شركات النفط تعاود تحقيق الأرباح بعد خسائر صعبة في «عام كورونا»

شهد عام 2020 أقل سعر للنفط عند 18 دولاراً للبرميل في حين يتداول حالياً فوق 90 دولاراً (رويترز)
شهد عام 2020 أقل سعر للنفط عند 18 دولاراً للبرميل في حين يتداول حالياً فوق 90 دولاراً (رويترز)
TT

شركات النفط تعاود تحقيق الأرباح بعد خسائر صعبة في «عام كورونا»

شهد عام 2020 أقل سعر للنفط عند 18 دولاراً للبرميل في حين يتداول حالياً فوق 90 دولاراً (رويترز)
شهد عام 2020 أقل سعر للنفط عند 18 دولاراً للبرميل في حين يتداول حالياً فوق 90 دولاراً (رويترز)

سجلت مجموعات النفط الكبرى أرباحا كبيرة عام 2021، مستفيدة من ارتفاع أسعار الخام، بعد عام صعب خسرت فيه الشركات نتيجة تداعيات «كورونا».
وأعلنت توتال إنرجي الفرنسية الخميس تحقيق أرباح صافية هائلة بلغت 16 مليار دولار العام الماضي، هي الأعلى منذ ما لا يقل عن 15 عاما.
وجاء هذا الإعلان عقب كشف مجموعات نفطية أخرى عن أرباح سنوية هائلة بلغت 23 مليار دولار لإكسون موبيل و20.1 مليار دولار لشل و15.6 مليار دولار لشيفرون و7.6 مليار لمجموعة بي بي.
وأوضح فرنسيس بيران الباحث المشارك في «مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد» Policy Center for the New South في الرباط ومدير الأبحاث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس أن هذا الانتعاش كان «مرتقبا بشكل كبير» بعد عام صعب في 2020 بفعل تفشي وباء (كوفيد - 19) وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وأوضح بيران أنه بعدما تراجع سعر النفط إلى أدنى مستوياته في أبريل (نيسان) 2020 مع بلوغ سعر برميل برنت بحر الشمال 18 دولارا، «عاد وازداد من حيث المتوسط السنوي عام 2021 بالمقارنة مع العام 2020، بنسبة 70 في المائة لنفط برنت». وسجل سعر البرميل في يناير (كانون الثاني) مستويات غير مسبوقة منذ أكثر من سبع سنوات تخطت 90 دولارا.
وقال معاذ العجمي من مكتب «إي واي» EY للاستشارات إن «الشركات النفطية استفادت من تقاطع ظروف مواتية بشكل استثنائي خلال 2021». فإلى ارتفاع أسعار النفط، عمدت الشركات الكبرى إلى عملية «تنظيف» لأصولها حتى لا تحتفظ إلا بالأكثر ربحية منها. ومن العوامل الأخرى خلف أداء الشركات الجيد بحسب العجمي «تعزيز سياسة خفض التكاليف التي بدأت عند تراجع الأسعار عام 2014»، إضافة إلى «إعادة زيادة إنتاج أوبك بلس»، منظمة الدول المنتجة للنفط وحلفائها من خارج أوبك، ولو بصورة تدريجية، ما أدى إلى ضخ المزيد من النفط في الأسواق.
ولفت بيران إلى أن المجموعات النفطية عرفت من سنة إلى أخرى «انعطافة كاملة»، مثل الأميركية إكسون موبيل التي تكبدت خسائر بقيمة 22.4 مليار دولار عام 2020، قبل أن تجني أرباحا تكاد تساوي هذا المبلغ عام 2021.
وأشاد رئيس مجلس إدارتها دارن وود بـ«الاستثمارات الدقيقة الهدف» التي قامت بها المجموعة في ذروة الأزمة وبخفض التكاليف، وهو في مطلق الأحوال لا يبدي استعداداً للاستثمار بالقدر الذي كان يتوقعه قبل بدء تفشي الوباء. وفق الصحافة الفرنسية.
غير أن كل ذلك لا يطمئن المستهلكين الأوروبيين الذين يعانون من تراجع قدرتهم الشرائية جراء الارتفاع الحاد في أسعار الطاقة، وينتقدون بشدة الثروات التي تجنيها المجموعات النفطية المدعوة من جهة أخرى إلى اعتماد ممارسات مراعية للبيئة. وحرصا منها على استباق أي سجال، أعلنت توتال إنرجي عشية صدور نتائجها المالية، تخفيض الأسعار في محطاتها للوقود في المناطق الريفية الفرنسية، ومنحت «شيكا للغاز» ما قيمته 100 يورو لزبائنها الذين يواجهون أوضاعا مالية هشة. غير أن ذلك لم يمنع المرشح البيئي للرئاسة يانيك جادو من التنديد بالأرباح التي تحققت «على حساب الفرنسيين والفرنسيات» في حين أن «زيادة فواتير الغاز والبنزين ينعكس أرباحا للمساهمين».
وفي المملكة المتحدة، تثير النتائج المالية لمجموعتي بي بي وشل دعوات إلى فرض ضريبة استثنائية. واعتبرت منظمة غرينبيس المدافعة عن البيئة هذا الأسبوع أن «هذه الأرباح هي صفعة لملايين الناس الذين يخشون فاتورة الطاقة المقبلة التي سيتلقونها»، لافتة إلى أن «بي بي وشل تتقاضيان المليارات بفضل أزمة أسعار الغاز... وهذه الشركات نفسها مسؤولة عن دفع عالمنا أقرب إلى الكارثة البيئية».
وتراهن أوبك أكثر من أي وقت مضى على ارتفاع الطلب العالمي مجددا عام 2022 وعودة الاستهلاك إلى المستوى القياسي المسجل عام 2019 قبل الانهيار على وقع الأزمة الصحية. وبموازاة ذلك، من المتوقع أن تواصل أسعار النفط ارتفاعها بحسب بيران الذي يرى أن إمكانية عودة سعر البرميل إلى 100 دولار أمر محتمل تماما هذه السنة.
وقال معاذ العجمي ملخصا الوضع: «الأزمة الصحية تبدو في أواخرها، والانتعاش الاقتصادي في الصين والولايات المتحدة وأوروبا لا يظهر بوادر تراجع، والعرض لا يزال محدودا في ظل نقص الاستثمارات النفطية في السنتين الماضيتين والضغط البيئي، وبالتالي نعم، ارتفاع أرباح الشركات الكبرى قد يتواصل عام 2022».


