عبد اللطيف البناي: السعودية أصبحت وجهة مهمة للكثير من الاهتمامات

قال لـ «الشرق الأوسط» إن الساحة الفنية تعاني من تراجع بسبب غلبة الأهداف التجارية

عبد الله الرويشد أثناء زيارته للشاعر عبد اللطيف البناي قبل أيام
عبد الله الرويشد أثناء زيارته للشاعر عبد اللطيف البناي قبل أيام
TT

عبد اللطيف البناي: السعودية أصبحت وجهة مهمة للكثير من الاهتمامات

عبد الله الرويشد أثناء زيارته للشاعر عبد اللطيف البناي قبل أيام
عبد الله الرويشد أثناء زيارته للشاعر عبد اللطيف البناي قبل أيام

قال الشاعر الكويتي عبد اللطيف البناي، إن القفزة الكبيرة التي تعيشها السعودية في المجالات كافة، وقد أضحت وجهة مهمة للكثير من النخب، ستتضح ثمرتها مستقبلاً، وإن حصاد هذه الخطوات سيؤثر على كامل المنطقة العربية. وأشار البناي في حوار مع «الشرق الأوسط» إلى التراجع الذي تعانيه الساحة الفنية العربية، بسبب غياب دور ثلاثي صناعة الأغنية الجيدة؛ وهم الملحن والمطرب والشاعر، لصالح الأغراض المادية والشروط التجارية التي تفرضها شركات الإنتاج.
وعبّر عن شعوره بالحزن لتراجع الكويت ثقافياً، بعد أن كانت منارة فنية، وأن ذلك اختفى بسبب تواضع الاهتمام والدعم.
عبد اللطيف البناي، شاعر غنائي كويتي، ساهم مع جيله من الفنانين في تطوير الأغنية الكويتية ونقلها إلى محيطها العربي، ولا تزال الكثير من أعماله الشعرية التي غنّاها مطربون من الخليج، حيّة بين الناس. وإلى نص الحوار:

