفيد، في برنامج تجريبي أعطى نتائج شبيهة جداً بتلك التي توفرها الطرائق الحالية لترصّد الوباء، أي أن عيّنات معدودة يختارها الأطباء وفقاً لخطورة الحالات، تتيح قياس الموجات الوبائية ومناحيها بدقة تكاد تطابق النتائج التي يمكن استخلاصها من الاختبارات التي تخضع لها كل الحالات المشتبه بها.
ويشارك في هذا البرنامج التجريبي طبيب صحة عامة وأخصائي في طب الأطفال من كل مركز صحي، يطلبان كل يوم تحاليل مخبرية لأول خمسة مرضى تظهر عليهم عوارض تنفسية، ثم يقومان بتجميع البيانات الوبائية والمواصفات السريرية وعوامل الخطر مثل الأمراض المزمنة أو ضعف الأجهزة المناعية. بعد ذلك تخضع العيّنات لاختبار تحديد الإصابة بـ{كوفيد}، ويجرى التسلسل الوراثي على الحالات الإيجابية لمعرفة ما إذا كانت هناك تحولات أو طفرات جديدة، وترسل البيانات إلى منظمة الصحة العالمية والمركز الأوروبي لمكافحة الأمراض السارية والوقاية منها.
وتجدر الإشارة إلى أنه في حالة فيروس الإنفلونزا، يستند الخبراء إلى المعلومات المجمّعة في مختبرات البلدان الواقعة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية لتصميم لقاح الموسم التالي في بلدان الجنوب، وإلى تلك المجمعة في بلدان الجنوب لتصميم اللقاح في بلدان الشمال. ويؤكد خبراء المركز الأوروبي أن الشيء نفسه سيحصل في حال تحوّل فيروس كورونا المستجد إلى وباء موسمي متوطن.
وإذ يتحاشى المتخصصون تحديد موعد تقريبي للانتقال إلى هذه المرحلة، يرجّح البعض أن تتزامن مع بداية فصل الخريف المقبل، إذا طالت الهدنة المتوقعة من متحور أوميكرون حتى ذلك التاريخ، وإذا لم تظهر طفرات فيروسية جديدة في غضون ذلك.


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
TT

2025... عام ملء الفراغات؟

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)
الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب (أرشيفية - رويترز)

لا يوجد فراغ مسموح به في الطبيعة. فالطبيعة لا تغيّر طبيعتها، لأنها تكره الفراغ. في الفراغ لا حياة، لا صراع ولا تاريخ. فالتاريخ يتنقّل بين الفوضى والنظام. يُفرض النظام بالإكراه، فتوضع القوانين لتُفرض بالقوّة والإكراه أيضاً. هكذا كتب ألبير كامو، الفيلسوف الفرنسي في كتابه «الإنسان المتمرّد»، (The Rebel): «في النظام، كما في الفوضى، هناك شيء من العبوديّة». تستهدف الثورة النظام القائم، فتخلق الفوضى. لكنها مُلزمة بإعادة تكوين نظام جديد. وبين الفوضى والنظام، يدفع الإنسان العاديّ الأثمان.

يقول السياسيّ الراحل هنري كيسنجر ما معناه: إن الفراغ يجلب الحرب والهجوم. فهل سيكون عام 2025 عام ملء الفراغات، أو خلق بعضها؟

دخان يتصاعد من شمال قطاع غزة خلال قصف الجيش الإسرائيلي (أرشيفية - أ.ف.ب)

بعد عملية 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تغيّرت موازين القوى في المنطقة. سقطت «حماس». سقط «حزب الله». سقط النظام في سوريا... وبذلك انهارت وحدة الساحات، أو ما يُسمّى محور المقاومة. وبسبب ذلك، سقطت منظومات كانت قائمة. وتظهّرت الفراغات القاتلة. ها هي إسرائيل تدمّر قطاع غزّة، لتخلق فراغاً لا توجد فيه حركة «حماس»، ولتؤسّس لحالة معيّنة قد يُطلَق عليها «الاحتلال التغييريّ»، (Transformative). بكلام آخر، فُرض الاحتلال أمراً واقعاً خارج القانون الدوليّ، لكنه طويل، ومُكلف للمُحتلّ، الأمر الذي قد يخلق ثقافة جديدة، ومختلفة عما كانت قبلها، حتى ولو تطلّب الأمر جيلاً من الزمن.

دخلت إسرائيل لبنان خلال الحرب الأخيرة، فخلقت منطقة عازلة. وها هي اليوم تُحصّنها استباقاً للسيناريو السيّئ. خلقت إسرائيل هذا الفراغ على الحدود اللبنانيّة، كما في داخل قطاع غزّة بالقوّة العسكريّة المُفرطة. لكن البقاء في لبنان واحتلال المنطقة العازلة، هو أمر مختلف تماماً عن احتلال قطاع غزّة.

بعد سقوط النظام في سوريا، سارعت إسرائيل إلى احتلال مزيد من الأراضي السوريّة وتوسيع المنطقة العازلة. لكنه احتلال من دون استعمال للقوّة، حتى ولو دمّر الطيران الإسرائيليّ قدرات الجيش السوريّ المستقبليّ. إنه احتلال مؤقّت-طويل. لكن المفارقة هي إعلان إسرائيل أن الجولان لن يعود إلى سوريا، وهو احتلال كأمر واقع (De Facto). ولتحرير الجولان، لا بد من حرب أو تفاوض، وهذان أمران متعذّرَان حالياً لأسباب كثيرة. وعليه قد يمكن حالياً إعلان وفاة مقولة كسينجر: «لا حرب في الشرق الأوسط من دون مصر، ولا سلام من دون سوريا».