مقالات ذات صلة

«مؤسسة النفط الهندية» تبقي على اتفاقها مع العراق

الاقتصاد مصفاة لتكرير النفط في فادينار بولاية غوجارات الغربية بالهند (رويترز)

«مؤسسة النفط الهندية» تبقي على اتفاقها مع العراق

قال مسؤول تنفيذي كبير بـ«مؤسسة النفط الهندية»، كبرى شركات التكرير بالهند، إن المؤسسة أبقت على اتفاقها السنوي لاستيراد الخام من العراق عند 21 مليون طن لعام 2025.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد مصفاة نفط تابعة لـ«روسنفت» الروسية (رويترز)

تراجع العوائد الروسية من النفط والغاز بمقدار الثلث في نوفمبر

من المتوقع تراجع إيرادات روسيا من النفط والغاز في نوفمبر بما يعادل الثلث إلى 0.78 تريليون روبل (نحو 7.5 مليار دولار).

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا 14 نوفمبر 2024 (رويترز)

مسؤول بـ«إكسون موبيل»: منتجو النفط والغاز الأميركيون لن يزيدوا الإنتاج في ظل رئاسة ترمب

قال مسؤول تنفيذي في شركة إكسون موبيل إن منتجي النفط والغاز الأميركيين من غير المرجح أن يزيدوا إنتاجهم بشكل جذري في ظل رئاسة الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس مجلس الوزراء العراقي ونائب رئيس الوزراء الروسي ووزير الطاقة السعودي (رئاسة الحكومة العراقية)