> كيف تحتفظ الأغنية بوهجها رغم تقدم السنوات، هل السر في الكلمات أم اللحن أم الفنان؟
- الأغنية كانت سابقاً أجمل، وأقوى في معانيها وصيغتها، وسردها القصصي الجميل، لكنها الآن فقدت هويتها، بسبب كثرة زحام الأصوات غير الجيدة، والضحية هو المتلقي.
كانت الأغنية سابقاً تُجاز من قِبل لجان متخصصة، ولم يكن التسجيل متيسراً كما هو الآن، وبعد أن انخفضت التكاليف وصار من السهل على كل أحد، أياً كانت مؤهلاته أن يسجل أي أغنية ويبثها للجمهور بكل بساطة، فقدت الأغنية شروط جودتها وقوتها.
الأغنية سابقاً كان لها رونق وجمال وصدق في الكلمة، بخلاف ما عليه الحال الآن، بسبب الأغراض التجارية، التي أفقدت الأغنية الإحساس الصادق والمعنى العميق، رغم وجود بعض النماذج المميزة التي احتفظت بطابع وشروط الأغنية الحقيقية.
كما ساهمت المحطات الفضائية التي تهتم بملء ساعات البث بأي محتوى ومضمون كان، ودخول الآلات غير العربية في البناء الموسيقي، في ضعف الأغنية الخليجية وتشويهها.
كانت الأغنية في السابق صناعة متكاملة بين المطرب والملحن والكاتب، والكلمات هي عمود الأغنية، لكن الآن وبسبب التسرع فقدنا هذه العملية البطيئة لصناعة الأغنية الحقيقية.
> هل يواجه «الشعر الغنائي» تحديات معينة، بما يضعف لغته وغزارته وحيويته للبقاء طويلاً بين الأجيال؟
- بطبيعة الحال، يواجه الشعر الغنائي تحديات متعددة، مثل الشروط التي يفرضها المنتج، والموضوعات التي يفضّلها، لتلبية رغبات الجمهور، والخلل الذي قد ينشأ عن أسبقية اللحن على الكلمات.
> كيف تقيّم الساحة الفنية الخليجية والعربية الآن؟
- أصبحت الأغنية تعتمد على «الفيديو كليب» وما ينطوي عليه من إبهار الصورة والإثارة في الفيديو، مع اهتمام أقل بجودة الأغنية ذاتها في لحنها وكلماتها وأدائها، وهذا لا ينفي وجود بعض النماذج المميزة للأغاني، لكنها قليلة، ويزاحمها الكم الهائل من المطربين والأصوات النشاز التي ملأت الساحة الفنية وأضعفت الأغنية العربية، حتى اللجان التي كانت تدير المشهد الفني وتحكّم ظهور المطربين الحقيقيين، ضعفت وتراجعت وتنحرها «الواسطة» في معاييرها، وفي تنجيم بعض الفنانين دون غيرهم، وفرض ذلك على المتلقي.
> لم نعد نسمع الأغنية ذات الإيقاع البطيء، بل أغنية سريعة وعمرها قصير، هل يعود الأمر إلى عجز شعري أم مجرد انعكاس للذائقة العامة؟
- ليس عجزاً في الشعر، لكن إيقاع الزمن أصبح سريعاً الآن، والناس لم تعد تتقبل أن تسمع المقطوعات الطويلة، بالإضافة إلى الطبيعة المتسارعة للتقنيات والمنصات الجديدة التي ارتبط بها الجمهور. لكن الكتّاب الجيدين موجودون بطبيعة الحال، في السعودية من أمثال الأمير خالد الفيصل، والأمير بدر بن عبد المحسن، ومجموعة كبيرة وجميلة من الشعراء، بعضهم وجوه شابة ومميزة، لكن المستمع الجديد يبحث عن الأغنية السريعة، لكن المشكلة تكمن في أن تفقد الأغنية العربية هويتها ورونقها.
> هل تؤثر شركات الإنتاج بشروطها المادية البحتة، في قيمة المنتج الغنائي وتأثيره؟
- كانت شركات الإنتاج لها دور كبير في السابق، لكن الآن تراجع دورها، سابقاً كانت تتنافس على الساحة الفنية باستقطاب أفضل الأصوات، وكانت الخيارات الجيدة لكل شركة تنعكس على أرباحها، الآن تراجع هذا، بسبب الشركات الضخمة ذات التمويل الكبير، التي استحوذت على السوق واحتكرتها بشكل كامل؛ ومع ذلك لها فضل بطبيعة الحال في الحفاظ على بعض الأصوات الجميلة، ودعمها وتمويل إنتاجاتها مثل محمد عبده، وعبد الله الرويشد، ونبيل شعيل، ونوال، ورابح صقر، وغيرهم.
ولا شك كان لشركات الإنتاج تأثير كبير في العملية الإنتاجية، بحرصها على الربح، وفرض شروط تؤثر في المنتج النهائي، مثل مدة الأغنية وعدد الأغاني والآلات المستعملة، ويفرض ذلك على الشاعر أن يرتجل في طول القصيدة أو قصرها لتحقيق الملاءمة مع شروط الإنتاج.
> لماذا تكثر برامج اكتشاف الأصوات الغنائية، بينما يتراجع ظهور التجارب الغنائية النوعية التي تؤثر في الحالة الفنية؟