صورة نشرها الجيش الإسرائيلي وقال إنها لجولة رئيس الأركان هرتسي هاليفي الميدانية في جنوب لبنان (أرشيفية)

حال العالم

في أوكرانيا يستعين الرئيس بوتين في حربه بالتكنولوجيا الغربيّة لتصميم صواريخه، آخرها الصاروخ الفرط صوتيّ «أوريشنيك». كما يستعين بالمُسيّرات الإيرانيّة، والعسكر الكوري الشمالي لتحرير الأرض الروسية في كورسك. يريد بوتين الاحتلال التغييري للشرق الأوكرانيّ.

في منطقة نفوذ الصين، يسعى التنين إلى استرداد جزيرة تايوان على أنها جزء تاريخيّ من الصين الكبرى. فهي تحضّر البحريّة الصينيّة، كون الحرب، وفي حال حصولها، سيكون أغلبها في البحر. ورداً على ذلك، بدأ تشكُّل كثير من التحالفات ردّاً على السلوك الصينيّ.

وفي مكان آخر من العالم، يُحضّر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب مأسسة الصراع مع التنين الصينيّ. فهو يريد استعادة السيطرة على قناة بنما، نظراً إلى أهمية هذه القناة على الأمن القومي الأميركيّ. فهي الشريان الحيويّ الذي يربط الشرق الأميركي بالغرب. وهي التي أوصى بها المفكّر الاستراتيجيّ الأميركي البحريّ ألفريد ماهان. وهي التي أشرفت على بنائها الولايات المتحدة الأميركيّة، وذلك بعد انفصال بنما عن كولومبيا وبمساعدة البحريّة الأميركيّة آنذاك، خلال فترة حكم الرئيس الأميركي الراحل تيودور روزفلت. وبذلك، تكون القناة قد مرّت بثلاث مراحل هي: 1906 البناء مع الرئيس روزفلت، و1977 مع الرئيس جيمي كارتر الذي أعادها إلى بنما، واليوم مع الرئيس ترمب الذي يريد استردادها.

صور الرئيس الأسبق حافظ الأسد ممزقة للمرة الأولى في تاريخ سوريا (الشرق الأوسط)

يرى البعض أن تصريحات الرئيس ترمب مجرّد كلام عاديّ بسبب شخصيّته الفريدة. لكن الأكيد أن تصريحاته تنمّ عن عمق جيوسياسيّ بعيد المدى. فما معنى طرحه موضوع شراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك؟ ما أهميّة هذه الجزيرة؟

إن ثقافة دبلوماسيّة الدولار (Dollar Diplomacy) في التاريخ الأميركي ليست جديدة. فهي قد اشترت لويزيانا من فرنسا عام 1803 بـ15 مليون دولار. كما اشترت من روسيا ولاية ألاسكا الحاليّة بـ7.2 مليون دولار.

شكّلت لويزيانا الربط بين الشرق والغرب الأميركيّ، كما سيطرت على أهمّ مرفأ أميركيّ يطلّ على خليج المكسيك. وبالحدّ الأدنى أخرجت دولة أوروبيّة من الأرض الأميركيّة. أما شراء ألاسكا، فقد أعطى أميركا إطلالة على مضيق بيرينغ الذي يطلّ بدوره على الأرض الروسيّة.

التحّولات الجيوسياسيّة الحاليّ

مع صعود الصين، تبدّلت موازين القوى العالميّة عمَّا كانت عليه خلال الحرب الباردة. فللصين قدرات كونيّة وفي كل الأبعاد، خصوصاً الاقتصاديّة والعسكريّة، وهذه أبعاد افتقر إليها الاتحاد السوفياتيّ. تسعى الصين إلى التموضع في القارة الأميركيّة. يُضاف إلى هذا التحوّل، الكارثة البيئيّة والاحتباس الحراري، الأمر الذي قد يفتح طرقاً بحريّة جديدة، حول الشمال الأميركيّ. خصوصاً أن ذوبان المحيط المتجّمد الشمالي سوف يُغيّر جغرافيّة الصراع الجيوسياسيّ بالكامل. ونتيجة لذلك، ستصبح الولايات المتحدة الأميركيّة تطلّ على ثلاثة محيطات بعد أن كانت تطلّ على محيطين.

وحدة مدفعية أوكرانية في منطقة زابوريجيا تطلق النار باتجاه القوات الروسية على خط المواجهة (أرشيفية - رويترز)

تتميّز غرينلاند بمساحتها الكبيرة، نحو مليوني كيلومتر مربع، مع عديد لا يتجاوز 56 ألف نسمة، وثروات مهمّة قد تجعل أميركا تستغني عن استيراد كثير من الثروات الطبيعيّة من الصين. خلال الحرب الباردة حاول الرئيس هاري ترومان شراء الجزيرة، وهي لا تزال تضمّ قاعدة عسكريّة جويّة أميركيّة.

في الختام، إذا استطاع الرئيس ترمب استعادة السيطرة على قناة بنما، وسيطر بشكل ما على غرينلاند، سيتكوّن مثلثّ جيوسياسيّ دفاعيّ حول الولايات المتحدة الأميركيّة يرتكز على: غرينلاند، وألاسكا، وقناة بنما. كل ذلك، بانتظار الرئيس ترمب في البيت الأبيض، وكيف سيتعامل مع العالم خصوصاً الصين. فهل سيكون انعزاليّاً أم انخراطيّاً أم مزيجاً من المقاربتين؟