السعودية والعراق وروسيا تشدد على أهمية الالتزام بالتخفيضات الطوعية في «أوبك بلس»

أكدت السعودية وروسيا والعراق أهمية تعاون دول «أوبك بلس» والتزامها التام بالاتفاق والتخفيضات الطوعية، بما في ذلك التخفيضات الطوعية التي اتفقت عليها الدول الـ8.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
الاقتصاد منصة نفط بحرية قبالة ساحل هنتنغتون بيتش بكاليفورنيا (رويترز)

تهديدات ترمب بفرض رسوم جمركية تضغط على أسعار النفط

انخفضت أسعار النفط يوم الثلاثاء متأثرة بارتفاع الدولار، بعد أن هدد الرئيس المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك والصين.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
TT

وزير الاقتصاد الألماني يطالب بتغيير قواعد ديون الاتحاد الأوروبي

وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)
وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك يتحدث قبل «مؤتمر الصناعة 2024» (د.ب.أ)

قال وزير الاقتصاد الألماني، روبرت هابيك، إنه يسعى لتغيير قواعد الديون التي تم التفاوض عليها بشق الأنفس داخل الاتحاد الأوروبي، واصفاً إياها بـ«الخطر الأمني» لأنها تمنع الإنفاق الضروري على الدفاع وغيرها من الأولويات.

وأضاف المرشح عن حزب «الخضر» لمنصب المستشار في مؤتمر صناعي في برلين يوم الثلاثاء: «هذه القواعد لا تتناسب مع متطلبات العصر»، وفق «رويترز».

وأشار هابيك إلى أن الحكومة الائتلافية تفاوضت بشكل غير صحيح على إصلاحات القواعد الأوروبية، دون أن يذكر كريستيان ليندنر، وزير المالية السابق المسؤول عن تلك المفاوضات.

وأدى نزاع حول الإنفاق إلى انهيار الائتلاف الحاكم في ألمانيا في وقت سابق من هذا الشهر، بعدما قام المستشار أولاف شولتز بإقالة ليندنر، المعروف بتوجهاته المتشددة في مجال المالية العامة، ما فتح الباب لإجراء انتخابات مبكرة في فبراير (شباط) المقبل.

وفي إشارة إلى مطالبات بإعفاء الإنفاق الدفاعي من القيود المفروضة على الاقتراض بموجب الدستور، قال هابيك: «لا يمكننا التوقف عند مكابح الديون الألمانية». وأضاف أن ألمانيا قد تضطر إلى تحقيق مزيد من المدخرات في موازنتها لعام 2025 للامتثال لقواعد الاتحاد الأوروبي المالية، حتى إذا التزمت بالحد الأقصى للاقتراض بنسبة 0.35 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي كما ينص دستور البلاد.

وبعد أشهر من النقاشات، وافق الاتحاد الأوروبي في نهاية عام 2023 على مراجعة قواعده المالية. وتمنح القواعد الجديدة، التي دخلت حيز التنفيذ في أبريل (نيسان) الدول أربع سنوات لترتيب شؤونها المالية قبل أن تواجه عقوبات قد تشمل غرامات أو فقدان التمويل الأوروبي. وإذا اقترن مسار خفض الديون بإصلاحات هيكلية، يمكن تمديد المهلة إلى سبع سنوات.

وأشار هابيك إلى أن القواعد الجديدة قد تسمح بزيادة الاقتراض إذا أسهم ذلك في زيادة النمو المحتمل.

وردّاً على انتقادات هابيك، قال ليندنر إن الدول الأوروبية بحاجة إلى الالتزام بحدود إنفاقها، مشيراً إلى «قلقه الشديد» بشأن مستويات الديون المرتفعة في فرنسا وإيطاليا. وأضاف ليندنر لـ«رويترز»: «الوزير هابيك يلعب باستقرار عملتنا». وأكد قائلاً: «إذا شككت ألمانيا في قواعد الاتحاد الأوروبي المالية التي تفاوضت عليها بشق الأنفس أو خالفتها، فإن هناك خطراً في انفجار السد».