- تستقطب القنوات الفضائية أسماء معينة في لجانها الفنية لاكتشاف الأصوات الغنائية، وتفرضها على المشاهد، لكن أغلب لجان اكتشاف الأصوات تحتاج إلى من يكتشفها، وأنا لا أعترف بمطرب ينجح بتصويت عبر الهاتف أو ضغطة زر، وهذا أمر لا يبشّر بخير، والمفروض أن تكون هناك لجنة موسيقية محترفة ومهنية في اختصاصات مختلفة، تراعي الشروط الحقيقية لصناعة النجم، مثل الاهتمام بمخارج الحروف ونبرة الصوت وجماله وقوته، لكن الساحة الآن مليئة بالفقاعات، في المقابل هناك جمهور ملول، وهذا مما يؤسف له.
> كانت الكويت في لحظة ما سابقة منارة فنية وثقافية، اختفى بعض إشعاع هذه المنارة وتراجعت قدرتها على إنتاج الوجوه الفنية، لماذا برأيك؟
- كانت الكويت منارة فنية، ومنصة لنجاح بعض الفنانين؛ لأننا كنا نعمل على قاعدة «الرجل المناسب في المكان المناسب»، لكن ذلك تراجع الآن، كانت لدينا فرق موسيقية واستديوهات وشركات إنتاج وإذاعة ومساحات واسعة للفن، اختفى كل ذلك الآن، واختفى معه الاهتمام والدعم المادي، فأنا على سبيل المثال، وبعد مسيرة طويلة في المجال الفني، أتقاضى دخلاً قليلاً جداً، وهذا غير منصف ولا يعكس الدعم المعنوي والأدبي الذي يستحقه كل من قضى عقوداً في دعم الحركة الفنية والأدبية في الكويت.
> ساهمت مع غيرك من كبار الشعراء في تطوير شكل الأغنية الكويتية والخليجية، وإعطائها نبرة جديدة عذبة، هل توقفت الأغنية الخليجية عن تقديم نفسها بشكل مختلف وأضحت غير قابلة للتطوير الآن؟
- تطور الأغنية، والسر وراء نجاحها أو فشلها، تتحمله ثلاثة عناصر؛ المؤلف والملحن والمطرب، المؤلف مطالَب بالكتابة بإحساس وصدق وأمانة، والملحن يجب أن يؤطر اللحن بتمهل وعناية، والمطرب ينقل الإحساس ويتعايش مع الكلمات ويتأمل فيها بعمق.
الآن، للأسف، هناك خليط من الارتجالية والازدراء لجوهر الغناء، وهي تزاحم القليل النادر من الأغنيات الجيدة، ويفسرون الإنتاجات الرديئة بأنها تلبي طلب الجمهور وذوقهم، وهذا خطأ أرجو أن ينتهي في المستقبل القريب.
كما أن الأغنية «المكبلهة» الآن، أصبحت غير مرغوبة؛ لأنها مكلفة للمنتِج، بسبب التنوع في ألحانها ووصلاتها، وساهم المنتجون في استبعادها، وبالتالي إضعاف المنتج الغنائي عموماً؛ لأن هذا ينعكس تلقائياً على كاتب الكلمات، والحد من موهبته في الكتابة العفوية المسترسلة بإحساس عميق وضمير حاضر ولغة جميلة، دون أن يفرض عليه المنتج لون أو وزن معين.
كما أن آلية إنتاج الأغنية اختلفت اليوم، فكل العناصر المكوّنة للعمل أصبحت تعمل منفردة وفي مواقع ومواقيت منفصلة، بخلاف ما كان عليه الحال سابقاً، عندما كان يجتمع المشاركون في مطبخ واحد، وقضاء أوقات طويلة معاً في متابعة التفاصيل الدقيقة والتركيز على العمل بحرص شديد.
> أخذت الأغنية الوطنية مساحة كبيرة في شعرك وإنتاجك، كانت الأوبريتات الوطنية الخليجية علامة ظاهرة في العقود الماضية، انخفضت شعبيتها اليوم، لماذا برأيك؟
- لأن الأغراض المادية طغت، على حساب بعض العناصر الضرورية لنجاح أي عمل، هناك استديوهات تهتم بالمردود المالي والمصلحة أكثر من غيرها، وبمجرد أن تقترب المناسبات الوطنية تنشط هذه الاستديوهات لإنتاج الغث والسمين، لاستغلال الموسم والخروج بأكبر قدر من العائد الممكن، ويتم تقديم إنتاجات هشة من دون روح ولا طعم.
كنا في السابق، نكتب الأغنية الوطنية بصدق وأمانة، وننحّي أي أهداف ربحية أو مادية من هذه الأعمال، وأنا ساهمت في كتابة الكثير من الأعمال الوطنية، والسعودية لها تجربة مهمة في هذا المجال، وفي مكتبتها الكثير من الأعمال الوطنية الخالدة، كتبها أمراء وشعراء عمالقة، وكذلك الحال في بقية دول الخليج، بسبب الاعتناء الصادق بتفاصيلها وهيكلها العام.
> ما تعليقك على الحراك الفني والثقافي الذي تشهده السعودية في ظل «رؤية 2030»، والأثر الذي ستجده على مستقبل الفنون بالمنطقة؟
السعودية قفزت قفزة كبيرة في مجالات الثقافة والفن، وأضحت وجهة عظيمة لاهتمامات مختلفة، بفضل رؤية القيادة الكريمة في هذا البلد المهم والمؤثر في المنطقة، الفعاليات التي تنظم في السعودية اليوم قدمتها في ثوب جديد وجميل، ويعمل رجالها المخلصون باجتهاد، وسيتضح حصاد وثمرة هذه النقلة مستقبلاً.



مي كساب: أعوّض غيابي عن الحفلات بالغناء في السينما

 مي كساب تعوض ظهورها في الحفلات بالغناء في السينما (الشرق الأوسط)
مي كساب تعوض ظهورها في الحفلات بالغناء في السينما (الشرق الأوسط)
TT

مي كساب: أعوّض غيابي عن الحفلات بالغناء في السينما

 مي كساب تعوض ظهورها في الحفلات بالغناء في السينما (الشرق الأوسط)
مي كساب تعوض ظهورها في الحفلات بالغناء في السينما (الشرق الأوسط)

عن وجهة نظري قالت المطربة المصرية مي كساب إنها ترفع القبعة لكل مطرب يواصل نجاحه اعتماداً على نفسه، في ظل غياب بعض المؤسسات وشركات الإنتاج الكبرى التي كانت تتولى التخطيط للخطوات الفنية للمطربين. وأكدت، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أنها تعمل حالياً على ألبومها الغنائي الجديد، إلا أن صعوبة العثور على مفردات جديدة وحكايات مختلفة للأغنيات تعرقل جهودها.

وأشارت إلى أنها باتت تجد تعويضاً، كونها مطربة، بتقديم أغنيات عبر أدوارها الفنية، مشيرة إلى أنها بدأت مطربة تقدم أدواراً في التمثيل، لكنها تحولت إلى ممثلة تقدم أغنيات، لظروف الغناء من جهة، ولكونها زوجة وأماً لـ3 أطفال من جهة أخرى.

تقول مي أنها تحولت إلى ممثلة تغني وليس مطربة تمثل مثلما بدأت (الشرق الأوسط)

ورغم أنها لم تطرح ألبومات جديدة في الآونة الأخيرة، ولم تُشارك في حفلات غنائية، فإن الأغنية التي طرحتها هذا الصيف عبر قناتها على «يوتيوب» «هتعيشوا من غير رجالة» أثارت جدلاً كبيراً، وقد قدمتها من خلال فيلم «آخر رجل في العالم» الذي لم يعرض بمصر، لكن الأغنية حققت نجاحاً لافتاً. وهي من تأليف وألحان عزيز الشافعي، وتوزيع أحمد وحيد كينج، وتقول كساب عنها: «الأغنية جذبتني كثيراً، وهي مستمدة من فكرة فيلم (آخر رجل في العالم) الذي يطرح سؤالاً ماذا سيحدث لو أن الرجال اختفوا من العالم، والفيلم يجمعني بالفنان أحمد فتحي، ولم يعرض بمصر بل عُرض عربياً فقط، لمشكلة واجهت شركة الإنتاج، وسيعرض قريباً بإحدى المنصات، وكان من المتفق عليه مع شركة الإنتاج أن أصور الأغنية لكن لم يحدث، فصورت لها فيديو أنا وزوجي المطرب أوكا، وطرحتها عبر قناتي على (يوتيوب) ثم طرحت فيديو تسويقياً آخر على (تيك توك)، لأن التفاعل مع الأغنيات عبر هذه المنصة كبير جدّاً».

وتباينت ردود الأفعال، كما توضح ضاحكة: «كانت هناك ردود أفعال كبيرة بين مؤيد ومعارض للفكرة؛ فبعض السيدات قلن إنه من الممكن جداً العيش من دون الرجل، بينما قام آخرون بصناعة (كوميكس) على الأغنية، وحدثت أزمة وجدال بين النساء والرجال. لكنني أوضحت للنساء أن الرجل، مثل الزواج، أمر لا بد منه، وليس من الضروري أن تُعبر كل أغنية أقدمها عن وجهة نظري الشخصية».

وتعترف مي كساب بأنها تجد صعوبة في اختياراتها الغنائية، قائلة: «أنا صعبة المراس في اختيار الكلمات، وهو ما يؤخرني أحياناً، لأنني أشعر بأن معظم الموضوعات قد استُهلكت واستُنزفت؛ لذلك أبحث كثيراً عن أفكار لم يسبق التطرق إليها، وأحياناً يكون لديَّ موضوع أو حالة عشتها ولمستني، فأطرحها على صديقين من الشعراء هما حسن عطية ومحمد عاطف، وأحياناً يكتبان لي أغنيات من تلقاء نفسيهما. الأهم بالنسبة لي أن تدخل الأغنية إلى منطقة مختلفة وبمفردات جديدة، ولذلك أقول: كان الله في عون الشعراء الذين أتعاون معهم»، على حد تعبيرها.

الفنانة المصرية مي كساب (الشرق الأوسط)

وهذا ما ينطبق كذلك على اختيارها للألحان: «أكون أصعب ومقياسي في قبول اللحن أن أحفظه بسهولة، فهذا معناه أنه سينجح، وأتذكر نصيحة سعيد إمام، بأن أؤدي الأغنية الجديدة بصوتي لأعرف هل سأحبها أم لا، ومن وقتها حين أسمع لحناً جديداً أجربه بصوتي أولاً».

وتُبرر غيابها عن الحفلات قائلة: «الغناء يحتاج إلى تركيز كبير وعدم الانشغال بغيره مثلما يفعل عمرو دياب وأحمد سعد وأنغام وغيرهم، الذين اختاروا أن يكون تركيزهم في الغناء فقط، ووضعوا أنفسهم في هذه الدائرة، وأنا برغبتي لم أضع نفسي فيها، لأن طاقتي محدودة وسط انشغالي بأطفالي ومساعدتهم في الدراسة، لكنني أرفع القبعة تقديراً لكل مطرب يواصل نجاحه معتمداً على نفسه ومجهوداته الفردية، في غياب بعض المؤسسات والمنتجين الكبار».

مي كساب تعترف بصعوبة العمل في مجال الغناء (الشرق الأوسط)

وتضيف قائلة: «لقد تحولت إلى ممثلة تغني، وليس مطربة تُمثل مثلما بدأت، ولم يعد الغناء مصدر رزقي الأساسي، بل بتنا ننفق عليه».

وتلفت إلى أنها منذ فترة قررت تقديم أغنية في كل فيلم أو مسلسل تقدمه: «لشعوري بأنني مقصرة في الغناء رغماً عني، أقدِّم أغنيات في أعمالي، مثلما قدمت في فيلم (آخر رجل في العالم)، وفي فيلم (ذعر)، ويشاركني بطولتهما الفنان أحمد فتحي، في رابع فيلم يجمعنا، فأحمد صديق لدرجة الأخوة، وحينما يجد دوراً جديداً يلائمني يرشحني له، وبيننا تفاهم كبير».


سليم الترك لـ «الشرق الأوسط» : هيفاء وهبي مُلهمتي الأولى

تألقت هيفاء وهبي في مجموعة إطلالات مختلفة (حسابها على {إنستغرام})
تألقت هيفاء وهبي في مجموعة إطلالات مختلفة (حسابها على {إنستغرام})
TT

سليم الترك لـ «الشرق الأوسط» : هيفاء وهبي مُلهمتي الأولى

تألقت هيفاء وهبي في مجموعة إطلالات مختلفة (حسابها على {إنستغرام})
تألقت هيفاء وهبي في مجموعة إطلالات مختلفة (حسابها على {إنستغرام})

عندما يتعلّق الأمر بعمل يجمع بين المخرج سليم الترك والفنانة هيفاء وهبي، يترقّب الجمهور النتيجة بحماسٍ لافتٍ. فمنذ أول فيديو كليب جمعهما في أغنية «أقول أهواك» وُلدت بينهما صداقة، انعكست تناغماً واضحاً على تعاونهما الفني، واستمر هذا الانسجام حتى اليوم.

وأخيراً، وقّع الترك إخراج أغنية وهبي الجديدة «سوبر وومان» مستعيناً بالذكاء الاصطناعي لتنفيذ ما يصفه بـ«خلطته السرّية». وهي مقاربة إبداعية تعتمد على عنصر الدهشة بأسلوب بصري مبهر، يترك أثراً إيجابياً لدى المشاهد. والأغنية من كلمات أحمد علاء الدين وألحان أحمد البرازيلي.

يستهل سليم الترك حديثه عن هيفاء واصفاً إياها بأنها «أجمل امرأة في العالم»، ويضيف: «هي امرأة كلّ الأزمنة، ولن تتكرّر. صداقتنا تعود إلى سنوات طويلة، والثقة هي عنوانها. أذكر جيداً أول تعاون جمعنا في (أقول أهواك) يومها قلبنا صفحة وفتحنا أخرى في عالم صناعة الكليبات».

ويعترف الترك بأن هيفاء وهبي ليست مجرد امرأة ذكية، بل تشكّل نموذجاً للاحتراف والجدّية في العمل.

يؤكد الترك أن هيفاء وهبي تبتعد في أعمالها الغنائية عن السطحية (حسابها على {إنستغرام})

وعن كيفية ولادة كليب «سوبر وومان»، يروي لـ«الشرق الأوسط»: «هيفاء وضعت الخطوط العريضة للكليب، واقترحت الأفكار التي تدور في ذهنها. هذه القاعدة نعتمدها عادة في كل تعاون بيننا. بعد ذلك أقوم بترتيب الفكرة على طريقتي، وأطعّمها بما هو غير متوقّع. أحياناً تنتقد هذا الجزء، وأحياناً يعجبها. لكن ما يهمّها في النهاية هو النتيجة، حتى لو لم تجذبها الفكرة من الوهلة الأولى».

ومنذ اللحظات الأولى للكليب، يأخذنا الترك في رحلة خيالية ممتعة. يترجم من خلالها مضمون الأغنية التي تتناول قلّة الوفاء. وتحثّ على استخلاص العِبر من التجارب القاسية. فالخذلان، حين يأتي من أقرب المقرّبين، لا يجب أن يكون سبباً للانكسار، بل دافع للقوة والصلابة. درسٌ يحوّل المرأة إلى «سوبر وومان» لا يكسرها الزمن ولا تهزمها الخيبات.

ويستطرد سليم الترك متحدثاً عن كيفية توظيفه الذكاء الاصطناعي في الكليب، قائلاً: «لم نقدم على هذه الخطوة من باب تقليد شخصية المرأة الخارقة «سوبر وومان». لم نركّب لهيفاء أجنحةً، ولم نلبسها الرداء الأحمر والأزرق المرتبط بالصورة النمطية. خرجنا من هذا الصندوق المستهلك، ووجّهنا الأنظار نحو مشاهد تواكب كلمات العمل ومضمونه».

ويتابع: «هيفاء تجسّد في الكليب شخصية امرأة تعرّضت لأذى كبير من محيطها، هدفه خيانتها وتحطيمها. الرهان لم يكن فقط على العنصر البصري، بل على المفهوم الحقيقي للكلام. هناك رسالة مباشرة تتناول حجم الضغط الذي يتعرّض له المرء عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وخلاصتها أن الأذية مهما بلغت يمكن تحويلها إلى مصدر قوّة».

استخدم الترك في الكليب الذكاء الاصطناعي (حسابها على {إنستغرام})

ويشير الترك إلى أن الكليب طُعّم بمشاهد خفيفة الظل. وهو الأسلوب الذي تحب هيفاء وهبي الإيحاء به في أعمالها. «لكن من دون التخلّي عن رسالة واضحة موجّهة إلى النساء، تتعلّق بتمكين المرأة بشكل عام. هذه الفكرة ليست مجرّد أداة ترويجية لأعمالها، بل مفهوم متجذّر عندها، وهي مقتنعة به إلى أقصى الحدود».

وفي سياق متصل، يلفت الترك إلى أنه اعتمد مستوى تقنياً عالياً في عملية التصوير. فاستخدم تقنيات متطوّرة جداً وكاميرات عالية الاحتراف. وقد استغرق تصوير الكليب نحو 20 ساعة متواصلة، فيما تطلّبت عملية المونتاج والتوضيب عدة أيام.

ويضيف في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «هيفاء لا تغضّ النظر عن أي خطأ، وتراقب بدقّة كل تفصيل. تشاهد عملية التنفيذ صورةً بصورة. فالثانية الواحدة من الكليب تضم 25 صورة. وهي تحرص على متابعتها جميعاً للتأكّد من إطلالتها، وأسلوبها التمثيلي، وأجواء التصوير عموماً. إنها من الفنانات المثاليات في عملهن، ولا تقبل بوجود أي شائبة يمكن أن تتسلّل إلى عملها».

في المشاهد التي تترافق مع لازمة الأغنية «سوبر وومان»، تطلّ هيفاء وهبي بملامح امرأة ذكية وقوية في آن واحد. تحرص على إحاطة نفسها بمجموعة من النساء، في مشهد يحمل رسالة مباشرة موجّهة إلى النساء عموماً، تؤكد فيها ضرورة التحلّي بـ«أنوثة صلبة» في لحظات قد توحي بالضعف أو الانكسار.

{سوبر وومان} جديد هيفاء وهبي من إخراج سليم الترك (حسابها على {إنستغرام})

وفي أحد مقاطع الأغنية، تتوعّد هيفاء كل من يقف في طريقها، مردّدة: «اللي شفته واللي عشته، وشفت منكم جنون خلّاني أكون... أنا كان حواليا أصحاب ياما، وبقوا بيتعدّوا على الإيد. باي باي مع 100 ألف سلامة، بسببكم قلبي بقى حديد، كان لازم عيني تبقى عليكم، واعرف بتعامل مع مين»، وتتابع: «اللي شفته واللي عشته، وشفت منكم جنون خلّاني أكون سوبر وومان... أنا واحدة ما يكسرهاش الزمن سوبر وومان... تعادوني حتدفعوا وقتها الثمن».

ويواكبها المخرج سليم الترك بمشاهد رمزية تستقلّ فيها هيفاء دراجة نارية سريعة، تشق طريقها وسط عوائق قاسية. أحجار تعرقل المسار، وجبال تنهار، وكرات ثلج تتدحرج أمامها. لكنها تتجاوز كل الحواجز بثبات، في صورة بصرية تختصر رحلة التحدّي والانتصار.

ويؤكد الترك أن هيفاء وهبي تبتعد في أعمالها الغنائية عن السطحية، مشيراً إلى أنها تدرس كل عمل جديد بعناية، وتنطلق منه وكأنها تغنّي للمرة الأولى، ويعلّق: «هي لا تعيش على أطلال نجاحاتها، بل تجتهد باستمرار لتقديم الأفضل. وهذا ما يصنع نجاحاتها المتتالية».

ويختصر رأيه بها قائلاً: «هي ملهمتي الأولى والأخيرة في عملي. لا أستطيع أن أقدّم معها منتجاً عادياً. الأمر لا يرتبط بالصداقة التي تجمعنا منذ سنوات، بل بما حققناه معاً من نجاح رفيع المستوى. قوة هيفاء تكمن في جدّيتها في العمل. وهو ما يفتقده كثيرون في مجال الغناء، إذ يعيشون على أصداء ماضٍ غابر. هيفاء تواكب كل جديد، واستخدامنا للذكاء الاصطناعي جاء بهدف إحراز المختلف، لا لمجرّد التجربة. فهناك عشرات الفنانين استخدموا الذكاء الاصطناعي، ومع ذلك جاءت أعمالهم باهتة، بلا أثر أو قيمة مستقبلية».

وعن واقع صناعة الكليبات الغنائية اليوم، يقول الترك: «التراجع في هذه المهنة بات أمراً مألوفاً. لكن المشكلة الأساسية تكمن في تحوّل التكنولوجيا المتطورة إلى منبر للانحدار الفكري. فتصوير الكليب لا يختصر بكاميرا، ولا بمشاهد يرسمها الذكاء الاصطناعي بخفّة. هذا المنبر بات متاحاً للجميع كسلاح. لكن ليس كل من أمسك بالسلاح يعرف كيف يستخدمه».

ويختم بالقول: «البشر، مع الأسف، هم الأخطر. الذكاء الاصطناعي قد يقتل المواهب الحقيقية. لكن الناس هم من يدمّرون بعضهم البعض. لذلك تبقى التربية العنصر الأساسي والأهم في بناء مجتمعات صالحة ومنتجة».


عمرو سليم لـ«الشرق الأوسط»: أفكر في العودة إلى التلحين

يتحدث للجمهور في أحد حفلاته (الشرق الأوسط)
يتحدث للجمهور في أحد حفلاته (الشرق الأوسط)
TT

عمرو سليم لـ«الشرق الأوسط»: أفكر في العودة إلى التلحين

يتحدث للجمهور في أحد حفلاته (الشرق الأوسط)
يتحدث للجمهور في أحد حفلاته (الشرق الأوسط)

قال الموسيقار وعازف البيانو المصري عمرو سليم إن بينه وبين المطرب مدحت صالح كيمياء خاصة جعلتهما يشكلان ثنائياً ناجحاً في الحفلات الغنائية، وأضاف في حواره مع «الشرق الأوسط» أنه عمل في مجالات الموسيقى كافة (التأليف والتلحين والعزف)، كما كَوّن فرقة موسيقية، لكنه يعشق العزف ويجد في لقاء الجمهور وتجاوبه معه على المسرح سعادة أخرى، ولفت إلى أن اهتمام الجمهور الشرقي بالغناء يسبق الموسيقى، ما يجعله أكثر تجاوباً في الحفلات الموسيقية، ووضع سليم الموسيقى التصويرية لأفلام سينمائية عدة من بينها «الوزير جاي»، و«الاتحاد النسائي»، و«الهروب إلى القمة».

وقدم الثنائي «صالح وسليم» حفلاً بالقاهرة 12 ديسمبر (كانون الأول) الجاري.

عمرو سليم ومدحت صالح يكمل كل منهما الآخر (الشرق الأوسط)

ويستعيد عمرو سليم بداية تعارفه مع مدحت صالح، حيث التقيا لأول مرة بمسرح «البالون» نهاية سبعينات القرن الماضي، مثلما يقول: «جمعتنا فرقة (أنغام الشباب) ثم كوّن كل منا فرقته الخاصة، وواجهنا مشكلات مع الفرق، فقال لي مدحت يكفي جداً هذا الوقت الذي لم نكن فيه معاً، ومن وقتها ارتبطنا بالعمل معاً ووجد كل منا ضالته في الآخر».

ويؤكد على أهمية هذه العلاقة الفنية: «أنا ومدحت نُكمل بعض، ومدحت يقول دائماً (نحن في مركب واحد)، ونجاح أي منا هو نجاح للآخر، ومدحت فنان مخلص لعمله، ولا ينكر جهود من معه، وكثيراً ما يتحدث عني أمام الجمهور ويفعل ذلك من قلبه، وحين نسافر معاً لا يصعد لغرفته قبل أن يتأكد من صعودي قبله وأن يطمئن لوجود من يساعدني، وأرى أنه شيء رائع يبث الطمأنينة».

وتنعكس هذه العلاقة الجيدة على حفلاتهما، حسبما يقول سليم: «هناك أشياء تحدث ليس لها تفسير عندي ولا عند مدحت، ورغم أنني لا أراه على المسرح، لكن قد تكون هناك مواقف مفاجئة تحدث مثل (قفلة أغنية) تستلزم نفساً طويلاً، وقد ينسى مدحت فيجدني قفلت معه بالدرجة نفسها، ما يؤكد أن بيننا (كيمياء) جعلتنا ننصهر وكل منا يدرك أن الآخر يقف في ظهره ويسانده».

يجد متعته في العزف (الشرق الأوسط)

وقدم عمرو سليم عدة حفلات موسيقية طوال العام الحالي بالإسكندرية ومهرجاني القلعة والموسيقى العربية، كما قدم أخيراً حفلاً بمتحف الحضارة، ويفسر سبب نشاطه بالحفلات الموسيقية بقوله: «لأنني أعشق عزف الموسيقى كما أن الجمهور أصبح أكثر وعياً بفكرة أن يحضر حفلاً موسيقياً وليس غنائياً، وهو ما شجعني أن أجرب فيها، وهناك حفلات أعزف الموسيقى لأغنيات خالدة وأجدهم يقومون بالغناء لأن الموسيقى في المجتمعات الشرقية تأتي بعد الطرب بكل ملحقاته، لذا أعزف موسيقى أغنيات يعرفونها ويرددونها، وأكون منسجماً معهم لأن الفنان يجد سعادته في تجاوب الجمهور».

وفي بداية مشواره كوّن سليم فرقة موسيقية وضم لها مطرباً ومطربة، ويقول: «قدمنا أغاني خاصة بنا، وكتب لنا شعراء على غرار رضا أمين وشوقي حجاب وحسام السيد أغنيات لاقت صدى واسعاً، وفي أوائل التسعينات لم تستطع المطربة الاستمرار بعد أن أنجبت طفلاً، ولم أجد بديلاً لصوتها، فتوقفنا عن الغناء».

«عادة لا أقدم أغنيات الجيل الحالي بل لمطربين لا تعرف الناس أعمالهم»

عمرو سليم

وخاض عمرو سليم مجال التلحين من خلال أغنيات لفرقته ولمطربين آخرين من بينهم محمد الحلو: «طلب مني أن ألحن له أغنية بعنوان (اسمك على جبيني)، واكتفيت بألحان الفرقة، لكن أصدقائي يُلحّون علي في العودة للتلحين، وقد أفعلها قريباً».

وألّف سليم الموسيقى التصويرية لأفلام عدة، وكانت البداية من خلال فيلم «الوزير جاي» حينما اتصل به الكاتب الراحل أحمد رجب وطلب منه أن يضع موسيقى الفيلم، ويقول سليم عن ذلك: «كنت قد لحنت أغنية للفرقة بعنوان (بحب ومعييش) من كلمات الشاعر رضا أمين، وهي تتحدث عن حال الشباب، وقد لفتت نظره وأبدى إعجابه بها وقال لي لدي فكرة فيلم لا أحد سواك سيقوم به، وكان هذا أول فيلم أضع موسيقاه، كما وضعت الموسيقى التصويرية لفيلم: (الاتحاد النسائي) لمديحة كامل و(الهروب إلى القمة) لنور الشريف، وفي كل هذه الأفلام فإن الأفكار هي التي تحركني، لكنني ابتعدت عن هذا المجال حينما وجدت أن موسيقى الفيلم يراها بعض المنتجين شيئاً هامشياً، بينما أنا أحترم عملي، ولا أحب الشعور في أي وقت بأنني كسبت من وراء عمل ولم أعطه حقه».

ورغم أنه يعزف في حفلاته لأغنيات عربية قديمة لكنه ضمن أعماله أغنية عصرية للمطرب اللبناني فضل شاكر، وعن ذلك يقول: «عزفت له أغنية (لو على قلبي) لأن كلامها جميل وبها ثيمة موسيقية جيدة، وهو فنان يملك موهبة كبيرة، وأنا عادة لا أقدم أغنيات مطربي الجيل الحالي، بل لمطربين الناس لا تعرف أعمالهم مثل أغنية (حارة السقايين) لشريفة فاضل التي يعتقد البعض أنها لمحمد منير».وينتمي عمرو سليم لعائلة شهيرة جمعت بين الطب والفن وكرة القدم، فعمه هو الكابتن صالح سليم، وابن عم والده هو المخرج أشرف فهمي، وكان الفنان هشام سليم ابن عمه وصديقه الأقرب، مثلما يقول: «كان بيني وبين هشام توافق مثير في طريقة تفكيرنا، وفي آرائنا في الفن والحياة، وكان الشبه بيننا كما لوكنا توأماً، لقد افتقدت توأمي لكنني أعزي نفسي بأنه ظل متمسكاً بمبادئه وأخلاقياته حتى رحيله، ولم يتنازل عنها تحت أي وازع».